الأحساء: الشيخ الصفار في الشهارين يؤكد على ضرورة الفاعلية والنشاط في بناء المجتمعات
بدعوة من نادي الشهارين الرياضي وبحضور مجموعة من العلماء والأدباء والمثقفين استضافت بلدة الشهارين بالأحساء يوم الأربعاء المنصرم "ليلة الخميس" الموافق 11 شوال 1430هـ سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار "حفظه الله"، حيث آم المصلين صلاة العشائين في مسجد الرسول الأعظم وبعده كان برنامج اللقاء بحضور سماحة السيد محمد رضا السلمان والدكتور علي الصقر والأستاذ حسين الحراشي والشاعر المعروف الأستاذ ناجي الحرز ومجموعة من النشطاء والمثقفين على مستوى المنطقة.
ثم زيارة الشيخ لمقر النادي, وأخيراً كانت الضيافة الكريمة وبحضور سماحة السيد هاشم الشخص والسيد عبد الله العلي والشيخ رستم الرستم.
وقدم للحفل الأستاذ علي السالم المقدم في قناة المعارف الذي رحب بدوره بالشيخ الصفار ومما جاء في كلمته:
كما ألقى الأستاذ حسن الثواب كلمة رحب فيها بالشيخ الصفار نيابة عن أهالي بلدة الشهارين وشكره على تلبية الدعوة وحضوره المبارك إليها ومما جاء في كلمته:
وألقى الشاعر الأستاذ إبراهيم حسن الحسين قصيدة شعرية بعنوان (نبع قادم) أثنى فيها على جهود الشيخ الصفار ونشاطاته "التي يفخر بها الوطن".
ثم ألقى رئيس نادي قرية الشهارين الرياضي الأستاذ حسين العريفي كلمة تعريفية عن أهم أنشطة وفعاليات النادي للعام المنصرم، وتحدث عن المشاريع المستقبلية التي ينوي النادي القيام بها.
بعدها كانت مشاركة سماحة الشيخ الصفار "حفظه الله" التي أفتتح حديثه بالآية المباركة: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ صدق الله العلي العظيم.
وأكد الشيخ الصفار في بداية حديثه أن هذهِ الآية جاءت لتضرب للناس مثلاً بين نوعين من الناس، بين أفراد تتفجر في حياتهم الفاعلية والنشاط، وبين أشخاص يعيشون الخمول والكسل.
ثم قال موضحاً ذلك أنه في قبال تطور المجتمعات البشرية وتقدمها معرفياً و تكنولوجيا فإن هناك شريحة من المجتمعات الأخرى تعيش حياة الكسل والتقاعس، بحيث لا تستطيع أن تعيش حياة التطور وحياة النشاط كباقي المجتمعات الأخرى، وهنا يوضح الله سبحانه وتعالى ذلك في الآية المباركة بالرجل الأبكم الذي يعيش حياة الإتكالية على الغير في إدارة شؤون حياته وأمور مجتمعه، وهذه النماذج أينما توجهها لا تأتي بخير ولا تنفع في شيء.
وقال الشيخ الصفار إنّ هذهِ الحالة تنعكس على المجتمعات البشرية أيضا، فهناك مجتمعات تعيش حياة النشاط والفاعلية في حياتها، وهناك مجتمعات تعيش الخمول والكسل والاعتماد على الغير في تصحيح أوضاعها وهذه المجتمعات ما يعبر عنهم بالعالم الثالث حسب التصنيف المعروف، بحيث نجدها تنتظر الحلول من الآخرين في علاج مشاكلها، والواقع السياسي الذي يعيشونه يكرس ويعزز لهم هذه الحالة في ظل الأنظمة التي تريد من شعوبها أن تعيش حياة الرعوية بحيث لا تتحمل مسؤولية نفسها ولا يفتحون المجال للناس في العمل على إصلاح أوضاعهم وفي تفجير طاقتهم.
ثم يعلق الشيخ الصفار في هذا الصدد بأن بعض الحكومات تقحم شعوبها بسلسلة من القوانين والإجراءات التي تجعلهم يعيشون مقيدين لا يقدرون على تصحيح الأوضاع التي يعانون منها سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي.
ويردف الشيخ الصفار قائلاً هناك مفاهيم تتسلل لبعض المجتمعات تُساهم في تنمية هذهِ الحالة من خلال انتظار الفرج والدعم من السماء، وهذه المفاهيم إذا أخذناها من واقعها فإنها لا تعني الخمول والكسل والانتظار من دون العمل والنشاط فمن يتوكل على الله فهو حسبه فالتوفيق من الله يأتي في العمل والنشاط والسعي نحو الأمل وبلوغ الغاية، وليس التوفيق في التقاعس والكسل وانتظار الفرج من السماء.
ثم يقول الشيخ الصفار بأن هذهِ الأفكار الخطأ وهذا الواقع السيئ وهذهِ البيئة الاجتماعية تُكرس لدى الكثير من الأفراد والمجتمعات عدم استغلال طاقة الذات وعدم معرفة القدرات والإمكانات الموجودة عند الإنسان.
ويستشهد الشيخ الصفار بما ذكره أحد الباحثين في كتاب له: رأيت مشهدين لعائلتين مختلفتين عائلة غربية وعائلة شرقية، بينما كنت جالساً مع العائلة الغربية دخل أحد أطفال العائلة وهو يبكي فتساءل منه الموجودون عما بكائك فقال أن أحد الطلاب أو الزملاء في المدرسة سرق مني بعض الحاجات الخاصة بي، فما كان من العائلة إلا قالت لأبنها الباكي وتأتي إلينا باكياً تطلب العون والمساعدة، أذهب وعالج مشكلتك بنفسك، تحدث مع المسئولين وإدارة المدرسة وأشرح لهم مشكلتك واسعى إلى الحصول على ما سرق منك بحيث ترجع إلينا بطلاً شجاعاً قد عالجت مشكلتك بنفسك، وبالفعل أستعاد الابن قوته وشجاعته وذهب إلى المدرسة وعاد بعد وقت قصير وقد أستعاد ما قد فقد منه من الممتلكات.
ثم يقول الباحث عندما كنت مع العائلة الشرقية بعد عدة سنوات تكرر نفس المشهد وجاء الابن الشرقي وهو يبكي أمام عائلته فسأله الأب وجميع أفراد العائلة مما بكاءك فشرح لهم القصة، فما كان من أفراد العائلة إلا إطلاق الشتائم والصياح على من سرق ممتلكاته وخرجوا للدفاع عن ولدهم، من دون أن يكون لهم دور في تشجيع الابن على استرجاع ما فقد منه في المدرسة.
ثم يعلل هذا الباحث الفارق الكبير بين العائلتين وكيف أن العائلة الغربية تعزز في أبنها قوة الشخصية والفاعلية والمطالبة بالحقوق واسترجاع ما فقد منه دون الاتكال على الغير، وكيف أن العائلة الشرقية تكرس حالة الكسل والانزعاج من الحالة السيئة التي أصابت أبنها دون السعي نحو بناء الشخصية الفاعلة للولد في العمل على تصحيح وضعه الشخصي والاجتماعي واسترجاع ما فقد منه من الآخرين.
ثم يقول الشيخ الصفار بأن هذه الأمثلة وغيرها توضح المثل الذي جاء في الآية القرآنية المباركة: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.
وعلل الشيخ الصفار الحالة التي توضحها الآية المباركة من انعكاسها على المجتمعات الشرقية من اجترارهم للمشاكل في مجالسهم وأعمالهم مع كثرة الكلام حولها دون القدرة على صناعة الحلول والمعالجات المناسبة لها، وكيف أن المجتمعات الغربية التي تعيش التقدم والتعاون عندما تحصل لديهم مشكلة من المشاكل يبادرون إلى حلها وعلاجها والحد من مدى انتشارها واستحداث الطرق والأفكار من أجل تجاوزها. بينما تبقى المجتمعات الشرقية تندب الآهات وتكثر الكلام حول المشاكل من دون القدرة على المعالجة الحقيقية لها.
فالمسألة هنا يقول الشيخ الصفار فيها ليست في واقع التمني وانتظار العون من الغير وإنما المسألة تكمن في تعديل الوضع الشخصي والمبادرة والثقة بالنفس والعمل على تعزيز المكانة الشخصية والاجتماعية ومساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم وتنمية الطاقات الفاعلة في المجتمعات، وهذا الجانب لا يتعزز وجوده إلا في ظل وجود المؤسسات الاجتماعية التي ترعى شؤون الناس و المجتمع، والنادي الرياضي يتحمل مسؤولية كبيرة في العمل على احتواء الشباب وتنمية طاقاتهم الرياضية والثقافية والاجتماعية، وهذا ما نأمله من النادي الرياضي في هذه البلدة الطيبة التي تحتضن مجموعة من الشباب النشطين والفاعلين ساعدهم الله على المضي في تحقيق مبتغاهم ومقاصدهم إن شاء الله تعالى.
ثم زار الشيخ الصفار والوفد المرافق له مع مجموعة من أبناء بلدة الشهارين مقر نادي الشهارين الرياضي وتعرف على النشاطات والفاعليات التي يقوم بها النادي على مدار السنة، من نشاطات رياضية واجتماعية وثقافية.