في الذكرى الثامنة لتأبين الشيرازي
الشيخ الصفار: يتميز مجلس الشيرازي الراحل بالنشاط والحركة
كان الراحل يصرف جهدا كبيرا في الاهتمام بالشباب وبناء المؤسسات
أشار سماحة الشيخ الصفار إلى أن فلسفة الإمام الشيرازي كانت تقوم على أساس أن الشباب لا يمكن جذبهم من خلال الكلام والحديث فقط، وإنما بتمكينهم من ممارسة ادوار فاعلة.
وبين الشيخ الصفار أن الشباب هم الثروة الحقيقية لأي مجتمع، موضحاً إن عدم الاهتمام بالشباب سيجعلهم طاقات مجمدة ومعطلة، وهذا أقل ضرر قد يحصل، أما الأضرار الأشد فانهم قد يصبحون فريسة للتوجهات والتيارات المنحرفة التي تأخذ بهم إلى مجالات الإجرام والفساد أو توجههم توجهات منحرفة.
ودعا إلى أن يكون لنا دور، وأن نتحمل مسؤولياتنا تجاه الشباب في توجيههم، واستيعابهم واحترامهم، ونشعرهم بما يمتلكون من طاقات وكفاءات وقدرات، حتى يصبحوا مصدر عطاء وخير لمصلحة مجتمعاتهم، بدل أن يكونوا قنابل موقوتة.
وأشار إلى أن النتيجة التي وصل إليها منهج الإمام الشيرازي، من الكفاءات والقدرات والطاقات في مختلف المجالات في العراق وإيران والخليج من خطباء وعلماء ومثقفين وناشطين، حملوا قضايا مجتمعهم وأمتهم ودينهم، كان ثمرة ذلك الاهتمام بهذا الجيل وحصيلة ذلك التوجه.
وقال الشيخ الصفار في كلمة ألقاها مساء الأربعاء 18/10/1430هـ بمسجد العباس بالعوامية ضمن الحفل التأبيني الثامن لرحيل المرجع السيد محمد الشيرازي : تعرفت على الإمام الشيرازي الراحل عندما كنت في الرابعة عشر من العمر، حينما ذهبت إلى العراق مع والدي سنة 1970م، وذهبت معه برفقة مجموعة من الأشخاص لزيارة بعض المراجع والعلماء في النجف الأشراف وكربلاء التي نغص وتعج مجالسهم بالعلماء وكبار السن.
موضحاً أنه عادة ما كانت إدارات تلك المجالس تحرص على حضور أكبر عدد من العلماء الكبار؛ لآن حضورهم في المجلس يعطي هيبة ووقاراً ويدلل على مكانة المرجع. مشيراً إلى أن الجو العام لتلك المجالس كان يتسم بالسكون والهدوء.
ويقول الشيخ الصفار: في مجلس السيد الشيرازي لاحظت شيئا مختلفا عن باقي مجالس العلماء، كان أكثرية الحاضرين من الشباب اليافعين من المعممين وغير المعممين، كان يعج بالحركة والتفاعل والنشاط، يشعرك وكأنك في "ورشة عمل".
ويضيف ما كان السيد جالساً، ويأتيه الناس لكي يقبلوا يديه، وإنما كان ينهض قائما كلما جاءه شخص صغيراً أو كبيراً، وكان يتحدث والآخرون يشاركونه الحديث، يأمر بكتاب لهذا، ويسأل عن هذا؟ ويشير إلى شخص بأن يتكلم مع هذا، واصفا مجلسه "بخلية نحل".
ويشير إلى أنه كان يتجه إلى كل زائر من زائريه، يهتم به، يدنيه إليه، ويتحدث له، يشعره بقيمته ومكانته، وخاصة من عنصر الشباب، ملفتا إلى أن هذه الحالة لم تكن قائمة في المجالس الأخرى، وهذا ما شدني أكثر، وترك في نفسي أثراً خاصاً لا يشبهه أي أثر لمجالس العلماء والمراجع الآخرين.
ويذكر سماحته أنه: التفت السيد الشيرازي إليَّ وقال: أنت تدرس، أنت طالب علم، كان والدي معي قال:إنه يريد أن يكون خطيباً، فتبسم سماحة السيد قال: أنت تقرأ، تريد أن تكون خطيبا، قلت أسعى، قال: غداً تأتي وتخطب في المجلس، فخرجت من المجلس وأنا أحمل عبءً، كيف أخطب في هذا المكان؟ لكني في اليوم الثاني حضرت وخطبت.
ويوضح الشيخ الصفار أن سماحة السيد غمره بالكثير من التشجيع والترحيب وأهداه مجموعة من الكتب، وأوصى أحد المشايخ الموجودين في المجلس أن يهتم به فترة وجوده في كربلاء، فخرج من كربلاء وهو يحمل توجهاً فكرياً ونفسياً آخر، ومن هنا كانت بداية التواصل مع ذلك النهر العظيم.
وأشار سماحته إلى صور أخرى شاهدها في الكويت، مشيداً بالدور الكبير الذي ترك آثاره الإمام الراحل على الساحة الكويتية أثناء تواجده فيها لسنوات؛ حيث كانت في ذلك الوقت تتصف بالركود والجمود الثقافي خاصة في أوساط الشباب،لم بكن هناك إقبال من الشباب على الدين، كانوا لا يحملون اهتمامات ثقافية، لكن السيد وجد فيهم رصيداً للمستقبل، فأولاهم الاهتمام والرعاية، فكان في كل ليلة لديه درس في تفسير القرآن وشرح آياته، ويتحدث لهم بلغتهم، وكلما جاء إليه شاب يسأله عن إخوته وأقاربه، يدعوه إلى إحضارهم في الليالي المقبلة بدل أن يأتي وحده، ويحثهم على القراءة ويشجعهم على الكتابة.
وقال الشيخ الصفار أتذكر ذات مرة أن الإمام الراحل قال:إن هؤلاء التجار والكبار في السن، يجب أن يكونوا مظلة لاستثمارنا في أبنائهم، فنحن لا نستطيع أن ننفتح على أبنائهم إلا إذا كانت لنا الصلة والعلاقة الجيدة معهم، ولا يستطيع الأبناء أن يبدؤوا بالعمل إلا إذا كان الآباء مشجعين لهم، وموفرين لهم الإمكانات، كان يرى أن العلاقة مع الكبار هي جسر من أجل بناء الشباب والاهتمام بهم.
واستطاع السيد -رحمة الله عليه- أن يحولها إلى ساحة عمل وإنتاج، مخلفاً جيلا من رجال دين و شخصيات سياسية وثقافية وكتاب بارزين.
وقد شارك في برنامج الحفل عدد من الشعراء والمثقفين, حيث ألقى الدكتور محمد حسن آل زايد نصاً مسرحياً حول شخصية المرجع الشيرازي الراحل, كما ألقى الأديب عبد الله الغاوي قصيدة بالمناسبة وأدار الحفل الأستاذ شفيق عبد القادر أبو المكارم.