بناتكم أم تقاليدكم

بدون مقدمة ولا تعتبرونه هجوماً وإن كان كذالك فلا بأس، المهم أن يوقظ هذا الموضوع شيئاً ما في الضمائر، فلنقف لدقائق أو لحظات تحتل فيها مصالح بناتنا مساحة من تفكيرنا، تلك المساحة المعتمة طواعية، ولنسلط الأضواء على الأعراف والعادات والقاليد البالية، تلك الشماعة المخترعة لسحق حقوق المرأة «الزوجة» متناسين أن الزمان يمر سريعاً فيمسين البنات زوجات يقع عليهن ما وقع على أمهاتهن.

غايتي أن نقف جميعاً عند «عقد القران» وهو أهم حدث في حياة المرأة حيث يحول مسار حياتها كلياً ليخرجها من عالم المعلوم أي عندما كانت تعيش وسط أسرتها وهي على علم كامل بكل تفاصيله بغض النظر عن مدى رضاها من عدمه، إلى عالم المجهول «الزواج» فبرغم اختيارها له وموافقتها عليه إلا إنه مجهول حيث إنها لن تستطيع معرفة الكثير من الأمور الخفية التي لن تكتشفها إلا من خلال العشرة بلاضافة إلى إنها لا تضمن الظروف وتقلب النفوس.

أن أهم شرط في الزواج هو النية والشهود والإشهار, والمهر حق للزوجة حتى وأن أقتصر على خاتم من حديد أو من خوص أو شئ آخر ترتضيه.

وتبقى مساحة الشروط الأخرى مفتوحة بما يتفق عليه ويرتضيه الطرفين.

نصل إلى هدفنا وهو الوقوف عند عقد الزواج الروتيني المعمول به في مدينتا القطيف، حيث يتضمن العقد الشرط المميز جداً التعجيزي ألا وهو «فرشة نوم أو غرفة نوم» ولم استطيع الوصول إلى السلالة الثقافية التي ابتدعت هذا الشرط، والأغرب من ذالك هو ألية العمل به وقبوله بكل فخر حتى اليوم، في حين لو فكرنا قليلاً للاحظنا أنه بمقاييس الوقت الحاضر فهو إهانة للمرأة أما يلغى أو يستبدل بشرط يناسب كرامتها,كما يجب الأقرار بأن الشروط من الحقوق القائمة للمرأة لا تنفيها ولا تلغيها أعراف وتقاليد، ونظرة رجولية ذات مصالح شخصية، وطلبها من عدمه يعود إلى النظرة الشخصية للمرأة فما تراه أحداهن مناسب لها قد لا يناسب أخرى، كما وتوجد شريحة من النساء ليس لديهن علم بحقهن في الاشتراط.

هنا سؤال يطرح على كل رجل يرفض فكرة تقبل شروط تطرحها بنت بلده ويعتبرها مساومة ومتاجرة في حين أنه يقبل بكل الشروط مهما كانت ومهما كلفت، سواء مال أو عقار وصولاً إلى العصمة في يدها عندما يخطب من الخارج.

وقد يبرر البعض بأن الشروط لا داعي لها فهي تصور الوضع بالمتاجرة وكأن المرأة سلعة تباع وتشترى، وهذا الكلام مردود عليه فليس الآراء الشخصية والعادات والأعراف الاجتماعية أولى وأبدى من الحقوق الشرعية والقانونية، ولكل شخص حرية الاختيار والموافقة أو الرفض.

فما التخبط الاجتماعي ودوامات المشكلات اللا منتهية من حالات الهجر والطلاق والنفقة وغيرها إلا بسبب البعد عن المنطق الحقوقي والخضوع إلى الاستبداد الذكوري.

ولو نظرنا حولنا للحظات وفكرنا بواقعية لأدركنا بأن الكثير من المشكلات كانت لتحل لو سلكت الحقوق قنواتها الطبيعية السليمة في التطبيق.

نضرب مثال بسيط جداً على الجهل بالثقافة الحقوقية في مجتمعنا:

نرى الكثير من حالات الطلاق تنتهي بالرجعة مرة أخرى، والعجيب في الأمر بأنهم لا يكلفون أنفسهم بإعادة النظر ومراجعة المسببات ولا يقومون باتخاذ أي إجراء رادع ووقائي كتضمين العقد الجديد شروط ملائمة لبداية جديدة ومستقبل مستقر، والجهل هنا عام يشمل جميع الشرائح الاجتماعية، وربما نجد أن الشريحة المتواضعة اقتصادياً وثقافياً أوعى بممارسة حقوقها من الآخرين.

ونصل هنا إلى مفارقة قاهرة وهي كيف تستطيع المرأة المقهورة والمسحوقة من الحقوق الشرعية والشخصية الطبيعية في ظل التقدم الحضاري العالمي بكل مقاييسه من المطالبة بأبسط حقوقها العملية والمدنية.

وسعي مني لإحاطة الموضوع بالحيادية والموضوعية طرحت السؤال التالي على الأساتذة الأفاضل: الشيخ حسن الصفار.ود.عبد الخالق عبد الحي أستاذ العلوم السياسية وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.

السؤال: ما هي الشروط التي يحق للمرأة أن تشترطها في عقد الزواج عدى مقدم المهر؟ وما مدى الزام الزوج للشروط؟وما عواقب الإخلال بالشروط؟

وفي ما يلي إفادتهما ولهما جزيل الشكر.
 
الشروط في عقد الزواج

الشيخ حسن الصفار - 19/10/2001م

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين،،

كل عقد بين طرفين، يوجب التزامات متقابلة، بمقتضى العقد بين الطرفين، وهذه الالتزامات يحددها العرف، ويقرها الشرع، حيث تتوجب على كل من الطرفين التزامات محددة معروفة تجاه الآخر.

ففي عقد الزواج، تلتزم الزوجة بموجبه اتاحة فرصة الاستمتاع لزوجها، وان لاتخرج من داره بغير إذنه، ويلتزم الزوج بالقيام بنفقتها وحسن المعاشرة.

ويحدث في بعض الاحيان، أن يكون لأحد الطرفين رغبة او مصلحة في التزام إضافي، يفرضه على الطرف الآخر، او أن يتنصّل من بعض الالتزامات المتوجبة عليه حسب العقد، وهذا ما يعبرّ عنه بالشروط.

والشرْط- بسكون الراء- لغة: إلزام الشيء والتزامه، ويجمع على شروط وشرائط.

والمقصود بالشرط في عقد الزواج: الزام أحد الزوجين او كل منهما للآخر بشيء إضافي، غير ما يجب عليه بطبيعة العقد، او التخلي عن شيء مطلوب منه بطبيعة العقد.

كما لو اشترطت الزوجة على الزوج في العقد أن يأخذها للحج مثلاً، أو أن يسكنها في مكان معين، فهذا الشرط يعتبر الزاماً للزوج بشيء إضافي، ليس واجباً عليه في الاصل.

وكذلك لو شرطت عليه أن لا يطأها، أو أن لايمنعها من الذهاب إلى اماكن معينة، فهذا الشرط يعطيها المجال للتنصل مما هو متوجب عليها تجاه زوجها بحسب العقد.

ومثل ذلك لو شرط الزوج على زوجته في العقد، أن تقوم بخدمة البيت او خدمة والديه، بينما هو ليس واجباً عليها بمقتضى العقد. أو اشترط عدم تحمله لأعباء سكناها، وذلك واجب عليه في الاساس. كل تلك امثلة على الشروط التي تكون في عقد الزواج.

المخالف لمقتضى العقد:

اذا كان الشرط منافياً لمقتضى العقد وطبيعته، فإنه شرط باطل، وقد يبطل العقد ايضاً. فمثلاً: مقتضى البيع والشراء، أن تنتقل ملكية المبيع والتصرف فيه إلى المشتري، فلو شرط البائع أنه يبيع المشتري ارضاً بشرط انه لا يحق له التصرف فيها، فإن هذا الشرط مخالف لمقتضى عقد البيع، وبالتالي فهو باطل، والعقد كله باطل، للتصادم بين حقيقة العقد، وبين التزام الشرط.

وكذلك لو اشترطت الزوجة في عقد الزواج أن لا يستمتع بها مطلقاً، ولا يكون محرماً عليها بطل العقد والشرط معاً.

قال السيد الشيرازي: «كل شرط نافى مقتضى العقد بطل، اذ لا يتحقق العقد، كما اذا نكح بشرط ان لايكون الرجل محرماً للمرأة، او باع بشرط ان لا يملك المشتري المثمن-مثلاً-»[1] .

وقال السيد السيستاني: «اذا اشترط مايخالف مقتضى العقد، كأن اشترطت المرأة في عقد الانقطاع ان لايكون للزوج حق الاستمتاع بها مطلقاً، بطل العقدوالشرط معاً»[2] .

ويرى بعض الفقهاء أن الشرط المخالف لمقتضى العقد يبطل أي عقد عدا عقد الزواج، بل يبطل الشرط نفسه فقط. يقول الشيخ محمد جواد مغنية: «ان يكون الشرط منافياُ لمقتضى العقد وطبيعته، مثل أن تشترط عليه: أن لا يمسها اطلاقاً، وان تكون تماماً كالاجنبية، فيبطل الشرط، ويصح العقد، مع العلم بأن هذا الشرط يبطل العقد -غير الزواج- ولكن للزواج حكمه الخاص، لأن الهدف منه اسمى من المعاوضة»[3] .

المخالف للشرع:

تؤكد العديد من النصوص على ضرورة الوفاء والالتزام بأي شرط بين متعاقدين، الا إذا كان الشرط مخالفاً لشرع الله تعالى، فإنه يكون شرطاً باطلاً لا غيا.

جاء في صحيح مسلم عن عائشة عن رسول الله أنه قال: «ما بال اقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ماكان من شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله احق، وشرط الله او ثق» [4] .

وورد عن الامام جعفر الصادق أنه قال: «من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله فلا يجوز له، ولا يجوز على الذي اشترط عليه، والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عز وجل»[5] .

فاذا اشترط احد الزوجين في العقد على الآخر شرطاً مخالفاً لشرع الله تعالى، فإنه لا قيمة له، كما لو اشترطت الزوجة عليه أن لا يعطي ضرتها حقها، أو ان يترك والديه او اولاده، أو أن يوّفر لها شيئاً محرما، وكذلك لو شرط الزوج على زوجته أن تترك الحجاب، او تقطع رحمها، فهذه الشروط وامثالها لا غية ولا تؤثر على صحة العقد.

روى الامام جعفر الصادق عن جده رسول الله أنه قال: «من شرط لامرأته شرطاً سوى كتاب الله عز وجل لم يجز ذلك عليه ولاله»[6] .

الشرط الصحيح لازم:

اذا اشترط احد الزوجين في العقد شرطاً صحيحاً، غير مخالف لمقتضى العقد، ولا مخالفاً للشرع، وقبل به الطرف الآخر، فإنه يكون شرطاً لازماً، ويجب الوفاء به، جاء في صحيح البخاري عن عُقبة بن عامر عنه أنه قال: «أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»[7]   وعن علي: «من شرط لا مراته شرطاً فليف لها به، فان المسلمين عند شروطهم»[8] .

و الاخلال بالشرط يستوجب الاثم لأنه معصية، لكنه لا يعني فسخ العقد، ولا يعطي حق الخيار.

1- فيصح أن تشترط الزوجة ان لا يتزوج عليها، ويجب عليه الالتزام بهذ الشرط، ولو خالف وتزوج فهو مأثوم، لكن زواجه صحيح، ويمكنها أن تشترط أنه إن نكح عليها امرأة أخرى فلها مبلغ معين من المال.

2- ويجوز ان تشترط الزوجة أن تكون وكيلة عن الزوج في طلاق نفسها متى شاءت، او في حالات معينة، فيكون لها حينئذٍ الحق في أن تطلق نفسها منه، بوكالتها عنه، حسب الشرط، ولا يمكنه عزلها، فاذا طلقت نفسهاصح طلاقها.

3- وتستطيع أن تشترط عليه في العقد أن لا يطأها، او أن لا يفتض بكارتها، وحينئذٍ لا يجوز له ذلك الا إذا أذنت، ولو أجبرها فعل حراماً من حيث مخالفة الشرط، لكن لا يلحقه حكم الزنا.

4- ويصح أن تشترط عليه مبلغاً من المال اضافة إلى المهر، او بشكل دائم، وان تشترط السكن في بلد معين، او مسكن مخصوص، او أن يوفر لها بعض الخدمات الاضافية، ومثل ذلك من الشروط السائغة والتي تصبح لا زمة عند قبول الزوج لها.

5- ويسقط الشرط باسقاط صاحبه له وتنازله عنه، تبرعاً او في مقابل شيء. فمثلاً تأخذ منه مبلغاً من المال لتتنازل عن شرط فرضته في العقد.

رأي الشيعة والحنابلة:

ويتفق الشيعة والحنابلة على صحة كل شرط سائغ في عقد الزواج ولزومه، ويفترقان في أن الشيعة لايرون حق فسخ النكاح عند عدم الالتزام بالشرط، بينما يرى الحنابلة ذلك،.جاء في المغني لابن قدامة:

«أن يشترط لها ان لا يخرجها من دارها او بلدها، اولا يسافر بها، اولا يتزوج عليها، فهذا يلزمه الوفاء به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح، لأنه شرط لازم في عقد، فيثبت حق الفسخ بترك الوفاء به»[9] .

وطبقاً لرأي الشيعة والحنابلة فإن كل شرط فيه منفعة لأحد العاقدين، ولاينافي مقتضى العقد، ولم يرد في الشرع ماينهى عنه، فهو شرط صحيح يلزم الوفاء به، وان لم يكن الشرط مما يقتضيه العقد.

اما الحنفية فرأيهم أن الشرط الصحيح اللازم هو الذي يقتضيه العقد «بأن يكون موجبه حكماً من احكام العقد» او يؤكد مقتضى العقد، او ورد به الشرع، او جرى به عرف، كأن تشترط عليه النفقة او حسن المعاملة وامثال ذلك مما يوجبه العقد في الاساس، واما غير ذلك من الشروط، وان كان فيه مصلحة لأحد العاقدين، كاشتراط المرأة أن لا يتزوج عليها، او لا يخرجها من بلدها، وما اشبه، فهو باطل غير لازم، وان كان لا يؤثر على صحة العقد.

وكذلك هو رأي الشافعية، وقال المالكية هي شروط مكروهة لا يلزم الوفاء بها، بل يستحب فقط[10] .

د.عبد الخالق عبد الحي:

اتفق معك ان حقوق المرأة مهضومة ليس في عقد الزواج وحده ولكن القائمة التمييزية تطول والواقع ان الزواج هو عقد مدني ليس الا يستطيع الطرفان وضع اي شروط يرتضوها، ما لم تخالف حمكا شرعيا قطعي الثبوت والدلالة..

كما انني ارى ان افضل ضمانة للمرأة هي ان تؤهل نفسها علميا وعمليا واقتصاديا قبل الدخول في اي علاقة زوجية عليها ان تعتمد على نفسها اولا فلا توجد اي ضمانة دات مصداقية مستقبلية في اي علاقة زوجية تستطيع ان تتكىء عليها المرأة يجب ان يكون لهل دخلها المستقل وان تكون جاهزة لأي طارىء مستقبلي فالعلاقات الانسانية متغير ة ومتحولة وعليها ان لا تلقي بكل اوراقها في سلة الاعتماد الكلي على ما يقدمه الرجل لها والا كانت دائما تحت رحمته ومعتمدة على حسن او سوء سلوكه ونيته..
 
وحتى المهر في الاسلام هو رمز ويستطيع الانسان التماس ولو خاتم من حديد ويولم ولو بشاة فالعلاقة بين الزوجين يجب ان لا تتحول ال صفقة تجارية بيع وشراء والا تحولت المرأة الى شي وسلعة يستطيع من يشتريها امتلاكها ومن ثم التخلي عنها او رميها متى شاء. صحيح ان استقلالية المرأة الاقتصادية عملية صعبة ولكنها تشكل ضمانة موضوعية طويلة الامد خاصة مع تنامي وارتفاع نسب الطلاق في المملكة. وعلى كل بنت ان تفكر فيها بليون مرة قبل الاقدام على الزواج التقليدي والا كان عليها ان تتحمل ثمن ما قد يحدث لها فلا يجب ان تترك امرها للصدفة والحظ وهي وحدها صاحبة الاختيار بكل ما يقع عليها من ضغوط خاصة وهي تعيش في مجتمع ذكوري بأمتياز فعليها ان تكون رجلة هده هي الححقية المرة.

[1]  الشيرازي: السيد محمد الحسيني/الفقه/ج63 ص373.
[2]  السيستاني: السيد علي الحسيني/ منهاج الصالحين/ المعاملات2 مسألة331.
[3]  مغنية:محمد جواد/فقه الامام جعفر الصادق ج5 ص187.
[4]  القشيري: مسلم بن الحجاج/ صحيح مسلم- حديث رقم 1504.
[5]  الحر العاملي: محمد بن الحسن/وسائل الشيعة-حديث رقم23040.
[6]  المصدر السابق-حديث رقم 27958.
[7]  البخاري: محمد بن اسماعيل/صحيح البخاري- حديث رقم2721.
[8]  الحر العاملي: محمد بن الحسن/وسائل الشيعة-حديث رقم27129.
[9]  ابن قدامة: عبدالله بن احمد/ المغني ج9 ص483.
[10]  الزحيلي: الدكتور وهبة/الفقه الاسلامي وادلته ج7 ص59.
القطيف