الشيخ الصفار: الحسين نداء العدل والمساواة
بدأ سماحة الشيخ حسن الصفار محاضرته لليلة العاشر من المحرم والتي تمحورت حول (الحسين نداء العدل والمساواة) بذكر خطبة الإمام الحسين يوم عاشوراء أمام الجيش الأموي والتي قال فيها بعد حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي الأكرم محمد ؛ "أيها الناس إن رسول الله قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله".
إلى أن قال (وأنا أحق من غير)، أشار سماحة الشيخ إلى أن الإمام الحسين بين في هذه الخطبة أهداف حركته وبواعث ثورته وأنه لم يخرج من أجل هدف دنيوي أو شخصي ويتضح ذلك بجلاء حين قال: (اني لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد أٌريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي)، من هذا المنطلق يوضح الإمام الحسين أنه خرج ليس من أجل أمور عبادية كالصلاة وقراءة القرآن لأن الذين حاربوا الإمام كانوا يصلون ويتعبدون ولكنه خرج بعد أن استشرى الظلم في جسد الأمة وتفشى الظلم والقهر على يد الحكم الأموي الجائر، الذي أدخل الأمة في نفق مظلم خاصة بعد تولي يزيد بن معاوية الخلافة بدون وجه حق.
وأشار سماحته إلى أن الإسلام جاء لنصرة الحق ونشر العدل والمساواة وأن هذا كان ديدن أئمة الهدى وهذا من مصاديق الآية الكريمة ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان﴾.
إلى ذلك بين أوضح العلامة الصفار (حفظه الله) بيان الفرق بين مفهومي العدل والمساواة، وأن مفهوم العدالة هو إعطاء كل ذي حقه وهو لا يعني بالضرورة حصول المساواة، بينما مفهوم المساواة هو: تعني الثماثل في الحقوق والواجبات أمام القانون.
وبين كذلك مصطلح التمييز الذي فسره بمعنى: حرمان فرد أو فئة من التماثل مع غيرها في الحقوق والواجبات والفرص.
وفي هذا السياق بين أخطار التمييز والتي كانت كالآتي:
ضعف الوحدة الاجتماعية: أي بمعنى أن المجتمع الذي فيه عدم مساواة وتطون فيه طبقات متفاوتة لا يكون مستقراً وإن الوحدة لا تتحقق وإن فرضت ظاهريا.
الوأد للكفاءات والطاقات: وتعني عدم إتاحة الفرصة أمام من يملك الكفاءة بسبب انتمائه إلى فئة معينة ودعى سماحته إلى أن الفرص تكون على أساس الكفاءة لا على أساس الفئة أو العرق.
تهديد الأمن والاستقرار: وبين أن البلد الممارس للتمييز لا يكون مستقراً اجتماعيا وسياسياً.
إعطاء الفرصة للجهات المعادية: أي الانقسام وعدم المساواة داخل المجتمع تفتح منفذاً للإرادات الخارجية للتدخل في شؤون البلد، فلابد من تحقيق المساواة لتحصين المجتمع.
وفي هذا السياق أشار إلى التغيير الذي حصل في المساواة وذكر أمثلة على ذلك ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وانتخاب رئيس كان يعتبر من الفئة المغلوبة على أمرها في المجتمع الأمريكي سابقأ.
وأشار الشيخ الصفار إلى دور النبي الأكرم في انتشال المجتمع الجاهلي من القبلية والفئوية، وضرب سماحته مثلاً ببلال مؤذن الرسول ومقامه الرفيع وسلمان المحمدي ومنزلته العظيمة وهم من أصول غير عربية وكيف كان مقياس الإسلام بالتقوى لا بالعرق ولا القبيلة.
وفي نقطة أخرى وضح فضيلته أنواع التمييز وأنها تنقسم إلى عدة أقسام:
تمييز قانوني: والذي يكون له أساس قانوني ومقر دستوريا.
تمييز غير قانوني: والذي يكون تقوم به بعض المؤسسات من حيث إجراءاتها ويكون غير مجاز قانونياً.
تمييز في علاقات الناس ببعضهم البعض.
التمييز الطائفي: بين فيه أنه يجب الإقرار بوجوده وأن يناقش الموضوع ويعالج وذكر أن الحوار الوطني كان وسيلة من تلك الوسائل وبين الشيخ ملاحظاته على ما جرى في ذلك الحوار.
وفي هذا السياق أشار سماحة الشيخ بوجود مواد تكفل عدم التمييز في النظام الأساسي للمملكة وذكر منها المادة الثامنة لنظام الحكم.ووضح إلى أن هناك خطوات إيجابية ومنها القدرة على طرح بعض القضايا والتي كانت لا تطرح في السابق وشدد على حفظ الوحدة داخل الوطن وحل مشكلة التمييز داخل الإطار الوطني المعتدل..
وأوضح أن هناك مجاميع تماس سياسة التهميش ضد الشيعة ويتهمونهم بالولاء لجهات خارجية على الرغم من أنهم مخلصون ومدافعون عن تراب هذا الوطن وأمنه.
وفي نقطة أخرى بين سماحته وجوب تحمل المسؤولية وتفهم ظروف الوطن والواقع الذي نعيش فيه وبين أن هناك اتجاهان في الواقع الشيعي في التعامل مع هذه المسألة:
الاتجاه الأول: اتجاه يأخذ بعين الاعتبار ان الأمة مهددة بالنزاعات الطائفية ومن كيان غاصب يسعى لإيقاد الفتنة بين المسلمين، فأصحاب هذا التوجه من القيادات وأن المشكلة ليست مع السنة وإنما مع الأطراف المتشددة منهم، فيجب التعامل معهم بحكمة وتعقل لأمرين:
- لكي لا تتأثر المصلحة العليا للمسلمين والمذهب على حد سواء
- لأجل عدم خسارة تعاطف باقي المسلمين معنا
الاتجاه الثاني: الذي يتبنى فكرة الرد بقوة على كل من يتجرأ على المذهب وممارسة كل الشعائر والشعارات بغض النظر عن الواقع المحيط، وفي هذه النقطة دعى سماحته إلى وقفة تأمل وتفكر وأن المصلحة العامة تستدعي تكوين انطباع جيد في المحيط الذي نعيش فيه، ويتطلب إيجاد الأنفع للمذهب في المرحلة الراهنة.
وأضاف أن الناس أصحاب عقول ويستطيعون التمييز بين الاتجاهين واختيار الأنسب والأصلح بينهما.
وفي الختام توجه سماحته بقلوب الحاضرين إلى واقعة الطف الأليمة وما جرى فيها على أهل بيت النبوة وبين أن الحرب بين المعسكر الحسيني والمعسكر الأموي كانت بين الحق والباطل و أشار إلى وقوف تلك الثلة المؤمنة على قلة عددهم مع الإمام الحسين إيماناً بالقضية ووقوفاً ضد الطغيان والظلم.