التنافر المذهبي: حوار مع سماحة الشيخ الصفار في قناة الجزيرة

مكتب الشيخ حسن الصفار

استضاف برنامج الشريعة والحياة بقناة الجزيرة الذي يُقدمه الأستاذ ماهر عبد الله مساء الأحد الموافق 23 جمادى الأولى 1425هـ (11 يوليو 2004م) سماحة الشيخ حسن موسى الصفار في حوارٍ تناول موضوع: التنافر الطائفي.

نص الحوار


المحاور الرئيسية

- قِدم التعددية المذهبية ووضعها الحالي

- عقدة الأقلية ودورها في التوتر المذهبي

- كيفية إقناع الآخر بحسن النية

- الانفتاح والتعايش بين المذاهب

- عبثية الجدل الفقهي



ماهر عبد الله: بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقةٍ جديدة من برنامج الشريعة والحياة.

موضوعنا لهذا اليوم سيتركز حول التوترات المذهبية التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، بين المذهبين السني والشيعي. فهناك توترٌ حقيقي (سني – شيعي) تاريخي، يعود إلى أكثر من (1400) عام، ولا أظن أننا في هذه الحلقة سنتمكن من إنهائه، ولكن المطلوب التوحد وإيجاد السبل التي من شأنها أن تجعلنا نتعايش مع احتفاظ كلٍّ منا برأيه ومعتقداته.

يُسعدني أن يكون معي الداعية الإسلامي الشيعي المعروف الشيخ حسن موسى الصفار، وهو من علماء المملكة العربية السعودية، ومنذ فترةٍ أصبح من الوجوه المعروفة واللامعة سواءً على الصعيد الديني أو على الصعيد السياسي، باعتبار أنه شارك في الحوار الوطني الذي شهدته المملكة العربية السعودية على مدار العامين الأخيرين.

الشيخ حسن الصفار، بدايةً أهلاً وسهلاً بك في برنامج الشريعة والحياة.


حسن الصفار: وأهلاً وسهلاً بكم وبجمهوركم الطيب.

ماهر عبد الله: سيدي هذه التعددية المذهبية في عالمنا العربي قديمة نعيشها منذ القرن الأول، هل باعتقادك كانت الأمور بالسوء الذي نراه اليوم على مدار هذا التاريخ، أم أنا نعيش حلةٌ استثنائية في هذا الجانب؟

حسن الصفار: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطاهرين وصحبه الطيبين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى قيام يوم الدين.

أعتقد أن ما أطلقتم عليه (التوتر المذهبي) هو مفردةً من مفردات التوترات العديدة التي تشهدها وتعيشها مجتمعاتنا، فهناك توترات عرقية، قومية، قبلية، سياسية وفكرية بين مختلف التيارات. ومشكلتنا أن مجتمعاتنا بعد لم تصل إلى مستوىً من النضج والتقدم يُمكنها أن تقبل حالة التعددية في المجالات المختلفة. والتوتر المذهبي هو مظهرٌ من مظاهر هذه الحالة التي تعيشها مجتمعاتنا، وليس هي حالة وحيدة، فإلى جانبها توتراتٌ أخرى. ولكن –بالطبع- فإن التوتر حينما ينبعث من حالة دينية تكون خطورته وتأثيره أكبر، وإلا فهي مظهرٌ من مظاهر عدم النضج والاستقرار الذي تعيشها مجتمعاتنا.

التعدد المذهبي ليس أمراً جديداً أو طارئاً في تاريخ الأمة، ما مرَّ قرن من الزمان على الأمة الإسلامية كانت منصهرة فيه ضمن مذهبٍ واحد أو اتجاهٍ واحد. فمنذ القرن الأول للإسلام بدأت بذور هذه التعددية، وهذا التنوع المذهبي، على المستوى الفكري والسياسي أو على المستوى الفقهي. المذاهب الإسلامية الموجودة ليست وليدة هذا القرن أو هذا العصر، فالسنة والشيعة موجودان منذ القرن الأول بناءً على مسألة الخلاف حول الخلافة والإمامة، وما انجر إليه من أحداثٍ طوال تاريخ الأمة في الفترات الماضية، وكذلك وجود الخوارج –أيضاً –بمذاهبهم المتعددة، والمدارس التي كانت موجودة من أشاعرة ومعتزلة وقدرية ومرجئة، ون مختلف التوجهات، كلها كانت موجودة منذ القرون السابقة. فهي حالةٌ قديمة، قدم تاريخ الأمة، وهي واقعٌ قائم تعيشه الأمة في هذا العصر، وسيبقى إلى أن يشاء الله سبحانه وتعالى.

نحن أمامنا تجاه هذا التعدد أحد خيارات ثلاثة (شأننا شأن بقية المجتمعات البشرية في تعدداتها وتنوعاتها الدينية والفكرية والسياسية):

الخيار الأول- المراهنة على إلغاء حالة التعدد، وأن تتوحد الأمة يتوحد المسلمون ضمن مدرسة عقدية واحدة؛ (وأقصد بالعقدية الواحدة في التفاصيل وإلا فإن الأمة في الأصول ضمن مدرسة واحدة، ولا تختلف الأمة في هذا الجانب). البعض يراهن على أن تجتمع الأمة وتتفق على رأيٍ واحدٍ في كل هذه التفاصيل، ويطمح إلى هذا الأمر. ولكنه طموحٌ مثالي، فكيف يُمكن إلغاء هذه التعددية المذهبية العريقة في تاريخ الأمة، والمستند إلى اجتهادات وآراء علمية مختلفة. ولتحقيق هذا الطموح قد يلجأ البعض إلى أحد الاتجاهات التالية:

الأول- القوة، بأن يُفرض على الناس أن يتجهوا باتجاهٍ واحد، وواضحٌ أن المعتقدات والآراء الدينية لا يُمكن أن يُتعامل معها بالقوة. وكثيرٌ من المجتمعات التي فُرضت عليها بعض الآراء والمعتقدات الدينية أو المذهبية زال ذلك بمجرد انتهاء عامل القوة والقهر. والقرآن الكريم يؤكد هذه الحقيقة، فيقول تعالى: ﴿لا إكراه في الدين. فالمراهنة على أن توحد الأمة على أساس القهر والفرض، مراهنة غير ممكنة وغير عملية، وقد جُربت في داخل الأمة وخارجها فلم توصل إلى نتيجة.

الثاني- الترغيب، بمعنى أن أحد المذاهب يُقنع بقية أتباع المذاهب الأخرى بأن يتنازلوا عن آرائهم ومذاهبهم، وهذا أيضاً أمرٌ غير عملي وغير فعلي. وهذا لا يرتبط بمسألة حق وباطل فقط، فنحن نؤمن بأن الإسلام هو الحق، وبأن أقدر الناس على تبيين هذا الحق هو رسول الله ، ومع ذلك فقد كان في عهد رسول الله يهود ونصارى لم يُغيروا دينهم وعقيدتهم. فالمسألة لا تقف عند الحق والباطل، ولكن هناك عوامل عديدة لها دور في وجود وبقاء الآراء والمعتقدات الدينية والمذهبية، والقرآن الكريم يوضح هذه الحقيقة بجلاء، فيقول تعالى مخاطباً نبيه : ﴿ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آيةٍ ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابعٍ قبلتهم وما بعضهم بتابعٍ قبلة بعض.

فالمراهنة على أن يترك أصحاب المذاهب الأخرى مذاهبهم ومدارسهم ويقتنعا بمذهبٍ واحدٍ (سنيٍّ كان أو شيعي) هذه مراهنةٌ غير واقعية.
 

[فاصل إعلاني]

 


ماهر عبد الله: مرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة، والتي نتحدث فيها عما إذا كان التوتر المذهبي والطائفي الذي تعيشه الأمة الإسلامية قدرٌ محتومٌ علينا أن ندفع ثمنه إلى يوم الدين، أم أنه حالة طارئة ويمكن التعايش معها. ضيفي في هذه الحلقة الشيخ حسن الصفار، علم الدين السعودي المشهور.

سيدي، في مواجهة حالة التعدد قلت أن هناك ثلاثة خيارات، الخياران الآخران ما هما؟


حسن الصفار: الخياران الآخران هما:

الخيار الثاني: استمرار حالة الصراع والتوتر، التي قد تنخفض في بعض الأحيان، وقد تطفو على السطح، حسب تعبيركم، أحياناً أخرى. واستمرار هذه الحالة من التوترات لا تنسجم مع القيم والأخلاقيات الدينية التي ينبغي أن يحملها كل إنسان مسلم، يقرأ القرآن، ويقرأ أحاديث رسول الله . القرآن الذي يدعو الناس إلى السلم، ﴿ادخلوا في السلم كافة. كما أن استمرا الصراع الطائفي والمذهبي له آثار ومضاعفات سيئة، رأيناها في تاريخ الأمة ونعيشها الآن في واقع الأمة. وأهم تلك المضاعفات، أن الصراع في حال استمراره:

أولاً- يُعوّق مسيرة التنمية.

ثانياً- يُفقد أوطاننا حالة الاستقرار.

ثالثاً- يُشوّه سمعة الإسلام،
عند أجيالنا الناشئة، وأمام العالم. ماذا نقول للعام الذي ينظر إلينا ونحن نتقاتل فيما بيننا، على أساس اختلافاتنا المذهبية والفقهية.

رابعاً- تُعطي أفضل الفرص للتدخلات الخارجية. لأن العالم لن يتركنا كثيراً في هذه الحالة غير المستقرة وضمن الأوضاع المتشنجة. سيستفيد منها كفرصة لممارسة نفوذه وهيمنته وللتدخل في شؤوننا الداخلية. ونحن نرى كيف أن الآخرين ينتظرون أي فرصة للنزاع لكي يتدخلوا. الآن في (دارفورد) يُحاولون الاستفادة مما يحصل حتى يتدخلوا، وقبل ذلك في العراق، وقبلها في مناطق أخرى.

إذن استمرار حالة الصراع لا تنسجم مع مبادئنا الدينية التي نحملها، وتضرنا في واقعنا الحياتي والمستقبلي.

الخيار الثالث: التعايش، كما تعايش المسلمون في عصورهم الأولى، فكان أئمة المذاهب يلتقون مع بعضهم البعض، ويحترمون بعضهم بعضاً، ولم تكن حالة التوتر هي السائدة، نعم كانت تبرز في بعض الأحيان نتيجة عوامل معينة، سياسية أو اجتماعية، ولكن كان هناك مستوىً من التوحد، ومستوىً من التعايش السياسي والاجتماعي. وكما ورد في رواية عن الإمام محمد الباقر أنه قال: ((صلاح شأن الناس التعايش))، أن يتعايشوا مع بعضهم البعض. هذا هو الخيار الذي ينبغي أن نسير باتجاهه وننحو نحوه.

ماهر عبد الله: كيف سنصل إلى هذا الخيار، خيار الجميل على الصعيد النظري؟ اسمح لي أن أتقمص دور السني، أصحاب المذهب الشيعي، لدي مجموعة من المسائل، سمّها فنية، اجتماعية، فلسفية، تمنعهم من التعايش. ففي المذهب الشيعي هناك أمرٌ جوهري هو عقدة المظلومية، فهو لا يستطيع أن يتناسى الحسين ، وكأن دينه اختصر، وأن رمزه الأكبر هو ما حدث في كربلاء. إنسان يعيش أربعة عشر قرناً يورث لأجيال أنه مظلوم، وكأنه يُريد أن يبقى مظلوماً وإن أوتي السلطة والغلبة، فقد لا يقبل بها لأنه امتهن المظلومية. وهذه المسألة ليست بسيطة، بغض النظر عما يقوله السني عنه، أو ما يقوله هو عن السني.

هل تعتقد أن من تشكل عقدة المظلومية لديه مسألة جوهرية، يتذكرها كل عام بحفلات وطقوس، يستطيع أن يتناساها، ليعيش بالتساوي مع الآخرين؟


حسن الصفار: ليس على الصعيد النظري أقول أن هذا ممكن فقط، وإنما على الصعيد العملي، إذ أن احتفاء المسلمين الشيعة بمناسبات أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يمكن أن تُوظَّف توظيفاً إيجابياً. نحن نرى في لبنان مثلاً أن مناسبة عاشوراء والمناسبات الدينية كيف أن المقاومة الإسلامية توظفها ضد العدو الرئيسي للأمة، ضد الصهاينة. ونحن نجد في إيران كيف أن المناسبات تُوظَّف ضد أميركا ومن أجل قضايا الأمة بشكل عام.

إذن المسألة تعتمد على أسلوب التعاطي مع هذه المناسبات، الشيعة حينما يعيشون وضعاً غير طبيعي، يشعرون بأنهم يفقدون المساواة مع غيرهم، لا يتمتعون بحقوقهم الكاملة، هنا تحصل مثل هذه الحالات؛ لكن حينما يكون هناك توجيه إيجابي من قيادات إيجابية فإن هذه المناسبات ستشكل ثروة لمصلحة قضايا الأمة بشكل عام.

وهذا يقودنا إلى بحث آخر وهو مسألة الجدل المذهبي، حينما يُذكَّر موضوع السُنة والشيعة رأسا يأتي إلى الأذهان أن الشيعة عندهم آراء وما هي آراءهم ولماذا يقولون هكذا والشيعة يستشكلون على السُنة هكذا، أنا أعتقد آن لنا أن نتوقف عن هذا الجدل المذهبي العقيم، هذا جدل عقيم لن يأتي السُنة بإشكالات جديدة على الشيعة ولن يأتي الشيعة بإجابات جديدة على إجاباتهم السابقة التي أجابوا بها على إشكالات السُنة وكذلك العكس، كتب كثيرة ملأناها بهذا الجدل. حتى أن أحد العلماء قال: إنه أحصى الكتب التي كُتِبت في الجدل المذهبي بين المذاهب الإسلامية وقارنها بالكتب التي كُتِبت في الجدل بين الإسلام وغيره من الأديان فوجد أن مكتبة الجدل المذهبي أكبر بكثير من مكتبة الجدل بين الإسلام وبقية الأديان الأخرى وإلى متى نستمر في هذا الجدل وإلى متى نستمر في هذه النقاشات؟ آن لنا أن تحترم كل جهة اجتهادات الأخرى هي اجتهادات تخصها ولها أدلة عليها أهل السُنة بمدارسهم المختلفة لهم أدلتهم والشيعة أيضا بمدارسهم المختلفة لهم أدلتهم..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: اسمح لي هذا كلام جميل لكن أيضا على الصعيد النظري، ما هناك يعني عقدة أخرى أنا مضطر يعني ألجأ إليها وإذا أنت ملاحظ أنا لا أريد أن أدخل في تفاصيل ما اختلفنا لكن أنا أرى من خلال معاملتي للشيعة في أكثر من بلد على تعدد فيه عقدة أقلية أيضا موجودة يعني هاجس الأقلية، السُني في المحصلة النهائية يعيش في بحر سُني يأخذ كثير من الأشياء على أنها مسلمات هو غير مستعد كثيرا للخوض في هذا الجدل لكن طبيعة الأشياء تقتضي أنه من يهجس نفسه بأنه أقلية لابد أن يدافع ففيه طرف هجومي في أغلب الأحيان من الطرف الشيعي مش هجومي بمعنى استئصالي ولا إقصائي إنه سيأكلوننا سيبتلعوننا نحن هذا ينطبق على كثير من الأقليات وليس في عالمنا الإسلامي فقط يعني بعض الأحيان يجير إيجابيا وعلى هذا الأقليات في العالم الغربي هي الأنشط لكن بفعل هذا التحوصل باعتقادك إنه هذا الذي نقوله إن توقفنا عن الجدل المذهبي هل هذا سينهي الإشكال والأقلية ستظل تشعر بأنها أقلية وتدافع عن نفسها لأنها تخاف من هذا البحر الذي يحيط بها؟

حسن الصفار [متابعاً]: هذا يقودنا إلى البحث حول الواقع السياسي والاجتماعي التي تعيشه هذه المجتمعات، إذا أصبح الواقع المعاش واقعاً في ظل قانون واحد وهناك مساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وأصبح الإنسان يُعامَّل كإنسان وكمواطن بغض النظر عن مذهبه وعن توجهه تدريجيا هذه العقدة التي عبرت عنها أو هذا الشعور سيزول أما إذا كان الواقع المعاش غير هذا فيبقى السُني يشعر بأنه هو يمثل الأصل وهو الجانب المهيمن ويبقى الشيعي كما تفضلت يعتقد بأنه يعيش حالة أقلية وحالة غبن إذاً لابد من تغيير هذه المعادلة على المستوى السياسي والاجتماعي بحيث نعيش حقوق المواطنة.

 

 

 

 

[فاصل إعلاني]

 

 


[color=cyan]

عقدة الأقلية ودورها في التوتر المذهبي.
[/color]

ماهر عبد الله: مرحبا بكم مرة أخرى في هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة والتي نتحاور فيها مع الشيخ حسن الصفار حول التوتر المذهبي والطائفي في عالمنا العربي والإسلامي.

سيدي عندما سألتك عن عقدة الأقلية هذه التي تشغل بال الشيعة تحدثنا أن الواقع السياسي جزء منه وبلا شك إنه الواقع السياسي جزء منه لكن يعني يغفل البعض في بعض الأحيان أن هذا الواقع السياسي يتساوى في اضطهاده لكل فئات المجتمع حتى من غير المسلمين لكن واضح أنه التعبيرات الشيعية عنده أكثر لدرجة إنها في بعض الأحيان تتمظهر بما يمكن تسميته بالتشكيك بالولاء، أنت أثرت نقطة ويجب أن نعود إليها عبثية الجدل المذهبي لكن سنعود إليها بس كوننا تحدثنا عن عقدة الأقلية، عقدة الأقلية في بعض الأحيان تؤدي إلى نوع من الالتباس في الولاء نحن للأسف الشديد شئنا أم أبينا خلق من حولنا واقع نسميه وطني مرحليا صار فيه حدود جغرافية لهذا البلد نخلط بين ما هو سياسي وبين ما هو ديني أنا أحب أبناء طائفتي الذين ينتمون إلى بلد آخر فأواليهم سياسيا كما أواليهم دينيا هذا الخلط للأسف الشديد أثيرت حوله كثيرا من الإشكالات فيما يتعلق بشيء بالطائفية الشيعية تحديدا وقد يكون طبيعي لكن في ظل الأزمات المتتالية نحن نعيش حالة استعمار جديدة نحن نعيش حالة هزال جديدة نحن نشكو من فقدان تغير من فقدان إصلاح من كل ما هو خطأ في العالم العربي موجود وقائم لعلك يعني تعي ما أقصد قوله بالقول أن حالة من التشكك والتشكك التي تطل برأسها كثيرا وله ما يبرره ليس على صعيد التخوين ولا التعميل ولكن لأن هناك فعلا في بعض الحالات الأقلية بفعل عقدة المظلومية الدينية الصرفة بحكم عقدة الأقلية الواقعية الصرفة قد يلجأ البعض إلى التعويل على تدخل خارجي سواء مذهبي ولا غير مذهبي لإحداث التغيير وبالتالي يزيد من أمر التوتر مهما قلنا في حسنات أن نتعايش.


حسن الصفار: نعم، يبدو لي أن الحديث عن موضوع الولاء أو التشكيك في الولاء أصبح جزء من التوتر المذهبي القائم، ومن التهريج المتبادل بين الفئات والحالات المذهبية الموجودة. فتارة يكون التشكيك في الدين وتارة أخرى يكون التشكيك في الولاء السياسي والوطني، لكن هذا التشكيك فيما يبدو لي سواء كان على المستوى الديني أو على المستوى السياسي ينبثق من أرضية واحدة هي أرضية الخلل في العلاقة القائمة بين هذه الوجودات.

على الصعيد العملي الشيعة وغير الشيعة حينما تكون هناك حالة إسلامية دينية أو سياسية في أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي فإنهم يتفاعلون معها ويتعاطفون معها، هذا نجده عند أهل السُنة ونجده عند الشيعة. هناك كثيرون من أهل السُنة تعاطفوا مع الوضع في أفغانستان أيام الاحتلال السوفيتي الروسي وذهبوا وقاتلوا في أفغانستان، وبعد ذلك أيضا أيدوا طالبان وذهبوا وقاتلوا مع طالبان، هذا التعاطف الذي حصل مع أفغانستان ومع حكومة طالبان هل يمكن تفسيره بأنه تشكيك في ولاء هؤلاء الوطني أو السياسي لأنهم تعاطفوا مع حالة أخرى في بلد آخر؟

على المستوى القومي حينما كانت هناك حكومات وثورات قومية في العالم العربي، الناصرية والقومية والوطنية كان هناك تفاعل في مختلف الأقطار العربية معها، هل هذا تشكيك في الولاء؟

ماهر عبد الله: لا، سؤالي في هذه الحالة لا ولكن في بعض الأحيان كان يقع الخلاف التالي أنه هذا التعاطف من حيث المبدأ لا يمكن لأحد أن يدينه لكن عندما تتعاطف مع بلد هي وبلدك شئنا أم.. الاعتراف بهذه الحدود أم لا في حالة حرب هل تعتقد أنه يُسقَّط عليها نفس التفسير؟

حسن الصفار: الشيعة طوال الفترة الماضية وإلى الآن أثبتوا أنهم مدافعون عن أوطانهم وولاؤهم لأوطانهم سواء كان على مستوى العالم العربي أو بقية المناطق، لكن حينما يكون هناك اعتداء، مثلاً: النظام العراقي يشن حربا عدوانيا على الجمهورية الإسلامية على إيران، الشعب العراقي وولاؤهم لوطنهم، ولكن هل المطلوب منهم أن يؤيدوا حالة العدوان التي يقوم بها نظام سياسي معتدي وإن يحكم العراق حتى نقول أن هؤلاء وطنيون ولهم ولاء لوطنهم حينما يعارضون حالة العدوان، هذا لا يعني أنه تشكيك في ولائهم الوطني.

والآن في مختلف أنحاء العالم في أميركا مثلا هناك أميركيون يعارضون تدخل أميركا في العراق طيب هل يقال أنهم غير وطنيين؟ هم يرون أن من مصلحة أميركا ألا تتدخل.

العراقيون الشيعة حينما يعارضون حرب النظام الصدامي على إيران يرون أن من مصلحة العراق ألا يشن هذا العدوان، وكذلك حينما أحتل النظام العراقي الكويت العراقيون الذين تعاطفوا مع الشعب الكويتي وأدانوا احتلال النظام العراقي للكويت هل هذا نقص في ولائهم الوطني أم كان هذا إدانة لعدوان من نظام ما كان يمثل إرادتهم السياسي.

نحن يجب أن نفرق بين الحالتين، لا يمكن أن نعطي جوابا بالمطلق. مادمت أنا مواطن في بلد لنفترض العراق وكان هناك نظام مستبد وشن حربا ضد بلد آخر فأنا يجب علي أن أؤيد هذا الموقف ولو كان موقف عدوانيا؟ كلا فإذاً لا يمكن إعطاء جواب بالمطلق وإنما ينبغي أن تُدرَّس هذه الحالة إذا كان الوطن الموقف موقف صحيح فلا يوجد إنسان مسلم سُني أو شيعي يخون وطنه حينما يكون وطنه في حالة حرب.

ماهر عبد الله: يعني هذا دخلنا في تفاصيل كثير غريبة ولكن يعني واضح إنه في بعض الأحيان هذه المواقف أدت إلى توترات يعني في مرحلة من المراحل كانت مثلا أليست سياسيا تماما حصل نوع من التوتر مثلا بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران بسبب مظاهرات كانت تقع في الحج في تلك الفترات كان هناك نوع من الالتباس مثلا في حال الموقف الشيعي السعودي في حال إيران كانت حالة حرب مع العراق ونعرف أحزاب إسلامية لا يشكك أحد بإسلاميتها شيعية عراقية أيضا أخذت وقتا كبيرا حتى فرزت مواقفها إنه في آخر المطاف هناك موقف ديني وهناك ولاء ديني ثم هناك موقف وطني وموقف سياسي في بعض الأحيان كان هناك ثمن غالي لهذه القضية.

حسن الصفار: نعم قد تحصل أخطاء من بعض الفئات السياسية لكن لا يمكن التعبير عنها أنها تمثل موقف كل المذهب وكل الطائفة، كما يحصل عند أهل السُنة، ممكن حزب من الأحزاب أو شخصية من الشخصيات تتخذ موقف لكن لا يمكن تعميمه على كل الطائفة أو كل المذهب. وبالنسبة للمواطنين الشيعة في المملكة العربية السعودية الحكومة في المملكة تعلم عن الولاء الوطني لهؤلاء المواطنين طوال تاريخهم، فقد كانوا من أسبق الناس إلى الدخول ضمن إطار الحكومة السعودية وولاؤهم أيضاً واضح والحكومة تعرف ذلك ولم يكن شيء من هذا القبيل.

ماهر عبد الله: طيب اسمح لي نسمع من الأخ عمر عبد الله كامل، دكتور عمر تفضل.

عمر عبد الله كامل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.

عمر عبد الله كامل: والله يا أخي الأمة الآن تواجه ظروف صعبة جدا والفرق الإسلامية على اختلافاتها ما تتفق عليه هو أكثر مما تختلف فيه فلما لا نتعاون على ما اتفقنا عليه ونطرح جانب ما اختلفنا فيه وهو الذي لا يتجاوز الـ5% ثم أن هنالك تيار تجديدي لدى الشيعة للتخلص من بعض الأمور التي كان يقولها الجهلاء مثل شكل رموز الصحابة وما إلى ذلك من نقاط الآن هم علمائهم يقفون ضدها وهذه ليست في المملكة فقط وإنما حتى في لبنان شاهدتها وفي غيرها من المناطق فهي تحوي وعي توعوي جديد لدى الإخوان الشيعة، نحن السُنة بمذاهبنا يجب أيضا أن نقف تيار جديد ينشأ لدينا فيه قدر من التسامح وفيه قدر من التعاون وأيضا يزيل ما علق ببعض كتبنا من أفكار بعض الأشخاص الذين تلبسوا بأهل السُنة وسموا نفسهم سُنة وهم نواصب كالذين يشتمون آل البيت، لو أردنا أن نعود إلى بعض الرموز الإسلامية التي خاضت خوضا عجيبا في آل البيت لوجدنا أدلة أيضا فيها من..

ماهر عبد الله: تسمح لي دكتور عمر هل ترى اليوم ما تسميهم بالنواصب هل تعرف اليوم يعيش على الأقل في المائة سنة الماضية ليس فقط في المرحلة من يشتم آل البيت من أهل السُنة؟

عمر عبد الله كامل: النواصب موجودة في كتبنا التراثية..

ماهر عبد الله: دعنا من كتبنا نتحدث عن حالة أنا يعني تفضلت أن عن تيار تجديدي لدى الشيعة أنا أعتقد أن السُنة عبر هذه القرون استطاعوا التخلص من هذا المرض بدليل أننا لا نرى اليوم لم أسمع ولا أعلم بأنه هناك سُني يعيش اليوم مش فقط يشتم ينتقص من آل البيت هل تعلم أحد يعيش؟

عمر عبد الله كامل: لا السواد الأعظم لا يفعلوا هذا ولكن بعض علمائنا المعتمدين في كتبهم ما جاءت هذه الكلمات وموجودة إلى الآن وتٌقرَّأ وتطبع ويعاد طبعها ولا أحب أن أفجر مواقف وإلا ذكرت لك كتاب من كتب الفتاوى المهمة المعتمدة لدى المسلمين..

ماهر عبد الله: لا ما هو أنت لا زلت لم تجب على سؤالي في الكتب موجود أنا سؤالي في حالتين لنسميها من التشاتم المتبادل في التيار الشيعي سيقول لك البعض أن هذا مازال موجودا إلى اليوم ويمكن أن يذكر البعض بالأسماء في الحالة السُنية تم التخلص من هذا المرض وأنت يعني تصر على أنه في الكتب، الكتب فيها الكثير لو أردنا أن نتحاكم إلى الكتب أنا أعتقد سنكسر بعضنا بعضا ولن نتم هذا الحوار.

عمر عبد الله كامل: وهذا الذي يحدث يا سيدي أننا نتحكم إلى كتب بعض العلماء وأكسبناهم قدسية وكان قول الفصل لديهم وليسوا رجال مثل ابن تيميه يا رجل مقدس إلى الآن يُقدَّم على غيره بلا سبب ومازالت في كتبه شتائم للسيدة فاطمة ولسيدنا علي أم من الأنصاف على الأقل لديها في عدة طبعات.

ماهر عبد الله: طيب أخ عمر دكتور عمر مشكور جدا على مداخلتك نسمع من الأخ عبد الله فراج الشريف، أخ عبد الله تفضل.

عبد الله فراج الشريف: السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

عبد الله فراج الشريف: الحقيقة يعني أن عندما نتحدث عن هذا الخلاف نتحدث عن خلاف مضى عليه زمن طويل والآن نريد أن ننتهي من هذا الخلاف ونريد أن نقرب وجهات النظر لا أن نزيد الخلاف وشقته اتساعا من أهل السُنة ومن أهل ومن الشيعة كلاهما قد أعطى للآخر ما يكفي من نقد المواقف ومن أحيانا ما يتجاوز هذا النقد إلى الشتائم ولا تقل لي أنه بالعصر القديم فقط لا زال حتى في العصر الحديث ولا زال هذا قائم حتى اليوم لكن يبقى ما يشير إليه الشيخ حسن الصفار جزاه الله خيرا عندما تكون هناك مواقف من أجل أن أنصر طائفتي لا يجب أن تكون هذه المواقف على حساب الوحدة الوطنية في داخل بلاده لأن اليوم نعالج مشكلات تتفجر أحيانا إلى ما يمكن أن يكون عنفا ولهذا يجب علينا نحن جميعا من الجانبين أن نحاول بقدر استطاعتنا ألا يكون هناك مواجهة وأن يكون الولاء أولا للإسلام بصفة عامة الإسلام الذي يجمعنا ولا يفرقنا ثم الولاء للوطن ولا شك أن الطائفة طائفة الشيعة في المملكة العربية السعودية على مدى هذا التاريخ كله تاريخ كياننا السعودي حتى يومنا يُظهِرون الولاء لهذه الدولة وإذا كان بينهم بعض من تفلت منه عبارات أو تفلت منه بعض المواقف السيئة تجاه السُنة أو تجاه الوطن فهذا هؤلاء معدودين ويجب أن نحاسبهم هم لا أن نحاسب هذه الطائفة وهم إخواننا في الدين إخواننا في الوطن يجب أن نحن وإياهم سواسية في كل شيء في الحقوق والواجبات وأما الخلاف فيما عدا ذلك فلنحصره في مواضعه ونستطيع أن نتفاهم عليه لأن لا يمكن أبدا أن يكون في يوم من الأيام ليس هناك لقاء بين مسلم وآخر لأن هناك خلاف ثار قبل 14 قرنا هذا لا يجوز أبدا وعلينا أن ننتهي من هذا الخلاف.

ماهر عبد الله: دكتور عبد الله شكرا جزيلا لك.

سيدي من الذي يعني في النقطة الأخيرة الأخ عبد الله من الذي يرجع إلى الكتب أكثر في قصة الخلاف يعني هذه قصة أخرى يعني على فرض الأخذ بظاهر الروايات الشيعية كلها فيما يتعلق بالمظلمة الكبرى يبدو أنه المذهب السُني تجاوز هذه العقدة ويتحدث عن إشكالات أغلبها حالي وراهن في حين أن الضمير الشيعي مازال مسكونا أكثر بمظلومية لا أقول يعني عفا عليها الزمن ولكن طال عليها الزمن؟

حسن الصفار: أخي الكريم أنا لا أريد أن أتحدث كمدافع عن الشيعة في مقابل السُنة أو كمُتهم للسُنة في مقابل الشيعة، أنا أقول بأن هذا واقع خاطئ وغير صحيح، وقد تتفاوت درجاته عند هذه الطائفة أو تلك الطائفة ولكن ما المخرج من هذا الواقع الخاطئ؟

أنا أقترح أن تكون آلية الخروج من هذا الجدل المذهبي العقيم تتم في النقاط التالية:

النقطة الأولى: الانفتاح المتبادل على الأصول المعتمدة عند كل المذاهب، سُنة شيعة أباظية بمذاهب السُنة بمذاهب الشيعة بمذاهب الأباظية، لأن كتب المِلل والنِحل والكتب التي احترفت الحديث عن المذاهب والطوائف مليئة بالكثير من التقولات والنقولات التي لا يرتضيها أهل المذهب أنفسهم قد تكون رأيا فرديا أو قد تكون رأي لفئة في المذهب ولا تمثل كل المذهب، علينا أن ننفتح على هذه المذاهب فالرأي المشهور لديهم وفي المصادر المعتمدة عندهم الانفتاح وهو مبدأ إسلامي ﴿الَذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ يستمعون يعني يتقصدون الاستماع والإطلاع.

النقطة الثانية: الاتفاق على مبادئ التعايش، فنحن كبشر نحتاج إلى أن نتعايش مع بعضنا البعض وكمسلمين ديننا يلزمنا بحقوق تجاه بعضنا البعض حق المسلم على أخيه المسلم وكمواطنين يهمنا الحفاظ على وحدتنا ومصلحتنا الوطنية علينا أن نتفق على مبادئ للتعايش.

النقطة الثالثة: الحديث حول مناطق الاتفاق، كما أشار الدكتور عمر كامل 90%، 95% أقل أو أكثر، هو مورد وفاق بين المسلمين لماذا لا نتحدث حول القضايا التي نتفق فيها بدل أن ننشغل بالمساحة التي نختلف فيها ننطلق من مواقع الاتفاق؟

النقطة الرابعة: أن نرى من خلال التنوع والتعدد المذهبي خياراتنا في مواجهة التحديات المعاصرة، نحن أمة نعيش تحديات على الصعيد السياسي على الصعيد الاقتصادي على الصعيد الاجتماعي فلنعتبر آراء المذاهب ثروة رصيد عندنا كمسلمين ونستفيد من هذه الثروة من هذا التنوع قد يكون هذا الرأي عند أهل السُنة هذا الرأي عند الشيعة هذا الرأي عند الأباضة نعرض كل الآراء أمامنا ونتناولها بموضوعية ونستفيد من الرأي الذي يكون أفضل لمواجهة تحدياتنا ومشاكلنا الراهنة والمعاصرة.

كيفية إقناع الآخر بحسن النية


ماهر عبد الله: طيب عند هذه النقطة تحديدا الكلام هذا كلام جميل لكن لم تذكر فيه يعني مسألة في العادة لا تُذكَّر في هذه المناسبات ولكنها شرط ضمني مسبق وضروري حسن النية المتبادل ثمة تاريخ..

حسن الصفار: مثقل.


ماهر عبد الله: مثقل وثمة تاريخ شيعي محدد فيما يتعلق بمصداقية يعني السُني دائما يرفع في وجه الشيعي قضية إنه تقول لي هذا الكلام الجميل ولكن لك تنظير آخر أنت في أنه في حالة الضعف في حالة المظلومية لك أن تظهر غير ما تبطن كيف ستقنع الناس بحسن الظن هذا كلام جميل جدا ما تفضلت به انفتاح متبادل لن يناقشك فيه أحد اتفاق على مبادئ التعايش لن يناقشك فيه أحد نبحث في مناطق الاتفاق خيرات المواجهة صحيح لكن حسن النية منقوص بعض الشيء على اعتبار إن هناك تنظير عند أحد الطرفين لأن يظهر غير ما يبطن ويلبس لبوسا شرعيا؟

حسن الصفار: هذا يدخل ضمن مسألة التشكيك في النوايا، الإسلام يأمرنا بأن نحمل أخانا المسلم على الصحة ونحسن الظن في أخينا المسلم حتى يتبين العكس هناك جماعة دائما حينما يُطرَّح موضوع من قِبَّل الشيعة يقولون إن لهم نوايا أخرى إن لهم كذا هذا الموضوع يعني ينبغي أن يطوى خاصة وأن هناك نماذج شيعية معاصرة كأفراد وكحركات وكمجتمعات.

حينما نرى الآن مثلاً وأنا لا أتحدث عن إيران كدولة وكنظام أتحدث كمجتمع نحن رأينا في الفترة الماضية في الأشهر الماضية كيف أن في إيران حينما أحد علماء الشيعة روج لكتاب فيه نوع من التعرض للصحابة أو للخلفاء لم يُقبَّل منه ذلك أُخِذ سُجِن أُعتقِل ولعله لا يزال في السجن طيب إذاعة الجمهورية الإسلامية في إيران وخطب الجمعة التي تلقى منذ 25 عاما وهم في موقع القوة يشكل قوى إقليمية معروفة وحتى في أول صراعهم أيام الحرب العراقية الإيرانية مع المحيط حولهم لكن لم نجد أن هناك تعرض للخلفاء وللصحابة، نحن نجد مثلا المقاومة الإسلامية في لبنان وهي في موقع قوة وحققت انتصار يعني يقدر لها ولهم وسائل إعلام ولكن لا نجد شيئا مما يُتحدَّث عنه إذاً ماذا يراد لماذا دائما نضع شيعة في موقع المتهم الذي عليه أن يثبت براءته دائما وأبدا؟ يجب أن نتجاوز هذا الأمر.

ماهر عبد الله: هذا الكلام صحيح ولكن ليس على إطلاقه يعني فيه مآخذ قد لا يكون بعض القضايا الكبرى ثارت لكن يعني كثير من الأخوة الذين اتصلوا قبل الحلقة للتعليق على الموضوع يعني ذكروا ضمن واحدة من التفاصيل أنه ليس هناك مساجد سُنية مثلا ليس هناك مدارس دينية سُنية في إيران وهذه يعني الحلقة هذه ليست مخصصة لنقد إيران لا تعنينا إيران الآن كدولة ولكن هي مؤشر على موقف في حال ما طائفة تتحكم بمقادير طائفة أخرى.

حسن الصفار: طبعا نحن ندين أي وضع غير طبيعي سواء كان من قِبَّل سُنة أو من قِبَّل شيعة أنا هنا أبشر بمبدأ التعايش والاحترام المتبادل وأنا أدين أي ممارسة طائفية سواء كانت من سُنة ضد شيعة أو من شيعة ضد سُنة هذا مبدأ نتفق عليه ولكن حينما تتحدث لي عن نوايا أنا أنطلق من واقع معاش فيه مناطق عديدة لا زال المواطنون الشيعة يشعرون فيها بشيء من الانتقاص لحقوقهم أنت تقول هناك شك في النوايا علينا أن نراهن على أن يكون تعديل هذا الخلل القائم هو الذي يجلي الصورة بشكل أفضل.

ماهر عبد الله: هو ليس شك النوايا بهذا المعنى هناك شك بأنه عندما أرى من أحاور يُنظِر ويعلن أمامي أنه ينظر لوجود ظاهر وباطن للقول وأنه يجوز له بكونه مستضعف كونه صاحب حق ضائع كونه أقلية كونه، كونه له مبررات شرعية وعقلية ومنطقية تقول له أظهر للناس غير ما تبطن هي مش في نية هذا الشخص ليست في نية من يتحاور معي لكن في منهج في التفكير في مقاربة للقضايا أحد جوانب فلسفتها لك أن تظهر غير ما تبطن إذا اضطررت إلى هذا.

حسن الصفار: لعلك تشير إلى مبحث ديني...

ماهر عبد الله: مبحث ديني فلسفي نسميه التقية.

حسن الصفار: نعم، موضوع التقية ليس مسألة ترتبط بالشيعة، التقية مبدأ إسلامي أقره القرآن الكريم ﴿إلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً، ﴿إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ. وبالمناسبة الآن الذين يمارسون التقية من أهل السُنة هم أكثر ممن يمارسها من أهل الشيعة. فالمسألة لم تعد قضية خاصة بالشيعة، وإن كان يُعمَل تهريج كبير حول الشيعة وأنهم يمارسون التقية لكنها حالة طبيعية يمارسها كل إنسان يعيش حالة من الاضطهاد والقهر، نحن نقول أفضل أمر أن تزال حالة الاضطهاد والقهر حتى ينكشف الناس على طبيعتهم.

ماهر عبد الله: لا، تسمح لي بس آخذ هواتف قبل أن نتوقف مع فاصل نسمع من الأخ صلاح عبد الحي من الأردن أخ صلاح اتفضل.

صلاح عبد الحي: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.

صلاح عبد الحي: قال تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا وقال ﴿ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إلَى اللَّهِ وعَمِلَ صَالِحاً وقَالَ إنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ فمما لا شك فيه أن حياة المسلمين الأولى التي هي في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وحياة الصحابة الكرام كانت هي المثل الأعلى للمسلمين الذين هم قدوة لنا فعلى جميع المسلمين أن يتبصروا في هذه المرحلة الذهبية حتى يعودوا فعلا أخوة متحابين فالصحابة رضي الله عنهم لم يكن بينهم خلاف كما هو موجود اليوم وما نشأ هذا الخلاف إلا بعد أن ظهرت مظاهر الانحطاط في هذه الأمة سُنة وشيعة هناك لا بأس أن يكون خلاف في الاجتهاد بين الأفراد سواء من أولئك أو من أولئك ولكن أن يكون هناك خلاف يؤدي إلى القطيعة والعداوة والبغضاء فهذا ديننا الحنيف لا يرضاه وليس موجود في الدين الإسلامي من عوامل تؤدي إلى هذه التفرقة والقطيعة بل العوامل هي تلم المسلمين على الإسلام وعلى الأخوة وعلى المحبة ولذلك أنا أرى حتى يعود المسلمون إلى ما كان عليه السلف الصالح أولا أن يرجعوا إلى الأمور الأساسية ويتفق عليها ويتركوا الأمور الجزئية الفرعية فلا مساحة في الاختلاف فيها فهي كثيرة جدا فمن الأمور الأساسية أولا أن يكون هناك اتفاق على أن القرآن والسُنة هما المرجعان القطعيان التي لا خلاف فيهما، ثانيا أن يكون هناك إمام للمسلمين يمثل هذا القطعي ويطبقه عمليا كما صار المسلمون في زمن الصحابة رضي الله عنهم ومَن بعدهم فلم يكن بينهم خلاف أدى إلى الاقتتال والقطيعة والتفرقة كما حصل اليوم وأما هذه إيران فهي ليست دولة إسلامية فلو كانت دولة إسلامية تطبق الإسلام بمبايعة إمام يقوم على كتاب الله وسُنة رسوله لاستطاعت أن توحد المسلمين ولكنها للأسف لم تفعل ذلك ولذلك مهمة المسلمين اليوم هو العمل على إيجاد الإمام الذي يرفع الخلاف ظاهرا وباطنا فيما بينهم وهو يكون مرجعهم لا مرجعهم علماء أو فئات بل مرجعهم هذا الإمام الذي يبايعونه على كتاب الله وسُنة رسوله أقول قولي واستغفر الله ولكم جزيل الشكر.

ماهر عبد الله: طيب أخ صلاح شكرا جزيلا لك نسمع من الأخ راشد الظهوري من الإمارات، أخ راشد اتفضل.

راشد الظهوري: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام والرحمة.

راشد الظهوري: أولا أشكركم على البرنامج ولكن عندي ملاحظة هامة أول شيء حبيت أقوله عن عنوان الموضوع عندي خلاف بسيط أن العنوان المفروض يتحول إلى عدم دقة فيه عدم دقة أن الخلاف مو بين أهل السُنة والجماعة وبين التيار السلفي والشيعة لا الخلاف يعني أعمق وأعمق من ذلك بكثير فكيف لي أن احترم الشخص يدعي أنه مسلم ويطعن في شرف زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ويلعن ويسب ثاني اثنين في الغار وإلى ما هنالك وهناك مجلدات ومجلدات تمتد إلى مئات الصفحات بجرائم تُسجَّل باسم من يدعون بأنهم شيعة مع أنني أسميهم روافض؟ هناك نقطة أخرى أتمنى أن تصل لماذا إيران أو ما تسمى بالجمهورية الإيرانية في العاصمة طهران وفي إيران بشكل عام لا يوجد مسجد واحد لأهل السُنة والجماعة بينما تجد المجوسية وعبدة سمهم ما شئت من جميع الأديان مسموح لهم ولكن أهل السُنة والجماعة لا يوجد لهم في إيران بمسجد واحد فكيف يكون هناك الحوار المتبادل إن لم تسمح لي بتأدية..

ماهر عبد الله: أخ راشد مشكور جدا نسمع من الأخ عبد الله الغامدي من السعودية، أخ عبد الله تفضل.

عبد الله الغامدي: بسم الله الرحمن الرحيم تحية طيبة لك أخي ماهر ولضيفك.

ماهر عبد الله: حياك الله.

عبد الله الغامدي: أعتقد بادئ ذي بدء أن هذه التوترات الطائفية التي تتجاذب الأمة الإسلامية متسببة في تكريس حالة الضعف والتشرذم لا تتحملها مسؤوليتها السلفية بقدر ما تتحملها الأيديولوجية الشيعية خاصة فيما يتعلق بمبدأ الولاء العقدي والمواقف العدائية التاريخية فحينما نستعرض أخي ماهر التاريخ نجد أن المواقف العدائية المتنافرة من جهة المذاهب الشيعية تجاه أعظم وأهم رموز الإسلام عند أهل السُنة والجماعة أبو بكر الصديق وعمر وكبراء الصحابة هي التي تحكم المشهد الطائفي عبر التاريخ مولدة المزيد من التنافر والبغضاء حيث يسمع ويرى أهل السُنة بشكل مستمر ومتكرر أن رموزهم تتعرض للعن والشتم عبر منابر الخطب الحسينية والمسيرات الغاضبة الثائرة المطالبة بدم الحسين ممن أخي الكريم أمِن أميركا وإسرائيل كما قال الصفار أم من أهل السُنة كما يقولون وحينما نجد أنفسنا في بلد مثل الكويت لا يمثل فيه السلفية أي ضغط تجاه الشيعة في المقابل نجد شيخا لهم يعلن بكل صراحة لعن أبي بكر وعمر وعائشة في أشرطة واسعة التداول بين الشيعة وكما فعلت مجلة المنبر الشيعية حينما تكرر مساسها بالصحابة والسخرية من أبي بكر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، لا تقل لي يا أخي هذه مواقف شخصية فكتب الشيعة طافحة في كتب الأصول لديهم بهذه الأمور التي يعرفها الجميع، إن الحل الناجح أخي الكريم في نزع فتيل التنافر الطائفي وفي توقف التيار الشيعي عن المساس بمشاعر جمهور المسلمين فيما يخص رموز الإسلام العظيمة وأنا هنا أطالب الأستاذ حسن الصفار بأن يبين موقفه بشكل واضح تجاه أبي بكر وعمر وهل هما من رموز الإسلام الحقيقي وهل يوجه كلمة موحدة لصفوف المسلمين يطالب فيها الشيعة باحترام الصحابة ووجوب إحسان الظن في أبي بكر وعمر وأن يحدد موقفه من هذه الكتب التي ملئت بالفظائع تجاه الصحابة سواء ما أسندوه أو قالوه أنفسهم؟ نقطة أخيرة أخي ماهر ما يتعلق بمسألة الولاء العقدي فحقا إنني أسف لكون الشيعة مع وجودهم في بلد جمهورها من أهل السُنة إلى أن ولاءهم العقدي والمذهبي والسياسي المرجعي ليس لمرجعية بلادهم ولا لعلمائها بل ولاؤهم ومرجعيتهم من خارج بلادهم فشيعة الخليج أو السعودية ولاؤهم ومرجعيتهم في إيران أو العراق وليست القضية مسألة فروع فقهية بل المسألة مسألة عزلة شعورية وانفصال وولاء عن مجتمعهم الأصلي ولا أدل أخيرا على ذلك من قضية الزعيم الزيدي حسين الحوثى الذي نشأ زيدي المذهب وكان عضوا فاعلا ومسالما في مجلس النواب عن دائرة مران من عام 1993 إلى 1997 ولم يظهر عليه أي نوع من أنواع التعصب الديني والمذهبي إلى أن حصل له..

ماهر عبد الله: أخ عبد الله.

عبد الله الغامدي: أخي بس مسألة بسيطة تغير فكري إثر اتصاله بالمذهب الإمام الاثنا عشري كل هذا أخي الفاضل يبين سبب أمر مهم وهو أن القضية قضية إشكالية مفهوم الولاء العقدي عند الطائفة الشيعية الذي ولّد هذا التنافر الطائفي وهذا هو التنافر الذي بين الشيعة أنفسهم من خلال مرجعياتهم وبينهم وبين المسلمين عموما، أخي ماهر مسألة أخيرة الأخ عمر الدكتور عمر الذي ذكر أن في كتب شيخ الإسلام طعنا بفاطمة الرجاء أن يبين هذا والحقائق لا تبطلها الشقاشق ولك جزيل الشكر.

ماهر عبد الله: بارك الله فيك وقصة فاطمة يعني قصة غريبة جدا أنا لا أعلم ولا أعرف أن سُنيا يشكك في أن حب آل البيت عبادة ليس فقط يشتم أو يتهجم أو ينتقص بل يعتقدون أن حبهم عبادة على كل الأحوال نعود لمناقشة هذا الموضوع بعد هذا الفاصل القصير.

 

 

 

 

 

[فاصل إعلاني]

 


الانفتاح والتعايش بين المذاهب


ماهر عبد الله: مرحبا بكم مجددا، سيدي كلام الأخ عبد الله يعني حتى بعض الفاكسات من الأخ محمد سعدون من أميركا قصة الصحابة قصة مزعجة للمسلمين هي قضية ماشي لا أريد منك أن تحب أبو بكر وعمر القصة قصة في حالة عندما نتحدث عن تعايش وإن كان هو سأل عن رأيك الشخصي قصة تعايش بغض النظر عن رأيك بأبي بكر وعمر هذا الذي تريد أن تتعايش معه يعتقد أن هؤلاء من رموز الإسلام الكبرى وأي خدش أو مس بهم يمس مشاعره وأنت تعرف هذه قصة المشاعر لا تخضع لمنطق هذا حب هذا ولاء في هذه الحالة كثرة اللجوء إلى الانتقاص من قدر الشيخين إذا استخدمنا تعبير سلفي دارج ألا تعتقد أن هذه يجب أن تكون البداية في مواضيع الانفتاح والاتفاق على التعايش ومنطقة ما نحن متفقون عليه؟

حسن الصفار: نعم أعلنت في أكثر من مرة في مقابلات صحفية ومقابلات أيضاً مع فضائيات أنني شخصيا أرفض هذا المنحى وهذا الأسلوب، وأرى أن التعايش بين المسلمين يستلزم أن يحترموا بعضهم بعضاً، وبالتالي أهل كل مذهب يحترمون رموز المذهب الآخر.

من حق الشيعة أن تكون لهم آراءهم حول الإمامة والخلافة وأن يكون لهم تحليلهم التاريخي حول الخلفاء وحول الصحابة التاريخي والديني، ولكن لا يصح أبداً الإساءة إلى هذه الرموز التي يحترمها أهل السُنة والتي كان لها دور في حركة الإسلام وفي التاريخ الإسلامي.

هذا الكلام قلته أكثر من مرة وأعلنته أكثر من مرة وأعلنه أيضاً غيري، ولكن يبدو أنه دائماً يراد استدراج الحوار إلى هذه الأمور والقضايا، أنا أعتقد أن الرأي فيها واضح وأن ما هو موجود في الكتب أو الكتابات أحد المتصلين ولا أريد أن اُستدرَّج لهذه الأمور.

قال أحد علماء الشيعة في الكويت وهو يعرف ونحن نعرف أن الذي تحدث هو شاب وليس عالماً ولا يحترف المجال الديني، يعني ليس خطيب ولا عالم، وإنما هو شاب من الشباب والآخرون أيضاً ما رضوا منه هذا التصرف وهذا العمل، فالتعميم أنه عالم من علمائهم، هذا نوع من التضخيم على أنه إذا كان هناك من الشيعة من يتعرض للصحابة وإذا كان هناك من السُنة من يكفر الشيعة فهذا يعني أن المشكلة تحتاج إلى معالجة وحل.

الحل ليس أن نستغرق فيها وإنما أن نضع المعالجات الطبيعية، مادام هناك شيعة يمارسون هذا العمل المسيء لأهل السُنة ومادام هناك سُنة يكفرون الشيعة وكما سمعتم روافض وكذا وما عندهم وهذا الكلام الذي تسمعونه إحنا سنُستدرَّج وسنعيش ضمن هذه الترهات ما أدعو إليه هو التسامي عن هذا المستوى الاعتراف بأن هناك مشكلة موجودة ومعالجتها تكون بمشروع متقدم يتفق عليه المعتدلون والواعون من السُنة والشيعة.

ماهر عبد الله: طيب الأخ عبد الله ذكر قصة الولاء العقدي يعني فيه مسألة شفانا الله منها أهل السُنة قصة المراجع عندما تكون ملزما دينيا باتباع مرجع تختاره أنت ينتمي إلى بلد آخر في بعض الأحيان يقع صدام سياسي بين توجهات هذا المرجع الذي تدين له بالولاء الديني وتدفع له الخمس وهو يكون خارج الحدود وبين البلد الذي تنتمي إليها يعني إشكالية على الأقل عالم السُنة لا يعاني منها وكثير من الأديان الأخرى لا تعاني منها تسبب إشكاليات في بعض الأحيان؟

حسن الصفار: اسمح لي أن أختلف معك، المسيحيون في مختلف أنحاء العالم لديهم محبة وولاء وتقدير للبابا. وأهل السُنة أيضا في مناطقهم يأخذون بفتاوى مرجعيات خارج أوطانهم، شيخ الجامع الأزهر يُحترَّم ويؤخذ بفتاواه وآرائه في بلدان كثيرة من العالم العربي والإسلامي، عندنا في المملكة العربية السعودية كان المفتي الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز أيضا محترم ويؤخذ بآرائه في كثير من البلدان الإسلامية.

الأخذ بالرأي الفقهي هذا لا يعني خللا في الولاء ولا يرتبط بالولاء الوطني، التقليد عند الشيعة المرجع لا يُقلَّد في العقائد وهذا ما تذكره كل الكتب الفقهية الشيعية نحن لا نقلد المرجع في الجانب العقائدي والفكري نحن نقلده في المسائل الفقهية الفرعية الضرورات المعروفة أيضا لا تقليد فيها الأشياء الواضحة لا تقليد فيها فإذاً تقليد علمي فقهي.

في المؤتمر الأخير الذي انعقد في المملكة الحوار الفكري الوطني كان حول قضايا المرأة تحدثت الصحف أن بعض المتحدثين نقلوا بعض الآراء لمفكرين إسلاميين ولعلماء إسلاميين كالشيخ الغزالي والشيخ القرضاوي وغيرهما فكان البعض يقول لماذا نستشهد بعلماء من خارج المملكة فرد عليهم هذا المتحدث ونشر في الجريدة نشر ما قاله أيضا قال الحالة الفكرية والدينية لا يمكن تحديدها جغرافيا أنتم تستشهدون بالشيخ ابن تيميه الشيخ بن تيميه ليس سعوديا الشيخ بن تيميه من الشام إذاً المسألة العلمية والدينية لا يمكن أن تُحدَّد ولا تؤطرها حالة الولاء السياسي ثم إن الشيعة في فترات كثيرة مثلا نحن الشيعة في المملكة العربية السعودية كانت مرجعيتنا الدينية في المملكة لم نكن نقلد المراجع خارج المملكة إلا خلال الثلاث عقود الأربع عقود الأخيرة كان في القطيف عندنا مراجع دين وكان في الأحساء عندنا مراجع دين وكان هناك في العراق وفي إيران من يقلد مراجع الدين الشيعة في الأحساء والقطيف وفي البحرين أيضا كان مراجع دين يقلدونهم ولا زالوا إلى الآن أغلب شيعة البحرين مستمرون على تقليد علمائهم من أهل البحرين إذاً هذا التعميم وإظهار موضوع التقليد وكأنه حالة يعني ولاء أخرى وولاء سياسي هذا ليس فيه دقة وإنما فيه نوع من التهريج.

ماهر عبد الله: طيب اسمح لي نأخذ مكالمة الأخيرة من الأخ محمد المليفي وأرجو أن يكون مختصرا لأنه الوقت أدركنا اتفضل يا أخ محمد.

محمد الميلفي: السلام عليكم.


ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.

محمد المليفي: أخي الكريم لي فقط تعليق على نقطة ولا أريد أن أطيل فيها أولا حيطة يجب أن ننتبه إلى أن هناك مفهومين يحاول البعض خلطهم ألا وهو أهل السُنة والجماعات وكذلك مفهوم النواصب الذي سمعته في بداية الحلقة أن هناك من يقول أن هناك مرض قديم كانت مستشري في أهل السُنة هو أنهم كانوا يقعون في أعراض آل البيت أو يشتمون أهل البيت وهذا حقيقة عار عن الصحة وليس له قيمة لا في التاريخ ولا حتى في كتب العقائد والتي تنضح من كتب أهل السُنة باحترامهم وتوقيرهم لآل البيت، آل البيت يعني حقيقة أو أهل السُنة ليس لديهم التقية أو ظاهر وباطن..

ماهر عبد الله: أخ محمد أدخل في النقطة الثانية لأنه أعتقد إنه هذه كانت يعني لا يمكن أن يقبل بها عاقل أنه أهل السُنة يتهجمون على آل البيت ادخل لي في الموضوع الآخر.


محمد المليفي: نعم هذه نقطة أنا أردت أن أركز عليها وأثني على كلام الأخ عبد الله الغامدي وأبين حقيقة أن أهل السُنة والجماعة منذ أن أعلن النبي صلى الله عليه وسلم في غدير خم "أن من كنت مولاه فعلي مولاه" وهم يريدون هذا الكلام ويؤمنون به ظاهرا وباطنا هذه فقط حقيقة أردت أن أؤكدها.

ماهر عبد الله: نعم طيب مشكور جداً يا سيدي بس يعني يمكن هذا من عجائب الزمن أن يضطر أهل السُنة أن يُظهروا ولائهم لآل البيت هذه يعني ظاهرة جديدة لا أرجو أن نكون فتحنا بابا أن نشكك في ولاء أهل السُنة لآل البيت يا سيدي أنا قد يعني أبالغ في التعصب فأقول إننا نحب الإمام على أكثر ممن تسمونهم بالشيعة وأعتقد أن هذا واجب شرعي أنا لا أعلم وأتحدى من يأتيني بفقيه مسلم محسوب على ما يسمى بالمذهب السُني لا يرى أن حب أهل البيت عبادة وهذه مرحلة متقدمة جدا على مرحلة الشتم والانتقاص والطعن في هؤلاء على كل الأحوال يعني كنت أتمنى ألا نخوض في هذه، سيدي ذكرت جزء..

حسن الصفار: أستاذ ماهر يعني أنا أريد أن لا نتوغل في هذا الموضوع إلا تاريخياً..

ماهر عبد الله: نعم موضوع آخر أنا أريد ...

حسن الصفار: كان هناك من شتم الإمام علي على المنابر سبعين سنة..

ماهر عبد الله: وكنا نسميهم نواصب وخرج عليهم..

حسن الصفار: وكان هناك من اعتدى على حياة أهل البيت في واقعة كربلاء وقتل الإمام الحسين سبط رسول الله ..

ماهر عبد الله: حضرتك قلت بالتحديد ...

حسن الصفار: كانت هناك أشياء لكننا نريد أن نتجاوزها وحتى في العصر الحديث..

ماهر عبد الله: تحديدا قلت فقهاء وعلماء.

حسن الصفار: حتى في العصر الحديث، لا نريد أن ندخل في هذا الأمر، ولكن هناك من ألف كتاب وطُبِع قبل سنوات وتحدث عن الإمام جعفر الصادق وهو أستاذ لبعض أئمة المذاهب..

ماهر عبد الله: لأبي حنيفة.

حسن الصفار: تحدث عنه حديث سيئ قال إمامهم كذا، يعني جاء بكلمات نابية جداً عن الإمام جعفر الصادق ، وطُبع الكتاب والكتاب معروف ولكننا لا نريد أن نتوغل في هذا الأمر ولا نتهم كل أهل السُنة نقول هذا عمل فردي لا نتهم به أهل السُنة نريد أن نتجاوز هذا الأمر.

عبثية الجدل الفقهي


ماهر عبد الله: ذكرت في فيما ذكرت نقطة يعني أنا راقت لي لأنه أظن أنه من العبث بعد 14 قرن نعود إلى جدل من يقنع من ومن على صواب من عبثية الجدل الفقهي هل تعتقد أنه يمكن أن نصل إلى يوم نستطيع فيه أن نقنع بعضنا بتغيير بعض ما يمس صميم المذهبين؟

حسن الصفار: أنا أعتقد أننا الآن اقتربنا من الوصول إلى مرحلة أن نقتنع فيها بالتعايش وباحترام بعضنا البعض وبالتالي كل مذهب وكل جماعة سيشذبون وسيغرون طريقتهم في التعامل مع الآخرين وأضرب لك مثلا الآن في لبنان هناك تداخل وتعاون بين المؤسسات الإسلامية السُنية والشيعية أنا أؤكد لك لو أن سُنيا تهجم على الشيعة فإن دار الإفتاء السُنية هي التي ستوقفه عند حده ولو أن شيعيا تهجم على السُنة فإن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان سيوقفه عند حده.

ماهر عبد الله: طيب سؤالي الأخير لك هو سؤال الأخ عبد الله الغامدي أنا أعلم رأيه لأني رأيته منشوراً سألك عن رأيك الشخصي في الشيخين أبو بكر وعمر.

حسن الصفار: تحدثت عن رأيي، أنا ضمن المذهب الشيعي لي رأيي في موضوع الخلافة والإمامة، ولكني لا أقبل بالإساءة إلى هذين الرمزين المحترمين عند الأمة الإسلامية وأخالف وأعارض التعرض لهما بأي إساءة.

ماهر عبد الله: بارك الله فيك يعني أختم بكلام الأخ زياد موظف إداري من سوريا مع تقديري لضيفك لكني أحمله أغلب علماء الدين على اختلاف مذاهبهم ما توصلت إليه المجتمعات لما توصلت إليه مجتمعاتنا باعتقادي أنكم تتحملون كعلماء دين ليس رجال دين ...

حسن الصفار: أنا أيضا أؤمن بأن علماء الدين يتحملون القسط الأكبر من المسؤولية في هذه المشكلة.

ماهر عبد الله: سيدي شكر الله لك وشكر الله لكم أنتم أيضا على حسن متابعتكم إلى أن نلقاكم الأسبوع القادم تحية مني والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.