الصفار في حفل الاستقبال الذي اقامه على شرفه مركز الامام علي (ع) في العاصمة الاميركية واشنطن:
مشروع الحوار الوطني في المملكة بدا يؤتي بعض ثماره، ولا بديل عن الحوار والاعتراف بالاخر
تعلمنا من الاسلاميين العراقيين الكثير، ونامل ان يتجاوزوا الخلاف غير المبرر، والذي يعرض التجربة اليوم لمخاطر جمة
قال سماحة الشيخ حسن موسى الصفار، ان تجربة الحوار الوطني الذي انطلق قبل عدة سنوات في المملكة العربية السعودية، بدا يؤتي ثماره، فلقد تغيرت الاوضاع الثقافية والفكرية في البلد، بسبب اعتماد العقلاء الحوار كاداة حضارية ودينية للتواصل بدلا عن فتاوى التكفير وتجاهل الآخر وعدم الاعتراف بالتعددية رغم إصرار الجهات المتشددة على نهجها المتطرف.
واضاف سماحته الذي كان يتحدث ليلة الأحد الماضي 22/5/2010م في حفل الاستقبال المهيب الذي لم يشهد مركز الامام علي في العاصمة الاميركية واشنطن مثيلا له:
ان اليسر الذي تكرر في سورة الانشراح بقوله عز وجل ﴿فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب﴾ لا يتحقق بالتواكل واللا ابالية او بضيق الافق والتهرب من المسؤولية، وانما يتحقق بالمثابرة والتواصل واستمرار العمل والجهاد في سبيل تحقيق الاهداف السامية في هذه الحياة الدنيا من اجل حياة أفضل ورضوان الله تعالى، فالنجاحات تتحقق بتراكم الخبرة والتجربة، وان المنجزات تصان بعملية تراكمية مستمرة على الانسان ان يستعد لها ليصل الى هدفه، والا فان الياس او عدم الاستمرار في العمل والتراجع في وسط الطريق، يعرض الهدف لانتكاسات كبيرة، كما انه يعرض النجاحات الى مخاطر جمة.
ففي تجارب الشعوب والامم الكثير من الدروس التي يمكن ان نقتبسها لمعرفة حقيقة وفلسفة النجاحات التي تتحقق عادة بالاصرار والعزيمة الثابتة التي لا تلين.
لقد نجحت الامة في تجاوز تحديات حقبة الاستعمار بالجد والتضحيات الكبيرة، وهي اليوم بحاجة الى المثابرة والصبر على الصعاب من اجل تجاوز مرحلة النضال ضد الاستبداد والديكتاتورية، وان الله تعالى سينزل عليها النصر المؤزر عندما يرى فيها الصدق والعزيمة والاصرار على تجاوز المرحلة بكل ما اوتيت من قوة.
واضاف سماحته متحدثا الى الحضور الغفير الذي شارك في حفل الاستقبال الذي أقامه على شرفه مركز الامام علي في العاصمة الاميركية واشنطن، من النساء والرجال ومن مختلف الجاليات العربية المسلمة:
منذ ان انطلق مشروع الحوار الوطني في المملكة العربية السعودية، فان الاوضاع الداخلية العامة بدات تشهد تغيرا ملحوظا، ان على صعيد الحراك الفكري والإعلامي، أو على الصعيد الاجتماعي، فلقد تبنى العقلاء في البلد، وفي اطار مشروع الحوار الوطني، مبدا الاعتراف بالاخر واحترام الراي والراي الاخر وكذلك الاعتراف بالتنوع المذهبي على وجه التحديد، كادوات حضارية ودينية ووطنية للتواصل بين مختلف شرائح المجتمع، الأمر الذي ساعد كثيرا على تهدئة الاجواء وتليين المواقف، والتي كانت فتاوى التكفير تلعب دورا في اثارتها وتاجيجها، بالرغم من اصرار بعض المتشددين على لغة القطيعة والتنافر والإقصاء وأستعرض الشيخ الصفار بعض مشاهد الحراك الثقافي والاجتماعي في المملكة، كما تناول بعض العوائق والتحديات التي تعترض مسيرة الإصلاح والتطوير.
وكان سماحته قد اجاب في نهاية محاضرته على اسئلة الحضور الكريم التي تنوعت بين الاسئلة الفكرية والاخرى السياسية.
ففي معرض جوابه على سؤال بشان ما يمكن ان يقوله لقادة وزعماء الحركة الاسلامية في العراق والذين يمارسون اليوم السلطة في بغداد، قال سماحته:
اننا نفتخر باننا تعلمنا الكثير من الحركة الاسلامية في العراق، بل ان مختلف فصائل الحركة الاسلامية في المجتمعات الشيعية تدين بالفضل الى فصائل الحركة الاسلامية العراقية التي انبثقت عنها او رعتها في فترة من فترات تشكلها، كما ان المشايخ عندنا يفتخرون بانهم درسوا وتعلموا في الحوزة العلمية في النجف الاشرف وغيرها من الحوزات الدينية العريقة، الا ان ما نستغربه حقا هو هذا الخلاف غير المبرر الذي نشاهده اليوم بين القادة السياسيين وهم يمارسون السلطة، فان ذلك يعرض التجربة للخطر المحدق، خاصة وانها محاطة بمخاطر كبيرة، نتمنى على قادة الحركة الاسلامية في العراق ان يترفعوا على خلافاتهم ويضعوا نصب اعينهم المصالح العليا للبلاد، فان العراقيين ينتظرون منهم الكثير جدا كتعويض عن الثمن الباهض الذي دفعوه من اجل اسقاط النظام البائد وتغيير الاوضاع نحو الاحسن والافضل.
عن نصائحه التي يوجهها الى ابنائه الطلبة المبتعثين من الممكلة العربية السعودية للدراسة في الولايات المتحدة الاميركية، قال سماحته:
انني الخص كلامي بهذا الصدد في ثلاث نقاط هي كالتالي:
اولا: ان لا يالوا جهدا من اجل تحقيق الهدف الذي جاؤوا من اجله الى بلاد الغربة الا وهو طلب العلم، واتمنى عليهم ان يواصلوا دراساتهم العليا وتخصصاتهم في كل المجالات التي يدرسون فيها، فهم قادة المستقبل وبناة البلد.
ان المشكلة في معظم جامعاتنا هي أنها تخرج موظفين، اما الطلبة المبتعثون فان عليهم ان لا يفكروا بهذه الطريقة وانما يسعون من اجل ان يكونوا مفكرين ومخترعين ومبدعين في اختصاصاتهم العلمية التي يدرسون فيها.
ثانيا: ان يتعلم الطلبة كل ما هو ايجابي وجيد من قيم وادوات معرفة واساليب الحضارة في هذا البلد الخلاق، الولايات المتحدة الاميركية، فان فيها الكثير من القيم التي يجب ان يتعلمها الطلبة ومن ثم السعي لنقلها الى البلد، كالعلم والمعرفة واحترام الراي والراي الاخر واحترام الزمن وتقدير الخبرة وعدم التمييز وغير ذلك.
ثالثا: ان يوظف الطلبة مدة وجودهم هنا كفرصة للتعارف فيما بينهم والتواصل مع بعضهم، من خلال تجاوز العقد التي تعوق ذلك، ليكونوا، بعد عودتهم الى اهلهم، نموذجاً في التآلف والتحاور والتعاون على الرغم من اختلافهم في مشاربهم المذهبية والمناطقية.
وكان حفل الاستقبال المهيب قد بدا بتلاة آيات من القران الكريم ثم قدم المدير التنفيذي لمركز الامام علي الاستاذ عبد الله القريش سماحة الشيخ الصفار بكلمته التالية:
كما يحرص المركز على احياء الاشهر الفضيلة وعلى راسها شهر رمضان الكريم بالاضافة الى شهري محرم الحرام وصفر المظفر، الى جانب البرامج الخاصة باحياء المناسبات الدينية المختلفة.
كما ان المركز يقدم كافة الخدمات الاجتماعية للجالية كاجراء عقود القران وغيرها.
اكرر ترحيبي الحار بكم، وباسمكم اجدد الترحيب بضيفنا الكريم سماحة الشيخ الصفار، والوفد المرافق له، وادعوه لإلقاء محاضرته القيمة.
وبعد انتهاء البرنامج العام للحفل التقى الشيخ الصفار مع جمع من الطلبة السعوديين في جامعات واشنطن وتحدث لهم مشجعاً على الجدية والاجتهاد في دراستهم، واستثمار أوقاتهم بالاستفادة القصوى، كما أكد عليهم التواصل فيما بينهم كمواطنين دون حواجز وأن يقدموا صورة مشرقه بسلوكهم عن وطنهم ودينهم ثم أجاب على أسئلتهم المختلفة.