(حقوق الإنسان بين المحلية والعالمية) في الليلة السادسة للصفار

شبكة التوافق الإخبارية تقرير: ناصر أحمد الرهين

بدأ سماحة الشيخ حسن الصفار حديثه في الليلة السادسة من شهر محرم الحرام بجامع الكوثر في صفوى في محاضرته المعنونة بـ (حقوق الإنسان بين المحلية والعالمية) بالآية الشريفة ﴿لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيما ودار حديثه حول ثلاث مباحث:

المبحث الأول: حقوق الإنسان منحة إلهية

اوضح سماحة الشيخ حسن الصفار في هذا المحور بأن الله عز وجل خلق هذا الكون وأودع فيه الثروات وكنوز الخيرات وجعل الإنسان سيداً وملكا على هذا الكون وخيراته وجعله أهلاً لذلك ووهبه مميزات تميزه عن باقي الكائنات وجعل له عقلاً وإرادة من أجل أن يمارس دوره ورسالته في هذه الحياة ونصبه خليفة له في الأرض وهذا ما يتجلى في الآية المباركة ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة فكل شي مخلوق للإنسان ومن أجله ووضع تحت تصرفه. فالله تعالى شأنه كرم بني آدم وشاء له أن يعيش كريماً وحراً في هذه الحياة.

وأوضح سماحته أن بمقتضى الآيات والنصوص الدينية فإن الإنسان يولد بفطرته حراً وله حقوق منها حق العمل وحق الوجود وكلها مخلوقة مع الإنسان منذ بدايات خروجه إلى هذه الدنيا ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها، وأضاف بأن حقوق الإنسان منحة من الله عز وجل وليست هبة من أحد من الناس.

ومن ذلك بين بأن بني البشر إما بداعى الهوى أو حب التسلط يمارسون الظلم وسلب الحقوق ضد بعضهم البعض وهذا ما عاناه الإنسان عبر التاريخ على الرغم من وجود التشريعات الإلهية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى ضد الظلم والإستبداد وهذا يتجلى في قوله سبحانه ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ.

وفي سياق الحديث عن الشرائع الإلهية اسهب الشيخ في تبيان أن الشرائع الإلهية تحفز الإنسان لرفع الظلم والمطالبة بحقوقه ورفع التعدي عنه إن هو أصيب بذلك بحيث لا يصبح خانعاً ولا خاضعا عند وقوع الظلم والعدوان عليه وهذا ما يمثله حديث الرسول الأعظم محمد في الحث على الجهر بالحق وعدم السكوت عنه حيث قال: (الساكت عن الحق شيطان أخرس) وقول أمير المؤمنين : ( ما ضاع حق وراءه مطالب).
 

المبحث الثاني: المسيرة العالمية لحقوق الإنسان

عانى الإنسان طوال حياته من الظلم والإستبداد من الطغاة والمستكبرين، فالطغيان إما يكون من فئة على فئة أخرى، أو يكون من حاكم على شعب وفي قصص القرآن الكريم عبرة في قصص فرعون ونمرود وغيرهم من الجبابرة والظلمة.

وأوضح فضيلته أن الإنسان في الزمن الحديث تجرع المرارت من الظلم والإستعباد ولكنه هذا الشيء تطور وأخذ منعطفاً خطيراً في القرن الخامس عشر الميلادي حينما كان الغزاة الأوربيون يغزون أفريقيا ويأخذون من يشاؤون من شباب وفتيات كعبيد في أوروبا وأمريكا الشمالية ويعاملوهم أبشع معاملة بلا رحمة ولا شفقة.كما أوضح أنه بعد إالغاء العبودية في أمريكا في القرن الثامن عشر الميلادي، عانى الناس من ويلات الاستعمار من البلاد الأوروبية المستعمرة التي كانت تهيمن على البلدان وتستبيح ثرواته كيف تشاء من رادع يردعها، وقال بإنه لو لاتحرك الشعوب ونضالهم لما انتهى الاستعمار واستبداده.، وضرب سماحته مثلاً بالذي يحصل في فلسطين المحتلة كدليل على سطوة المحتل وقساوته ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.

وفي نقطة أخرى أشار الشيخ الصفار إلى وجود أربعة أجيال من عهود حقوق الإنسان تتعلق بالجوانب التالية:

الأول: الحقوق الدينية والسياسية
الثاني: الحقوق الإقتصادية والثقافية والاجتماعية
الثالث: الحقوق التنوية ونمها التعليم ومواجهة الفقر
الرابع: حقوق الإنسان الديمقراطية

وأوضح بأنه بقدر ما تهتم الدول الغربية بالديمقراطية إلا أنها تكيل بمكيالين تجاه قضايا العرب والمسلمين وتسكت عن المعتدين ولا تحرك ساكناً ضدهم.

المبحث الثالث: تبيئة حقوق الإنسان محلياً

في هذا الجانب تحدث سماحة الشيخ عن أن الدول في منطقتنا تعاني من ظلم الدول المستكبرة ولكن في نفس الوقت توجد إنتهاكات في داخلها وأشار إلى أن الدول العربية والإسلامية تحتل الصدارة في انتهاك الحقوق مع أنها الأولى في تطبيق ذلك لأنها أمة الإسلام الذي كرم الإنسان وأعطاه كامل حقوقه، وشدد على دور الناس في دعم مشروع حقوق الإنسان وعدم ترك هذه المسؤولية على الحكومات فقط من دون عمل أي تحرك أو نشاط.وفي هذا النطاق أيضا تحدث عن أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان بين المجتمع وذكر إحصائية بأن 94 % من شعب المملكة ليس لديهم إلمام بجانب حقوق الإنسان وحث في هذا الجانب الجهات الدينية بالإهتمام ببث هذه الثقافة على الأصعدة الوطنية والاجتماعية والعائلية أيضاً.

وفي نقطة أخرى في هذا المحور وهي تفير فرص للدفاع عن الحقوق ومنها شجع على الدخول في دراسة تخصص القانون والذي تعاني مجتمعاتنا فيه من قلة المتخصصين فيه، وبين ان هناك إحتياجاً في مجال هذه الإستشارات لتوعية الناس بحقوقهم ومساعدتهم في مطالبهم.

كما ذكر سماحته نقطة التفاعل مع المؤسسات الحقوقية وذكر بعض الإحصائيات خلال السنوات الأخيرة تشيد بتطور حقوق الإنسان في المملكة، وأهاب بالجميع لدعم المؤسسات الحقوقية حتى تصل إلى مبتغاها وأهدافها المستقبلية، وأن الوصول إلى الغايات تحتاج لوقت وصبر وتضحيات حتى الحصول على كامل الحقوق.

وفي ختام حديثه تناول الشيخ قضية الإمام الحسين عليه السلام في جانب الحقوق وأنه خرج مدافعاً عن الناس وحقوقهم وناشراً لمبدأ الحرية والعدالة حيث قال مخاطباً (إن لم يكن دين فكونوا أحراراً في دنياكم)، وفي ذلك أشار سماحته إلى قصة البطل حبيب بن مظاهر الأسدي ونصرته للحق ورسالة الإمام الحسين .