الشيخ الصفار لمجلة اليمامة: واقع العالم اليوم يفرض علينا أن نسهم في صياغة مستقبله

مكتب الشيخ حسن الصفار

نشرت مجلة اليمامة السعودية فقرات من الحوار الذي أجرته مع سماحة الشيخ حسن الصفار ضمن تحقيق صحفي بعنوان: (الحوار ثقافة المستقبل) في عددها رقم 2015 السنة 58 الصادر في 9 رجب 1429هـ الموافق 12 يوليو 2008م، شارك فيه عدد من العلماء والمثقفين منهم: الشيخ الدكتور عبدالمحسن العبيكان، الشيخ عبدالرزاق المؤنس، الشيخ حسن الشيخ، د. أحمد كمال ابو المجد، أ.د. برهان غليون وآخرون.

نص إجابات سماحة الشيخ

ألا ترون أننا في حاجة اليوم لبناء مستقبل جديد يشاركنا في صياغته العالم بأسره من خلال البناء على القواسم المشتركة مع المجتمعات الأخرى؟

إن واقع العالم اليوم بما فيه من انفتاح وتداخل بين مصالح وأوضاع الأمم والمجتمعات، يفرض علينا كجزء منه، أن نسهم في إدارته وإصلاحه، وفي صياغة مستقبله، إن أيًّا من مجتمعات هذا العالم لا تستطيع الانفراد بالتأثير فيه، كما لا تستطيع الخروج من دائرة التأثر بأوضاعه، فنحن شركاء مع سائر الأمم والمجتمعات في هذه الحياة وهذا العالم، فلا بد وأن نتحاور ونتفاهم معهم، بما يخدم المصالح المشتركة لأبناء البشرية.

صحيح أن هناك جهات اختلاف ثقافية بين مجتمعات العالم، وهناك تنافس وتعارض في المصالح، لكن هناك قواسم مشتركة أساسية، يجب الانطلاق منها لإقرار علاقات سوية، على أساس الاحترام المتبادل، وترشيد مسار التنافس والاختلاف، نحو التكامل والتبادل المعرفي والحضاري.

كيف تنظرون إلى هذا المستقبل وانعكاساته في رسم ثقافة إنسانية تجمع ولا تفرق؟ وكيف تنظرون إلى جهود خادم الحرمين الشريفين في هذا الصدد؟ ورعايته مؤتمر الحوار في مدريد؟

إن ظهور نظريات تدفع باتجاه صدام الحضارات، ووقوع أحداث مأساوية كما حصل في 11 سبتمبر، وانبعاث جهات متطرفة ضد الإسلام والمسلمين في أوربا وأمريكا، تظهر الإساءة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتشوه صورة القرآن والإسلام، إن هذه الأمور وأمثالها تشكل جرس إنذار بخطر كبير داهم قد تدفع له البشرية ثمناً باهظاً. لو لم يتصدى العقلاء والقيادات الواعية في مختلف الأمم، لوضع حدٍ لهذه الاتجاهات الإرهابية والمتطرفة.
من هنا تأتي أهمية مبادرة خادم الحرمين الشريفين للدعوة إلى الحوار بين أتباع الديانات والثقافات في المجتمعات البشرية، ورعاية خادم الحرمين الشريفين بحضوره شخصيا في مؤتمر الحوار الذي سينعقد بمدريد، يدل على إدراكه حفظه الله لخطورة الأمر، واهتمامه بإنجاح مسعى الحوار.

كيف نصل برسالتنا الدينية والإنسانية إلى قلوب الشعوب والأمم الأخرى التي بدأت تتوجس من الإسلام والمسلمين؟ ونزيل تلك التشوهات التي لحقت بصورة الإسلام والمسلمين، ونوصل رسالة الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين؟

لكي نوصل رسالتنا الدينية الإنسانية إلى قلوب الشعوب والأمم الأخرى فإننا بحاجة إلى ثلاثة أمور:

أولاً: النهوض بمجتمعاتنا والارتقاء بأوضاعنا، لنقدم عن ديننا وأمتنا صورة سليمة مقبولة، فواقع التخلف والتمزق لا تنعكس منه رسالة مشرقة.

ثانياً: الاجتهاد في تقديم خطاب ثقافي إعلامي عصري، يتناسب مع تطور المجتمعات الأخرى، ذلك أن قسماً كبيراً من سوء الفهم للإسلام عندهم ناشئ من اجترار بعض دعاتنا وإعلامنا لخطاب قديم، لا تقبله حتى أجيالنا المتعلمة، فضلاً عن أبناء المجتمعات الأخرى.

ثالثاً: الانفتاح على مراكز التأثير السياسي والثقافي والإعلامي في الأمم الأخرى، عبر مؤتمرات الحوار، والمشاركة الفاعلة في النشاط المعرفي والمؤسسات الإنسانية، ليكون تعارف حضاري وتعاون إنساني.