الشيخ محمد الصفار: الرسول (ص) منهج أكد كيان الدولة الجامعة
دعا سماحة الشيخ محمد الصفار إلى وحدة الصف الوطني والإسلامي على أساس "القبول بالأخر كما هو".
مشيرا إلى أن الوحدة مبدأ وواجب ديني نسعى في طلبه وتحقيقه وإشاعة الثقافة الحاضنة له، دون النظر إلى ما يحققه جهدنا على أرض الواقع، فالمهم أن نؤدي واجبنا، ونسعى جهدنا.
وفي جانب آخر دعا الشيخ في الخطبة الثاني إلى إشاعة جو الحب والالفة بين أفراد الأسرة لحمايتها من أمراض العصر الخطيرة.
في الخطبة الأولى لصلاة الجمعة (16/3/1430هـ) استعرض الشيخ سيرة الرسول وذلك بمناسبة مولده الشريف الذي يصادف السابع عشر من ربيع الأول كما هو رأي مشهور الشيعة حيث قسم سماحته حياة الرسول ص بأبعادها التشريعية والاجتماعية إلى قسمين:
القسم الأول: حياته في مكة والتي كان يبين فيها أسس العقائد الإسلامية، وتوضيح منهج التوحيد وهذا الغالب على السور المكية كما يتضح للمتأمل فيها.
القسم الثاني: حياته في المدينة والتي كانت أغلبها منصبة في تنظيم شؤون الدولة الإسلامية وسن القوانين والتشريعات وهذا ما يلاحظ في السور المدنية وآياتها الموضحة لأحكام الإسلام.
ثم أشار سماحته إلى أن وحدة الكيان ووحدة الصف مما يحفظ كيان المجتمع المسلم ويشد من ترابطه مهما تنوع هذا المجتمع في عقائده.
مستشهدا ببعض المواقف والأعمال من السيرة النبوية فذكر أربعة مواقف:
الأول: اشتغال رسول الله على وحدة كيان الأمة منذ نشأتها فآخى بين المهاجرين والأنصار، وصنع كيان الدولة، ولم ينفق جهده كله في شأن عقائد الناس، فتعاليم الدين كانت ماثلة أمام ناظره ﴿ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾، وكانت تعاليم القرآن الكريم توجه رسول الله لهذا المسلك ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾، و﴿ طـه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى﴾ ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ الا يكونوا مؤمنين﴾ و﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ و﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ﴾.
حيث أكد سماحته أن إعطاء الدولة كل اهتمامها للقضايا العقدية والتمييز بين الناس على أساس عقائدهم سيحولها في النهاية إلى دولة للشرطة الدينية.
الثاني: في سبيل المحافظة على الصف الإسلامي شددت التعاليم القرآنية على مسألة الوحدة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ و﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾.
الثالث: ربط المؤمنين بالرسالات السماوية السابقة وأن الإسلام امتداد لتلك الرسالات يقول تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ و﴿وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.
الرابع: أبعد المؤمنين عن كل ما من شأنه يأتي بالفرقة والتمزق، قال سبحانه: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ وقال ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾.
أشار سماحة الشيخ الصفار في الخطبة الثانية إلى ظاهرة "ابتزاز الفتيات" مستحضرا قوله تعالى: ﴿قوا أنفسكم وأهليكم نارا﴾ ليبين مسئولية الأسرة في حماية أفرادها.
مشيرا إلى استغلال بعض أصحاب النفوس المريضة لوسائل التقنية في اصطياد الفتيات ومن ثم ابتزازهن ووصلت هذه الظاهرة إلى مرحلة خطرة الأمر الذي دعا المسئولين إلى تشكيل لجنة تضم عدة وزارات تهتم بهذه الظاهرة على عدة مستويات:
- الأولى: مرحلة ما قبل حدوث الجريمة والمتمثلة بالجهود الوقائية وتقوم بها معظم أجهزة الدولة على اختلاف مستوياتها وتخصصاتها.
- الثانية: مرحلة حدوث الجريمة وتقع مسؤولية مكافحتها على أجهزة الضبط الجنائي والأجهزة القضائية بشكل رئيس.
- الثالثة: مرحلة ما بعد حدوث الجريمة وتشارك فيها المؤسسات الإصلاحية والاجتماعية والصحية والثقافية وغيرها من مؤسسات المجتمع.
مذكرا الآباء والأهل بمسؤولياتهم تجاه بناتهم, وفي سبيل الوقاية ذكر عدة نقاط:
الأولى: الانفتاح على الأسرة في الحديث وسماع أخبارهم وحركة أيامهم، كي نكون الحضن الحاضن والمستوعب لأسرارهم.
الثانية: إغداقهم بالعاطفة والمحبة والمزايدة في ذلك، كي لا يكون غيرنا أقرب إلى قلوبهم منا.
الثالث: استقبال أخطائهم برحابة صدر.