على ضفاف الاثنينية
أقيم حفل عشاء على شرف سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار بمنزل الشيخ عبد المقصود خوجه في جدة بتاريخ 8 /4 /1427هـ الموافق 6/5 /2006م، تخللته كلمات ومداخلات ونشر في كتاب الإثنينة الجزء الثالث والعشرون المجلد الثاني شغلت الصفحات من 1225 حتى 1260.
فيما يلي نص المنشور:
الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
صاحب الفضيلة الأخ المفكر الأديب الأستاذ الشيخ حسن الصفار وصحبه الكرام, الأساتذة الأكارم, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبق وشدا محبتنا يحيط بجمعكم، الخير ونور وضياء محبتكم تحف بركبكم، إن هذا الجمع الأغر المحجل، الذي يحدونا من المشرق مغربا إلينا، يطأ سهلا، ونلتقي به أهلا، نطبق أجفان عيون محبتنا على صور رؤاكم، لتبقى محفورة في بصيرتنا قبل أبصارنا، وتمتد قلوبنا قبل أيدينا مصافحة ركبكم الكريم، فتظل بسويداء هذه القلوب.
للحجازيين تعابير بسيطة خاصة بالتأهيل، تستعمل مثيلاتها في كل المناطق، نحن نقول هنا: على بيتنا نور وزارنا الغيث، هذه التعابير المكية نقولها ببساطتها، لأنها صادره عن تلقائية بعيده عن أية تكلف، لأنه كما قيل إن وجدت الآلفة سقطت الكلفة.
إن حب الوطن من الأيمان، هذه مقولة تنسب للإمام علي رضي الله عنه، ربط حب الوطن بالإيمان، والله سبحانه وتعالى ارتبط بالمحبة، وإذا كان البدء قد ارتبط بالكلمة، وانطلاقا من هذه البديهيات فإن التقاءنا جزء من الإيمان، لأنه لا كلمة بدون محبة، ولا محبة بدون إيمان، وهذا الإيمان يتطلب منا تعاضداً وتآزر و تكاتفا وتآخيا وتكافلا، وذلك لن يتم إلا أن نلتقي، ونحب بعضنا بعضًا، ونحاور بعضنا بعضًا، ونتفهم بعضنا بعضًا، ونتقبل بعضنا بعضًا، محبة وألفة قائمة على أواصر الإيمان، فإذا كانت حقوق الوطن علينا تستوجب المواطنة، وهو فرض عين مجبول بكل ما يشد عضد مسيرة هذا الوطن، ولا يمكن لوطن أن يشد أزره، وتقوم له قائمة بدون أن تكون أيدي أبنائه يداً واحدة، في السراء والضراء، إن نقاء السريرة هي ركازة المحبة، ولاشك عندي أن هذا الجمع - نسأل الله أن يباركه - يدرك أن لقاءنا لقاء خير بأذن الله، نخدم من خلاله الأهداف السامية، وفق ما يجب أن تكون عليه المواطنة، إسهاما في رفعة الوطن الذي حبه من الإيمان، فنتبع القول العمل.
في موقف كهذا لا أود أن أطيل، فأحيانا تعجز الكلمات عن التعبير عن ما في النفوس، وإذا قيل:
لو علمنا مجيئكم وجعلنا من الجفون طريقا |
لفرشناصبح القلب أو سواد العيون ليكون المرور فوق الجفون |
فإننا قد علمنا وعملنا، وأنتم هذه الليلة في مهج قلوبنا، وسواد عيوننا، ونطبق على مروركم بين جفوننا هذه العيون.
لنسعد جميعا هذه الليلة المباركة، بمعية فضيلة الأخ الشيخ الجليل حسن بن موسى الصفار، وصحبه الكرام، ولقائكم الجميل كأساتذة، ومن طليعة مثقفي هذه المنطقة، لنفيد من غزير علمه، وسابغ فضله، فالاستماع إليه لا يمل، والوقت بين يديه أثمن من النضار، والدر المصون، طبتم وطابت بكم ولكم الأوقات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار: بسم الله الرحمن الرحيم, السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
هذه الدار دار عامرة بالمحبة، والخير إن شاء الله، وطالما احتضنت هذه الدار الوجوه الخيرة والطيبة من مختلف بقاع العالم الإسلامي، ومن يقرأ مجلدات الاثنينية يرى من خلال صفحاتها عدد الشخصيات والقامات العلمية والأدبية التي احتضنتها هذه الدار المباركة، وسيمتلئ قلبه غبطة وسعادة، وتهنئة لصاحب هذه الدار، معالي الشيخ عبد المقصود خوجه (حفظه الله)، الذي قدم بسيرته، وبنشاطه الاجتماعي والأدبي نموذجا قل نظيره على مستوى الوطن، بل على مستوى العالم الإسلامي، في اهتمامه برجال العلم والأدب وتكريمهم، وفي حرصه على تأليف القلوب، وجمع النفوس من خلال مجلسه المبارك، فله وافر الشكر والتقدير أصالة عني، ونيابة عن اخوتي الكرام من العلماء الأدباء الذين سعدت بمرافقتهم في القدوم إليكم، عنا جميعا لمعالي الشيخ عميق الشكر والتقدير، ولكم بحضوركم وافر الشكر والتقدير، فقد غمرتمونا جميعا بفضلكم ومحبتكم.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزل الثواب والآجر لمن كان السبب في اجتماعنا ولقائنا، وأن يطيل عمره، ويمتعه بالصحة والعافية، وأسال الله لكم جميعا الخير والتوفيق في خدمة الدين والوطن.
فيما تحدث حوله معالي الشيخ عبدالمقصود خوجة، من حب الوطن، ومن السعي لتوطيد أواصر المحبة والتلاقي والاخوة بين أبناء هذا الوطن، فإنها دعوة كريمة طالما رددها معاليه، وطالما لهج بها في كل مجلس، وفي كل لقاء، وهو ما يتطلع إليه كل المخلصين، وأعتقد أننا على مستوى الوطن قد قطعنا شوطاً طيبا، وخاصة من خلال مسيرة الحوار الوطني في الانفتاح على بعضنا، وفي التلاقي، وينبغي أن نتجاوز هذه الخطوة، وهذه المرحلة، إلى مرحلة أخرى لتثبيت آليات هذه الوحدة، وهذا التآخي.
أيها الأخوة: ليس هناك آمة من الأمم تتحدث عن الوحدة والاتحاد والتعاون كما يجري الحديث في أوساط المسلمين، كيف لا وقرآنهم يدعو في محكم آياته أبناء الإسلام إلى الوحدة والتآخي، قال تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾، بل يدعو كل أبناء البشرية ﴿وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا﴾.
أما أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وروايات الأئمة الأطهار من أهل بيته والصحابة الكرام الأخيار، فهي أكثر من أن تحصى في الدفع نحو الوحدة والتآخي والتآلف والتعاون.
وكذا لشعراء الأمة الإسلامية والعربية دواوين كبيرة، في التغني والتأكيد على الوحدة، ونحن أكثر أمة تتحدث عن الوحدة، لكن الأمم الأخرى سبقتنا إلى ممارسة الوحدة بين أبنائها.
لماذا واقع الوحدة في أمتنا هش ضعيف؟ أقل حدث، أقل مشكلة تصيب وحدة الآمة، وتصيب وحدة الأوطان بزلزال واضطراب عظيم؟ يبدو لي أننا لم نحول هذا الشعار، وهذه الفكرة إلى برنامج عمل، وإلى آليات..
ما هي آليات الوحدة؟
كيف يمكن أن تتحقق الوحدة بين أبناء الآمة؟
كيف يمكن أن تتحقق الوحدة بين المنتمين إلى أوطان هذه الأمة؟
المجتمعات الأخرى توصلت إلى آليات من خلال مفهوم المواطنة، وحقوق المواطنة، من خلال إقرار التعددية الدينية الفكرية السياسية الثقافية، من خلال التأكيد على قيمة الحوار، واحترام الرأي الآخر، أما نحن فبعدُ لم تتبلور آليات الوحدة في ساحتنا وأجوائنا، لازال بعضنا حين يتحدث عن الوحدة فإن الوحدة في منظوره أن يتفق الناس مع رأيه، وأن يقبل الناس رأيه، وإلا فلا تتحقق الوحدة, وبهذا لا يمكن أن تتحقق الوحدة, قال تعالى: ﴿ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين﴾، لا يمكن لأي أحد، ولا لأي جهة أن تزيل هذا التنوع، وتلغي هذا التعدد في أوساط أي مجتمع من المجتمعات، إننا بحاجة إلى أن يتحول حديثنا عن الوحدة والتآلف من الحديث عن الشعار والفكرة، إلى الحديث عن البرنامج العملي، وعن الآليات التي يمكن أن تتحقق من خلالها الوحدة، على صعيد الواقع الخارجي العملي.
لا أريد أن أطيل الحديث وأنا بمحضر هذه النخبة الطيبة الكريمة من العلماء والأدباء والفضلاء، فقد أكرمنا معالي الشيخ في هذا اللقاء، بالاجتماع مع هذه الشخصيات العريقة بفضلها وعلمها، ولا عجب ولا غرابة، فهذه المنطقة - منطقة الحجاز - في تاريخها الماضي، وتاريخها المعاصر، لهم دورهم في بناء الدولة السعودية الحديثة، كان للنخبة الحجازية دور أساس لما كانت تمتلكه من كفاءة علمية، وقدرة إدارية، وسعة أفق في التعامل مع كل الشعوب، وكل الأجناس، ومعالي الشيخ نفسه (حفظه الله)، اقترن تاريخ الإنارة والإضاءة في منطقتنا القطيف بقدومه إليها، فهو الذي أرسي عليه مشروع إنارة منطقة القطيف وما والاها، فجزاه الله خيرا بمجيئه إلى القطيف آنذاك، إذ كان مجيئه إلى المنطقة لإنجاز مشروع الإنارة، وهكذا في مجال التعليم، فأبناؤنا تربو على أيدي نخبة من هذه المنطقة، ولكل مناطق الوطن دور وإسهام في بناء الوطن وتنميته.
لا يسعني أن أتحدث أكثر، وأنتظر أن أستفيد من آراء الإخوان، وأفكارهم وملاحظاتهم، ما جلست بمجلس مثل هذا المجلس، إلا وقطفت منه الكثير من المنافع والفوائد في مختلف المجالات الفكرية والأدبية.
أكرر شكري وتقديري والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما رأيكم فضيلة الشيخ أن نستمع من خلال أسئلة تطرح على معاليك، ومن خلال إضاءات من بعض الأخوان، أو من خلال مداخلات، هل توافقني معاليكم؟
محبكم عاصم حمدان: أستاذ في جامعة الملك عبد العزيز، أمارس مهنة التدريس منذ ثلاثين عاماً، والكتابة أيضاً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحقيقة أشكر الحبيب الشيخ عبد المقصود خوجه، وأسأل الله أن يطيل قي عمره، لننعم بهذه اللقاءات الطيبة العلمية والفكرية المتواصلة، التي تصب في خدمة الكلمة الطيبة، وتصب أيضا في وحدة هذا الوطن، الذي نحرص جميعا على وحدة كيانه والالتفاف حول رايته.
كما أرحب بالشيخ الفاضل حسن الصفار، الذي سبق لي أن التقيته، واستمعت إليه، في منزل الأخ الكريم الأستاذ محمد سعيد طيب قبل سنوات، وألقى على أسماعنا الكلمة التي ألقاها في مؤتمر الحوار الوطني الثاني، الذي عقد في مكة المكرمة, حقيقة أول ما لفت نظري في تلك الكلمة أنه انتقد الطائفة، أو الجماعة التي ينتمي إليها، وقال: إن كنا نطلب من الآخرين أن يقدروا ويحترموا رموزنا، فلنحترم رموز الآخرين، وأتذكر من كلمته القيمة أته قال: أدعو جماعتي وبني قومي للانفتاح على الآخرين، حتى يعلموا أن ليس لدينا شي نخفيه.
أريد فقط أن أتوقف عند كلمتك أيها الشيخ الجليل، إنه كان هناك حوار وطني، للأسف الشديد أنني لست متفائلا كثيرا, لماذا؟
لعل الجمع يعلم، لقد قرأت تصريحا لإحدى الشخصيات الكبيرة المشرفة على الحوار، تبين أن هذا الحوار غير ملزم، وأن المرجع هو الشريعة الإسلامية، وهذا الحديث الذي نقل ووثق، حقيقة يضرب مسمارا في الوحدة الوطنية، لان الذين اجتمعوا تحت قبة المجلس، برعاية ولي الأمر، وتشجيعه ودعمه وحرصه وانفتاحه، إنما جميعا ينطقون بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، فكيف نقول أن المرجع هو الشريعة الإسلامية؟ وكأننا نشكك في الإخوان الذين ندعوهم لنتحاور معهم.
المسألة الأخرى، أنني قرأت تصريحا في ملحق الرسالة، ويعينني على تذكره الأستاذ عبد العزيز قاسم، شخصية دينية أيضا، يقول إن هناك دعوة للحوار بين المذاهب، قال - أو ما فهمت معناه - أن هذه الدعوة لا يمكن أن تكون إلا بالرجوع إلى الحق الكتاب والسنة، وكأن المذاهب الإسلامية الأخرى ليست منطلقة من الكتاب والسنة.
أحبابي اخوتي أساتذتي، ما يفرق المسيحيون كاثوليك وبروستنت أكثر مما يفرق المذاهب الإسلامية، ومع هذا فهم يد واحدة، وأنا رأيت عند وفاة البابا، كيف أن أسقف كانتربولي في لندن، وهي كنيسة انجليكانية تختلف كلية ,كيف أنه كان يجلس مع البابا في منزلة المريد من الأستاذ، وكيف انه ذهب على وفد كبير لتوديع البابا للصلاة عليه، في الوقت الذي ينأى بعضنا عن الصلاة على بعض موتانا، بحجة أن العقيدة فيها خلط، وليس فيها صفاء، أنا أقول أن الحوار يتم في رأس الهرم، ولكن يؤسفني القول: أن الحوار لم يتسرب إلى الجسم كاملا، وإذا كانت الشخصيات التي نعتز بها، والتي نعتبرها مرجعياتنا دينيا وفقهيا وعلميا، تقول أن هذا الحوار غير مجز، والبعض يقدح في المذاهب الإسلامية، ويقول أن المرجع هو الكتب والسنة، وكأن هناك فرقة واحدة ناجية ولا سواها، فأنا هنا أكون محقا في تشاؤمي.
أستاذي الفاضل الشيخ عبد المقصود خوجه، أساتذتي الكرام، نحن أيضاً نتقاذف التهم في الصحف، ليبرالي، علماني، صوفي، شيعيي، خارجي، سلفي، كل هذا يجري في الصحف أمامنا، ونقول أن الحوار جار بيننا، وأنا أتساءل أين هذا الحوار؟ أليس ما يجري حولنا يدعونا إلى أن نتمسك بوحدتنا؟
تذكروا مقولة لإسراحيل شحا اليهودي غير الصهيوني، قال: إن إسرائيل تراهن على الخلافات العرقية والاثنينية في المنطقة لتفتيتها، وإذا نحن في يد العدو كألعوبة، للأسف الشديد ليس الصغار منا ولكن أحيانا الكبار فينا، ودمتم..
الشيخ عبد المقصود خوجه: لي رجاء حتى نعطي الفرصة لأكبر عدد من المتكلمين، - إذا سمحتم وسمح فضيلة الشيخ - أن نحدد المداخلة بدقيقتين.
الاستاذ مشعل السديري: كلنا نعرف أن القرآن والسنة الشريفة تحث على الوحدة كما قال الشيخ، خلال أربعة عشر قرنا ما استطاع القرآن والسنة أن يوحدنا، هذه كارثة، الآخرون توحدوا، ونحن لا، هل هذا يقودنا إلى أننا أمة كلام؟!!.
الأستاذ عبد المحسن حليت: أولا أرحب بفضيلة الشيخ وبالإخوان الموجودين.
سؤالي قد يكون شائكا، سمعنا يا فضيلة الشيخ قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقد قبل أشهر، وكان بالنسبة لي ولبعض الأخوة، أن أهم ما صدر عنه، إقرار المذهب الشيعي على أن يكون أحد المذاهب المعتمدة بالمملكة العربية السعودية، وعندما سمعت ذلك عبرت عن فرحي، وابتهاجي وسروري بهذا القرار، إلا أن بعض الإخوان اتهموني بالجنون، والطيبة والدروشة، يقولون: إن هذا الأمر لن يتحقق، ولن يفعّل، ما هو رأي فضيلتك، رأي دراويش طيبين أم لا؟
الدكتور عبد الله مناع: سؤال الأستاذ عبد المحسن وضع لي نقطة (full stop)، هذه كلمات المجاملة، وكلمات طيبة جداً لا تخلو من مجاملة وأفكار، لكن الدكتور عاصم علق الجرس، وجاء الأستاذ عبد المحسن ووضع النقاط على الحروف.
مرة استمعت بدون ترتيب لبعض المشايخ، يتحدث من أحدى الإذاعات السعودية من جدة، يتحدث عن موضوع الملائكة (ودخولهم في بيوت المؤمنين)، وما هي الأسباب التي تمنع دخول الملائكة بيوت المسلمين، فوجئت أن قطيعة الرحم أحد هذه الأسباب، والسبب الثاني: وجود الكلب، وأضاف الشيخ قائلا: وكذلك الصور.
أريد أن أستمع من الشيخ حسن الصفار إلى وجهة المذهب الشيعي في هذه التقاط الثلاث، لكن هذه النقاط لا تُقدم على النقطة التي تفضل بها الأخ عبد المحسن، ومع التقدير للكلمة التي ألقاها الأستاذ الدكتور عاصم، وأنا أتفق معه حول التصريح الذي أشار إليه، أن (الدولة ليست مسئولة)، إنما جاء في هذا الحوار كان مخيبا لأبعد الحدود، وما كان متوقعا أبدا، ولكن نريد أن نسمع من الشيخ النقطة التي أثارها الأخ عبد المحسن والتي نحوم حولها.
الأستاذ الدكتور غازي عبيد مدني: بسم الله ارحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله أشارك الأخوان الترحيب بفضيلة الشيخ حسن الصفار.
والشكر الجزيل إلى أخينا وصديقنا وحبيبنا الشيخ عبد المقصود أن جمعنا بهذا الجمع الطيب.
تعليقا على ما ذكر، واستطرادا، إن ما ذكر كله يتعلق وترتبط بحب الوطن والوطنية، قبل بضعة أسابيع سمعنا تصريحا من أحد رؤساء الدول العربية يقول: إن ولاء الشيعة إلي دولة ما، هل ما قيل له جانب من الصواب؟ هل الأخوة في إيران يؤيدون هذا التوجه أم لا؟
الأستاذ عبد الله المصري وكيل وزارة المعارف للشؤون الثقافية سابقاً: وددتُ أن أتداخل مداخلة، وهي: من واقع التفاؤل، اعتقد أننا نتفاءل كثيراً على ما يأتي من كثير مما يشوب المجتمع من فعاليات الحوار الوطني، ونستعجل كثيراً من تذويب الفرو قات, فروقات ومشاكل بينية، ولا أعتقد أن ثلاث أو أربع جولات من الحوار، تأتي على كثير مما يشوب المجتمع من فروقات، ومشاكل بينية ما بين قطاعات وطوائف المجتمع، لأن هذه الفروقات، وهذه الممارسات السلوكية لها جذور، وليست بالبسيطة.
النقطة التي يجب أن نركز عليها، أن هذا المجتمع عرف في السنوات القليلة بالمجتمع الشاب، لو نظرنا من الناحية الإعلامية لوجدنا أن جيل الشباب، خاصة من هم دون العشرين، أو دون الخامسة والعشرين، لا تشوبهم نفس الشوائب التي نتحدث عنها نحن جيل البالغين، وتتفاعل فيهم ومعهم وسائل الحوار التي بدأت تترسخ في مجتمعنا.
ما أقصد الولولج إليه من القول هو: ما تفضل به فضيلة الشيخ، أن مرحلة الحوار يجب أن يتبعها آليات، نعم حان الوقت للخروج بآليات حقيقية، تنقلنا من مرحلة الحوار، الذي هو مرحلة تهيئة، إلي مرحلة التعليم، وهناك مبشرات ومؤشرات كثيرة، بأن المجتمع قيادة وأطيافا ثقافية، تؤمن أن الوسيلة الوحيدة للولوج إلى التغيير المطلوب، هو عبر المناهج التعليمية، وأعتقد أن أهم آلية لتآلف الأجيال والشباب، عمل دورات وجولات بين المناطق، وما بين الفئات العلمية المبكرة، وسوف تأخذ فترة من الزمن، ولابد أن نكون صبورين وصابرين.
الأستاذ عدنان حمزة بوقري: هل نحن متفائلون بالنسبة للحوار الوطني، بالنسبة لقبول المذاهب؟ هل الخطوة التي عملناها للمذاهب هي الخطوة الكاملة الكافية؟ أم هي جزء من شيء أكبر منه؟
والإجابة هل هذا السؤال يعطينا فكرة هل قمنا بما يجب أم هي خطوة جزئية؟ واعتقد أن الإجابة على وضع المذاهب الثمانية ضمن الصورة التي هي أكبر منها، يعطينا فكرة عما يجب أن تقوم به هل نحن متفائلون أم غير متفائلين.
الأستاذ عبد الكريم بوالخضر مدير عام شركة ورث (الإحساء): الدكتور عاصم قال إنني متشائم من الحوار الوطني، أنا متفائل من الحوار الوطني، لماذا؟ أنا عشت خمسة عشر عاما بين أبناء السنة وأبناء الشيعة، كيف تعرف إنك متفائل أو متشائم؟
عندما تدخل في أوساطهم، وتتعامل معهم، أنا أسكن في جدة، وأسكن في الشرقية، الناس في جدة، في الشارع، كيف يتكلمون؟
تعدد المذاهب، تعرف المذاهب هل جاب النتيجة أم لا؟ غير الحوار الوطني قبل خمس عشرة سنة، أو قبل عشر سنوات، غير يلي صار فيها الحوار الوطني، أنا أجلس مع شخصيات كبيرة، مسئولين في الدولة، وعاديين، أنا أرى أن الحوار الوطني قلل الشحنة بين السنة والشيعة، وأنا من المتفائلين جدا بالحوار الوطني.
الأستاذ الدكتور جميل مغربي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, ارحب بفضيلة الشيخ حسن، ولقائي به كان قريبا، وأشكر الشيخ عبد المقصود على هذه الدعوة الكريمة.
أنا أيضا أن أكرس مبدأ التفاؤل، ولي أسبابي في هذا الآمر، سأنطلق من جانبين:
- الجانب الوطني الذي أركز عليه، ونحن نعلم أن شوقي كان مولعا بالقصائد، والمعارضات الشعرية، ومن غرر قصائده، حينما عارض قصيدة البحتري:
صنت نفسي عما يدنس نفسي | وترفعت عن جدى كل | جبس
وعندما نفي إلى الأندلس قال قصيدة رائعة:
اختلاف النهار والليل ينسي | فاذكرا لي الصبا وأيام أنسي |
وقال فيها البيت الذائع:
وطني لو شغلت بالخلد | عنهنازعتني إليه في الخلد نفسي |
ومنها تلك الآبيات حين وجد نفسه معزولا:
أحرام على بلابله | الدوححلال للطير من كل جنس |
هذا شوقي، وهذا أؤطرها بإطار الوطنية.
مسألة أخرى: أعود للأستاذ مشعل، ذكر خلال هذه القرون,لم نشهد هذه الفرقة، أيضا إلحاقا لما سبق أن شوفي قال:
وما نيل المطالب بالتمني | ولكن تؤخذ الدنيا | غلابا
من له حق يملك المطالبة به، أعود إلي القضية تاريخيا أيضا، أجد الفرزدق شاعر لم يكن شيعيا، كان مروانيا، وعندما سمع الخليفة أنه ينتقص من علي بن زين العابدين، قال:
هذه الذي تعرف البطحاء وطئته هذا بن خير عباد الله كلهم وليس قولك من هذا بضائره |
والبيت يعرفه والحل والحرم هذا التقي النقي الطاهر العلم العرب تعرف من أنكرت العجم |
فهو تشيع أكثر من الكميت الأسدي، وهذا يقتضي هنا أن ندرك العقلية التي كانت تنفتح في استيعاب الآخرين، وأيضا فكرة التسامح والالتفاف حول الوطن، وهذا ما أتمنى أن نكرسه جميعا.
أعود إلى القول: لقد وصلنا متأخرين، من القرن السادس والسابع الهجري، أنا أسرد طرفة من الطرائف حول هذه القضية، لم تكن مسألة الخلافي بالشكل المتشنج الذي نألفه الآن، حول هذه القضية، كان الشريف المرتضى، والشريف الرضي، نقيبي الأشراف الطالبيين يجوبان دجلة، في ما يسمى اليوم يخت، وقاعة الزهور والفواكه اصطفت في هذا المركب، وكان إلى جانبهما أبو الفتح عثمان بن جني، وكان يجلس على الشط (علي بن عيسى الربعي) وكان نحويا وشيعيا، وكان رجلاً فقيرا لا يملك من حطام الدنيا شيء، مرّ به اليخت، ورأى فيه الزهور والفواكه، ورأى فيه (عثمان بن جني)، وإلى جانبه الشريف المرتضى والشريف الرضي، فقال لهم: أي تشيع هذا؟ عثمان في الظل، وعلي في الشمس؟
هذه الكتب تناقلت هذه القصة على أنها طرفة، وتناقلها الجميع على أنها طرفة، وهذا يدل على التسامح ومدى الروح التي كان يألفها الجميع..
فضيلة الشيخ حسن الصفار: بسم الله الرحمن الرحيم, في الواقع أنا مع مجموعة من الأخوة الأعزاء الفضلاء:
• سماحة الشيخ فوزي السيف، أستاذ في الحوزة العلمية في القطيف وهو أيضا خطيب ومؤلف.
• الأستاذ الأديب سيد عدنان العوامي، من كبار الشعراء في المنطقة، وفي الأسبوع الماضي كان هناك حفل تكريم له، وكتبت الصحف عن هذا الحفل الكبير.
• الأستاذ نجيب الخنيزي، ناشط حقوقي وسياسي، وله منتدى ثقافي في القطيف.
• الأستاذ محمد النمر، رئيس تحرير مجلة الواحة، مجلة أدبية وثقافية وتاريخية فصلية، لها الآن ثماني سنوات تصدر بانتظام.
• الدكتور صادق الجبران، من الأحساء، محامي ومؤلف ودارس للعلوم الشرعية.
• الأستاذ الشيخ فهد أبو العصاري، من المدينة المنورة خطيب ومؤلف.
• الأستاذ علي البحراني، ناشط اجتماعي وثقافي في المنطقة.
فأنا في معية هؤلاء الأخوة الكرام، وأنا أدعوهم للحديث والمشاركة، حتى يشتركوا معنا جميعا، فإذا كان لأحدهم تعليق على بعض ما ذكر، فلا يحرمونا ولا يحرموا المجلس من مذاكرته.
سعادة الأستاذ نجيب الخنيزي ناشط حقوقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أشكر الشيخ عبد المقصود, الأستاذ عبد المقصود تفضله على ترحيبه والشكر موصول آلي كافة الحضور من الأساتذة الكرام.
الحديث عن الحوار الوطني حديث ذو شجون, بالتأكيد فكرة الحوار الوطني تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، مقارنة بالحالة السائدة، أعني بذلك حالة الاحتقان العام الاجتماعي والسياسي والفكري والمذهبي والثقافي، فهناك احتقانات موضوعية تاريخية، وهناك احتقانات مستجدة وناشئة بفعل عوامل وأسباب أنتم تعرفونها مستجدة.
عندما استطاع اتجاه بعينه من التفرد بالهيمنة الفكرية والثقافية والدينية، وتحت هذا الخطاب جرى تكريس الرؤية الأحادية الإقصائية التي ترى نفسها أو تحاول أن تعبر عن نفسها باعتبارها أنها تمثل الفرق الناجية أو المطلقة، هناك تطور إيجابي، على هذا الصعيد علينا تفعيل الحوار الوطني بحيث أن نخفف القيود البيروقراطية الرسمية، أن يعطى مجال للقضاء المدني الواسع، من خلال السماح لتشكيل وبلورة مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، الثقافية والمهنية والفكرية والاجتماعية والنقابية، وغيرها من خلال اشتراك شرائح المجتمع دون أن يكون هناك قيود مسبقة، أو تدخلات مسبقة في تحديد أجندة الحوار، وفي تحديد الشخصيات المشاركة، مع احترامي للكثير ممن ساهموا واشتركوا في فعاليات هذه المنتديات، إلى الآن نحن انتهينا من ستة مؤتمرات للحوار، والبعض يقول هل هذا الحوار سيتحول على حوار (الطرشان)؟ المهم كيف يمكن أن يتجسد الحوار من خلال إنجازات حقيقية على الأرض، وشكراً
الأستاذ عدنان العوامي: بسم الله الرحمن الرحيم، جزيل الشكر لمعالي الشيخ عبد المقصود على إتاحته هذه الفرصة للالتقاء بهذه الوجوه الكريمة، أريد فقط أن ألفت النظر إلى قضية تاريخية, ففي مطلع النصف الأول من القرن الماضي في حدود الخمسينات تقريبا، أصبحت المنطقة الشرقية - كما هو معلوم - بسبب وجود البترول فيها ملتقى جميع المناطق، تجمع في حقول سكن أرامكو الظهران ورأس تنورة وفي بقيق, كل أطياف المجتمع السعودي كانوا يعيشون في سلام ووئام, لم نشعر في ذلك الوقت بأي فارق، تجد الألفة السائدة بين جميع الفئات، لم يكن أحد يعرف أن هذا مالكي وهذا شيعي وهذا حنفي.
هذا الوضع له جذوره التاريخية أيضا، في أدبيات القرن العاشر الهجري، وجدنا في المتحف البريطاني وثيقة لشاعر قطيفي مجاور للحرم النبوي عبارة عن قصيدة بعثها إلي السيد حسن بن شلقم في الهند، هذه القصيدة تتحدث عن أمور كثيرة بالرغم من أن نص القصيدة ضعيف، فهي عبارة عن أرجوزة يبلّغ فيها تحيات الأصدقاء، ومن يعيشون حوله, نجد أنفاس التآخي والتآلف بين جميع هذه الطوائف في هذه الأرجوزة، تشم فيها سلام من الحنفي، وسلام من المالكي، وفلان العلامة، ومن الشيعي، فمن خلال الأسماء والألقاب تعلم أن هؤلاء فعلا كلهم منصهرون في بوتقة أخوية واحدة, أعتقد أن هذا الاجتماع وكثير من أمثاله موجود في المنطقة، أخلص من هذا إلى أن شيئا واحدا وهو: لو أن الناس تركوا دون تدخل من أحد لساد الوئام بينهم, لكن هناك أيدي لا يرضيها التآلف، ولذلك فهي تعمل جاهدة وتتدخل، لو كفت هذه الأيدي تصرفاتها لآل الأمر إلى خير، وشكراً للجميع..
كلمة فضيلة الشيخ فوزي السيف أستاذ الحوزة العلمية بالقطيف: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:-
بعد أحداث سبتمبر 11 أحد الصحفيين كتب: " 11ستمبر صورتنا الحقيقية". وأظن أن هناك صورة حقيقية ولكنها معينة، الصورة الحقيقية التي تبرز إلي العالم هي صورة مثل هذا الجمع الذي يشتمل على أدباء وعلماء ومفكرين، وتاريخ أدبي وعلمي، وتراث مدني وحضاري، مع الأسف على أثر الاختطاف الذي أشار سماحة السيد العوامي إلى جانب منه، وربما هو أيضا حديث آخرين، من قبل فئة استقوت بالسياسة والظروف الخاصة، وصارت هي التي تقود هذا المجتمع إلى حيث صارت 11 سبتمبر صورتنا الحقيقية، بينما في مثل هذا الاجتماع صورتنا الحقيقية، وهذا الالتئام.
أخواني: أرى أنه ينبغي أن نأخذ زمام المبادرة في مثل هذه الاجتماعات، وفي مثل هذه اللقاءات، لكي تتحول لا إلى مناسبات متباعدة، وإنما إلى برنامج كما أشار إليه فضيلة الشيخ.
أن نفعّل هذه الحالة من الحوار الغير رسمي، الحوار الوطني هو خطوة واحدة، ربما تختطف من نفس الفئة التي اختطفت هذا المجتمع، ولكن التواصل الذي يجب أن يكون بين فئات المثقفين والناشطين الاجتماعيين من أمثال الحاضرين هنا، وهم بحمد الله كثيرون في ساحة هذا المجتمع الطيب، ولكنهم مغيبون، أعتقد انه لو أمكن تحويل مثل هذا اللقاء إلى لقاءات مستمرة، تستهدف عبر برنامج معين الوصول إلى أهداف محددة، من الممكن أن نغير تلك الصورة التي فرضها صاحب المقال المذكور، من أن نغير تلك الصورة إلى صورة أخرى، هي صورة هذا المجتمع، مجتمع فيه تاريخ، مجتمع له أدباء، فيه مفكرون، فيه تراث، فيه جهد مدني، فيه تاريخ وعوائل عريقة، وعلم وأدب والتقاء، ينبغي أن نسعى إلى أن تكون هذه الصورة المغيبة حتى الآن هي الصورة البارزة والظاهرة، وهذا يرتبط بجهد مع عزيمة أمثال هؤلاء الحاضرين، شكر الله مساعيهم جميعا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
كلمة الأستاذ محمد باقر النمر: بسم الله الرحمن الرحيم, بعيدا عن السياسة التي تحدث فيها أغلب الاخوة، تعقيبا أو تعليقاً أو تفاؤلا على مؤتمر الحوار الوطني، عن الحوار الوطني وموضوع الوحدة، أثار الأشجان الدكتور جميل مغربي عندما تحدث عن الفرزدق، في الحقيقة كان يتحدث عن قيمة كانت موجودة عند العرب، هذه القيمة انعدمت أو انتهت في هذه العقود، أو في هذه القرون فقط، أنا أشير إلى هذه القيمة، هي قيمة إنصاف الخصم، كانت من شيم العرب، ومن شيم المسلمين, هذه القيمة إذا ثبت أن الطرف الآخر خصما، نحن نجد في زمن الجاهلية أن الشخص ينصف خصمه ويمدحه، كما أشار الدكتور أن الفرزدق من غير الشيعة يمدح إماما ورمزا شيعيا, الصورة تعكس إنصاف الخصم، واحترام الآخر، وإن كانت فيها من السياسة والإساءة، ولكن الإساءة الذكية، عندما ينصف الإنسان خصمه لا يحقره، ولكن يذكر ما عليه وما له، يعني أنه في واجهة إنسان كبير وعظيم.. إلخ، فقط هذه القيمة التي أحببت أن أوضحها واشد على ما ذكره الدكتور جميل مغربي.
الشيخ عبد المقصود خوجه: تتفقوا معي على موعد وآلية لهذه الأمسية؟, الآن الساعة الحادية عشرة فمتى تريدون إنهاء هذه الأمسية؟.. دعونا ننفتح على بعضنا البعض أنا من وجهة نظري هل نترك الأمر هكذا أم ماذا؟
كلمة الشيخ الدكتور صادق الجبران: بسم الله الرحمن الرحيم, شكراٌ لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه الذي أتاح الفرصة الطيبة، للقاء بهذا الجمع الطيب، الحقيقة معظم الكلام الذي نسمعه من الأخوة الأفاضل كان طيباً، وهو المتعلق بالشق الشعبي، المتعلق بالناس، بالمثقفين، ولاشك أن فيه الكثير من القيم الأخلاقية، لكن إذا كنا نهدف إلى قيام وحدة مجتمعية، وحدة وطن، هذه لن تبنيها الأخلاق فحسب، بل يبنيها القانون، وسؤال سُئلَ عن بلاغ مكة الذي قال: اعتراف بالمذهب الجعفري, السؤال ما هي القيمة القانونية لكل هذا البلاغ؟ هل له قيمة قانونية؟
أقول لكم ليس له أي قيمة قانونية.
لماذا؟ لأنه لم يقر بطريقة قانونية بحيث يأخذ الصيغة التنفيذية، وأيضاً ليس له آلية لتنفيذه، مثله مثل الإعلان العربي لحقوق الإنسان، والنظام الأخلاقي، وليست له تلك القيمة القانونية التي تكرسه كقانون، إلا في التصديق على العهدين الدوليين والبروتوكول الإضافي، في تلك الساعة نقول: نعم صار له قيمة قانونية.
كثير ما نتحدث عن الوحدة، لكن كيف نترجمها إلى واقع قانوني، بحيث يكون ملزما لكل الناس، الغرب الذي نتحدث عنه، ونشيد به، وباحترامه للغير، وباحترامه للوحدة، لديه الخلافات الكثيرة بين المسحيين أنفسهم، وبين المسحيين واليهود، وبين المسيحيين والمسلمين، هناك مؤسسات دستورية قانونية، هناك سيادة للقانون تمنع أي واحد أن يخترق الوحدة الوطنية، ويكون اختراق الوحدة الوطنية في منصوص عليه كجريمة من الجرائم العظمى، كخيانة عظمى، في حين للأسف الشديد نرى كثيرا من الفتاوى والأقاويل هنا وهناك تلغي ثلاثة أرباع الوطن أحيناً، وتلغي ربع الوطن، ويُتعامل معها كرأي ديني، وتعرفون خطورة الفتوى في مجتمعاتنا الشرقية الدينية، بصفة عامة يجب أن يترجم هذا الشيء إلى عمل قانوني.
سيادة القانون ووجود المؤسسات الدستورية والقانونية، ودور القضاء واستقلاليته تضمن تطبيق مثل هذه المفاهيم، إذا لم يتحقق هذا الشيء فنحن نكون في بداية أخلاقية، أما لن نصل إلى هذا المستوى ويترجم عبر إصلاح هذا الشأن، أقدم هذه المداخلة وأرجوا أن أكون قد وفقت فيها. وشكرا.
كلمة الشيخ فهد أبو العصاري: أريد أن أسير مع الدكتور على نفس الخط, كما تعلمون أنا من المدينة المنورة, يقول الله عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاٌ عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون﴾، صدق الله العظيم.
سبعة وخمسون دولة اعترفت بثمانية مذاهب، سبعة وخمسون رئيس دولة ومعهم مائة من علماء المسلمين، ويأتي أحدهم بعد مدة قليلة، وقبل أن يجف الحبر كما يقول فضيلة الشيخ صفار, ويقول: إن كل الشيعة ولاءهم لغير وطنهم, الواضح أنه غير ذلك.
ماذا عن الإرهابيين؟ لماذا لا يقال أن ولاءهم لغير الوطن؟ ثم الواقع الذي أنا فيه، أنا من المدينة المنورة، إذا مت لا يصلى علي في الحرم لأنني شيعي، الآن لا أستطيع أن أصلي في الحرم وفق مذهبي، ومذهبي معترف به، كتابي لا يدخل إذا كان مطبوعاً في الخارج, ولا يطبع في داخل المملكة.
فهذا الاعتراف مجرد اعتراف صوري يحتاج أن يكون واقع، نحتاج أن نفعّل ما يقال, فالمشاكل كثيرة، أكثر من 300 مدرس شيعي في المدينة المنورة ليس فيهم مدير مدرسة واحد، تمييز في الوظيفة، تمييز في الصلاة، تميز في كل شيء، أسأل الله سبحانه وتعالى أن تفعّل فعلاً الوحدة الوطنية بجهدكم، وبأقلامكم، هذه النخبة الطيبة، وأشكر لمعالي الشيخ خوجه على هذه الدعوة، وآسف للصراحة وصلى على محمد وآله وسلم.
كلمة فضيلة الشيخ حسن الصفار: بسم الله الرحمن الرحيم, أراء الأخوان كانت طيبة ومفيدة، وددت أن أعلق على مختلف ما طرح ببعض النقاط:
النقطة الأولى: التفاؤل أو التشاؤم، ينبغي أن نفكر في مردودات هذا التفاؤل أو التشائم، إذا كنّا متفائلين ماذا ستكون النتيجة؟ وإذا كنا متشائمين ماذا ستكون النتائج؟
يبدوا لي أننا سنكون أقدر على العطاء، وعلى تجاوز المشكلة حينما تعمر قلوبنا بالتفاؤل، الأطباء ينصحون المرضى بأن تكون معنوياتهم رفيعة، ونفسياتهم قوية، لكي يستعينوا بقوة المعنويات على قسوة المرض، ولذلك أدعو نفسي، وإخواني الأعزاء للتفاؤل مع تقديري لحرصهم، ولتألمهم على ما يرون من مشاكل، لكنني أعتقد أن التشاؤم لا يحل المشكلة، ولا يدفعنا للعمل والعطاء، وإنما يحقق ما يردده من افترضناهم سبباً لهذه المشكلة.
أخواني أخواتي: هناك من يريد أن يدخل اليأس إلى قلوبنا، يريدون أن يسيطر الإحباط على نفوسنا، لذلك.. أنا أدعو إلى التفاؤل، لكنه ليس التفاؤل الخادع، وإنما التفاؤل الذي يدفع إلى الفاعلية والعمل، كلكم بحمد الله فضلاء، وواعون ومطلعون، ما نعيشه من مشاكل له عمق في تاريخنا، وثقافتنا، صحيح أن هناك بعض الصور الجميلة التي نتناقلها من تاريخنا وماضينا، ولكنني من خلال قراءتي أجد أن المساحة الأوسع في تاريخ الأمة كان يحكمها الاستبداد، وكان يحكمها القمع الفكري والسياسي، ويمكن مناقشة هذا الموضوع في مورد أخر، الخروج من تأثيرات هذا التاريخ الاستبدادي السابق، الدولة الأموية فيها ومضات طيبة، وكذا الدولة العباسية، والدولة العثمانية، ولكن الحال الأغلب في هذه الدول التي حكمت الأمة الإسلامية قرونا متطاولة كانت حالة استبداد، هذا الاستبداد السياسي أنتج وكرّس واستنهض ثقافة تسوغه وتشرّعه وتؤيده، فأصبحت ثقافتنا هي الأخرى فيها ما يدفع باتجاه الاستبداد، والقمع الفكري، والإقصاء، وهذا لا يخص فئة دون فئة، نحن رأينا في عالمنا العربي حينما حكمت بعض التيارات الأخرى غير الدينية، هل عاش الناس في ظلها الحرية والرفاهية والراحة؟ رأينا القمع الأكثر والأعنف في ظل تلك الأنظمة عند السنة وعند الشيعة، وحتى حينما نقرأ في بعض الجوانب، في الثقافة مثلا، فمن الخطأ أن أنزه كل تاريخي، أو كل ثقافتي، في الوقت الذي أسلط فيه النقد على تاريخ الآخرين وثقافتهم، تعالوا نعترف بان عندنا مشكلة مزمنة، لها عمق تاريخي، وعمق ثقافي، وهذا يعني أن نتجاوز هذه المشكلة، وهذا لا يتم بين عشية وضحاها. المهم أن نبدأ المعالجة، بالتأكيد أنا شخصياً أتوقع من ولاة الأمر، ومن حكومتنا الرشيدة خطوات أكبر، وأن تأخذ الحالة منحى التقنين والتنظيم، وأن تكون هناك آليات، هناك تطلعات وتوقعات، وتخاطبنا مع المسؤولين على أساسها، نحن بحاجة إلى أن تكون هناك متابعة من أجل تحقيق إصلاح سياسي عام، يتناول مختلف الجوانب، ووفق ما صرح به ولاة الأمر.
من يقرأ خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد في افتتاح مجلس الشورى، في آخر دورة افتتحها في حياته، كأن خطابه وثيقة إصلاحية، وكل المواطنين، وكل التيارات الإصلاحية يمكن أن توقع على هذه الوثيقة، ينبغي أن نطالب بالتفعيل، وبالتنفيذ.
النقطة الثانية: في عالمنا العربي غالباً كل طرف يطالب الآخر بدوره، وينسي دوره الذاتي، نحن يجب أن نقوم بمبادرات، كمجتمع مدني يجب أن نتحرك، علماء خطباء مثقفون أدباء فاعليات اجتماعية.
أنا أتعجب!! مع أن الدولة أعطت الضوء الأخضر للحوار الوطني، لماذا لا تكون هناك مبادرات لإنشاء تجمعات تتبنى هذا المطلب؟ تجمعات أهلية مدنية بمختلف الصيغ، أنا قرأت عن مؤسسة في بريطانيا، تتحرك لوحدة الشعب العراقي أطلقوا عليها (المركز العراقي للحوار والمصالحة والسلام،)، هم مسيحيون حتى أن أحدهم أيضا عالم دين مسيحي اسمه (اندو وايت) ممثلا (للكنيسة الانغليكانية)، عندما جاء إلى العراق، واتصل بمختلف العلماء السنة والشيعة، وجمع أكبر عالمين في بغداد، عالم شيعي وعالم سني، وهما السيد حسين الصدر مع الشيخ عبدالقادر العاني، ونشرت الجرائد حوله في الخارج.
أن تتكون مؤسسات تظهر هذا العنوان، بغض النظر عن النوايا والتوجهات, نحن لماذا تنعدم عندنا المبادرات؟ لماذا لا تكون هناك مجلة مشتركة؟ هناك مجلات للشيعة، ومجلات للسنة، لماذا لا تتكون مجموعة، وينشئون مجلة مشتركة، ويعملون مع بعض، تقولون لا يمكن ترخيصها في داخل البلد فلتكن خارج البلد، مواقع إنترنت لماذا لا تكون لنا مواقعنا المشتركة؟ لماذا لا تكون لنا تجمعات ومراكز مشتركة؟
يجب أيها الأخوة أن نتحمل مشكلاتنا، حينما تحصل مشكلة لواحد من السنة في منطقة شيعية، أو لواحد من الشيعة في منطقة سنية, أو لإسماعيلي في منطقة زيدية, أو ما شابه ذلك، ينبغي أن يبادر الآخرون للدفاع عنه، وأن يتحدثوا حول قضيته وموضوعه، وينبغي أن نشجع المبادرات على المستوى المدني الأهلي، نعتبر الحوار الوطني ضوءً أخضر من الدولة، ونتحرك ونلزمهم بما ألزموا به أنفسهم، ونقوم بمبادرات، قد نواجه صعوبات وعوائق، ولكن نؤدي ما علينا من واجب بهذا الاتجاه.
النقطة الثالثة: تصريح الرئيس المصري عن ولاء الشيعة لإيران يكشف عن الخلل الموجود في النظام السياسي العربي الذي يضيق ذرعاً بأبناء الوطن، حينما يكون عندنا مسلمون وأقباط لا نستطيع أن نحقق الوئام بينهما، عندما يكون عندنا عرب وأكراد لا نستطيع أن نحقق الوحدة الوطنية بينهما.
عندما يكون عندنا مدارس فكرية أو سياسية نفس الشيء، في اليمن الجنوبي قبل الوحدة رأينا في داخل النظام الواحد الماركسي كيف كان هناك اتجاهان، وحصلت مذابح ومجازر، وما استطاعوا أن يتعاونوا فيما بينهم، النظام العربي فيه هذا الخلل, هذا الحديث يكشف عن الخلل في النظام السياسي العربي، وإلا ما هو الولاء الوطني؟ القضية ليست قضية شعارات، والشيعة هم أبناء أوطانهم، وهم أصلاء في أوطانهم، لا يستطيع أحد أن يزايد عليهم، ليسوا دخلاء، ليسوا وافدين، هم مؤسسون في بناء هذا الكيان الوطني الحديث، أغلب البلدان العربية التي فيها شيعة كان لهم دور في تأسيس الدولة الحديثة، في العراق الشيعة والسنة واجهوا الاستعمار البريطاني، وبنيت الدولة العراقية الحديثة بعد جهود الشيعة مع إخوانهم السنة.
وحينما بعثت الأمم المتحدة سنة 1970 –1971 ميلادي بعثة لاستطلاع رأي الشعب البحريني، حول الالتحاق بإيران، هل يقبلون الانضمام إلى إيران كما ينادي شاه إيران؟ أم يريدون إمارة مستقلة؟ الشيعة في البحرين صوتوا إلى جانب إخوانهم السنة، وكانوا أكثرية، صوتوا برفض الانضمام إلى إيران، وبأن تكون البحرين دولة مستقلة.
وكذا الشيعة في المملكة العربية السعودية، منطقة الشيعة المنطقة الشرقية، وهم فيها الأكثرية، وخاصة في ذلك الوقت، الشيعة هم الذين دعوا الملك عبد العزيز، وهم الذين بادروا لمبايعته، وهم الذين وضعوا كل مقدراتهم المالية في خدمة الدولة الجديدة التي كانت تعاني من الفقر والحاجة، وهم الذين يحمون آبار البترول، وأنابيب النفط طوال هذه السنوات، تمر خلف منازلهم وفي شوارعهم, فالولاء الوطني ليس شعارا، وليس قصيدة تقال، وإنما هو بناء، وهو حرص على وحدة الوطن وكيانه، بالنسبة لإيران, إيران دولة لها بعدان: بعد سياسي وبعد مذهبي.
أولا: البعد السياسي: إذا قام حكم في منطقتنا العربية يحكم بشعارات ثورية، وينادي بمواجهة أعداء الأمة, فيستثير جمهور الأمة على الواقع السيئ المتخلف فإن جماهير الأمة تتعاطف وتتفاعل معه.
وعلى سبيل المثال: حينما كان جمال عبد الناصر في مصر نرى أن أرجاء الوطن العربي تفاعلت معه، وتشكلت أحزاب ناصرية، وكان هناك تأييد، ما سمعنا آنذاك عن نقص في الولاء!! حتى حين هبت رياح الصحوة الإسلامية، وكانت قياداتها من مناطق مختلفة، وتفاعل شباب المسلمين مع هذه الصحوة، وكانت زعاماتهم في بلدان ومناطق مختلفة، كأبي الأعلى المودودي في باكستان، فالأخوان المسلمين في مصر بنوا مدرستهم على أساس أفكاره، وكانت كتبه تدرس في صفوفهم، وكذا الأخوان المسلمين وهم في مصر كتبهم في كل البلدان العربية، كان لهم تأثير في مختلف المناطق العربية، وواضح في كل بلد عربي هناك تيار يعتبر متأثر بالإخوان المسلمين، أو فرع للإخوان المسلمين، كالأردن وما شابه، حينذاك لم يتحدث أحد عن الولاء، إيران دولة لها توجهاتها في مواجهة أمريكا وإسرائيل، وتستثير الناس نحو الثورة ونحو التغير، وهذه الشعارات يتجاوب معها الكثيرون، وخاصة ممن يعيشون وضعاً سياسياً غير مريح بالنسبة لهم، فهذه مسألة لا تدخل ضمن الحالة المذهبية، أو ضمن الحالة الدينية، وإنما حالة سياسية، كما كان هناك تفاعل وتجاوب مع دعوات سياسية أخرى.
ثانيا: الناحية المذهبية الدينية، إيران باعتبار أن المذهب الرسمي هو المذهب الشيعي، وباعتبار أن فيها حوزة علمية، وبعد أن ضعفت الحوزة العلمية للشيعة في العراق في النجف الأشرف التي عمرها أكثر 1000 سنة، وهي الحوزة الرئيسية للشيعة، حتى أن علماء إيران يفتخرون بأنهم درسوا في النجف بالعراق، ويتسمون بالنجفي والغروي والحائري لأنهم كانوا في العراق، وتركزت الحالة الدينية خلال هذين العقدين من الزمن للشيعة كحوزات ومرجعية في إيران، فأصبح هناك ارتباط ديني ومذهبي، وليس ارتباطا سياسيا، نعم هناك منظمات سياسية عند الشيعة، وهناك أحزاب سياسية تبحث عمن يتعاون معها فتتحالف معه، وكمثال على ذلك العراق، فالشعب العراقي يريد أن يبنى دولته، ويبني كيانه، وهناك أحزاب شيعية، وأحزاب كردية وعلمانية،كل حزب من الأحزاب يبحث له عمن يتفاعل ويتعاطى معه، الشيعة تتعاطى مع إيران باعتبارها حليفا، و هناك مصالح مشتركة، وأنا يترجح عندي هذا الرأي: لو أن الدول العربية تفتح المجال للقوى الشيعية في العراق، ولقد سمعت من بعض قياداتهم، ومن بعض مرجعياتهم، لو أنهم يفتحون المجال لهم، وينفتحون عليهم، ويتعاطون معهم، لرأوهم - على المستوى السياسي - أقرب إليهم مما هم إلى إيران، ولكن ماذا يعملون حينما تغلق الأبواب في وجوههم؟ ولا يُستقبلون؟ ولا يُدعمون، وهم في مرحلة المعارضة لصدام لم يستقبلهم أحد، والآن وهم يريدون أن يبنوا وضعهم من جديد لا يجدون الاستقبال، وابرز دليل هذا التصريح، كيف تصف هؤلاء الناس أنه لا ولاء لديهم لوطنهم، ثم تريد منهم أن يتعاونوا في حماية عروبة العراق، ووحدة العراق، المسالة ينبغي أن تؤخذ على هذا الأساس، فالشيعة في مختلف مناطقهم يعتزون بأوطانهم، ويبذلون جهودهم في المشاركة في بناءها، وهم ليسوا بحاجة إلي شهادة أحد، وإنما تاريخهم وممارساتهم خير شاهد لهم وعليهم.
في الختام أشكر معالي الشيخ على دعوته واستضافته، ولكم جميعاً، وليس هناك مجال للإجابة على كل التفاصيل، ولكن كما قلت، لم يكن هناك سؤال وجواب، ولكن اشتركنا جميعا من أجل أن تستفيد من هذه النقاط.
أكرر شكري لكم جميعاٌ على مداخلاتكم وإفادتكم، وأعتذر إن كان في لفظي شئ من الحماس، أو الاندفاع، فأعتذر منكم جميعاً، فأنتم جمع كريم وتقبلون العذر.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا فضيلة الشيخ ليسمح لي الإخوان، أن أشكر باسمي وباسمهم فضيلتكم وصحبكم الكرام على إتاحة هذه الفرصة لهذا الحوار وهذا الحديث.
طبعا لكل توجهه وآراؤه، ونحن في جلسة أخوية، وكم هو جميل أن نستمع إلى بعضنا بعضا، ونحاور بعضنا بعضا، ولكن طبعاً لا يمكننا في هذه الجلسة الأخوية، ووقت كهذا، أن نغطي كل النقاط التي أثيرت، ومن الجميل أننا تكلمنا بانفتاح وبحرية، وتكلمنا بموضوعية نتفق ونختلف حولها.
أجمل ما في هذه الأمسية تبلور أمامنا أن نعمل يدا واحدة بالتواصل والاستمرارية في ذلك، والحوار الوطني دعوني أقول (الغير رسمي)، وبالشكل الآني الحضاري، وهو الكلمة الحسنة المتابعة المثابرة وشد أزر بعضنا بعضا، لنبني وطنا واحدا بآراء واحدة، هذا التوجه ليس مذهبياً، يجب أن يكون عند كل صاحب رأي، وكل إنسان يحب هذا الوطن بدون هذا التوجه لا يمكن أن تقوم لنا قائمة، وأعتقد أن هذا الجمع المبارك يجب أن يفعل، وأنا لي حديث مع فضيلة الشيخ دعوني أصارحكم به، ذهبت إلى الأخوان السنة الماضية لزيارتهم، ولا أكتمكم أن هذا كان مثار تقدير عند المسئولين وحضوا على ذلك، ودعوني أقل لكم اكثر من ذلك لئلا يقال غير الواقع: ما كنت أتوقع أن اذهب إلى ذلك الحفل الذي أكرمني به شيخنا الصفار، وذلك الجمع الذي كان اكبر بكثير من جمعكم الليلة، وتناقشنا معا، وتبلورت الفكرة لدي، ورأيت أنه لماذا لا نقابل بعضنا بعضا كمجموعات؟ هذه المرة إنني دعوت، والمرة القادمة سأتعاون مع بعض الإخوان، وأن نذهب إلى هناك، لا نحتاج أن ندعو بعضنا بعضا، في كل مرة نكون عشرة أشخاص، ونبقى هناك يومين أو ثلاثة، ونلتقي ونتناقش، وأنا متأكد أن هذه النقاشات لا بد أن تتبلور بآراء.
دعونا نعتبر هذه الجلسة بداية ولكل أمر بداية، وأكرر أنني مع إعطاء الأمور وقتها الصحيح للعمل الجاد ببرنامج جاد، وبمثابرة ومتابعة، فلنعتبر أن هذه هي رحلة ليست رحلة الألف ميل، ولكن فلنتفاءل، وعلينا أن نسير وفي رأيي لا تؤخذ الدنيا غلابا، بالحسنى بالكلمة الطيبة بالنقاش والتآزر والتعاضد، والقضية ليست قضية شيعة أو قضية سنة أو أن هناك قوى دينية متسلطة، هذه طبيعة الأشياء، أنا لا أقابل هذه القضية بالتسلط بل أقابلها بالحوار، والحوار لا يمكن أن يتم إلا بمآزرة بعضنا بعضا، ومساعدة بعضنا بعضا، وعندما يروا أن هناك عدم إقصاء، ومقابلة الحجة بالحجة، وورقة عمل من 57 دولة منها المملكة، ومائة عالم، وكيف يتم تفعيلها قانونيا؟ هنالك منظمة المؤتمر الإسلامي، ولا أقبل أن تتدخل أي دولة في شئون أي دولة أخرى، ما قاله الرئيس المصري سواء كانت لديه مشكلة أو لم تكن فهذا أمر لا يعنينا، وقد تعودنا دائما، وهذه من الأشياء الجميلة في بلدنا أن دولتنا لا تتدخل في شئون الدول الأخرى، ونحن لا نرغب في التدخل في شئوننا، ولا نقبل شيعي أو سني وليس له ولاء سأقف ضده، لا اقبله ولا أزايد عليه، الولاء أولا وأخيرا لمن له بيعة، بشرط أنه لي أنا أيضا لدية ذمة، بيعته من باب الحقوق ومن بابا الواجبات التي أذود عنها بدمي ومالي وبكل ما املك، عملا بقوله سبحانه وتعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم﴾، وهذا ليس من باب المن وليس من باب الفضل، كما لي مقابل هذه البيعة ذمة في عنقه، أن يحفظ أموالي، ويحفظ دمائي، ويحفظ كرامتي دون أن تهدر، ويستمع إليّ، ويعطيني حقوقي، والحمد لله يقولون هذا الكلام والقضية تحتاج إلى تفعيل..
هناك تيارات كثيرة ومعوقات كثيرة، ولكن من باب الحقوق ولا تكون هنالك واجبات بدونها والحمد لله أبوابهم مشرعة، في الحقيقة أجد في كثير من الأشياء غير قائمة على الوجه الذي يرضي الجميع، لكن إذا نظرت إلى أنظمة أخرى أجد أن المواصلة بين المواطن والمسئول غير واردة، هنا الحمد لله الباب المفتوح ويجب أن ألجه بالطريق الصحيح، والباب الذي يطرق لا بد أن يفتح..
شكرا لكم جميعاً وشكراً لفضيلة الشيخ وأتمنى أن نلتقي دائماً وأنتم بخير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..