مؤسسة إيرانية تعيد طبع كتاب الشيخ الصفار: الجمعة شخصية المجتمع الإسلامي
صدر عن المركز العالمي للعلوم والثقافة الإسلامية – معاونية الأبحاث لمكتب الإعلام الإسلامي في الحوزة العلمية، قم المقدسة، طبعة جديدة (2009م) لكتاب الجمعة شخصية المجتمع الإسلامي لسماحة الشيخ حسن الصفار.
وقد أشاد سماحة آية الله الشيخ السبحاني بالبحث معتبرا أن سماحة الشيخ الصفار قد أدى فيه حق صلاة الجمعة، و"خاصة فيما يرجع إلى ملامح الصورة الاجتماعية لصلاة الجمعة، وهكذا بقية فصول الكتاب"، مباركا للشيخ "هذا العمل النبيل"، لأنه "يسدّ فراغاً في مكتبتنا العربية الإسلامية، بتحاليله وبحوثه القيّمة، فشيخنا الحجة الصفّار هو أحد من يخدم الإسلام والمسلمين ببيانه وبنانه وكلامه وقلمه، عبر سنين".
كما أشاد الشيخ المبلغي بالكتاب الذي سيحظى بدور بارز في إيجاد أدبياتٍ جديدةٍ في مضمار الاهتمام بصلاة الجمعة، و"ينشئ تيّاراً من شأنه تجذير الوعي الفقهي والسياسي في الذهنية الإسلامية، وتعميق الصلة بين الفرد المسلم ومجتمعه من جهة، وبينه وبين خالقه من جهة الأُخرى"، آملا أن "تتواصل هذه الحركة الميمونة للمؤلّف المحترم وغيره من الكتّاب الملتزمين الذين حملوا هموم رسالتهم وأُمّتهم، وشقّوا طريقهم في معترك الحياة الثقافية والحضارية".
وقد جاءت عناوين الكتاب على الشكل التالي:
- يوم الجمعة سيد الأيام : حيث أشار سماحته إلى أن الإسلام حدد يوم الجمعة كعيد أسبوعي للمسلمين يميز كيانهم الاجتماعي على هذا الصعيد عن اليهود والنصارى باحتفائهما بيومي السبت والأحد.
- الجمعة ملامح الصورة الاجتماعية: وقد تناوله من عدة جهات:
1- الجمعة حركة ونشاط. 2- صلاة الجمعة, وقد اعتبرها سماحته من أهم أعمال الإنسان المسلم في يوم الجمعة. 3- التبكير للجمعة. 4- أهمية صلاة الجمعة. 5- الحرمان من اقامة صلاة الجمعة. 6- بركات صلاة الجمعة.
- صلاة الجمعة, وتناول سماحته فيها: البعد الاجتماعي والبعد التوعوي والبعد الوحدوي والحث على صلاة الجمعة وكذلك حكم صلاة.
- وختم الكتاب ببحث حول أحكام صلاة الجمعة ,وقد عرض سماحته لأهم الأحكام المتعلقة بهذه الصلاة.
جدير بالذكر أن الكتاب صدرت له طبعتان:
- دار أطياف, السعودية, الطبعة الأولى 1429هـ / 2009م. - دار الصفوة, لبنان, الطبعة الثانية 1429هـ / 2009م.
قدم للكتاب سماحة آية الله المرجع الديني الشيخ جعفر السبحاني، وحجة الإسلام والمسلمين الشيخ أحمد المبلغي.
وهذا نص المقدمتين:
تقديم سماحة آية الله المرجع الديني الشيخ جعفر السبحاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين.
تحتلّ صلاة الجمعة من بين الفرائض جميعاً مكانة خاصّة؛ فهي عبادية دعا إلى إقامتها الكتاب بأروع بيان وأظهره: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ .
وندّد بالذين انفضّوا من حول رسول الله ابتغاء عَرَضٍ زائل، أو غَرض ليس بنافع. كما أكدت السنة النبوية وأحاديث العترة الطاهرة (سلام الله عليهم) على صلاة الجمعة كثيراً، ومن راجع أبواب صلاة الجمعة في (وسائل الشيعة) و (الجامع لأحاديث الشيعة) يجد العدد الهائل من الروايات التي تثبت أهميتها وفضلها وأحكامها.
كل ذلك يدلّ على أهميتها ومكانتها العظمى في الشريعة الإسلامية الغرّاء، فصلاة الجمعة عمل عبادي، وفي الوقت نفسه لها آثار اجتماعية وسياسية نافعة يشير إليها الخطيب في خطبتيه.
وأي اجتماع أبهى من ذلك الاجتماع الذي يلتقي فيه المسلمون الذين يعيشون في مساحة فرسخ واحد، ليستمعوا إلى ما يجري على العالم الإسلامي من خير وشر، وما يُدبّر ضدهم من مؤامرات، للقيام بما يجب عليهم، والنهوض بالعبء الجسيم الملقى على عاتقهم.
ولأهمية هذه الفريضة ألّف غير واحد من العلماء والفطاحل كتباً ورسائل، ذكرها أصحاب المعاجم والفهارس، وقد بيّنوا فيها آثارها وأحكامها.
وبيد القارئ هذا الكتاب القيّم والأثر الجديد، الذي حرّره العلّامة الحجة الشيخ حسن الصفّار حفظه الله، باسم (الجمعة شخصية المجتمع الإسلامي) وقد أدى فيه حقها، وخاصة فيما يرجع إلى ملامح الصورة الاجتماعية لصلاة الجمعة، وهكذا بقية فصول الكتاب.
ونحن نبارك للمؤلف هذا العمل النبيل، والذي أظن أنّه يسدّ فراغاً في مكتبتنا العربية الإسلامية، بتحاليله وبحوثه القيّمة، فشيخنا الحجة الصفّار هو أحد من يخدم الإسلام والمسلمين ببيانه وبنانه وكلامه وقلمه، عبر سنين.
أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقه لما فيه رضاه، وأن يصونه من كلّ سوء.
والحمد لله ربّ العالمين
قم المشرّفة جعفر السبحاني
مقدمة سماحة حجة الإسلام والمسلين الشيخ أحمد المبلّغي [*]
تمتلك بعض الشعائر والمؤسسات التي استحدثها الإسلام قابلياتٍ مدهشة وكفاءات لا تنفد ولا تنضب، أي أنّها رغم تغيّر الظروف والأحوال والمناخات المختلفة، لا تعجز ولا تقصر، بل تبدي قدرةً أكبر وتقدّم عطاء أفضل.
ومن هذه الشعائر والمؤسسات التي وضع الإسلام حجر الأساس لها:
صلاة الجمعة؛ التي كانت وما زالت تلعب دوراً مهماً على الصعيدين العبادي والاجتماعي، إضافة إلى الصعيدين السياسي والتعبوي.
ورغم أهميتها ومكانتها في النظام العبادي والاجتماعي الإسلامي، وما تفرزه من عطاءات على المستويين الفردي والجماعي، إلّا أنّها لم تخضع إلى الآن إلى التحليل الدقيق والصحيح.
فممّا لا شك فيه أنّ هذه المؤسسة يمكنها أن تلعب دوراً أكبر في المجالات الاجتماعية فيما لو تطوّرت الحالة الاجتماعية والفكرية والروحية للمجتمع الإسلامي؛ ذلك أنّ صلاة الجمعة تتمتّع بجملةٍ من المزايا، وتحوي عدداً من العناصر التي تجعلها في وضعٍ متميّزٍ ـ ولو من بعض الجهات ـ عن سائر الأعمال والمناسك الإسلامية الأُخرى، وهذه المزايا عبارة عن:
1. مراعاة عنصر الزمن
فلو كانت صلاة الجمعة تقام في فواصل زمنيّة متباعدة وطويلة ـ كالشهر مثلاً ـ لكان الارتباط بينها وبين الزمن ارتباطاً جافّاً وقاسياً بعض الشيء، لكن لمّا كانت تقام نهاية كلّ الأسبوع، وفي يوم الجمعة تحديداً فإنّها بذلك:
(أ) تفرض سيطرتها بصورة أكبر على الحركة في هذا الزمن. (ب) تراقب التطوّر الجاري في هذا الإطار بشكلٍ دقيق. (ج) تعمّق الارتباط الروحي والمعنوي بين الإنسان وخالقه وتخفّف من جفافه.
2. التحلي بالأبعاد الاجتماعية إلى جانب الأجواء المعنويّة والعباديّة.
فالكلّ يعلم بأنّ صلاة الجمعة تتكون من خطبتين يتناول فيه الخطيب عدداً من القضايا الاجتماعية والسياسية المختلفة، وذلك ضمن البُعد السياسي والاجتماعي، حيث يجري الحديث عن المسائل والقضايا اليومية التي تتّصل بالحياة العملية للمسلمين، وهو الأمر الذي لم يتوفر في سائر الأعمال والمناسك الإسلامية الأُخرى، وإذا ما توفّر فيها ـ كما في صلاة العيدين ـ فإنّه يأتي ضمن فواصل زمنيةٍ بعيدةٍ جدّاً قياساً إلى الأسبوع، ما يجعلها تفقد ارتباطها الملموس والوثيق بمجريات الحوادث الاجتماعية وقضايا الساعة، وتتخلّى عن لعب دورٍ في بلورة وصياغة الأفكار والحلول لها.
3. امتلاك دور متفاعل مع المجتمع
لا تشكّل صلاة الجمعة عاملاً غريباً عن النظام الاجتماعي والسياسي الإسلامي للتأثير على المجتمع، فلا يقال بأنّ الخطبتين فيها تعتبران عاملين مؤثّرين أو محرّكين للتأثير على المجتمع من الخارج، لأنّ صلاة الجمعة بحدّ ذاتها مؤسسة إسلامية أُنشئت من أجل الاهتمام بالفرد المسلم والمجتمع الإسلامي على السواء، أي أنّها تمتلك دوراً داخلياً ديناميكياً وتتفاعل مع الأحداث والقضايا المستجدة، قبل أن تفرض كعامل يلعب دوراً من الخارج ويؤثر في المجتمع.
وبعبارة أُخرى: تستعرض خطبتا صلاة الجمعة كافّة الحوادث التي يمرّ بها المجتمع الإسلامي المتحضّر في غضون الأسبوع من الزمن، وتُطرح من على منبرها الحلول والمعالجات اللازمة والمناسبة، ضمن سلسلةٍ من الأفكار والاقتراحات والإرشادات المتواصلة، ومواجهة القضايا الخاصّة ضمن الرؤيا الإسلامية.
وإذا قلنا خلاف ذلك فهذا يعني أنّ ذاك الأسبوع سيكون أسبوعاً ميّتاً، لا حراك فيه، وذاك المجتمع سيكون مجتمعاً بعيداً عن الفكر والتطوّر، ومواكبة الإبداع وكلّ جديد. والإسلام لا يرضى بهذا الشيء. وإنّما يريد للمجتمع التطوّر والتحول الفكري في ضوء مبادئ الإسلام وتعاليمه القيّمة.
ومن هنا يقوم الإسلام من على منبر صلاة الجمعة بدراسة الأُمور التي تهم المسلمين نهاية كلّ الأسبوع، ليتوصّل إلى النتيجة المطلوبة، ويحشّد أنصاره وأتباعه لتحقيق الوحدة والأُلفة فيما بينهم.
وبناءً على هذا التصوّر فرغم أنّ خطبتي صلاة الجمعة ذات دورٍ ماهويّ إلّا أنّ هذا الدور ليس دوراً من خارج المجتمع، بل هو نابع من صلبه ويدور في هذا الإطار، وترتكز تلك الحقيقة على الحالة التنظيمية، لذا يجب القول: إنّ صلاة الجمعة بمقدورها أن تلعب دوراً أكبر وأعظم في الظروف الأفضل.
فثمّة فارق كبير بين مجتمعٍ يبتعد عن مسار التحوّل والتطوّر، بحيث لا ينبثق عنه سوى الحضور الصوري الذي غالباً ما يكون مصحوباً بنشاطٍ ضئيلٍ وضعيف، وبين المجتمع المتطوّر فكريّاً والمفعم بالحيوية والنشاط، فالأخير بوسعه أن يسجّل حضوراً فاعلاً في الساحة، على عكس الثاني الذي طالما يختفي وراء ركام الكلمات والخطابات الرنّانة، وعلى هذا الأساس، يقال:
تزداد صلاة الجمعة عظمةً ورفعةً كلمّا كان المجتمع متطوّراً ومتقدّماً.
وهذا الكتاب للمؤلّف العلّامة الصفّار يعدّ خطوةً مهمة ومثيرة في طريق تحليل هذه الشعيرة العبادية والاجتماعية والسياسية والتعبوية: صلاة الجمعة، والعناصر المحرّكة الكامنة فيها، بتحليل هذه الصلاة، وبيان منزلتها، وتسليط الضوء على أبعادها المختلفة: الاجتماعية والروحية والتربوية والسياسية، وانتهاءّ ببيان الأحكام الفقهية المتعلّقة بها.
ولا شك أنّ هذا الكتاب سيحظى بدور بارز في إيجاد أدبياتٍ جديدةٍ في هذا المضمار، وينشئ تيّاراً من شأنه تجذير الوعي الفقهي والسياسي في الذهنية الإسلامية، وتعميق الصلة بين الفرد المسلم ومجتمعه من جهة، وبينه وبين خالقه من جهة أُخرى، وعلى أمل أن تتواصل هذه الحركة الميمونة للمؤلّف المحترم وغيره من الكتّاب الملتزمين الذين حملوا هموم رسالتهم وأُمّتهم، وشقّوا طريقهم في معترك الحياة الثقافية والحضارية.
نسأل المولى القدير أن يمنّ على أبناء أُمّتنا الإسلامية بالتوفيق في تقديم ما هو جادّ وهادف، وما من شأنه نشر الوعي بين المسلمين والنور والمعرفة بين أبنائهم، خدمة للدين ولرسالة الأُمّة المجيدة، إنّه نعم المولى ونعم النصير.
أحمد المبلّغي
«لقراءة الكتاب اضغط هنا»