تقديم كتاب «تعال معي لنقرأ»

مكتب الشيخ حسن الصفار

الكتاب: تعال معي لنقرأ
المؤلف: عبد القادر أبو المكارم
الناشر: دار المكارم لإحياء التراث، 1416هـ

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين.

حينما نرى أن سورة من سور القرآن الكريم تعنون بالقلم هي سورة (القلم) الثامنة والستون في ترتيب سور القرآن، ونرى أن اللَّه سبحانه وتعالى يقسم في مطلع السورة بالقلم وبنتاج القلم ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ.

وحينما نجد أن الباري جل وعلا يتحدث عن نعمة تعليمه للإنسان الكتابة بالقلم وفي أوائل الآيات التي أنزلها على النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد حديثه عن نعمة خلق الإنسان مباشرة حيث يقول تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.

فإن ذلك يعني توجه أنظار أبناء هذه الأمة إلى أهمية (القلم) ودوره في حفظ معارف الإنسان وتداولها وتوارثها عبر القرون والأجيال.

فبالقلم يحفظ العلم، وتسجل التجارب، وتتناقل المعلومات، وتبين الحدود والحقوق.

وكان يفترض في أبناء هذه الأمة التي أعطى كتابها الإلهي المقدس للقلم هذه القيمة والمكانة، أن تكون لكل واحد منهم علاقة وثيقة بالقلم، ليس في مجال تعلم الكتابة فقط، وإنما باستخدام القلم في مجال تسطير العلم والمعرفة.

إن أكثرية الناس الذين يجيدون الكتابة، ويحملون الأقلام في جيوبهم لا يكادون يستخدمون أقلامهم إلا بشكل محدود ولمقتضيات حياتهم الوظيفية أو المعيشية.

أما كتابة ما يدور في نفوسهم من آراء وأفكار، وما يمرون به من أحداث وتجارب، وما يتوفر لهم من حقائق ومعلومات، فذلك قليل وقليل جداً.

بينما نرى أبناء المجتمعات المتقدمة كيف يحرصون على كتابة مذكراتهم وذكرياتهم وانطباعاتهم ومعلوماتهم بشكل ملفت للنظر.. ولعل الكثير منا قد شاهد السياح الأجانب حينما يزورون معلماً تاريخياً أو مكاناً أثرياً كيف يهتمون بالكتابة عنه والتقاط الصور له في مقابل مرورنا نحن على تلك الآثار والمعالم مرور الكرام!!

إن تحقير الذات، أو الاستهانة بما يتوفر للشخص من معلومات، أو الكسل أو ما أشبه من الصفات السلبية هي التي تجعل الكثيرين منا يغادرون هذه الحياة دون أن يتركوا أثراً أو ذكراً علمياً أو أدبياً يسهمون به في نقل التجارب وتطوير المعارف في مجتمعاتهم.

من هنا يأتي احترامي وإكباري لجهود الأخ الفاضل الجليل الحاج عبد القادر نجل الحجة المرحوم الشيخ علي أبو المكارم حفظه اللَّه.

فهو أنموذج طيب وقدوة صالحة لحملة الأقلام حيث بذل أقصى جهده لكي يقدم ما يمكنه من خدمة لمبدئه ومجتمعه عن طريق الكتابة والتأليف.

والكتاب الذي بين أيدينا أحد مصاديق جهوده الطيبة إذ سعى فيه لتسجيل أكبر قدر ممكن من المعلومات عن أرحامه وأفراد أسرته العلمية الكريمة. ولو نال هذا التوفيق واحد من كل أسرة من الأسر الكبيرة المعروفة في مجتمعنا لتوفرت لنا وللأجيال القادمة حصيلة هامة من المعلومات والتراجم عن رجالات المجتمع وأحداثه التاريخية.

وأسرة آل أبي المكارم وجه مشرق من وجوه تاريخ هذه المنطقة وهذا المجتمع فقد أنجبت كوكبة من العلماء الأجلاء، والأدباء الفضلاء والخطباء الصالحين، رحم اللَّه الماضين منهم وحفظ الباقين، وأدام لهذه الأسرة الكريمة عطاءها الاجتماعي ودورها العلمي المرموق.

وجزى اللَّه (أبا عدنان) خير الجزاء على صلته لرحمه، وخدمته للمعرفة بتأليف هذا الكتاب الشيق وزاده اللَّه توفيقاً وتسديداً والحمد للَّه رب العالمين.

حسن الصفار       
القطيف 12/1/1416هـ
11/6/1995م