الشيخ الصفار في تلفزيون المنار متحدثا عن: الدعاء عند أهل البيت (عليهم السلام)
بثت قناة المنار الفضائية حوارا مع سماحة الشيخ حسن الصفار يوم الأحد 9/8/1429هـ الموافق 10/8/2008م، بعنوان «الدعاء عند أهل البيت» ضمن برنامج الكلمة الطيبة الذي يقدمه الإعلامي: محمد ذكير.
وقد أكد سماحة الشيخ على:
· أهمية الدعاء في الإسلام
· وكيف اهتم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) به
· وما سبب وجود هذا الكم الهائل من الأدعية لديهم
· وكيف تجلت شروط استجابة الدعاء في ادعيتهم
· وكيف تتجلى معالم التوحيد ومفاهيم العقيدة وتزكية النفس في هذه الأدعية.
هذا وتحدث سماحته عن ثلاثة أمور تبين أهمية الدعاء، وهي: أن الدعاء انبعاث فطري وجداني، وانه مظهر للعبودية، وتجسيد للإقرار بالخضوع لله سبحانه، وانه يرفع معنويات الإنسان، ويفتح أمامه آفاق الأمل في هذه الحياة.
وقال سماحته عن عبارة أن الدعاء سلاح المؤمن: "الإنسان المؤمن في هذه الحياة يعيش معركة ضد أهوائه وشهواته، وشياطين الإنس والجن" لذا فهو يحتاج إلى سلاح لمواجهتهم.
ونفى الشيخ الصفار أن يكون الدعاء بديلا عن العمل، فللدعاء وظيفة هي "شحذ الهمة في طريق العمل"، وأن من "يتجه إلى الدعاء دون أن يسعى من اجل تحقيق ما يدعو من اجله فهذا في الواقع لم يفهم معنى الدعاء".
وعن هذا الكم الهائل من الأدعية الواردة عن أهل البيت قال سماحته: الدعاء كان منهجا لأهل البيت في إثراء وتنمية الجانب الروحي في حياة الإنسان المسلم في مقابل التوجهات الشهوانية والمادية، بالإضافة إلى تكريس المفاهيم والتربية الأخلاقية، فالجانب التربوي الأخلاقي في أدعية أهل البيت (عليهم السلام) يحمل الكثير من المفاهيم الدينية الحقيقية، التي تعرف الإنسان بالكون والحياة وتذكره بعظمة خالقه سبحانه وتعالى، وأيضا توجهه إلى مكارم الأخلاق.
وأشار سماحة الشيخ إلى العلاقة الموجودة بين أهل البيت والقرآن وظهور ذلك في أدعيتهم، فأهل البيت منفتحون على القران وهم العارفون بآياته ومفاهيمه، لذلك نجد مضامين الآيات القرآنية موجودة في أدعيتهم باقتباس آيات قرآنية أو أجزاء منها، كما أنه بإمكاننا أن نستفيد من أدعية أهل البيت لفهم الكثير من آيات القران الكريم، لأن هذه الأدعية تسلط الضوء على أبعاد وأغراض وأهداف هذه الآيات الكريمة، وتوضح لنا معانيها، ويمكن من خلال الدعاء أن نستشف الكثير من المفاهيم والأغراض الموجودة في الآيات.
وعن التوسل الوارد في الأدعية قال سماحته: هذا موضوع أثيرت حوله بعض الإشكالات، فبعض المدارس عندنا، وخاصة المدرسة السلفية يشكلون على مسألة التوسل بالأنبياء والأئمة والصالحين، وهذا رأي خاص بهم، أما بقية المسلمين من كل المذاهب الإسلامية فلا يرون في هذا التوسل ضيرا، بل بالعكس، يعتبرونه من أسباب قبول الدعاء، ومن أسباب الاستجابة، ويستدلون بروايات وردت في الكتب الحديثية، كما في سنن الترمذي حديث رقم 3578 عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الإنسان في سيره إلى الصلاة إلى المسجد يدعو بهذا الدعاء (اللهم إني أسالك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا) الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم هذا الدعاء، وفيه توسل بحق السائلين، كل الناس السائلين من أنبياء وأولياء وأناس عاديين.
كما استشهد سماحته بالحديث الذي أوارده الحاكم في المستدرك وهو الدعاء الذي علمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل كفيف البصر، قال له أدعو بهذا الدعاء ( اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلي لي عن بصري، اللهم شفعه فيه، وشفعني في نفسي يا محمد) هذا الدعاء ذكره الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه يعني بذلك الشيخان البخاري ومسلم.
وحول انفتاح بقية المسلمين على مدرسة الدعاء عند أهل البيت قال سماحته: أنا لا اعتقد أن المسالة مسالة تعصب، إنما هي مسالة وصول هذه الأدعية إلى أيدي المسلمين، هذا التراث غيب لفترة طويلة، لأن تراث أهل البيت واجه تعتيم وتغييب، حينما ينشر هذا التراث ويصل في صورته السليمة النقية الصحيحة، أنا اعتقد أن المسلمين في كل مكان سيقبلون عليه، مثلا دعاء كميل المروي عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب لابد أن يكون مقبولا لأن الإمام علي مقبول عند جميع المسلمين، ودعاء كميل ليس فيه أي نقطة خلاف.
كما تحدث سماحته عن شرط ذكر الصلاة على محمد وآل محمد في مفتتح الدعاء لأن في ذلك أمر إلهي جاء في القرآن الكريم يقول ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾[1]، ولأن النصوص جاءت تحبذ ابتداء المسألة بهذه الصلاة، قال أمير المؤمنين "إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَاجَةٌ فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلاةِ عَلَى رَسُولِهِ (صلى الله عليه وآله) ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ حَاجَتَيْنِ فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُمَا ويَمْنَعَ الأخْرَى".
وقال سماحته حول عدم ذكر بعض المسلمين الآل في صلاتهم: كل المسلمين يذكرون انه سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزول الآية الكريمة ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ...﴾ كيف نصلي عليك؟ فقال لهم: قولوا اللهم صلي على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وعند جميع المسلمين في التشهد لا تصح الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا بذكر آله، لا تكون الصلاة مجزية إلا بذكر آله، ولكن أعتقد أن القضية ترتبط بالعهود السابقة التي حصلت، كما في عصر الأمويين الذين كانوا يجدون أن ذكر أهل البيت، تعزيز لمكانتهم في الأمة، وضمن الصراع السياسي بدأت مسالة إغفال ذكر اسم أهل البيت (عليهم السلام)، فسار عليه كذلك بنو العباس، وسار عليه الكثيرون، لكن الحمد لله ان بعض العلماء، حتى بعض العلماء السلفيين أجد أن عندهم حرص على ذكر (وآله) حين يذكرون النبي فيصلون عليه،صلى الله عليه وآله،ونحن نحسن الظن بالمسلمين لأنهم اعتادوا هذا الأمر، وهي متوارثة، فمكانت أهل البيت في الأمة ليست مجهولة، والأحاديث الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقهم كما في صحيح البخاري وصحيح مسلم كثيرة، كقوله أذكركم الله في أهل بيتي، وقوله: إني مخلف فيكم الثقلين، هذه المكانة غير مجهولة غير منكرة لكن كما ذكرت إنها ارث من حالة تاريخية سابقة وينبغي أن نحسن الظن.