وقد بدأ سماحته الكلمة بتقديم التعازي برحيل الشيخ الفقيد. ثم ذكر أن انعقاد مثل هذه المجالس له عدة دلالات:
"/>

التماسك والترابط الاجتماعي

مكتب الشيخ حسن الصفار محرر الموقع
ضمن فعاليات المجلس الختامي لفاتحة المرحوم الشيخ أحمد سعيد المطرود (رحمه الله) الذي عُقد في حسينية المهدية بصفوى ليلة السبت الموافق: 20 ربيع الأول 1423هـ، في حضورٍ كبير حوى مجموعة ضخمة من العلماء الأفاضل. وقد شارك سماحة الشيخ حسن موسى الصفار "حفظه الله" بكلمةٍ افتتحها بالآية المباركة: ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم.
وقد بدأ سماحته الكلمة بتقديم التعازي برحيل الشيخ الفقيد. ثم ذكر أن انعقاد مثل هذه المجالس له عدة دلالات:

أولاً- إنه يدل على عمق الولاء الديني في نفوس أبناء المجتمع، فتراهم يهتمون بعلماء الدين ويحتفون بهم ويشاركونهم في مناسباتهم.

ثانياً- هذه المجالس تدل على عناية إلهية ربانية بالشيخ الفقيد، يقول تعالى: ﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُداً.
وقد عُرف عن الفقيد الراحل: التدين، والإخلاص، وحسن الأخلاق، وعفة اللسان، وطيب اللمعاملة مع الناس في حلّه وترحاله، وهذا التفاعل من الجمهور الكريم في مجلس الفاتحة طيلة الأيامة التي مضت هو مصداق للمودة التي يقذفها الله تعالى في قلوب الناس لعباده المؤمنين.

ثالثاً- وتدل هذه المجالس على درجةٍ من التماسك والترابط والانسجام الاجتماعي.

وقد تركز حديث سماحة الشيخ حول النقطة الثالثة لأهميتها.

حيث انطلق من الآية الكريمة التي تصدرت الكلمة فقال سماحته: هناك علاقة وثيقة بين قوة المجتمع تجاه التحديات الخارجية وبين قوة الترابط والانسجام بين أفراد المجتمع.
وتساءل سماحة الشيخ: متى يكون المجتمع شديداً تجاه الأعداد، وقوياً تجاه التحديات؟
وأجاب بقوله: إذا تحققت الصفة الثانية: ﴿رحماء بينهم. فبمقدار ما يكون هناك تراحم بين أفراد المجتمع يكون المجتمع قوياً، أما إذا كان المجتمع متمزقاً فلا يمكن أن يكون شديداً مع الأعداء، لماذا؟ لأن الشدة والقوة والعنفوان تستهلك في الخلافات الداخلية.

وتحدث سماحة الشيخ عن ثلاثة مظاهر من مظاهر التراحم بين أفراد المجتمع.

أولاً- الاحترام المتبادل.

بأن يكون أفراد وفئات المجتمع يحترمون بعضهم بعضاً. وأورد سماحة الشيخ عدةً من النصوص التي تدعو إلى أهمية تبادل الاحترام بين أفراد المجتمع.
ثم قال سماحة الشيخ :إن أهمية التراحم المتبادل بين أفراد المجتمع تبرز عند الاختلاف في الرأي، سواءً كان ذلك الاختلاف بين أفراد أو فئات.
وذكر سماحة الشيخ نماذج من سيرة الرسول الأعظم التي تدل على مدى التراحم الذي يغمر قلبه للمجتمع الذي كان يعيش فيه.

ثانياً- الاهتمام بمناطق الضعف في المجتمع.

الفقراء، الضعفاء، كبار السن، قال : «ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع»، والتدين الحقيقي يبرز في هذا الجانب، يقول تعالى: ﴿أ رأيت الذي يُكذب بالدين مَن هو؟ ﴿فذلك الذي يدعُّ اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين.

ثالثاً- تشجيع الكفاءات، وتشجيع ذوي الطموحات والقدرات.

لأن قوة المجتمع لا تكون بعدد أفراده، وإنما بمقدار ما يمتلك من كفاءات وقدرات وطاقات، ولذا على المجتمع أن يُشجع ذوي الطاقات والكفاءات فيه.

وأشار سماحة الشيخ في هذا الجانب إلى نموذجين:

النموذج الأول: التطلعات العلمية الأكاديمية.
بعد فترة الامتحانات يأتي دور التوجه للجامعة، وهناك طلاب أو طالبات يطمحون للتخصصات المهمة والوصول لهذه التخصصات أصبح صعباً، لذا ينبغي للمجتمع أن يُشجع هؤلاء لبلوغ طموحاتهم وتطلعاتهم، من أي مصرفٍ كان: الحقوق الشرعية، عطاءات ومساعدات المؤمنين الواعين، وغيرها.

النموذج الثاني: فيما يرتبط بطلبة العلوم الدينية.

ذكر سماحة الشيخ أنه كان في صفوى عدداً محدوداً جداً من طلبة العلوم الدينية، ولكن في عام 1385هـ انبرت جماعة من المؤمنين لتكوين لجنة لابتعاث مجموعة من أبناء المجتمع لدراسة العلوم الدينية، وبالفعل تحقق ذلك. وكذلك بعد عام 1400هـ، لم تُقصّر المنطقة بشكلٍ عام، وصفوى بشكلٍ خاص في ابتعاث عدداً من أبنائهم لدراسة العلوم الدينية، وفي دعم الحوازات العلمية والدينية، وكانت النتيجة أن تربى من أبناء البلد مجموعة من العلماء والخطباء وطلبة العلوم الدينية فأصبحت المنطقة مشرقة بهذه الكوكبة من العلماء.
ويستحق المجتمع ذلك، ولكن ينبغي مواصلة المشوار. لماذا لا يكون في صفوى فقهاء مجتهدون كما في الماضي؟ إذ أن من أواخر المجتهدين في المنطقة هو من صفوى وهو: المرحوم الشيخ محمد صالح مبارك الصفواني.
إن العلماء في صفوى لديهم ذكاء وعقول نيرة، ولذا ينبغي أن يكون هناك تشجيع من المجتمع تجاه هذا الأمر المهم والأساس.
وكذلك في الأنشطة العامة، فبعض العلماء يقومون بدورٍ رائد في المجتمع وخصوصاً في أيام العطل الصيفية، وعلى المجتمع أن يدعم هذه الأنشطة حتى تُقدّم ما فيه مصلحة للمجتمع.

واختتم سماحة الشيخ كلمته بقوله: إن رحيل الشيخ أحمد المطرود (رحمه الله) ينبغي أن يُثير في نفوسنا وأذهاننا وفي أوساطنا هذه الاهتمامات، إذ أن الشيخ الفقيد كان يحمل هذه الهموم. فقد كان تقواه وزهده منعكساً على سلوكه وتعامله مع الآخرين، وعلى نشاطاته وعطاءاته.

نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة، وأن يربط على ذويه بالصبر والسلوان، وخاصةً والده العزيز الحاج سعيد المطرود ووالدته وجميع أفراد أسرته، بل وجميع أبناء المجتمع.

رحم الله من يقرأ له الفاتحة.