كتاب «الانفتاح بين المصالح والهواجس» للشيخ حسن موسى الصفار
صدر عن دار أطياف للنشر والتوزيع - القطيف، الطبعة الأولى 1430هـ / 2009م، كتاب: «الانفتاح بين المصالح والهواجس» للمؤلف الشيخ حسن موسى الصفار، عدد الصفحات: «52» صفحة من الحجم المتوسط.
الكتاب عبارة عن محاضرة ألقاها سماحته بمنتدى العوامية بتاريخ 25 ربيع الأول 1429هـ الموافق 3 أبريل 2008 م، بعنوان: الانفتاح بين التوازن والحفاظ على الثوابت، وهو من تقديم مدير الندوة الأستاذ حسين علي آل نمر.
الكتاب يأتي ضمن انشغالات المؤلف بالقضايا المشتركة والمصيرية في حياة الأمة، خاصة في هذه المرحلة الحساسة، مرحلة التساؤل عن الهوية والانفتاح وقبول الأخر والتعايش معه، في موقف صعب وواضح، يجعل هذه الأمة أمام تحدٍ كبير، كجزء لا يتجزأ عما يحدث في هذا العالم، في الوقت الذي نشهد أن الكثير من علمائها ومثقفيها قد تقاعسوا عن دورهم ووظيفتهم في الدعوة للتقارب والوحدة بين أفراد هذه الأمة ، وانشغلوا عنها بالقضايا الجزئية القشرية، مما يتطلب من المخلصين جهوداً واسعة وكبيرة في مواجهة هذه التحديات والقضايا العالقة منذ آلاف السنين.
أدرك سماحته هذه المرحلة وتعاطياتها الخطيرة والحساسة في وقت مبكر، فأخذ يتدفق في العطاء من خلال الكتابة واللقاءات والمحاضرات، وكتابه (الانفتاح بين المصالح والهواجس) هو أحد تلك المساعي في عملية البناء والرقي بالفكر الإسلامي.
وقد استعرض المؤلف في كتابه ثلاثة محاور رئيسة وهي:
المحور الأول: الانفتاح والتقارب والوحدة عناوين إسلامية أصيلة.
المحور الثاني: حق الاجتهاد وشرعية الاختلاف في الرأي.
المحور الثالث: أولويات أم تنازلات.
كما احتوى الكتاب في صفحاته الأخيرة على أسئلة ومداخلات الجمهور الذين تواجدوا في الندوة.
يشير سماحة الشيخ حسن الصفار في هذا المحور إلى: أنَّ هناك عناوين في الفكر الإسلامي الأصيل، لم تبرز، فأصبحت خافتة، بسبب طبيعة الآراء الثقافية والاجتماعية التي كانت تعيشها الأمة، وكان من تلك العناوين: الانفتاح والتقارب و الوحدة بين أفراد الأمة الواحدة.
ويوضح أنَّ من يدعو إلى مثل هذه العناوين يصبح مثالاً للسخرية، ويثار حولها التساؤلات، وتطرح عنها الكثير من الإشكالات و التشكيكات، وكأنَّها تحتاج إلى إثبات ودليل.
ويؤكد الشيخ الصفار بأنَّنا لسنا بحاجة لإثباتها، مشيراً إلى دعوة القرآن الكريم والسنة النبوية إليها، بالإضافة إلى العقل الذي يدعو الإنسان إلى الانفتاح والوحدة لمصلحته كفرد وكمجتمع وكوطن.
ويحمّل العلماء والمثقفين مسؤولية نشر تلك القيم والمبادئ، وعدم التقاعس عن دورهم في الدعوة للتقارب والوحدة.
متسائلاً: لماذا هذا العالِم لا يدعو إلى الوحدة؟ ولماذا هذا العالِم لا يسعى إلى التقارب مع المذاهب الأخرى؟
داعياً الناس إلى محاكمة العلماء والمثقفين المتقاعسين عن الدعوة إلى الوحدة والسعي باتجاه التقارب، ومساءلتهم عن أسباب تقاعسهم عن القيام بهذا الوظيفة، خاصة حينما نعيش واقع الحصار والفتن الطائفية.
يبين الشيخ الصفار في هذا المحور، أنَّ في تاريخ المعرفة الإسلامية صراعاً قديماً جديداً بين تيارين في كل مجتمع فيما يخص الشأن الديني والفكري، يتمثل في أحدهما هاجس الخوف والريبة، ويعتريه القلق، ولا يقبل أيَّ تطوير أو تغيير، فيما يمارس الأخر حقه في الاجتهاد وإبداء الرأي، وإن كان مخالفاً أو منافياً للمشهور.
ويشير أنَّ في تاريخنا الكثير من العلماء من أمثال الشيخ الصدوق، وتلميذه الشيخ المفيد، والإمام الخميني، كانت لهم اجتهاداتهم وآراؤهم في المسائل (العقدية والفقهية والتاريخية) مخالفة للرأي السائد، وكان تعدد الاجتهادات أمراً مقبولاً، إلا أنَّ بعض الأوساط والعناصر في أمتنا يتسرعون في اتهام من يخالفهم الرأي، ويثيرون حول دعواتهم الاتهامات والشكوك، وقد عانى هؤلاء الكثير من المآسي والضغوطات الاجتماعية.
مبيناً: شرعية حق الفرد في التعبير عن آرائه ووجهات نظره، وأن يسمح هو - أيضاً - للآخرين بطرح آرائهم ووجهات نظرهم، دون اللجوء إلى أجواء الإرهاب الفكري والتشكيك في دين الطرف الآخر وإخراجه من الدين أو المذهب، ووصفه بالارتداد والضلال والبدعة، فهذا خلاف الدين والأخلاق والمنهج العلمي.
ويوضح سماحته في هذا المحور، أنَّ كثيراً من الذين يثيرون القلق والإشكالات حول دعاة التقارب والوحدة، ينبع من اعتقادهم، بأنَّ الدعاة للوحدة،يتنازلون عن العقيدة والمبدأ والشعائر، لأجل التقرب من الطرف الأخر وكسب ودَّ.
ويضيف: أنَّ عناوين (التنازلات) إما أنَّ من يطلقها غير واعٍ لمضمونها وأبعادها، أو أنَّ القصد استغفال الناس ودغدغة مشاعرهم وعواطفهم.
ثم يؤكد على نقطتين مهمتين، في عملية الأولويات أو التنازلات:
1 - تحرير مواطن الخلاف، هل هذا الأمر من العقيدة والشريعة أم لا؟ ثم التحدث حول كونه تنازلاً أو لا.
2- هناك بعض الجوانب قد تكون من العقيدة ومن الشريعة، ولكنَّ هناك ظرفاً يقتضي تجاوز هذا الجانب أو عدم ممارسته، لانَّ هناك أولوية أهم، ملفتاً: إلى بعض الشواهد والأحداث التاريخية التي حدثت في تاريخ الأمة.
فعليه يمكن القول أن كتاب (الانفتاح بين المصالح والهواجس) وغيرها من الكتب الأخرى لسماحته، تهدف إلى إعادة روح الأمل والتفاؤل في شعوب هذه الأمة، وإعادة مشروع الأمة الواحدة، ونبذ حالة الفرقة والقطيعة، من خلال ماتحمله من رؤى وقيم صادقة.
والدعوة إلى التقارب والوحدة أصبحت - الآن - مطلباً هاماً في كل شعوب الأمة.
«لقراءة الكتاب اضغط هنا»