هل ينجح الصفار في عبور التحديات الطائفية؟

لا أحد يستطيع أن يتجاهل اسمه، لا على المستوى السعودي ولا على المستوى الإسلامي، برز بصوت جديد على الساحة الوطنية السعودية، زار رموز التيار السلفي الرسمي وغير الرسمي، فرض عليهم التعامل معه بلغة لا يستطيع عاقل الرد عليها بجفاء، وللإنصاف، لم تبرز قبله شخصية سعودية شيعية بهذا النفس وبهذه العقلية السياسية والاجتماعية، كلامه هادئ، ولكن قد تبرز حدته بحكمة  عند الحاجة لإدانة شيء ما.

قد لا أتطابق تماما إلى حد التماهي مع الرجل في كل مواقفه، ولكني أحمل نفس الأحلام والطموحات التي يحملها، إلا أنني لا أستطيع الحديث عن العبور للسلم الاجتماعي الوطني في السعودية في أخطر مناطقه، وهي منطقة التوتر المذهبي والحقوقي، دون أن أحدثكم عن هذا الرجل، ليس من المطلوب مني أو من غيري أن تتطابق مواقفنا بالحرف، ولكن من المهم أن نساند أفضل التيارات الموجودة لتحقيق السلم والعدل الاجتماعي على المستوى الوطني بشكل عام، ويمثل الشيخ حسن بن موسى الصفار الوجه النخبوي الأبرز في جهود المصالحة الوطنية إن صح التعبير، نعم هناك من ينتقد الرجل بعنف، سواء من الداخل أو الخارج، ومن تيارات تتمتع بشعبية واضحة على السطح الاجتماعي، ولكننا لا نجد لغيره أثرا في الجانب السياسي الحواري مع الجهات الرسمية أو مع التيار السلفي السعودي.

قد لا يتخيل أحدكم الصعوبة في الحوار الشيعي السلفي، وليس في أي مكان، بل في السعودية التي يتمتع بها التيار السلفي بسلطة غير هيِّنة، وأين يمثل الشيعة أقلية لا تتعدى 25 في المئة في أحسن الأحوال، فهنا نتحدث عن جانب يفتقد لمقومات القوة السياسية الرسمية والشعبية على المستوى الوطني، وجانب آخر يتمتع بكل ما يحلم به أي تيار في هذا العالم، وفي ظل كل المثيرات الطائفية في المنطقة استخدم الرجل قوته الناعمة في تدوير الزوايا السلفية والشيعية لتحقيق أقل ما يصبو إليه وهو ميثاق شرف بين الطائفتين بعدم التكفير وما يندرج تحت هذه الكلمة من معان.

إن حمل الرجل لكل تاريخه وثقله علنيا ووضعه خلف هذا المشروع الصعب جدا، والذي طريقه مفروشة بالكثير من الأشواك، لهو مغامرة من الرجل لوضع مبادئه وثوابته على محك حاد جدا، يتطلب منه المرور بمهارة من يمشي ليس على حبل أمام جمهور يتطلع إليه، بل كمن يمشي على شفرة سيف حاد، وجمهوره ينظر إليه مراهنا على نجاحه، والغير ينظر له مراهنا على فشله، نعم إن الأمر بهذه الخطورة، لأن نجاح الصفار في مهمته التي تبناها وراهن عليها يعتبر خطوة كبيرة وضخمة في التاريخ الإسلامي، والسعودي بشكل خاص، وداعم مهم للاستقرار السياسي للمملكة وفي المنطقة بأسرها، وأما إن فشل فسيحطم آمالا لناس كثر، وسيكون مانعا نفسيا لأي وجه قديم أو جديد لطرق هذا الباب المعقد من جديد، وسيكون هذا الفشل أرضية جديدة وأصلب من السابقة للمتشددين من الجانبين.

كلنا أمل في أن يوفق الشيخ حسن الصفار في جهوده لإتمام هذا الميثاق الشرفي بين السلفيين والشيعة في السعودية، وسيكون هذا نواة لاتفاقات مشابهة في كل الدول المحيطة بالمملكة، وسيكون هذا مصلا قاتلا وعثرة في وجه كل جهد موجه لإثارة النعرات الطائفية، ومن المهم أن نعرف أن الأصعب من تحقيق هذا الاتفاق أو الميثاق، هو المحافظة عليه، وخصوصا في الفترة التي تلي هذا الميثاق مباشرة، لأنها ستكون من أكثر الفترات السوداء في حياة المتطرفين من الجانبين، كل دعائنا لك بالتوفيق والسداد لما يخدم دينك ووطنك.

الاثنين, 1 مارس 2010م
القطيف