الشيخ الصفار: الأمة بحاجة لمعارف أهل البيت (ع)

مكتب الشيخ حسن الصفار إعداد / حسين زين الدين

واجبنا تجاه أهل البيت محبتهم و الاقتداء بهم والتعريف بنهجهم.
السباب والشتم ليس من منهج أهل البيت بل هو منهج أموي.
التمجيد لأهل البيت ليس بديلا عن الاقتداء بسيرتهم.

ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار محاضرتين بمناسبة ذكرى ميلاد الإمامين محمد الباقر وعلي الهادي ليلتي 21-22/6/2009 بدولة قطر في حسينية الدهنيم بالدوحة.

وركّز في محاضرتيه، على ثلاثة محاور: لماذا أهل البيت؟.. واجبنا تجاه أهل البيت.. قبسات من حياة الإمامين الباقر والهادي .

لماذا أهل البيت ؟

أشار سماحته أن وجود أهل البيت ضرورة للدين والأمة بل البشرية جمعاء من أجل العلم والمعرفة، وليكونوا مرجعية في تبيان التشريعات والمعارف.

وقال سماحته: إن دورهم جاء مكملاً لجهد الرسول (ص ) في تبليغ وإيصال المفاهيم والقيم الإسلامية للبشرية، مبينا أفضليتهم وتميزهم عن الصحابة في قدرتهم المعرفية الكاملة والشاملة لجميع التشريعات والقيم، وتجسيد تلك المفاهيم والقيم في حياتهم، وهذا مما ساعد على نشر علوم الإسلام وتشريعاته وأهدافه.

وأوضح الشيخ الصفار إلى أن بعض الصحابة كانوا متفاوتين في دخولهم للإسلام من ناحية الزمن، وأن بعضهم لم تكن لهم الفرصة في مصاحبة الرسول (ص ) فترة طويلة، كما أن قدرتهم على الفهم والاستيعاب متفاوتة.

وتابع بأننا نعتقد أن أهل البيت يتميزون بقدرات أعلى وأعظم وأفضل من بقية الصحابة، لذلك كانت معرفتهم بالدين وتشريعاته أعمق وأصوب من بقية الصحابة، مؤكدا على أن هذا الاعتقاد يقول به الصحابة أنفسهم، وهو منقول في المصادر الإسلامية ولا ينكره أحد.

واستعرض عدداً مما أوردته كتب التاريخ في فضل أهل البيت وقدرتهم العلمية بكل زوايا العلم والدين، وذكرها الكثير من علماء أهل السنة، وهي أكثر من أن تُحصى، كقول الخليفة الثاني في حق الإمام علي : "لولا علي لهلك عمر"، والكلمة المشهورة: "قضية ولا أبو حسن لها "، "مشكلة ولا أبو حسن لها "ويقول الإمام علي : "كان لي مدخلان على رسول الله، مدخل في الليل، ومدخل في النهار" في إشارة منه إلى تخصيص وقت لكسب العلم من الرسول ، وقال: "علمني رسول الله ألف باب من العلم، يفتح لي من كل باب ألف باب"، وما ورد عن رسول الله : "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم والحكمة، فليأتها من بابها"، وقال أيضا: "أقضاكم علي بن أبي طالب"،"أعلمكم علي بن أبي طالب"، "أفقهكم علي بن أبي طالب". وابن عباس يقول:" علمي من علم علي بن أبي طالب، وعلم علي من علم رسول الله، وما علمي وعلم أصحاب محمد في علم علي إلا كالقطرة في سبعة أبحر".

وقال الشيخ الصفار: "إن هذه المعارف والعلوم التي عند أهل البيت تحتاجها الأمة".

وأضاف إن الأمة بحاجة إلى قدوات صلبة، تلتزم بالقيم بدون مساومة، متسائلا " من أولئك؟ "إنهم الأنبياء والأئمة الذين اصطفاهم الله والذي قال عنهم القرآن: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.

وفي حديثه أشار إلى بعض ما يثار من اتهام البعض للشيعة بالسباب والشتم للصحابة، مؤكدا على أن هذه المنهج ليس من منهج أهل البيت ، مبينا أن منهجهم هو "الدعوة بالحسنى"، وإن منهج السباب والشتم هو "منهج أموي".

واجبنا تجاه أهل البيت

 وفي الليلة الثانية، ذكر سماحته أن أول واجب علينا تجاه أهل البيت : هو إظهار المحبة والمودة والولاء القلبي لهم في الواقع المسألة حتى وإن لم نعالجها ضمن المدخل الشرعي، فإن أي إنسان يطَّلع على سيرة أهل البيت ، يرى نفسه متيمّاً بحبهم؛ لأنَّ النفس جُبلت على الانجذاب نحو الجمال وعشق الفضل وحب الخير والمعروف، وهذا أمر طبيعي.

واسترسل بقوله: إن هذه السيرة النقية والصادقة والكفاءة العالية في جميع المجالات لأهل البيت تشدّ القلوب، حتى من قبل أعدائهم الذين يشهدون بمكانتهم وسموهم، مؤكدا على أن مناقب أهل البيت قد رويت على ألسنة أعدائهم، كما قال الشاعر:

ومناقب  شهد  العدو  iiبفضلها والفضل ما شهدت به الأعداء

وأشار أن سيرتهم تفرض نفسها على من اطلع عليها وشاهدها، ليس في أوساط المسلمين فقط، وإنما حتى في أوساط المسيحيين، مستشهداً بالشخصيتين الأدبيتين المسيحيتين: الكاتب جورج جرداق والشاعر بولس سلامة، فكتب الأول كتابه من خمس مجلدات بعنوان "صوت العدالة الإنسانية: علي ابن أبي طالب" وهو من أروع ما كتب أدبا وتعبيرا باللغة العربية في هذا العصر، وكتب الثاني ملحمة شعرية اسماها "عيد الغدير" قال فيها:

جلجل    الحب    في   iiالمسيحي
لاتقول     شيعة    هواة    iiعلي
فإذا     لم     يكن    علي    iiنبياً
يا سماء اشهدي ويا أرض قري



حتى  عدَُّ  من  فرط  حبه  علويا
إن   في   كل   منصف  ٍ  iiشيعيا
فلقد      كان      خلقه      iiنبويا
واخشعي,   إنني   ذكرت   iiعليا

وتحدث سماحته عن الواجب الثاني وهو: الاقتداء بأهل البيت وبتعاليمهم، ملفتاً أن بعض الناس يتجهون لفضائلهم ومعاجزهم وكراماتهم ويمجدونها ويبدون إعجابهم بها دون النظر لقيمهم ومبادئهم، مؤكدا على أن تمجيدهم وإبداء الإعجاب ليس بديلاً عن الاقتداء بسيرتهم والالتزام بمبادئهم وقيمهم، مشيراً أن إحياء مجالسهم تدفعنا للاقتداء بمنهجهم والاستفادة من علومهم ومعارفهم.

وعن الواجب الثالث (التعريف بأهل البيت) بين سماحته أن أهل البيت ليسوا حكرا على جماعة أو طائفة بل هم نور ينبغي أن يستفيد منه العالم كله وينعم بضوئه.

موضحاً أن أعداءهم حاولوا بكل الوسائل والطرق إطفاء هذا النور، وطمس معالمه ومعارفه، مع محاولة إقصاء دورهم في الأمة.

ودعا سماحته الشيعة أن يتحملوا مسؤوليتهم في مواجهة هذه السياسة، والعمل على نشر معارف أهل البيت وعلومهم بشتى الأساليب والإمكانات الموجودة، حتى يعرف العالم سيرتهم وحياتهم، ويستفيد من نورهم وعطائهم.

ورأى سماحته أن هناك تقصيراً كبيراً تجاه نشر آثار ومعالم ثقافتهم في ظل الثروة الهائلة والأوقاف الكبيرة التي باسم أهل البيت ، منبهاً إلى أنها تحتاج - فقط - إلى حسن التصرف والإدارة في شؤونها.

قبسات من حياة الإمامين

أوضح سماحته الدور الذي قام به الإمام الباقر في نشر معارف الإسلام وتربية الناس على القيم والأخلاق رغم الضغوط التي مارسها بنو أمية ضده. ملفتاً إلى أن انتشار معالم مدرسة أهل البيت ، بدأ في عهده بشكل موسَّع، وكان ذلك وراء تسميته بالباقر؛ لأنه بقر العلم وفجره وكشف كنوزه.

 وتحدث الشيخ الصفار عن بعض من قبسات حياة الإمام الباقر وعن نسبه وولادته "كانت ولادته إشراقة نور، وإشعاعا للبشرية"، وأورد سماحته بعضا من أقواله، كقوله : "إني لأبغض الرجل يكون كسلاناً في أمر دنياه، فمن يكون في أمر دنياه كسلاناً، فهو عن أمور آخرته أكسل"، وقال : "عظموا أصحابكم ووقروهم، ولا يتجهم بعضكم بعضا، ولا تظاهروا، ولا تحاسدوا، وكونوا مخلصين".

وعن حياة الإمام الهادي ، أشار سماحته أنه تحمل مسؤولية أعباء الإمامة في وقت عصيب، كانت السلطة العباسية في عز جبروتها وطغيانها ومناوأتها لأهل البيت ، مضيفًا أن حياته كانت صفحة من النور والصفاء، وذكر سماحته بعضاً من أقوله، كقوله : "من رضي عن نفسه، كثر الساخطون عليه"، وقال : "أسوأ رزية تصيب الإنسان سوء خلقه"، وعنه : "الدنيا سوق ربح فيها قوم، وخسر فيها قوم آخرون".