أخبار الخليج البحرينية تنشر مداخلة حول سماحة الشيخ

جريدة أخبار الخليج البحرينية محمد كاظم الشهابي

أخبار الخليج - قضايا وآراء - العدد: 9451 - السبت - 16 ذو الحجة 1424هـ - 7 فبراير 2004م.

في عددها (9451) الصادر يوم السبت الموافق 16 ذو الحجة 1424هـ (7 فبراير 2004م) نشرت جريدة أخبار الخليج البحرينية مداخلة إلى الكاتب محمد كاظم الشهابي، وإليك النص:

مداخلات


محمد كاظم الشهابي


بركات من بركات عيد الأضحى المبارك أمسية جميلة دعيت فيها لتناول العشاء في مجلس الوجيه الحاج أحمد منصور العالي، وكانت الدعوة على شرف سماحة الشيخ حسن الصفار، وحضرها بعض المدعوين من أصحاب السماحة والفضيلة العلماء.

و قد كانت مناسبة لطيفة فسماحة الشيخ الصفار منذ عرفته على الصعيد الثقافي كمفكر إسلامي يتميز بقراءة واعية، ورؤية مستوعبة، والأهم أسلوبه الحواري المنفتح ، مما يدفع الجميع إلى التعاطي معه بدون حساسية.

و لعل ذلك يعود بدرجة كبيرة إلى تنوع البيئات التي عايشها، فبدءا من بيئة القطيف في المنطقة الشرقية، وهي بيئة محافظة، إلى بيئة الحوزات العلمية في العراق وإيران بكل صرامتها، وأكثر من أربعة عشر سنة قضاها معارضا في الغرب حيث قاد حركة سياسية وطنية سلمية تعتمد وسائل النضال السلمي، و النشاط الإعلامي، وكانت حركة مستقلة تماما، وقد تركزت بدرجة كبيرة على المطالبة بتحسين أوضاع المواطنين الشيعة في المملكة الشقيقة ليعيشوا متساويين في الحقوق و الواجبات وتكافؤ الفرص، و ممارسة الشعائر الدينية دون تفرقة أو تمييز.

ومن مواقفه الوطنية المشهورة بيانا أصدره عشية احتلال الكويت عام 1990 أعلن فيه تجميد نشاط حركته لمواجهة التحدي الخطير بسبب الوجود الأجنبي في المنطقة، و كان ذلك مدخلا لحوار تصالحي مع الحكومة السعودية لمعالجة ما يشكو منه المواطنون الشيعة، وعاد على إثر ذلك إلى وطنه ليساهم بكتاباته في الصحف، وإصدار المؤلفات في مجالات متعددة ، يجمع بينها الدعوة إلى الوحدة والتسامح. وقد شارك في لقاء الحوار الوطني الأول والثاني.

وبداية تواصلي المباشر بسماحته جاء من خلال اقتراح سماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي في سياق الدعوة لمشروع اتحاد الحسينيات العالمي، ورغم أن المشروع المطروح يرتكز على العلنية أساسا، والشفافية منهجا فقد استنفرت أجهزة الأمن.

و منذ عام تقريبا صار دخولي إلى المملكة يتطلب إجراءات استثنائية، والحق يقال إن في المملكة انفتاحا كبيرا قياسا بالسابق، و إلا كان الوضع مختلفا جدا.

وفي سيرة هذا الرجل دروس في التسامح والارتقاء على نوازع النفس الأمارة بالسوء، فقد تعرض سماحته إلى سهام من مراكز قوى شيعية عتيدة فيما مضى.

والآن يتعرض إلى اتهامات في كل مناسبة يدعو فيها إلى التلاحم، وذلك من قبل قوى ظلامية متخلفة وطائفية تجد نفسها معزولة عن تيار الإصلاح في المملكة، لأنها تفضل الغرق في الطوفان على أن تركب سفينة الإصلاح، وفي الحالتين لم يعمد سماحته إلى مناكفة خصومه، أو الإنكفاء عن دوره، بل استمر يعمل بوتيرة ثابتة واثقا أن الزمن والتراكمات الايجابية ستؤكد صحة توجهه، و بذلك استطاع أن يحول كثيرا من خصومه لأصدقاء.

وما أريد أن أصل إليه من خلال هذه الإطلالة المكثفة، أن لهذا النموذج من العلماء دور ريادي لا يستطيع غيرهم القيام به في المجتمعات الإسلامية، فكل الطروحات الفكرية الأخرى لم تتمكن أن تثًبت منهجا مقبولا في عالمنا الإسلامي، كما لم يتمكن كل العلماء الذين انعزلوا عن قضايا الناس، و عزفوا عن ممارسة أدوارهم الاجتماعية السياسية من تحقيق إنجازات لشعوبهم، مهما كانت المبررات والأسباب.

تحية لسماحة الشيخ الصفار بكل ما يمثله من قيم التسامح، والإيمان بالعمل الإسلامي الخلاق، تحت الضوء، و بدون عقد، ووسط الناس.

العنوان البريدي للكاتب:

shehabimohammed@hotmail.com