الشيخ الصفار: مقاومة الظلم يحتاج إلى إعلام حر ومؤسسات قضائية وحقوقية نزيهة
تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار في خطبة الجمعة 12 محرم 1430 هـ حول أهمية تحدي الظلم ومواجته، مؤكداً أن ذلك يحتاج إلى إعلام حر متاح لكل مظلوم ليوصل ظلامته للمسؤولين، وإلى مؤسسات حقوقية نزيهة تسعى لكشف الظلم ودفعه عن كل مظلوم. مؤكداً على أن كل من تقع عليه ظلامة أن يسعى لأخذ حقه وفضح ما وقع عليه من ظلم كما صنعت زينب في فضح بني أمية. مشيراً في الوقت ذاته بأن المظلوم إما أن يقبل بالعيش مهاناً ذليلاً، أو أن يواجه الظلم ويقاومه وإن كلفه حياته هو الأمر السليم. داعياً الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف مشرفة لنصر إخوانهم في غزة.
يؤكد الشيخ الصفار على أن ملحمة كربلاء تكونت من فصلين: فصل كتبه أبو عبدالله الحسين بصموده وموقفه ضد الظلم بإعلانه المقاومة وانتهى بمقتله، ثم بدأ الفصل الثاني والذي دونته سيدة عصرها زينب بنت أمير المؤمنين وذلك بفضحها ظلم بني أمية ومقارعتهم بخطبها العظيمة وبذلك أوصلت قضية الحسين للعالم.
ثم اشار سماحته إلى أن الحسين حين خطط لنهضته المباركة لم ينس الجانب الإعلامي والذي أولاه لأخته السيدة زينب ومن معها. ملفتاً إلى أن هذا يعطينا درساً عظيماً وهو ضرورة إبلاغ الظلامة، وعدم السكوت عنها، معللاً ذلك بقوله: إن الظالم إذا ظلم وهو يعرف بأن مظلوميه سوف يسكتون عن حقهم، فإنه سيستمر في ظلمه وغيه الذي يحاول كتمانه والتستر عليه، لذا فمواجهته وفضحه إعلامياً يعتبر رادعاً له ولغيره.
مؤكداً على أن رفض الظلم وفضحه أمر رباني ﴿لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم﴾. لذا فالمجتمع الذي يريد الخير لأفراده ويريد أن يضمن لهم حقوقهم لابد أن يشجعهم على ذلك ويتيح لهم كل السبل لذلك. كما هو حال المجتمعات المتقدمة حيث مجالات الإعلام مفتوحة لمن يريد أن يبث شكواه ويوصل صوته للمسؤولين، إضافة إلى ما عندهم من مؤسسات قضائية وحقوقية مهمتها نصر المظلومين محلياً وعالمياً. وهذا ما يدعو له الإسلام، وتحتاجه مجتمعاتنا النامية.
ثم دعا سماحته كل من يقع عليه ظلم أن يسعى لبث شكواه بشتى السبل وأن لا يستسلم لذلك. مشيراً إلى أن كثيراً من الناس يخشون أن يقعوا في ظلم آخر حين يسعون لذلك، وآخرون يائسون من جدوى تحركهم وهذا غير صحيح فهو خضوع للظلم ومساعدة على تفشيه. كما أن تراكم الشكاوى من كل مظلوم سبيل إلى إيجاد حل وتغيير للواقع المعاش.
داعياً إلى اتخاذ السيدة زينب نموذجاً لذلك، فصرختها في وجه الظالمين ربما لا يجدي معهم ولكنها رسالة لا بد من تأديتها، ناهيك عن أثره الفعال في تعاقب الثورات التي طالبت بثأر الحسين ودحر الظلم. نحن لا نريد في هذه الأيام التي تمر علينا مصاب الحسين وزينب أن نبكي فقط دون أخذ الدرس والعبرة.
يؤكد الشيخ الصفار على أن المظلوم يقع بين أمرين: إما العيش بالذل والخنوع للظالمين، وبين مقاومة الظلم وإن كلفه حياته، والثاني هو المطلوب كما يشير إلى ذلك الإمام علي : «الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين».
ربما يتحمل الإنسان بعض الظلم والأذى، ولكن من عنده نفس أبية فإنه لن يصبر حين يطفح به الكيل. وعندها يكون عنده الموت بكرامة خير من العيش بالذل، كما يقول الإمام الحسين : موت في عز خير من حياة في ذل.
مشيراً سماحته إلى أن الكيان الصهيوني الغاشم يخير الفلسطينيين بين الخضوع لهم والتنازل عن وطنهم ليعيشوا خدماً لليهود، أو الموت. مدعين بأنهم شعب بلا أرض، وفلسطين أرض بلا شعب، ولذلك يسعون للاستيلاء عليها.
ولكن إباء الفلسطينيين والمقاومين الشرفاء اختاروا الصمود والمواجهة، والعيش بالعز والكرامة كما هو خط أبي عبدالله الحسين .
مستنكراً في الوقت ذاته الموقف العربي الذي بدا ذليلاً مخزياً إزاء هذه القضية ـ التي راح لحد الآن جراءها سبعمائة شهيد وأربعة آلاف جريح ـ ولم يتخذوا موقفاً مشرفاً حتى الآن مع استطاعتهم ذلك كفتح معابر الدخول لفلسطين.
ثم يؤكد سماحته على أن النظام العربي أثبت عجزه وأنه ليس بمستوى التطلع والطموح الذي تأمله الشعوب. كما أثبت الواقع أن إسرائيل لا يجدي معها إلا المقاومة وهو ما أدركته المقاومة في لبنان وفلسطين. مشجعاً على دعمهم مادياً ومعنوياً.
داعياً المواطنين إلى التبرع بما يستطيعون من اموالهم وممتلكاتهم لدعم صمود اهالي غزة، وبذل المال قليل تجاه من يبذلون دماءهم وحياتهم، وانهى الخطبة بالدعاء لاهالي غزة بالثبات والصمود، وللمقاومين بالنصر والظفر العاجل، وللشهداء بالرحمة والمغفرة وللجرحى بالسلامة والصحة.