الشيخ الصفار يُشجّع على مبدأ الشفاعة (الوساطة) لقضاء حوائج الناس
شجّع سماحة الشيخ حسن الصفّار على مبدأ الشفاعة (الوساطة) لقضاء حوائج الناس، والذي يعني: أن يضم المتصدّي لحوائج الناس جهده إلى جهدهم لمساعدتهم لقضاء حوائجهم. مؤكداً أن النصوص الدينية تحث على هذا المبدأ بل تعتبره من أفضل أنواع الصدقات. مشيراً أن كل المجتمعات تحتاج إلى تفعيل هذا المبدأ مع اختلاف في حجم الحاجة تبعاً لحاكمية القانون والنظام في المجتمعات. وحثّ العلماء والوجهاء وأصحاب الوظائف الكبيرة على تسخير ما منحهم الله إيّاه من مكانة في خدمة هذا المبدأ الإنساني، فذلك طريقٌ لقضاء حوائجهم ودفع البلاء في الدنيا، ورفع العذاب عنهم في الآخرة. مستنكراً على أؤلائك الذين يُمارسون دور الإعاقة لسُبل الخير في المجتمع. ومعرباً في ذات الوقت عن استيائه لقلّة المتصدّين لهذا الدور الإجتماعي.
وفي سياق آخر تحدث الشيخ الصفّار عن حادثة الكسوف باعتبارها ظاهرة كونية طبيعية تحدث عندما يمر القمر بين الشمس والأرض، وقد يكون الكسوف جزئياً أو كلياً. وأشار أن الله سبحانه وتعالى أراد للإنسان أن يتفاعل مع ظواهر الكون الطبيعية، فشرّع في كل ظاهرة من الظواهر شعائر عبادية يقف فيها الإنسان بين يدي الله تعالى مستحضراً قدرته وعظمته. مسلّطاً الضوء على بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بصلاة الآيات المفروضة عند حدوث الكسوف.
ويأتي حديث الشيخ الصفّار عن ظاهرة الكسوف تزامناً مع الكسوف الجزئي الذي شهدته المنطقة الشرقية بالمملكة اليوم الجمعة قبيل الساعة الثانية بعد الظهر، بنسبة 8% من قرص الشمس حسب تقدير علماء الفلك.
الحمد لله الذي لا يحول ولا يزول، ولا يجوز عليه الأفول، لم يلد فيكون مولوداً، ولم يُولد فيصير محدوداً، لا تناله الأوهام فتقدّره، ولا تتوهمه الفِطن فتصوّره، ولا يتغير بحال، ولا يتبدّل في الأحوال.
وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهّار الذي إليه مصير جميع الأمور، وإليه المرجع والنشور.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصفي، وأمينه الرضيّ، صلى الله عليه وآله، أرسله بوجوب الحججج، وظهور الفلج، وإيضاح المنهج، فبلغ الرسالة صادعاً بها، وحمل على المحجّة دالاً عليها. صلى الله عليه وعلى آله أئمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التقى.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله فإن تقوى الله مفتاح سداد، وذخيرة معاد، وعِتقٌ من كل مَلَكَة، ونجاة من كل هلكة، بها ينجو الطالب، وينجو الهارب، وتنال الرغائب.
أشار الشيخ الصفار في بداية خطبة الجمعة 29 رجب 1429هـ (1 أغسطس 2008) أن الناس بطبيعتهم يحتاجون إلى بعضهم البعض، على اختلاف تلك الحاجات فيما بينهم، وتتعدد كذلك قدرة الأشخاص الذين هم في موقع التصدي لحاجات الناس بتعدد تلك الحاجات:
- فإما أن تكون الحاجة بيد المتصدي لقضائها، وهنا يلزمه قضاء تلك الحاجة، فيقضي الله تعالى بذلك حوائجه، ويدفع عنه البلاء في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
- وقد يكون قضاء الحاجة بيد طرف آخر، ولكن المتصدي بإمكانه المساعدة، وعليه هنا أن يبذل جهده في ذلك.
وأوضح الشيخ الصفار أن الصورة الثانية يُعبّر عنها بالشفاعة (الوساطة). والشفاعة من الشفع، وهي ضمّ الشيء إلى شيءٍ آخر. فالإنسان المتصدي لقضاء حوائج الناس يضم جهده إلى جهدهم لمساعدتهم لقضاء حوائجهم.
وأكد أن كل المجتمعات الإنسانسية تحتاج إلى وجود أناس يقومون بدور الشفاعة، وذلك للأسباب التالية:
• ليس كل صاحب حاجة يعرف الطريق لحاجته وحل مشكلته.
• قد لا يستطيع صاحب الحاجة الوصول إلى الجهة التي بيدها معالجة حاجته.
• أو ليس لديه قدرة على تبيين حاجته.
• أو لا معرفة له ولا مكانة تدفع الآخرين للاستجابة له.
وأضاف: تختلف حاجة المجتمعات إلى ممارسة الشفاعة، فالمجتمعات التي يسودها النظام والقانون، وتمارس فيها المؤسسات دورها الطبيعي، فإن هذه المجتمعات تقل فيها الحاجة للشفاعة. أما المجتمعات التي يكون فيها القانون ضعيفاً أو غائباً، والتي يضعف فيها الدور المؤسساتي وتبرز فيها المحسوبيات فإن هذه المجتمعات تكون أسيرة أمام سيطرة الوساطات في مختلف قضاياها الرسمية وغير الرسمية.
وأشار أن الشفاعة إما أن تكون مرتبطة بمؤسسة رسمية حكومية أو أهلية، وهنا ينبغي أن تكون الشفاعة ضمن القانون والنظام، ولا يصح مخالفة القانون أو تجاوز حقوق الآخرين، وإلا فإن هذه الشفاعة تكون مذمومة وقبيحة. وهناك تأكيدٌ شرعي على أنه لا شفاعة في حدود الله، فعن الرسول الأعظم أنه قال: ((من حالت شفاعته دون حدٍّ من حدود الله فقد ضادّ الله تعالى في ملكه، ومن أعان على خصومة بغير حق كان في سخط الله تعالى حتى ينزع)). وعلى العكس من ذلك إذا كانت الشفاعة في إطار القانون فهي شفاعة محمودة ويُشجّع الإسلام عليها، يقول تعالى: ﴿مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً﴾ (النساء، 85). وقد ورد عن النبي أنه قال: ((من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دلّ على خير أو أشار به، فهو شريك، ومن أمر بسوء أو دل عليه أو أشار به فهو شريك)).
وقد تكون الشفاعة مرتبطة بجهات شخصية، وهنا المجال مفتوح للشفاعة، والنصوص الواردة بهذا الصدد كثيرة جداً، ومنها:
- عن النبي الأعظم أنه قال: ((إني أوتي فأُسأل، وتُطلب إليّ الحاجة، وأنتم عندي فاشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على يدي نبيه ما أحب)).
- وقال : ((من شفع شفاعة يدفع بها مغرماً أو يُحيي بها مغنماً ثبّت الله قدميه حين تدحض الأقدام)).
- وقال : ((أفضل الصدقة صدقة اللسان، الشفاعة تفك بها الأسير، وتحقن بها الدم، وتجر المعروف والإحسان إلى أخيك، وتدفع عنه الكريهة)).
- وقال الإمام الصادق : ((الشفاعة زكاة الجاه)).
وأشار الشيخ الصفار أن البعض من الناس يُمارس دور إعاقة سُبل الخير في المجتمع، وهؤلاء مثال واضح لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً﴾ (النساء، 37).
مختتماً الخطبة بالتأكيد على أن حاجات المجتمع إلى من يتصدى لهذا الدور المهم من بذل الشفاعة بالمال أو الجاه، معرباً عن استيائه لتقاعس الكثيرين عن هذا الدور الاجتماعي، داعياً العلماء والوجهاء لبذل جاههم في تلبية حاجات المجتمع، وأصحاب الأموال لاستثمار أموالهم في هذا الجانب، وأصحاب الوظائف الكبيرة للاستفادة من وظائفهم في قضاء حوائج الناس. ملفتاً نظر الجميع أن هذا الدور لا يحظى به إلى من أوتي حظاً عظيماً من الخير والتوفيق، يقول تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ (فصلت، 35).
تحدث الشيخ الصفار عن ظاهرتي الكسوف والخسوف باعتبارهما ظاهرتان طبيعيتان، ترتبط الأولى بالشمس، والأخرى بالقمر.
مضيفاً: تحدث ظاهرة الكسوف عندما يمر القمر بين الشمس والأرض، وقد يكون جزئياً أو كلياً.
وأكد أن هذه الظاهرة طبيعية ناشئة عن حركة الأجرام السماوية، ولا علاقة لها بالعقاب والعذاب كما يعتقد البعض، ويرصد علماء الفلك هذه الظواره قبل حدوثها بفترات زمنية طويلة، لأنها تحدث ضمن نظام كوني أودعه الله سبحانه في هذا الكون العظيم.
وأشار أن الله سبحانه وتعالى أراد للإنسان أن يتفاعل مع ظواهر الكون الطبيعية، فشرّع في كل ظاهرة من الظواهر شعائر عبادية يقف فيها الإنسان بين يدي الله تعالى مستحضراً قدرته وعظمته، فالصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء كلها ظواهر طبيعية أوجب الله تعالى في كلّ منها فريضة.
وظاهرة الكسوف من الظواهر الطبيعية التي فرض الله تعالى عند حدوثها على الناس فريضةً يؤدونها من وقت شروع الكسوف إلى حين تمام الجلاء.
وأوضح الشيخ الصفار بعض الفروقات التفصيلية حول صلاة الآيات التي تؤدى عند الكسوف أو الخسوف، بين المذاهب الإسلامية، فالشيعة الإمامية يرون وجوب هذه الصلاة على كل مكلّف ما عدا الحائض والنفساء، أما جمهور أهل السنة فيرون انها سنة مؤكدة، عدا قولٍ عند الأحناف بوجوبها. وكيفية صلاة الآيات في الفقه الشيعي انها ركعتان في كل واحدة خمس ركوعات، اما في الفقه السني فهي ركعتان في كل واحدة ركوعان.
وأشار الشيخ الصفار إلى بعض المسائل المتعلقة بهذه الصلاة، في كيفية أدائها وبعض شرائطها.
الجدير بالذكر أن حديث الشيخ الصفّار عن الكسوف يتزامن مع حدوث هذه الظاهرة في المنطقة بعد ظهر الجمعة، قبيل الساعة الثانية ظهراً، حيث شهدت المنطقة الشرقية هذا اليوم كسوفاً جزئياً بنسبة 8% من قرص الشمس حسب تقدير علماء الفلك.
والحمد لله رب العالمين