تقديم لتقرير مؤسسة الأعمال الخيرية بحلة محيش
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
هنالك أكثر من منطلق ودافع يدفع المواطن الواعي للتصدي لخدمة مجتمعه والارتقاء بالوضع العام فيه نحو الأفضل.
الدافع الأول: هو تفعيل المشاعر الإنسانية النبيلة التي يحتضنها الإنسان بفطرته، هذه المشاعر التي قد تنمو وتتطور إذا ما وجدت لها برنامجاً عملياً وساحة فعالة تتجسد فيها، أو قد تضمر وتكبت إذا ما طغت عليها أمواج الذات والأنا، من هنا تجد المشاعر الطيبة عادة ما تكون ظاهرة على أصحاب النشاط والخدمة الاجتماعية، كيقظة الضمير، والإحساس بالآخرين، واستشعار المسؤولية عن الغير. والوصول إلى هذا المستوى الإنساني أمر يهتم لأجله الواعون، حيث يحققون لأنفسهم من خلال ذلك السعادة والرضا واللذة الروحية الفريدة.
الدافع الثاني: تنمية الكفاءات والقدرات الذاتية عند الفرد حيث يصبح تراكم الخبرة والتجربة عنده أكثر من الآخرين، كما تصبح معرفته التفصيلية بالشأن الاجتماعي أدق وأعمق.. فضلاً عن ما يوفره له موقع الخدمة هذا من قدرة على بناء علاقات وارتباطات وثيقة مع أبناء المجتمع، أما الذين ينطوون على أنفسهم فإن كفاءاتهم وقدراتهم تضمحل أو تتلاشى وتنشأ هوة كبيرة بين تفكيرهم وتوجهاتهم وبين توجهات الناس وقناعاتهم.
الدافع الثالث: إن الإسهام في تقدم المجتمع ينعكس إيجاباً على تقدم الفرد نفسه، فهو جزء من المجتمع، والمجتمع إنما يتكون من أفراد، وحل مشاكل المجتمع العامة يعني إعطاء الفرد فيه فرصة أكبر للتقدم، إضافة إلى التأثير المتبادل عادة بين الفرد والمجتمع حيث يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به.
الدافع الرابع: هو الشعور بالمسؤولية الدينية نحو الواقع والمحيط الذي يعيش فيه الإنسان. فإذا كان الإنسان مسؤولاً في نظر الدين (حتى عن البقاع والبهائم) أفلا يكون مسؤولاً عن الناس من حوله؟ وقد ورد عنه أنه قال: «من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم» ولولا الاندفاع استشعاراً لهذه المسؤولية لما كان يمكن تسمية الفرد المتدين بأنه صادق في عقائده وتدينه، من هنا فإن القرآن الكريم يسمي العطاء الذي يساهم به الإنسان في حل مشاكل الآخرين يسميه بـ(الصدقة) لأنه يكشف عن صدق وتصديق المعطي بالشعارات والمبادئ التي يؤمن بها.
وضمن هذا السياق يعتبر القرآن الكريم من لا يهتم بأمور الضعفاء والمحتاجين كاذباً في تدينه وإن ادعاه أو تظاهر به يقول تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾.
الدافع الخامس: تلك الظروف الصعبة التي قد يعيشها المجتمع. فالمشاكل كثيرة، والتحديات خطيرة، والحاجات لا تكاد تنتهي، والظرف الاقتصادي ضاغط، وللتقدم التكنولوجي ضحايا بشرية وانعكاسات أخلاقية وسلوكية، وللكوارث والابتلاءات الطبيعية أضرار ومخلفات، فأيتام هنا ومحتاجون هناك ولا بد من وجود جهات تتصدى وتأخذ على عاتقها المشاركة في رفع هذه المعاناة وإزالة هذه الصعوبات والتحديات بالقدر الممكن والمناسب.
وقيام مؤسسة الأعمال الخيرية في الحلة للمساهمة في هذا المجال والاضطلاع بهذه المهمة وهذا الدور أمر يستحق الثناء والشكر والتقدير من كل مواطن غيور وواع، ولا شك أن ذلك يكشف عن عمق النوازع والسجايا الخيرة، ويكشف عن أصالة الدوافع الكريمة والنبيلة في نفوس أعضاء ومسؤولي هذه المؤسسة الخيرية الناجحة.
وهؤلاء الشباب العاملون في المؤسسة كان من الممكن أن يكرسوا أوقاتهم لمصلحة ذواتهم الشخصية أو أن يكونوا من أولئك الشباب اللاهين وغير المبالين بقضايا مجتمعهم، ولكنهم اختاروا أن يقوموا بهذا الدور الرائد وهذا العمل البناء، رغم أن كل واحد منهم له وضعه الخاص به الذي كان من الممكن أن يتعذر به فكل منهم له طموح شخصي -على الصعيد العلمي أو المادي- وكل منهم له أسرة وعائلة وارتباطات مختلفة إلا أنهم آثروا الاهتمام بهذه المؤسسة وتطويرها طيلة هذه السنوات، وكما تشير تقاريرها فإنها قد حققت خلال هذه الفترة إنجازات طيبة وكبيرة نأمل أن تتواصل في المستقبل إن شاء اللَّه.
إنني أدعو الأخوة الأعزاء في مؤسسة الأعمال الخيرية إلى مضاعفة الجهد وتكثيف النشاط من أجل تطوير عملهم وأن لا يبقى ضمن مستوى محدود، وأن يسعوا لتوسيع رقعة التفاعل مع محيطهم الاجتماعي باستقطاب المزيد من العناصر والأعضاء الجدد للمؤسسة.
كما أرجو من أبناء مجتمعنا الكريم في الحلة أن يمدوا يد العون والتعاون لهذه الفتية الطيبة، وأن يقابلوهم بتجاوب وتشجيع واحترام يدفعهم إلى المزيد من العطاء ويرفدهم بالكثير من التفاعل ففي ذلك خدمة للمصلحة العامة وتعاون على البر والتقوى وتحقيق لرضا الرب سبحانه.
وفق اللَّه الجميع للخير والصلاح وجزى اللَّه العاملين خير جزاء المحسنين.
حسن موسى الصفار
23 ذو الحجة 1421هـ