افتتح ملتقى الوقف الجعفري تحت شعار «المقاصد الوقفية تأصيل وتطوير»
الحريتي: مناسبة لشق القنوات والاستفادة من الثروات الداعمة للنهضة الحضارية
تحدث في الافتتاح المستشار حسين الحريتي وزير العدل وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية قائلا: ان ما يدعو للغبطة والتفاؤل يبدو في هذه الملتقيات الثقافية الزاهرة والتي تعنى بقضايا الوقف وتعقد بين الفترة والاخرى لتبحث على طاولة نقاشها امور انمائه وتطويره. واضاف قائلا: ان الملتقى يسعى ليكون اليد التي تشق القنوات لتجري فيها ثروات الوقف الداعمة للنهضة الحضارية فلا تضيع ولا تتبدد، وذلك من خلال فتح باب البحث العلمي لايجاد صيغ عملية حديثة لتطوير الوقف وتنميته في اطر شرعية قانونية قادرة على استيعاب التطورات المتلاحقة لضمان دوام الوقف وتجدده من غير مساس بالثوابت والمعايير التي وضعها الشارع، وعن عدم امكانية الاوقاف مجاراة الايقاع السريع لموجة التطور، قال الحريتي ان الاوقاف اذا لم تتكيف مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والحضاري فيجب ان يدفعنا ذلك الى بذل الجهد للبحث عن صور مستحدثة لتعزيز دوره في التنمية الاجتماعية وتلبية حاجات الفرد الانسانية بكل ما يخدمها من مقاصد تواكب التطور المتواصل وتدفع عن حياته شبح المرض والفقر والجهل فلا يقع فريسة لها.
من جانبه القى محمد الطريحي كلمة بالنيابة عن الامير الحسن بن طلال بالمناسبة اشاد فيها بانعقاد الملتقى مما يؤكد الرسالة الانسانية السامية التي التزمت بها دولة الكويت في تشجيع الحوار المبني على قيم الفهم والتفاهم والتسامح والاحترام المتبادل بين المسلمين والتقريب بينهم لما يصب في تحقيق الصالح العام.
واضاف: يواصل هذا الملتقى المسيرة الخيرة للوقف الاسلامي الذي يزخر عالمنا فيه بالموارد البشرية والمادية ورأى ان ما نحتاج اليه هو الاستثمار الذكي لهذه الموارد وتنميتها استنادا على القيم الاساسية الدينية والانسانية بما فيها التكافل الاجتماعي واحدى ادواته الزكاة.
واقترح الطريحي تأسيس صندوق مستدام لتلبية حاجات المسلمين على مستوى العالم الاسلامي مثل صندوق عالمي فوق قطري للزكاة والتكافل او هيئة عالمية للزكاة وهي دعوة اطلقها الامير الحسن منذ اكثر من ربع قرن متمنيا للشخصيات المشاركة في الملتقى باغناء محاور المؤتمر بما يصب في تفعيل مسيرة الوقف في الكويت خاصة والعالم الاسلامي عامة ودعا في نهاية الكلمة الى وضع تصور موضوعي لمستقبل الاماكن المقدسة في المساجد والحسينيات والكنائس بحيث تفتح بيوت العبادة للجميع وتتم اعادة اعمار ما استهدف منها بالاعتداء والتدمير.
واعرب عن امله بأن يأخذ الوقف الجعفري الريادة في مجال عمل الوقف الاسلامي معززا بذلك رسالته التاريخية وحريصا على ربطه بمجريات الواقع الراهن.
والقى الشيخ عبدالامير شمس الدين كلمة المشاركين وقال: اوجه جزيل الشكر لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح ممثلا بوزير العدل والشؤون الاسلامية وجميع القائمين على هذا الملتقى الكريم واعبر عن تقديري للوقف الجعفري لمساهمته في الخير دائما ومساعدة جمعيات النفع العام.
واضاف شمس الدين: الوقف كتشريع لايقتصر على الواقف فقط بل يمتد لينعكس على الاخرين من الموقوف عليهم ويهدف في كل ما يؤدي الى تحقيق الوحدة في المجتمع ويجسد لنا سياسة التكافل الاجتماعي وهذا ما دعت اليه الشريعة الاسلامية حيث ان الوقف ليس ملكا للواقف بل هي ملك لله سبحانه وتعالى.
واشار في كلمته الى دور الكويت الكبير في مجال الوحدة الوطنية وقال استرجع كلمات الشيخ محمد مهدي شمس الدين حينما قال: لقد كان دور الكويت ولايزال رائدا في مجال التفاعل بين الثقافة والتنمية وبين حالة الانتماء والتعامل مع القضايا المعاصرة وهذا نتيجة تفاعل حي بين قيادة الكويت والنخب في المجتمع وتدل على شجاعة الدولة من جهة والنخب الكويتية من جهة اخرى. وفي كلمة المنسق العام للملتقى عبدالهادي الصالح استعرض خلالها الملتقيات التي اقيمت في السنوات السابقة والتي هدفت الى تقديم المزيد من التعريف بشعيرة الوقف واحكامه الشرعية في المدرسة الفقهية الامامية وادلته في الكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوضيح فلسفة الوقف واثرها الحضاري والاجتماعي ودوره على الصعيد التعبدي الفردي اضافة الى التعريف بالمولود الجديد انذاك وهو ادارة الوقف الجعفري بالامانة العامة للاوقاف وتابع الصالح قائلا واليوم ارتأت اللجنة الاستشارية طرح احد المواضيع التي تمثل العمود الفقري لشعيرة الوقف وهو نية الواقف وقصده الوقفي الذي من خلاله ينضبط الوقف في جانبه العلمي.
وقسم الصالح الية البحث في موضوع الملتقى القائم عبر ثلاث ورش نقاشية على الشكل التالي:
المحور الاول: معالجة مقاصد وشروط الواقفين في ظل المتغيرات والحاجات وذلك من خلال منظور فقهي واجتماعي ليعكس روح الشريعة الاسلامية في مراميها التنموية التكافلية. المحور الثاني: دور الضوابط الشرعية في تفسير شروط الواقف ومقاصده وهو يعني بدور المرجعية الدينية في هذا الصدد وابداعات الفقهاء وابتكاراتهم الاجتهادية التي تعزز من وضع اصول البناء المؤسسي للوقف. المحور الثالث: الضوابط القانونية للشروط والمقاصد وذلك من خلال القيود القانونية ومدى استيعاب التشريع القانوني لهذا التوسع في تفسير مقاصد الواقفين ودور المحاكم والقضاة في حسن ادارة هذه المقاصد وتنميتها وحمايتها من عبث العابثين.
وفي الفقرة الختامية عرض فيلم يتحدث عن مسيرة الاوقاف في الكويت عامة والوقف الجعفري خاصة وكرمت اللجنة في نهاية الحفل الوزير الحريتي ومجموعة من الواقفين وقدمت لهم دروعا تذكارية بالمناسبة.
على هامش المؤتمر التقت «الدار» بعض الشخصيات التي حضرت الافتتاح للاطلاع على آرائهم بفعاليات الملتقى الثالث للوقف الجعفري في الكويت وهؤلاء الحضور من مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية والكويت وكانت البداية مع سماحة الشيخ حسن الصفار من المملكة العربية السعودية. قال الشيخ حسن الصفار: ان الموضوع الذي اختاره الملتقى الثالث مهم جدا وهو مسألة المقاصد الوقفية لأن اكثر الأوقاف عندنا في المجتمعات الاسلامية كانت ضمن بيئة معينة لها مشاكلها واحتياجاتها أما الان مع هذا التطور الذي حصل في واقع الحياة فهناك احتياجات جديدة، وتساءل قائلا كيف نستطيع ان نستفيد من الاوقاف الموجودة وهي ثروة هائلة لمواجهة التحديات التي تعيشها مجتمعاتنا اليوم؟ هذا الموضوع هو من اهم المواضيع التي يجب ان تبحث حول الوقف الاسلامي، فالاوقاف الاسلامية كثيرة ومنتشرة في مختلف الانحاء، والواقفون كانت نياتهم التقرب الى الله سبحانه وتعالى، ونرى الان ان هناك احتياجات يمكن للواقف ان يجني منها الثواب الاكبر اذا ما توجهت هذه الاوقاف باتجاه تحقيقها ومعالجتها، واشاد سماحته الى اصل التجربة الحديثة للوقف الجعفري في الكويت التي تعطي رسالة مهمة جدا هي ان الشيعة جزء من اوطانهم ومجتمعاتهم ويجب ان تسير امورهم الدينية والاجتماعية ضمن الاطار العام القائم في اوطانهم، وهذا يحتاج الى امرين الى ان الانظمة الحاكمة تتعامل مع المجتمع الشيعي باعتباره أحد مكونات الشعب وبالتالي لهم ولبقية الشرائح حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات وألا يكون هناك تمييز على هذا الصعيد. من جانب آخر على المجتمع الشيعي نفسه ان يفكر بحس وطني عميق لكي تكون شؤونه الدينية ضمن الاهتمامات الوطنية والاطار الوطني.
من جانبه رأى عضو مجلس الأمة صالح عاشور ان الكويت تتمتع بحرية العقيدة والرأي والتعبير ومن ثمرات الحرية الدستور والديمقراطية في الكويت أن اعطت المجال لكل الديانات والمذاهب ان يعملوا ضمن اطار الدستور والقانون.
واضاف: من هذا المنطلق تم تأسيس الامانة العامة للوقف الجعفري للامانة العامة للاوقاف لتعنى بشؤون الوقف الجعفري بالكويت ونعتقد انها خطوة موفقة من المسؤولين والعاملين في هذا المجال بقضية الوقف بصورة عامة والجعفري بصورة خاصة، وتمنى عاشور للاوقاف الجعفرية ان تتوسع اكثر وتنمو وتركز على قطاعات ومجالات لم يتم التركيز عليها مثل الجوانب الصحية والتعليمية وابتكارات الشباب والشابات بحيث ان مجمل الاوقاف تكون اوقافا عامة ويصرف ريعها في الامور العامة وهي كثيرة في الوقت الحاضر واعتقد ان الوقف بصورة عامة في الوقف الاسلامي حل لكثير من المشكلات في العالم الاسلامي وايجاد اوقاف كثيرة سواء في العلم او الصحة لمساعدة المعوزين والفقراء وكذلك بالقضايا الاخرى المتعلقة بشؤون المجتمع. واضاف أن اهتمام سمو أمير البلاد بهذا الملتقى وحضور المسؤولين هو دافع قوي امام الاشخاص المشرفين على الوقف الجعفري ان يكون لديهم مزيد من العطاء وتمنى من وزير العدل والاوقاف ان يوسع الادارة للوقوف الجعفري الى قطاع مستقل بالكامل.
أكد وزير العدل الأسبق لدولة البحرين محمد علي الستري مدى سعادته بحضور الملتقى الجعفري الثالث وقال: انني أوجه جزيل الشكر لسمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد على استضافة الملتقى الجعفري الثالث بدولة الكويت. حيث ان سموه يسعى ويهتم دائما بما يصب في مصلحة الوحدة الوطنية، ويعمل على ترسيخ هذا المفهوم في نفوس الجميع. واضاف: يعتبر هذا الملتقى مظلة للوحدة الوطنية وملتقى للتشاور في كل ما يتعلق بالمقاصد الوقفية من ناحية التنسيق او التطبيق حيث يجب ان يتم ترشيد الواقف حتى يعم الخير على الجميع. وعن التعاون المشترك بين الكويت والبحرين في مجال الاوقاف قال: انه بكل تأكيد يوجد تعاون كبير فيما بين الكويت والبحرين في مجال الاوقاف، فحينما بدأ الاخوة في الكويت بالتفكير في انشاء ادارة الوقف الجعفري، جاؤوا الينا في البحرين واجتمعنا بهم وتبادلنا معهم الخبرات باعتبارنا اسبق وحتى التواصل مستمر في كل عام، واضاف: كذلك نرى من الاخوة في الكويت دعما كبيرا للاوقاف في البحرين بشتى السبل سواء في بناء المساجد او الحسينيات وهذا دليل وثيق على مدى التعاون بين الدولتين، حيث ان العلاقة بين الكويت والبحرين هي علاقة قوية تسودها المحبة حيث ان الشيخ حمد عيسى آل الخليفة ينظر للكويت نظرة خاصة تعكس العلاقات الاخوية بين البلدين.
وحول ما تردد في الآونة الاخيرة ان هناك خلافات بين السنة والشيعة بالبحرين قال: انني انفى كل ما سمعتموه من وجود خلاف بين السنة والشيعة فلا توجد اي مذهبية في البحرين على الاطلاق، وقد عاش اصحاب المذهبين منذ قرون وهم يشاركون معا في تنمية البحرين وتطويرها. واضاف ربما هناك بعض الامور والمناقشات ذات الطبيعة السياسية ولكن ليست ذات مذهبية. وصاحب الجلالة حريص كل الحرص على وحدة شعب البحرين كذلك يحرص الشعب البحريني على الوحدة بين السنة والشيعة.
أما عن سفير الكويت بالعراق علي المؤمن فقد أكد حرص الكويت دائما بكل ما يخص الوحدة الوطنية وقال: الكويت واحة كبيرة للعرب وتعمل قياداتها الغراء على لم الشمل حتى يعم الخير ويصب في دعم ومساندة الوحدة الوطنية واليوم يحتضن ابناء الشعب الكويتي الملتقي الجعفري الثالث ليبرهن للعالم أجمع مدى حرص هذه الدولة على المواقف والوحدة دائما، لذلك أتوجه بالشكر لسمو امير البلاد على مجهوداته الكبيرة في هذا المجال كذلك القائمون على الوقف عموما، واتمنى ان يناقش هذا الملتقى كل ما يخص الوقف لما يناسب التطور في الحياة.