الشيخ الصفّار ينتقد الحظر على منظّمات المجتمع المدني ويدعو لتشجيع العمل الأهلي
انتقد فضيلة الشيخ حسن الصفار الحظر على منظّمات المجتمع المدني الذي تُمارسه سياسة القمع في معظم الدول العربية والإسلامية التي لا تعطي الناس مجالاً حتى يتعاونوا مع بعضهم البعض فتفرض سلطتها على كل الأنشطة والفعاليات، بعكس الواقع الذي يعيشه الناس في المجتمعات الغربية حيث الشعور بالحرية وإمكانية تأسيس المنظّمات ضمن تقنينات طبيعية.
وفي الوقت الذي ينتقد فيه الشيخ الصفار هذه الحالة يُبدي تعجّبه من استضافة البلاد بشكلٍ رسمي لمجلس التفاهم العالمي، وهو منظّمة عالمية مستقلّة، يهدف إلى حشد خبرات وطاقات ومعارف سياسيين بارزين تولوا مناصب عُليا في بلدانهم لتقديم توصيات وحلول عملية لصانعي القرار حول المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العالم، وقد انعقدت الدورة السابعة والعشرين لهذا المجلس يوم الأحد 5 جمادى الأولى (10 مايو) في المملكة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ برعاية رسمية.
وتساءل الشيخ الصفّار مستنكراً: لماذا لا نستطيع نحن في بلداننا أن نوجد مثل هذه المنظّمات، كأن ننشئ مجالس للتفاهم المذهبي بدلاً أن تشتد الخلافات الطائفية والمذهبية.
وأكد الشيخ الصفّار أن القمع السياسي هو من أبرز العوامل التي تُعيق تعاون الناس وتواصلهم، إضافةً إلى وجود بيئة اجتماعية غير مشّجعة، كما أن روح العمل الجمعي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ما تزال تشكو الضعف والهوان.
ودعا الشيخ الصفار في خطبة الجمعة 20 جمادى الأولى 1430هـ (15 مايو 2009م) إلى تجاوز هذه الحالة السلبية بأن يبدأ كل إنسانٍ بذاته فيرتقي بمستوى وعيه ليخرج من إطار الاهتمامات الذاتية ويُنمي في ذاته المشاعر الإنسانية والقيم العليا والثقة بالذات لتبني الدور الذي أراده الله تعالى لهذا الإنسان، ليصل إلى أفق الاهتمامات الكبرى.
وقال الشيخ الصفار: الاهتمامات الذ1تية للإنسان تفرض نفسها عليه، فهو يحب ذاته ويسعى لمصلحته الذاتية وهذا أمر مشروع ومقبول، ولا يعني ذلك أن ينحصر الإنسان في سجن اهتماماته الذاتية فلا يفكر إلا في نفسه ولا يهتم إلا بذاته ولا يتحمل أي مسئولية تجاه مجتمعه وأمته. ملفتاً الانتباه إلى أن القسم الأكبر من مصالح الإنسان الذاتية مرتبطة بالناس، فإذا أراد الإنسان أن يخدم مصالحه فعليه أن يخدم المجموع، وبذلك تتكامل الأدوار في المجتمع.
وأكد الشيخ الصفار أن للدور السياسي الأثر الأكبر في تجاوز هذه الحالة السلبية، مضيفاً: إن الله تعالى أراد لهذه الأمة أن تكون شاهدة على بقيّة الأمم، يقول تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً﴾، وبكل تأكيد لا يُمكن للأمة تحقيق هذا المستوى المتقدّم إلا بتجاوز هذه الحالة وغيرها من الحالات السلبية التي تُعيق تقدم الأمة.
وفي سياقٍ آخر أكد الشيخ الصفار أن الأجواء التي يعيشها الإنسان لها أثر كبير في تحريك الغريزة الجنسية، التي هي من أخطر وأشرس الغرائز عند الإنسان، فكلّما كانت الأجواء محتشمة فإن هذه الغريزة تكون في إطارها الطبيعي، أما إذا عاش الفتى وعاشت الفتاة ضمن أجواء الإثارة فهذا يعني تحد كبير أمامهما وأمام الأمن الاجتماعي بشكل عام.
وسلّط الضوء في ختام الخطبة على موضوع الحشمة ضمن الأجواء الأسرية، مؤكداً خطورة هذا الأمر، ومنتقداً بعض المظاهر التي يبدو فيها الابن أكثر احتشاماً من البنت، مضيفاً: صحيح أن الإنسان في بيته يعيش مع محارمه، إلا أنه ينبغي أن تكون هناك أجواء الحشمة والعفة، حيث تعاني أكثر البيوت الآن من عدم الانضباط في هذا الجانب فتبدو الأم، مع وجود أبناء وبنات معها في البيت، بكامل زينتها وإثارتها ولا تحسب حسابا إلى الأثر الذي تتركه في نفسيّة أولادها، وكذلك بين الإخوة والأخوات. وتفيد التقارير والقصص أن هناك أبناء وبنات انجرفوا وانجرفن إلى طرق الانحراف والفساد لأن أجواء البيت لم تكن تتوفر فيها الحشمة والعفة بل أصبحت هناك بعض الحالات من التحرش والاعتداء على المحارم والعياذ بالله.