الشيخ الصفار: الإبداع في مواجهة المشكلات
واصل الشيخ حسن الصفار محاضراته العاشورائية لليلة الحادية عشرة من شهر محرم في جامع الكوثر بصفوى وقد كانت محاضرته تحت عنوان (الإبداع في مواجهة المشكلات) وقد بدأها بتلاوة الآية الشريفة ﴿فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا﴾ وقد تمحورت حول محورين أساسيين:
ووضح فيه سماحة الشيخ بأن وجود الإنسان في هذه الحياة هو للامتحان والابتلاء ﴿هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا﴾ وأن الله سبحانه وتعالى يختبر الإنسان ليعلم إدراكه واستيعابه لهذه الحياة، ومن هذا المنطلق بين سماحته أن الكفاءات والقدرات لا تظهر إلا من خلال مواجهة التحديات التي تحفزه وتشخذ همته ليصقل مواهبه ويفجر طاقاته.
وقد بين سماحته نظرة الرؤية القرآنية لحياة الإنسان وأنه جاء لهذه الحياة لكي يعمل ويواجه الصعوبات والمشاكل حيث قال جل شأنه في كتابه الكريم ﴿يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه﴾.
في سياق مواجهة الصعوبات الحياتية وحل المشكلات أشار إلى أهمية التربية والتعليم، ففي مجال التعليم ضرب سماحته مثلاً بطرق التعليم حيث وضح بأن أسلوب التعليم الأمثل هو طريقة إثارة ذهن التلميذ وهو ما يدفعه للتفكير والبحث، على عكس ذلك أسلوب التلقين المتبع في بعض بلادنا والذي لا يصنع مفكراً ولا مخترعاً، أما في مجال التربية فلقد ذكر بأن من يعيش حياة الخشونة والمواجهة للمشاكل يكون مبدعاً أكثر من الذي يعيش حياة الترف والراحة، وفي هذا السياق أشار الشيخ إلى بعض الأمثلة ومنها ما تنتهجه بعض الشعوب مع أبنائها في تعليمهم قيمة الأشياء ومنها المال على سبيل المثال.
وفي نهاية المحور الأول أشار إلى أن وجود المشاكل في الحياة أمر طبيعي، وأن الحلول موجودة ولكن على الإنسان البحث والتروي لإيجاد هذه الحلول وعدم جعل ما يبتلي به عائقاً في سبيل تقدمه و إكمال مسيرة حياته.
هناك مشكلات تصيب الفرد والمجتمع وإن اختلف بعضها ولكن يكون للبعض منها حلول مشتركة، وقد تطرق فضيلته إلى موضوع الإعاقة كنموذج للمشاكل التي تواجه الفرد، حيث ذكر بأن المعاق في السابق كان ينظر لنفسه على أنه لا سبيل أمامه لحل مشكلته وعزلته وأنه عالة على المجتمع، ولكن مع تقدم البشر وتغير المعايير والمقاييس، أخذ الإنسان المعاق دوره في الحياة وأصبح له يوم عالمي خاص به يحتفل به سنوياً.
وفي موضوع المشاكل التي تواجه المجتمعات تطرق إلى أن المجتمعات تختلف عن بعضها البعض في كيفية مواجهة الصعوبات وأن البعض منها يتعامل بحالة من العجز واليأس معها بينما البعض الآخر يتعامل معها بتشنج وانفعال وهو ما يزيد المشكلة تعقيداً ولا يحلها، ومن هنا تكمن أهمية الرؤية والتي حسب ما عبر "مسؤولية النخب الواعية المثقفة" وأننا نعيش في عصر يجب إشراك الجميع فيه لأن المعرفة أصبحت متاحة للجميع، كما أشار إلى ان تنوع الآراء يخلق حالة تنافسية والنتائج هي من تحكم في النهاية.
وفي نطاق طرق حل المشاكل بين النقاط الأربع التي تقود لإيجاد الحلول وهي:
- فهم المشكلة
- إستثارة الإرادة
- الروح الإيجابية
- الفاعلية
وبين فيها وجوب التحلي بالتفاؤل من خلال الروح الإيجابية والإرادة وعدم السماح لليأس والسلبية بالتسلل إلى نفس الإنسان، وذكر بأن العالم يتغير وأن هناك ما يدعو للتفاؤل من خلال هذا الحراك الإنساني الذي يؤثر فيما حوله ويستنهض المجتمعات غير الفاعلة لتخرج من حالة الركود التي تعيش داخلها.
وبين في ما ذكر أن اليهود وصلوا إلى مراكز القوى العالمية سياسياً واقتصادياً وعلمياً بعد أن كانوا منبوذين في العالم، وأصبح تأثيرهم في أمريكا أكبر من المسلمين على الرغم من تقارب تعدادهم السكاني هناك.
ومن زاوية أخرى شدد العلامة ا لصفار على بعد النظرة والنفس الطويل في مجابهة ما يعتري الإنسان من صعوبات والتروي في اتخاذ القرارات الصائبة لا القرارات الآنية، وعدم الاستسلام للظروف وخير مثال لذلك الإمام الحسين الذي علم بأنه سيقتل ولكنه كان ثاقب البصيرة بعيد النظرة، واصفاً شهادته بالفتح "فانه من لحق بي استشهد ومن تخلف لم يدرك الفتح".
وفي ختام مجلسه تكلم الشيخ حسن الصفار عن يوم عاشوراء وما جري فيه من سفك لدم الإمام الحسين وحرق للخيام وسبي للنساء، وذكر موقف عقيلة بني هاشم زينب الحوراء وهي تصبر الإمام زين العابدين بعد انتهاء الواقعة حين قالت (ولقد أخذ الله ميثاق اناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات انهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون بهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه على مرور الليالي والأيام وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وتطمسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علواً).