الشيخ الصفار: المجتمع القائم على الفردية واللامبالاة لا ينتصر لحقوقه
أوضح سماحة الشيخ حسن الصفار أن المجتمع الذي تسوده حالة اللامبالاة والقائم على جهود ونشاطات فردية مبعثرة لا يستطيع أن ينتصر لحقوقه واستردادها.
وفي محاضرته بمناسبة ذكرى أربعينية الإمام الحسين مساء الخميس 20/2/1431هـ في حسينية آل مطر بتاروت، التي ركز فيها على الدرس الأهم من هذه المسيرة للأسرة الحسينية وهو"مقاومة الظلم ومواجهة الظلامة".
قال سماحته: أن المجتمع الذي يعيش حالة القطيعة والتباعد بين شرائحه وفئاته لا يستطيع أن يدافع عن حقوقه.
ورأى أنه لا يستطيع المجتمع أن ينتصر لقضاياه وحقوقه إلا من خلال التواصل والتشاور لا القطيعة والبعد بين مكوناته وفئاته، مستدلا بالآية الكريمة ﴿وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون﴾.
مضيفا إذا كانت كل فئة تعيش في عالمها الخاص بها، وإذا كان كل طرف يسير بوحدة ولا يلتف لغيره لا تتحقق الشورى ولا ينتصر لقضيته.
وأبان أن في المجتمع هناك "أصحاب رأي وفكر" ينبغي لهم أن يطرحوا آراءهم ومعارفهم حول قضايا مجتمعهم، معتبرا ذلك "من سبل الأنفاق"، مستنكرا في ذات الوقت حالة التقاعس تجاه عدم تفاعلهم مع قضايا مجتمعهم وهمومه، مفسرا ذلك "إما خوفا من إبداء الرأي أو الانشغال بالذات".
وأوضح أن من مجالات الأنفاق هو "الدفاع عن قضايا المجتمع" وهو بحاجة إلى جهود كبيرة، وأموال طائلة، داعيا المجتمع إلى العطاء والتفاعل مع هذا المجال، معيباً على المجتمع عدم الاهتمام بهذا الجانب المهم.
وتساءل كيف يستطيع المجتمع أن يقاوم الظلامة؟ مستدلا في إجابته بالآيتين الكريمتين: ﴿والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون﴾، والآية الأخرى: ﴿والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾، موضحا أن هناك ارتباطا بين الآيتين، فالآية الأولى تبين صفات البنية التحتية لهذا المجتمع الذي ينتصر على البغي، وتركز على الجانب الروحي عند أبناء هذا المجتمع، فالناس الذين يمتلكون زخما روحيا يكونون أقدر على الصمود والمواجهة نتيجة اتصالهم الروحي مع الله، مستشهدا بتجربة شباب المقاومة اللبنانية.
ويواصل سماحته عن هذا الجانب بقوله: أن المجتمع الذي يواجه البغي والظلم على حقوقه هو أحوج إلى الاهتمام بالبرامج الروحية التي تحمي قيم الناس.
ويرى انه بدون هذا المنهج الروحي فإن "طاقات المجتمع تصرف في طرق الانحراف والفساد".
وذكر أن من أهم ما يميز سيرة أهل البيت أنهم واجهوا الظلم بتخطيط وحكمة وببرنامج شامل لمختلف الأبعاد في المجال الفكري الثقافي والسياسي والاجتماعي وفي المجالات المختلفة.
ملفتا إلى أن تخطيط الإمام الحسين للمعركة كان "تخطيطا شاملا"، ولم تكن مواجهته للظلم "مواجهة عسكرية" بل كانت "مواجهة فكرية اجتماعية إعلامية"، وهو ما تؤكده العديد من الخطب والرسائل التي ألقاها الأمام الحسين منذ انطلاق نهضته.
وأشار إلى أن الإمام أراد من ثورته أن يصل نداؤها إلى أعماق مجتمعات الأمة، لذلك خطط لهذا الأمر، وكانت خطته أن يأخذ معه عائلته وأسرته وفي طليعتهم أخته العقيلة زينب ، من أجل أن توثق ما حصل في كربلاء، وأن تنقل للأجيال وللناس ما حصل.
وبين سماحته أن أساس وقوع الظلم والبغي على الإنسان في هذه الحياة أمر قائم، مشيراً إلى أنه قد يقع الظلم على فرد أو على مجتمع بكامله، وفي ذات الوقت يتساءل سماحته: كيف يكون التصرف في مواجهة هذا الظلم الذي يقع على الفرد أو المجتمع؟
ملخصا سماحته ذلك في ثلاث نقاط:
1ـ قسم من الناس يخضعون للظلم ويستسلمون له، ويرون أنه قدرهم ولا محيص عنه، وهو ما كتبه الله عليهم، وبالتالي يتقبلونه نفسياً ولا ينظرون إليه كأمر شاذ أو سيء.
2ـ قسم لا يحسنون مواجهة الظلم ولا التخطيط بحكمة لمقاومته، ويتصرفون اتجاهه "بطريقة انتحارية" يفقدون أعصابهم، موضحا أن الإنسان ربما ينزعج من الظلم أو يتأذى منه، ويريد مواجهة الظلم، لكنه يواجهه بلا تخطيط وبلا حكمة، فبدل أن ينتصر لنفسه، يقع في المزيد من المشاكل أو قد يفقد حياته ومكاسبه.
3ــ القسم الواعي الحكيم في مواجهة البغي والظلم مستدلاً بسيرة أهل البيت ؛ فأهل البيت لم يستسلموا للظلم ولم يخضعوا له، ولم يقبلوه، وكانوا ينشرون بين الناس الوعي الذي يدفعهم إلى رفض الظلم نفسياً.
ويبين سماحته أن هذه الأسرة من خلال تسييرها إلى الكوفة والشام والمناطق والبلدان التي مرت بها كانت تنشر الوعي في صفوف الناس وكانت تنقل الظلامة لجماهير الأمة، مؤكدا أن جزءاً كبيراً من تراث كربلاء نقلته عقيلة الهاشميين زينب .