الشيخ البريك في ضيافة الشيخ الصفار
لبى الدكتور الشيخ سعد البريك دعوة سماحة الشيخ حسن الصفار لزيارة القطيف، حيث استضافه في مكتبه ظهر يوم الخميس 27 جمادى الآخرة 1431ﻫ الموافق 10/6/2010م، وقد دعا الشيخ الصفار على شرف ضيفه عددًا من الشخصيات من القطيف والدمام والأحساء، من شريحة العلماء والدعاة والمثقفين.
واستمر برنامج اللقاء حوالي ثلاث ساعات، في جو أخوي ودّي، تسوده الصراحة والشفافية، حيث جرى الحوار وتبادل الآراء والأفكار حول تجاوز القطيعة وتعزيز التواصل، خدمة لمصلحة الوطن واستقراره، وتجسيدًا لقيم الدين المجيدة.
وكان بمعية الشيخ سعد البريك الدكتور عبد العزيز قاسم الذي سبق أن استضاف الشيخين الصفار والبريك في حلقة من برنامجه البيان التالي، على قناة دليل الفضائية بتاريخ 17 ربيع الآخر 1431ﻫ كما كان برفقته الأستاذ وليد البريك، الأستاذ سعود السياري، الأستاذ عبد اللّه الجعفر والأستاذ إبراهيم العصيلي من المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات.
وقد رحب الشيخ الصفار بضيفه الكريم بالكلمة التالية:
السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته، مرحبًا بك يا فضيلة الشيخ الدكتور سعد وقد أسعدتنا بزيارتك، جاءت هذه الزيارة بعد طول انتظار، لتؤكد التزام الشيخ بالوفاء بوعده، فقد وعدنا بهذه الزيارة، والآن تحقق الوعد في أول خطواته، ونأمل أن تكون هذه الزيارة بداية لتواصل مستمر إن شاء اللّه، مع أهالي هذه المنطقة، التي هي جزء من هذا الوطن الغالي، وأهلها جزء لا يتجزأ من شعب هذه البلاد العزيزة الحبيبة.
أهلًا وسهلًا بك يا فضيلة الشيخ وبالأحبة الذين معك وفي طليعتهم الدكتور عبدالعزيز قاسم، وهو الذي له فضل كبير في إقامة جسور التواصل، من خلال حواراته الصحفية، وأخيرًا حواراته الفضائية، التي مهما تخلّلها من إثارات أو نقاشات ساخنة، لكنها تدشين لمرحلة جديدة، ينفتح الناس فيها بعضهم على بعض، يتحاورون ويتناقشون، تتعرف كل جهة إلى الأخرى، في البداية تحصل هذه الإثارات وهذا اللغط الذي نجده يصحب كل لقاء من اللقاءات، ولكنني أعتقد أنها مرحلة سنتجاوزها إن شاء اللّه، بالاستمرار وترشيد أساليب الحوار بين أبناء الوطن.
أنتم تعلمون يا فضيلة الشيخ، إن أمتنا عانت كثيرًا في قرون متمادية من الانشغال بالخلافات الفكرية والمذهبية، هذه الخلافات التي أفقدت أمتنا الاستقرار، وسلبتها أمنها المجتمعي، وعوقت مسيرتها نحو التنمية والتقدم، وأعطت الفرصة للأعداء لكي يتسللوا إلى أوساط أبناء الأمة، ولكي يحققوا أطماعهم في الهيمنة على أراضي وثروات بل وقلوب أبناء الأمة.
إن وجود تعدد في المذاهب والآراء والتوجهات السياسية أمر طبيعي في كل المجتمعات البشرية، لا يوجد مجتمع يتقولب الناس فيه ضمن رأي واحد، وخاصة في تفاصيل القضايا الدينية أو الحياتية، حتى في عهد رسول اللّه نجد أن الصحابة كانوا يختلفون في بعض الآراء، ولكن وجود رسول فيما بينهم كان يحسم أي نزاع أو خلاف، إذا كان الأمر يقتضي الحسم، وفي بعض المسائل نجد أن رسول اللّه ما كان يستخدم مكانته للحسم، كما هو الوارد بالنسبة لصلاة المسلمين في طريقهم إلى بني قريظة، حينما أدى بعضهم الصلاة حفاظًا على وقتها، وأجّلها البعض الآخر التزامًا بحرف ونص كلام رسول اللّه، لم ينقل لنا التاريخ أن الرسول تدخل لحسم الموقف، وإنما صحح عمل الفئتين و الجانبين.
إذًا فوجود الاختلاف في الرأي في مختلف المجالات أمر طبيعي، ولكن غير الطبيعي أن يتحول الاختلاف في الرأي الديني أو السياسي إلى نزاع وصراع، وإلى قطيعة، وهذا ما عانته أمتنا في القرون الماضية، وفي الواقع الحاضر، في كثير من البلدان والمناطق، هذا الجيل من أبناء الأمة، وخاصة طليعة هذا الجيل من الدعاة والعلماء والمثقفين يتحملون مهمة كبيرة، هي العبور بالأمة من واقع النزاع والصراع إلى واقع أفضل، يديرون فيه خلافاتهم بالحوار بالتي هي أحسن، وبالتعايش، وباحترام الرأي الآخر، لا أظن أن أحدًا يتوقع انتهاء اختلاف الآراء والأفكار، ليس هناك من يطمح أو يتطلع إلى أن تختفي الآراء والمذاهب والتوجهات، من سلف الأمة الصالح إلى الآن، هناك آراء متنوعة ومتعددة في المجال العقدي والفقهي والسياسي، لكن الأمر الذي نطمح إليه هو الوصول إلى مستوى التعايش وخدمة المصالح العليا لأوطاننا ومجتمعاتنا وديننا، وأعتقد أن هذا يستلزم أمرين:
الأول: التأكيد على مفهوم المواطنة والأخوة الإسلامية، المواطنة في بعده السياسي، والأخوة في بعدها الديني، بأننا ننتمي والحمد للّه إلى دين واحد، نتشهد الشهادتين، ونصلي إلى قبلة واحدة، ومرجعيتنا واحدة هي الكتاب والسنة، إذًا نحن إخوة بنص القران: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾.
ومفهوم المواطنة الذي يحفظ العدل والتساوي بين أبناء الوطن الواحد، فلا يتميز أحد على أحد في شيء من الواجبات أو الحقوق، إنما يكونون سواسية أمام القانون، وفي إتاحة الفرص، والتمايز بالعطاء والكفاءة.
الثاني: التوجيه المنطلق من الجهات الدينية في مجتمعاتنا ينبغي أن يوجه الناس إلى حسن العلاقة والمعاشرة والطيبة؛ لأن كثيرًا من المشاكل والنزاعات إنما يؤججها تحريض من هنا، وبعث على الفتنة من هناك، خاصة ونحن نعيش في زمن أصبح فيه الإعلام مشرعة أبوابه، وخاصة هذا الإعلام الفضائي المفتوح، وأصبحت هناك أصوات وأقلام تثير الفتن، وتؤجج المشاعر.
على الواعين من أبناء الأمة أن يعملوا من أجل بث ثقافة التآخي والتسامح، وتشجيع الناس على المحبة فيما بينهم، وحسن الظن في بعضهم بعضًا، ونأمل أن يكون فضيلة الشيخ سعد في طليعة الطليعة التي تقوم بهذه المهمة، وتنجزها إن شاء اللّه تعالى، خاصة وأن خادم الحرمين الشريفين فتح أبواب الحوار الوطني، ودعا المواطنين إلى أن يعيشوا كأبناء وطن واحد، ويحققوا الوحدة الوطنية فيما بينهم، هذا التوجه السياسي من قيادة البلد يجب أن يكون دافعًا للدعاة وباعثًا حتى ينطلقوا في هذه المهمة، لا أريد الإطالة، كنت أود أن اكتفي بالترحيب بفضيلتكم، وبأصحاب الفضيلة والسعادة الذين رافقوكم، كما أرحب بجميع الإخوة العلماء والفضلاء والمثقفين، هؤلاء نخبة من أبناء المنطقة يا فضيلة الشيخ، وبعضهم جاء من الأحساء، قطعوا مسافات طويلة، وفي الحاضرين من العلماء والخطباء والمثقفين والناشطين الاجتماعيين ما يمثلون نخبة من هذا المجتمع، جاؤوا ليرحبوا بكم، وليشكروكم على زيارتكم، ويؤكدوا اهتمامهم بالتواصل والتلاقي، بما يحقق مصلحة الدين والوطن إن شاء اللّه، نسأله تعالى أن يجعل هذا اللقاء لقاءً مباركًا، محفوفًا برحمته ورضوانه، إذا أردتم يا فضيلة الشيخ أن تتحفونا وتتحفوا الحضور بكلمة فالجميع مصغون لكلامكم وخطابكم.
الحمد للّه وحده، عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، والصلاة والسلام الأتمان والأكملان على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه، صاحب السماحة الشيخ حسن الصفار، يطيب لي وأنا في داركم العامرة، أن أجدد شكري على توجيه الدعوة مغتبطًا بهذا اللقاء، بهذه الوجوه الكريمة والمباركة بإذن اللّه عز وجل، وأحسب أن ما قلته مقدمة لما يمكن أن أوجز بعده بشيء مما هو مشترك في عقولنا جميعًا، ومشترك في همومنا جميعًا، وأمر لا بد لنا منه، فإما أن نجتمع عليه وإما أن نخسر أنفسنا وذريتنا جميعًا.
أحبتي في اللّه، قلت البارحة (في المحاضرة بصالة الملك عبداللّه بالقديح) وكم تمنيت أن بعض أصحاب الفضيلة العلماء قد حضروا لينقلوا رسالة إلى أبناء القطيف، أن هذه الزيارة وهذه المحاضرة وهذا الموضوع تحديدًا يصب في صميم القضية الكبرى، التي هي قضية الخلاف، أو وهم الخلاف، وهي مسألة محبة آل بيت نبينا، ولعل له عذرًا وأنت تلومه، والغائب حجته معه، أقول فيما أود بيانه أن من المؤلم والمفاجئ للنفس أن تكره أحدًا ثم تخبرك الحقيقة أنه أحد أحبابك، وأن من المؤلم أيضًا أن تحب أحدًا وأن يفاجئك الأمر بأدلة بأنه عدو لك، وإني رأيت من خلال هذه المودة والحميمية والعلاقة والتواصل، الذي يسجل لفضيلة سماحة الشيخ حسن الصفار، وللفضلاء أجمعين، وللدكتور عبد العزيز قاسم جزاه اللّه خيرًا قصب السبق في مثل هذه المبادرات، التي أحسبها سُنة، وله أجرها وأجر من عمل بها بإذن اللّه عز وجل، قد تبين لي من خلال اهتمام محدود، في فترة موجزة، واطلاع وانكباب على بعض مصادر ومراجع الشيعة المعتمدة: أن حقيقة التشيع العلوي لا نختلف فيه مع أحبابنا وإخواننا أبدًا، وإنما قرره آل بيت النبي من أصول الاعتقاد، وقواعد الاتباع، والرحمة بالمسلمين أجمعين، مما هو مقرر في مصادر أهل السنة، ثم سألت نفسي: إذًا فأين الخلاف؟
هناك شقان: شق سياسي، وشق ديني، وخلط الديني بالسياسي أحسبه يورد مشكلات، ومن خلال ما بحثت وقرأت وتابعت وسمعت حتى من عقلاء الشيعة أنفسهم، ومن المراجع المعتبرة ذات الوزن الثقيل، في مختلف بلاد العالم الإسلامي، أن التشيع العلوي على حقيقته لا نختلف فيه كثيرًا، على أصوله التي قرأنا واطّلعنا وتابعنا فيها، ولكن المشكلة ذلك الدس الكثيف الذي أفسد قلوب الشيعة على السنة، وقلوب السنة على الشيعة، وأقولها بكل صراحة: إن اختراقًا أعجميًّا على خط واقع الشيعة العرب مع إخوانهم السنة، يعود إليه سبب كبير في دفع هذا الاحتقان إلى مواجهة، رأينا بعض نتائجها في بعض المواقع، ونعوذ باللّه أن نجد مثله هنا في بلادنا، ومن بيننا ومع إخواننا الذين عشنا معهم تاريخًا، وأدركنا وصية أجدادنا لهم، ووصية أجدادهم لنا، يوم أن كانوا جيرانًا وأحبة تجمعهم كافة أواصر المحبة والمودة.
ومن هنا أحبتي في اللّه، فإني أقول ليس بيننا وبين أن نسدل الستار على هذه الحقبة التي أقضت المضاجع، وأزعجت النفوس، وأدخلت كثيرًا من البلبلة على العقول، إلا كلمة واحدة، وبها سوف نسدل الستار على تاريخ طويل من الخلاف، على الأقل في محيطنا وإقليمنا الذي يهمنا، كلمة واحدة وهي (على رسلكم، إنها صفية) هذه الكلمة إذا تواتر القول، واجتمع العقلاء، وهم أهل وكفؤ، وقد بوأهم اللّه المنزلة والمكانة، وآتاهم من جميل البيان وعذب المنطق، ما يستطيعون أن يقول لعامة السنة والشيعة، إنها صفية، والذي أعنيه أن هذه الأوهام، وكما قال سماحة الشيخ الصفار في اللقاء الذي تشرفت به معه في برنامج البيان التالي قال: إن كثيرًا من المرويات التاريخية لاشك أنها سببت كثيرًا من الاحتقان، وأننا في مراجعة مستمرة لمثل ذلك، والحقيقة أننا لا نتصور أن هناك نسخة جديدة من المذهب في كل عقد من السنين، إن المذهب هو ما ثبت عن آل بيت النبي، الذين نعتقد أن من تمام الدين بل من شرط صحة الإسلام أن نعترف لهم بما بيّنه النبي من فضلهم، وذكره اللّه عز وجل من شانهم في كتابه الكريم، العقلاء والعلماء والدعاة والخطباء كلهم يعلمون فضل أمير المؤمنين، وفضل سيدي شباب أهل الجنة، وفضل سيدة نساء أهل الجنة، وفضل زين العابدين، وفضل الإمام الصادق، والإمام الكاظم، وعلي بن موسى، والأئمة والحسن العسكري، وقد قصدت بالأمس أن أسرد نقولات من مراجع أهل السنة، حتى يسمع الجميع من هم أهل البيت عندنا، من هم أهل البيت بالنسبة لنا، ما وزنهم في حجيتنا، نحن نحتج بأقوال أهل البيت في مسائل يختلف فيها أهل السنة فيما بينهم، إذًا لا نجد خلافًا، أما الفروع الجزئية اليسيرة فإني أحسب أن الأمر قد تجاوزها، والكل يعلم أن هذه الفروع اليسيرة ليست سببًا ولا مسوغًا أن تخرج مسلمًا عن إسلامه، أو مسوغًا لإيقاع القطيعة والبغضاء، واذا كان في كتاب ربنا عز وجل: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة:8) هذا في غير المسلمين، فمن باب أولى أن يكون مع المسلمين، من إخواننا الذين يتفقون معنا في أصول الاعتقاد، كما جاء في الكتاب والسنة، وما جاء من مرويات الصحابة، وما جاء عن أهل البيت، وإذا زالت القضية في شقها الديني، بقي الأمر في شقه الدنيوي، لأننا اعتبرنا أن الشق الديني قسمان: قسم يتعلق بالأصول، فإذا تداعى المصلحون، وكثر أعلام التصحيح، وتسارع العقلاء رحمة وشفقة بالأمة، وعبرة بما جرى من المثولات من حولنا، كالذي نراه على سبيل المثال في العراق، كيف بلغ الحقد الطائفي المتبادل، فوصل بالناس إلى أبشع صور لم يفعلها اليهود والنصارى بعضهم مع بعض، من ثم فإننا نعوذ بوجه اللّه أن يكون ثمة من له عقل ويجد أن لنفسه مكانة وكلمة وأثرًا ودورًا، ثم يكتم أو يدخر هذا الجهد في ما ينفع الأمة، فإذا زال ذلك الشق في جانب الأصول، وفي جانب الأسس والقواعد، التي لا نختلف عليها.
لا نختلف على كتاب اللّه عز وجل، وسمعت من سماحة الشيخ الصفار وأنا أعرف هذا الكلام، وقصدًا طرحت في الحوار مسائل من الأسئلة التقريرية ومن الأسئلة الاستفهامية، التي أريد الشيخ أن يبدّد في جوابها كثيرًا من الأوهام، أنا لا أكذبكم أن أوهامًا كثيرة عند عموم أهل السنة في تحريف القرآن، فإذا انبرى رجل مثل هذا الرجل من أعلام التصحيح، ومثلكم من طلائع التصحيح وقادته وأعلامه، وقرروا ما هو معلوم أن القرآن خالٍ وسليم من الزيادة والنقص والتحريف، وأن لا صحة للمرويات التي تقول عن مصحف فاطمة، ولا صحة للمرويات التي تسب الصحابة وتلعن وتقدح وتشتم، ولا صحة للمرويات التي تنسب إلى رسول اللّه ما لا يليق به، ولا صحة للمرويات التي لا نجد وراءها إلا ما يفسد ويشتت ويفرق ويحزّب ويعصب، فإذا تداعى العقلاء على مثل هذا الكلام وبينوا، أظنها كلمة واحدة، إنها صفية، إن سيد الخلق لما مرّ برجلين وهو يودع زوجته صفية مر به رجلان، فقال: «على رسلكما إنها صفية»، ومعلوم أن الشك في النبي كفر، أن يشك أحد وأن يقذف رسول اللّه بالعظائم، فهذا أمر يخرج من الملة، لكن أبان النبي: خشيت أن يقذف الشيطان في قلبيكما سوءًا أو أمرًا، على رسلكما، إنها صفية.
فإذا لم يكن بين هذا المجتمع وبين قوته وترابطه إلا كلمة يتداعى إليها هؤلاء العقلاء ومن ورائهم، ثم يقولون ويعلنون براءة واضحة جلية في كل ما يقض المضاجع، القول مثلًا في تحريف القرآن، العقلاء ينكرون ولكن البعض يردد وينشر، مسألة سب الصحابة رضوان اللّه عليهم، وأسجل لسماحة الشيخ موقفًا جريئًا قبل اللقاء في جريدة عكاظ قال: إن سب الصحابة أمر ممنوع ولا يجوز ومن وقع به يجب أن تقام عليه الحجة، ونبين له الأمر، ونحن عندما نقول الصحابة فإننا نعني أبا بكر وعمر وعثمان وعلي والمبشرين بالجنة وآل بيت النبي، إن البعض، ولا أكتمكم، دعونا نتكلم بصدق وحقيقة، لما تحدث فتية معي ألا تسمع سماحة الشيخ حسن قال في البرنامج الصحابة لا يجوز أن يكفروا، ومن كفرهم ومن تكلم فيهم ووقع فيهم، يبين له الأمر، فإذا أصر فهو خارج عن الإسلام، أليس كذلك يا شيخ؟ وقال الصحابة يقصد بهم أسماء رموز وأعلام آخرين وليس المقصود بالصحابة الذي أنت وأنا نفهمه، أبا بكر وعمر، لا ولا يجوز إلا أن أحمل الكلام على خير محمل، كما قال عمر بن الخطاب: لا تظنن بكلمة خرجت من فم أخيك إلا خيرًا، إلا وأن تحملها على أحسن محمل، فانظروا إلى أي درجة حاجتنا إلى المحترزات، التي تدفع الكثير من الشبه، وكما قال: «على رسلكم، إنها صفية» وهو المعصوم فمن باب أولى نحن.
اسألونا بما شئتم، اسألونا عن قتل الحسين؟ نقول ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من قتل الحسين عليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لعن اللّه من قتل الحسين، ومن أعان على قتل الحسين، اسألونا عن أمير المؤمنين علي؟ أقول علي مع الحق والفئة التي معه على الحق، فيا عقلاء الشيعة ويا رجالها وسادتها وقادتها ويا إخواني في هذا الوطن ونحن جميعًا حماته وأبناؤه، هل يعقل أن يتقاتل أبناؤنا، ولم تصل النار بعد إلى أرضنا ولا إلى حدودنا، وأنت تسمع ما وراء الحدود، بل يقول لي بعض الفضلاء واللّه إننا في صبيحة عاشوراء في المدارس نسمع من بعض الطلبة يقول يا لثارات الحسين، الثأر ممن؟ وننتقم ممن؟ ومن الذي نريد أن نصفي حسابنا معه؟ أهو على رواية في آخر الزمان أن المهدي الإمام الغائب عجل اللّه فرجه إذا خرج سوف يخرج أبا بكر وعمر وعائشة ويجلد عائشة حد الفرية ويجلد أبا بكر وعمر أو يقتلهم؟ الجواب هذا كما قال الشيخ هي من المرويات المرفوضة، إذًا ما الذي يمنع هذه الوجوه النيرة المسفرة والمباركة أن تنقذ الأمة بمثل هذا البيان؟ فعند علماء أصول الفقه تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز أبدًا. فأظن أن ليس بينا وبين أن نقفز قفزة ماراثونية إلا أن نسمع بيانًا صريحًا واضحًا وجليًّا يجيب عن كثير من المسائل التي سمعها البعض في قناة الكوثر، أو قناة الأنوار، أو في القناة الفلانية، وتنقل مثل هذه المواقف إلى الداخل.
إن صورة ومشهد السنة وهم السنة ليسوا سواء، فيهم من وقع في التكفير وسفك الدماء وإزهاق الأرواح، وفيهم من شطَّ بهم الأمر إلى التغريب والعلمنة، وفيهم من اعتزل وتوسط، وكذلك نقول لأبنائنا وأحبابنا لا تنظروا إلى الشيعة بأنهم شريحة واحدة، وشكل واحد، ولا يجوز إن يختزل التشيع في شخص، ربما كما قال الشيخ في بعض مجالسنا، قال: الآن، ومنذ فترة وللّه الحمد والمنة أصبحنا ننظر من الذي هو أهل أن يتحدث باسم علم أهل البيت، وليس الأمر مفتوحًا لكل من أراد أن ينتسب إلى ذلك، ويتحدث وينسب زلات وأخطاء، وإلى ذلك إن هذا البيان الجامع الذي نرتقب صدوره منكم جميعًا في بيان مسائل الاعتقاد الواضحة الجلية التي يتوهم كثير من عموم السنة إنها الفيصل في الخلاف والاختلاف، ويرتقي إلى الخلاف العقدي وليس الفرعي، مسائل الفروع لا يخرج فيها أحد من الإسلام، ولا يكفر أحد فيها، ولا تمنع الموالاة والمحبة ولا تمنع الأخوة والنصرة، ولا تمنع شيئًا مما أوجب اللّه للمسلمين بعضهم على بعض، ومن هنا يا أحبتي وأنا أتكلم أمام عقلاء وأمام أناس يثمنون الكلمة ويعرفونها، وأفتح صدري وأذني مصغية لما يستدرك علي.
قل للذي يدعي في العلم | معرفةعلمت شيئًا وغابت عنك أشياء |
هذا في الشق الديني، أما في الشق السياسي، أو الشق الدنيوي، فلا يلام أحد، أن يطلب حقه، يقول عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه): يعجبني الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول بملء فيه: لا، وإياس بن فضيل لما نظر إليه عمر فقال له: أنت قتلت أخي ضرار؟ قال يا أمير المؤمنين، الحمد للّه الذي أدخله بسببي الجنة، يعني قتلته فمات شهيدًا في معركة اليمامة ولم يدخلني بسببه النار، فقال عمر (رضي اللّه عنه): اصرف وجهك عني، فإني لا أحبك، فقال إياس: يا أمير المؤمنين إن كنت لا تحبني أتمنعني شيئًا أوجبه اللّه لي عليك في بيت مال المسلمين؟ فقال عمر: لا، معاذ اللّه، قال: إذن ابغض ما شئت، فإن من يبكي على الحب النساء، نحن نقول إن صاحب الحق لا يكف عن المطالبة بحقه أينما ما كان، فلنا حقوق كثيرة، والمطالب أكثر، والطموح والأمل والرجاء أكثر وأكبر، وليس بعيدًا عن اللّه عز وجل أن نحقق ذلك.
ما كنا نسمعه عن القطيف من قبل ثم نرى هذه المدينة وهذه الحاضرة، وهذه القفزات العلمية والحضارية في القطيف وأبنائها، أيًا كان بعطاء ولاة الأمر، أو بإلحاح وتواصل أبناء القطيف أنفسهم، اعتبر ذلك عقلًا وحكمة وشرعًا، لا أستكثر على مسلم في الأوجام، أو في القطيف، أو في العوامية، أو في الجش، أو في أي مكان كان، ولكن أحبتي في اللّه إن ما أود أن أقوله ما رأيناه اليوم في القطيف تحتاج الكثير من محافظات بلادنا في الحدود الشمالية وفي جيزان والمناطق الجنوبية عقودًا حتى تصل إلى ما وصلت إليه القطيف، الحمد للّه الذي منَّ على القطيف برجالها، وأكرمها بما فتح اللّه عليها، ونسأل اللّه أن يكرم المحافظات الأخرى من أهل السنة، بما أكرم به أهل القطيف، وأما ما تبقى من ذلك فالكل في ميدان يستبق إليه بعلمه وقدرته وفرصته، وإن الجميع يعلم أن ما من أحد إلا وكتب له رزقه وأجله، لا أريد أن أستأثر بالحديث، فأنا في شوق لأن أسمع من الفضلاء والعقلاء والنبلاء ما أنا أحوج إليه، أكثر مما أتكلم به، وسبحانك اللّهم والحمد للّه وأشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
شكرًا فضيلة الشيخ على ما تفضلت به، واسمحوا لي أن أرحب بفضيلة الشيخ فيصل الكاف الذي جاء أثناء حديثكم وكذلك فضيلة الشيخ حسن الخويلدي.
مرحبًا بكم جميعًا أيها الفضلاء والأحبة في هذا اللقاء العامر بالمحبة إن شاء اللّه، من الجميل أن نصغي لبعضنا بعضًا، لا غضاضة أن يقول الإنسان كل ما لديه، والمجلس مجلس قائم على أساس الصراحة والشفافية والحوار بالتي هي أحسن، لا أريد أن أستأثر بالحديث، حتى لا يكون حديثًا ثنائيًا بيني وبين فضيلة الشيخ سعد، فقد سبق أن التقينا في أكثر من لقاء، وسنلتقي إن شاء اللّه مستقبلًا، فالفرصة متاحة للإخوة الأعزاء من العلماء والفضلاء ليتحدثوا، لكني أشير إذا سمح فضيلة الشيخ سعد وإذا سمحتم إلى نقطتين سريعتين:
النقطة الأولى: إنني أتصور أن المدخل لحسن العلاقة بين الشرائح المختلفة في وطننا وكل بقاع العالم الإسلامي هو تحقيق مفهوم المواطنة، بحيث يعيش الناس واقع المساواة، فلا يشعر أحد بالغبن، ولا يمارس طرف الاستئثار، لأن ذلك هو المنفذ الذي ينفذ منه الشيطان، الكلام العقدي والفقهي قد يكون تبريرًا، وقد يكون عنوانًا، الإنسان حينما يشعر بأن له حقًا قد يستخدم أسلوبًا سليمًا، أو أسلوبًا غير سليم، علينا جميعًا أن نتعاون، وأن نعضد موقف خادم الحرمين الشريفين في كلامه وخطاباته ومشاريعه والبرامج التي يطرحها، حين يؤكد على جانب المساواة بين المواطنين، وحتى خطابه الأخير في مجلس الشورى الذي تحاورنا مع فضيلة الشيخ حول مقطع منه (الوطن للجميع)، يؤكد على هذا الأمر، إذا استطعنا أن نعين ولاة أمورنا، وأن نرشّد الحالة القائمة في بلادنا، لا يخلو بلد من أخطاء، لا يخلو بلد من مشاكل، قد تكون الحقبة الماضية، والأوضاع السابقة، والتأثيرات الإقليمية، تركت بعض الخلل في هذا الجانب، علينا أن نتعاون وأن نؤازر ولاة الأمر في بلادنا حتى تتحقق المساواة في صورتها الكاملة الصحيحة، حتى يشعر المواطنون جميعًا بوحدتهم وبتآخيهم، وحين يكون الخلاف العقدي والكلام الفكري في حجمه، كما يوجد بين الناس في أمريكا وفي أوربا، وفي كل البلدان، يوجد بينهم خلافات، ويوجد بينهم اتهامات، ولكنهم بشكل عام يحققون حالة من التعايش والتفاهم والتعاون، وإن شاء اللّه بلادنا تسير على هذا الطريق.
النقطة الثانية: ما أشار إليه فضيلة الشيخ سعد من إصدار بيان يبين مواقف الشيعة، سبق أن صدرت عشرات البيانات، أحد كبار علماء الشيعة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء قبل ستين عامًا، كتب بيانًا تحت عنوان «أصل الشيعة وأصولها» ونشر وهو كتيب مختصر، وكاشف الغطاء مرجع فقهي يتزعم الحوزة العلمية في النجف الأشرف، نشر هذا الكتاب، وطبع عدة مرات، وجاء علماء آخرون من بعده وكتبوا، الشيخ محمد جواد مغنية أيضًا كتب في هذا المجال وأبان مواقف الشيعة في كل الأصول والمعتقدات، ورد على هذه الشبهات، وهذه الأوهام كما تحدث فضيلة الشيخ، وعشرات من الكتب، إن شاء اللّه يشرّف فضيلة الشيخ المكتبة ليرى عشرات من الكتب وعشرات من البيانات التي توضح هذا الموقف، لكن المتطرفين من الجانبين لن يسكتوا، حتى ولو صدرت آلاف البيانات، لأنهم يعيشون على إيقاظ الفتنة، كلما صدر بيان حول جانب يطلبون بيانًا حول جانب آخر، وضع جهة من الجهات وكأنها في زاوية الاتهام وعليها أن تثبت كل يوم براءتها من هذه التهم هذا ليس مقبولًا، أن يُطالب إنسان كل يوم أن يعلن براءته من الكذب، اكتب بيانًا أنك لم تكذب، اكتب بيانًا أنك لم تسرق، سبحان اللّه يجب أن نطالب المدعي بالبينة، أنت تقول هؤلاء قالوا كذا، البينات التي تساق هي نقولات من كتب التراث، هناك ردود عليها، هناك مناقشة لها، آمل أن نتجاوز هذه المرحلة، وقد سبق أن أعلنت وسجل هذا الإعلان الدكتور عبدالعزيز قاسم في المقابلة المفصلة تحت عنوان مكاشفات، طلبت توقيع وثيقة شرف، وتناقشنا مع كثيرين، ولكن أرجو من الطرف الآخر، من الجهات الدينية في المدرسة القائمة في المملكة، أعتقد أن هم من لديهم التردد، نحن ما عندنا تردد بأن نوقع على بيان نقرر الأصول المشتركة بين المسلمين، ويشير إلى وجوب العدل والمساواة بين كل أبناء البلد وأبناء الأمة، ولا أحد يمتنع عن ذلك، وقد سعينا وحاولنا مع المشايخ، منهم الشيخ عبدالمحسن العبيكان وكدنا أن نصل، وأعددنا المسودة، ولكن الاعتراض والتوقف كان من الطرف الآخر، وحتى في الأيام الأخيرة كتبت أيضًا أنا مسودة مقترحة، وقدمتها إلى مجموعة من الفضلاء، نحن ما عندنا تردد، أعتقد أن علماءنا وفقهاءنا ليس لديهم ما يخفونه، أو يخجلون منه، وهم قد كتبوا وأعلنوا، ولا مانع أن يكتب من جديد، التردد هو من الطرف الآخر، بعض الفضلاء طرحت عليهم هذا الأمر بإلحاح وقالوا إن الوقت ليس مناسبًا من إخواننا السلفيين في المملكة، ولا داعي لذكر الأسماء، ما تدعون له يا فضيلة الشيخ نحن مستعدون له، وليس لدينا مشكلة في هذا الأمر، ولكننا نعتقد أن هناك من يتردد، وهناك من يتحفظ، وهناك من يضع كل يوم نقطة إضافية.
طبعًا المذاهب لهم حريتهم في آرائهم ومعتقداتهم، أنا أعتقد أن الشيء الوحيد الذي ينبغي النص عليه هو عدم الإساءة للطرف الآخر، ورموز الطرف الآخر، ومقدسات الطرف الآخر، ماعدا ذلك، الاختلاف في المعتقدات التفصيلية، أو في الجوانب الفقهية، هذه تترك، تراث السنة وتراث الشيعة فيه الكثير مما يجب أن ينقح وأن يغربل، ولكنها مهمة داخلية، السنة في داخلهم يقومون بهذه المهمة، وقد انبرى منهم أعلام التصحيح عند أهل السنة أيضًا موجودون، والشيعة في داخلهم هناك من يقوم بهذه المهمة، لا ينبغي أن تدخل هذه المسألة في مجال الحوار، حتى لا تظهر وكأنها ضغط من طرف على طرف، حينما تبدو المسألة وكأن هناك طرفًا يضغط هنا تثار غريزة التحدي، وبالتالي تتعرقل مسيرة المصلحين في داخل طوائفهم ومذاهبهم، ما يسيء للطرف الآخر هذا ما يجب أن نمنعه وأن نقف أمامه، وقد تلقيت دعوة أخيرًا من جهة شيعية عليا في إيران تدعو إلى عقد مؤتمر لمناقشة تحريم الإساءة لرموز المسلمين، والإساءات المتبادلة بين المذاهب، وطلبوا مني إعداد بحث، ووجهوا الدعوة إلى كثيرين حتى يعدوا بحوثًا حول هذا المجال، أما على صعيد التحليل السياسي ما هي أسباب هذه المشكلة، قد نختلف في بعض التحليلات، ونختلف في بعض الأسباب، لكننا جميعًا ندرك أن هناك عوامل إقليمية ودولية لا تريد للمسلمين أن يتحدوا وأن يجتمعوا.
أنا اشكر لسماحة الشيخ هذا البيان ولا غرابة فالشيء من معدنه لا يستغرب، ولكن فيما يتعلق بالإساءة للرموز، فالكل يرفض، وينبذ، ويأبى هذا الأمر، فإذا كان هذا مع غير المسلمين بآلهتهم، كما قال عز وجل: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فمن باب أولى فيمن تجمعنا معهم جوامع الإسلام.
الأمر الثاني ما تفضل به سماحة الشيخ فيما يتعلق بالحقوق وقضايا المواطنة، الكل يطالب بحقه، من جيزان إلى رفحاء، إلى عرعر، إلى طريف، الكل يعتقد أنه مظلوم، أنه مصادر حقه، وفي جيزان وإلى عقود طويلة ماضية يشعرون أنهم مهمشون، وخذ مثل ذلك في بيوت الصفيح في عرعر وطريف وغير ذلك، نحن لا ننقل ذلك كشيء يجب أن يسكت عليه، ولكن نقول نتمنى للقطيف المزيد والمزيد والمزيد، ونتمنى أن يُهتم في ذلك. البعض يقول لأنني لست من أهل المنطقة الفلانية أو من القبيلة الفلانية أنا مظلوم، مع أن تلك المناطق وتلك القبائل ليس فيهم شيعي واحد.
أنا أشكر الشيخ توضيحه وتنبيهه ويدي بيده، وأتفق معه، وأقول بكل صراحة، إن هذه البيانات لا يعلم بها كثير من عوام الشيعة وأبنائها، هذا الكلام العذب الجميل الرائع المؤصل المقنع، وصاحب الحجة المقنعة لا يستجدي أحدًا أن يقبل الكلام، بل إن الحجة تنفذ إلى العقل بلا استئذان، لكن هذا الكلام ينبغي أن ينزل إلى مستوى العام بأكبر قدر ممكن، وحينئذٍ سنجد أن هذا سينعكس، إذ إن الأفكار هي التي توجه، وشكرًا لكم على ذلك.
الحقيقة بالأمس طلبت الكلمة وقلت إن محاضرة الشيخ سعد البريك في وسط القطيف هي ليلة تاريخية، وأنا أكرر هذا الكلام، وفي هذا المجلس، وزيارته لسماحة الشيخ حسن وفي حضور هذه النخبة الشرعية والعلمية، والنخبة المثقفة، أيضًا هو يوم تاريخي، وأنا أتذكر قبل سبع سنوات يا شيخ حسن عندما أتيت لإجراء المكاشفات معك، والتقيت بالكثير من هذه الوجوه النيرة، أنظر إلى مسيرة التعايش أنها تقدمت إلى الأفضل، وإن كنا نطمع أنها تكون أكثر، أنا أعتقد أن حضور الشيخ سعد البريك يمثل انعطافة كبيرة، والسبب في رأيي أن الشيخ سعد البريك ولا أزكيه على اللّه، لديه الكاريزما الكبيرة، والثقل الشرعي والدعوي بين جمهور إخوتنا السلفيين، لذلك أنا أعوِّل بإذن اللّه تعالى أن ينبني على مثل هذا اللقاء أشياء جديدة وخطوات أبعد. الشيخ حسن الصفار طالب في هذا الحوار بشيء من الشفافية والصراحة، وأنا لا أخفي الشيخ حسن والكثير من أحبابنا عتبي الشديد على عدم حضور أي أحد من طلبة العلم من أهل القطيف (في محاضرة الشيخ سعد بصالة الملك عبداللّه)، فقط من باب رد التحية، ومن باب رد الإكرام، للتو أبو زيتون جزاه اللّه خيرًا بفطرة الإعرابي لديه، وفطرة العربي الحر قال وأباح بما يكن به صدره، ومن حبه للقطيف وأهلها، وأنا أكرر من حبي، أنا أعتب على الأخوة هؤلاء، على الأقل من باب إكرام الضيف، أيها الأحبة أقول: ينبغي حضور بعضهم، أما هذا التواطؤ الكامل على عدم حضور أي طالب علم شرعي، فكانت إشارة سلبية جدًا يا شيخ حسن، أنا لا أريد أن أقولها.
بما أن الشيخ حسن الصفار في بداية حديثه التمس العذر للبيان التالي، فلعلي أيضًا أن التمس العذر له، فأقول هي هكذا دائمًا البدايات، وطريق المصلحين، هي هكذا تكون البدايات، فيها كثير من الشوائب والعقبات، أنتقل إلى الجزئية الأخرى وهي البيان، الشيخ سعد طالب ببيان وأنا أزعم في هذا الجانب أن البيانات الفردية، أو البيانات من طرف واحد لا تجدي كثيرًا، ولن يكون له ذات التأثير وذات القوة والتغلغل في أوساط النخب والعوام، وكل المجتمع، إذا كانت من طرف واحد، في تصوري الخاص أنه يجب أن تكون هناك وثيقة التي طرحها الشيخ الصفار وثيقة التعايش لو انضم لها الشيخ سعد البريك مع ثلة من الفضلاء، وأنا على يميني الدكتور مسفر القحطاني، ومجموعة من الفضلاء الذين يمكن أن ينضموا إلى هذه الوثيقة، لإبرام وثيقة تاريخية، ليس على مستوى الوطن أيها الأخوة، بل على مستوى الأمة، أنا أتذكر في ورقة ألقيتها في منتدى جعفر الشايب قلت: إن أحد أسباب فشل مسيرة التقارب والحوار على المستوى الوطني وعلى مستوى الأمة أن علماء السعودية لم يشاركوا فيها، فلذلك ذابت، ولم تكن لها ذات القيمة والقوة، نحن أمام فرصة تاريخية، وخصوصًا أن ولاة الأمر يدعمون مثل هذا الاتجاه، ولعل الشيخ سعد قد تلمس الفوائد الجمة الكبيرة التي تنعكس علينا هنا كوطن وتنعكس على الأمة أن يبادر بما له من كاريزما وثقل كبير في أن يواصل هذا المشوار، شكرًا جزيلًا لكم أيها الأخوة.
فيما يرتبط بالعتاب لعدم الحضور في محاضرة الشيخ سعد البريك، سبق وأن اعتذرت لأن عندي محاضرة، وبالتالي كنت منشغلًا، لكني أشير إلى أن المسألة لا ترتبط بشخص المحاضر حفظه اللّه، ولكن لم يكن في الماضي علاقة تواصلية بين الناس هنا، الجمهور في ساحتنا الدينية في القطيف وبين المؤسسات الدينية الرسمية التي قامت على المحاضرة، وأنا قلت للدكتور سعد وللدكتور عبدالعزيز كنت أرغب أن يكون مجيء الشيخ سعد ومحاضرته عندنا، والدعوة تكون من أهالي القطيف، وسترى حضور الناس، وقد رأيت يا أبا إسامة عندما أتيت في المرة السابقة كيف كان الجمع، وكذلك حينما جاء الدكتور الشيخ عوض القرني، والشيخ النجيمي، وبقية الأخوة المشائخ الذين شرفونا، الناس بعد ليس لديهم علاقة تواصلية مع النشاط الديني في المؤسسة الدينية الرسمية، وأنا شخصيًا خلال هذه السنوات الطويلة لم أتلق ولا دعوة واحدة من هذه المؤسسات الدينية الموجودة في الدمام، ليس هناك تواصل وحينما لا تكون هناك حالة تواصلية هذا يكشف عن قصور وتقصير من الطرفين، أرجو أن يكون لفضيلة الدكتور الشيخ سعد دور في إزالة هذا الجفاء، وإزالة هذا القصور والتقصير، عدم الحضور ليس رسالة موجهة لشخص المحاضر، وليجرب الشيخ سعد الأسبوع المقبل عندنا في المجلس أو أي حسينية من الحسينيات، وسيرى الحضور، إنها رسالة إلى الجهات المنظمة التي لم تلتفت في الماضي للنشاط الديني القائم في هذه المنطقة، ولم تتواصل معه، لغفلة أو لسبب أو لآخر، لست الآن في مقام معاتبة تلك الجهات، فأنا أحترم كل الجهات العاملة، وأود أن أتواصل معها، وقد قمت بمبادرات للتواصل مع بعضها، نأمل أن نتوفق في المستقبل لتجاوز هذه الحالة وليتأكد فضيلة الشيخ أنها ليست رسالة موجهة له شخصيًّا، لو يعطينا موعدًا لمحاضرة قادمة هنا في القطيف وفي الأحساء سيرى حضور الناس..
شكرًا فضيلة الشيخ سعد، اسمح لي أغتنم الفرصة لوجود الدكتور عبدالعزيز ولو أني عاتب عليه كثيرًا بقوله تواطؤ وهو ليس تواطؤًا وهذه تهمة أطلقتها جزافًا، لكن مداخلتي على جزئين: إعلامية وأخرى دينية، أولًا شكرًا دكتور عبدالعزيز على التفاتتك في استضافة الشيخ الصفار ونرجو أن نجد شخصيات شيعية أخرى في البيان التالي.
فضيلة الشيخ عندما يتحدث عن التمييز الطائفي في منطقتنا وفي بلادنا للأسف ينفى من الجهتين، وهذا عتب كبير، ينفى من الجهة الرسمية أن ليس هناك تمييز طائفي، وينفى أيضًا من الطبقة الدينية سواء المختلفة أو غير المختلفة أن ليس هناك تمييز وهذا خطأ فادح، نريد أن نصححه، يجب أن نتكاتف عندما نجد اضطهادًا أو تمييزًا طائفيًا على جزئية من الوطن، يجب على الكل أن يدافع، ولا ننفي أن ليس هناك تمييز طائفي، ولا يستدل بالآخرين لظلمنا، أنا اعتب على الدكتور عبدالعزيز قاسم أنه في اللقاء تحدث بنفس الوتيرة، وبنفس النسق، عن إيران وواقع إيران، ومساجد السنة في إيران، ما دخلنا في إيران ومساجد إيران؟ عندما نتحدث أن ليس لدينا مساجد لا تؤخذ علينا أن في إيران ليس هناك مساجد للسنة، ما دخلنا في إيران؟ أنا هنا مواطن سعودي، لا تحدثني عن إيران فهذه مؤاخذة، فأرجو يا فضيلة الشيخ عندما يتحدث عن التمييز الطائفي وهذا دلائله كثيرة وبالمئات.
أنا لا أتحدث مع فضيلة الشيخ سعد رسميًا، ولكن أتحدث معك كشيخ كلمته مسموعة وله محبون كثيرون، نعاني كثيرًا من التمييز الطائفي، الصلاة في الخبر لا نستطيع أن نصلي جماعة منعوا أهالي الخبر الشيعة من الصلاة، علمًا بأنها تقام في الأسواق وفي الحدائق وفي كل مكان للسنة، عندما يتجمع خمسة أو ستة من الشيعة يصلون في أي مكان في بيوتهم يمنعون.
السلام عليكم جميعًا، الشيخ سعد تحدث عن الاختراق الأعجمي للبيئة الشيعية العربية، نسأل الشيخ عن نوع هذا الاختراق؟ إذا كان الاختراق عقائديًا فالشيعة من عصر الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا مرجعيتهم أما بين العجم أو العرب، ليس هناك اختراق، إذا كان الاختراق اختراقًا سياسيًا الشعوب لا شأن لها بالموضوع السياسي، لأن الموضوع السياسي هو بين الحكام والأحزاب فقط، هذه مداخلتي.
أولًا: أرحب بفضيلة الشيخ سعد وقد قدم إلى القطيف آمل أن يصل إلى الأحساء أيضًا، ويرى هناك أحبة وفضلاء من كل التيارات والمذاهب والطوائف في مجلس واحد إنشاء اللّه، الكلام الذي طرح جميل جدًا، ومن بشائر الخير، ومن دلالات تقدم سعاة الوسطية والاعتدال في كلا المذهبين، بالنسبة للحقوق لمست من زيارته للقطيف أنه أعجب بشوارعها وحدائقها وعمائرها، الحقوق هي أعمق من شارع ومن بناية ومن حديقة، المساواة والحقوق المطلوبة هي في الجوانب العقدية، وفي جوانب المساواة في كل المجالات التعليمية والوظيفية والاعتبارية والوطنية، هي هذه الحقوق الحقيقية المطلوبة وليست المظاهر العامة.
الناحية الثانية: الحقوق لا تعطى باشتراطات، لا سياسية ولا حتى عقائدية، هي حقوق وطنية لا نعطي حقًا وطنيًا إلا بعد حجة ودليل وبيان وميثاق هذا غير صحيح، المواطنون بكل مذاهبهم، ولو وجدت أديان بكل أديانهم، هم أبناء وطنهم، مهما كان الاختلاف، ومهما كانت الإشكالات، وإن الطرف الآخر لديه حجة أو ليس لديه، لديه دليل أو ليس لديه، أقنع أو لم يقنع، يبقى الحق حقًا من الخطأ أن نضع اشتراطات وقناعات قبل إعطاء الحق، نحن نقول نعطي الحق، من الجميل جدًا أن نتقارب، أن نتواصل، من المهم كأبناء وطن واحد أن نفهم بعضنا بعضًا، وأن نعرف بعضنا بعضًا، والناس أعداء ما جهلوا، ولكن لا نضع خطوطًا حمراء، ولا نضع اشتراطات قبل المضي وقبل المسير.
هذا الكلام الجميل للشيخ سعد وكلام الشيخ حسن حقيقة أن المحك الحقيقي هو المواقف والإحداث، هي التي تجسد قيمة هذه الأفكار، ومدى تنزلها على الواقع، حدث في بعض البلدان القريبة كثير من هذا الجمال، وهذه الوحدة التعايشية التي فعلًا تدل على تقارب شديد، ولكن ما أن تحدث صورة من صور الانتخابات، أو صورة من صور المنافسة على قضايا مصلحية أو حتى دنيوية، إلا والكل يحشد في الاتجاه المقابل أقوى أسلحته، ولا شك أن السلاح العقدي قوي جدًا في المواجهة، أنا أتمنى فعلًا أن نحاول قدر المستطاع أن يكون مثل هذه الأفكار لها واقع تطبيقي، وأن تكون قيمًا مشتركة، وليست مجرد حقائق تمليها المصلحة السياسية الآنية، وأظن أن ما سمعناه وعرفناه من المشائخ الفضلاء أنهم يسعون إلى زرع هذه القيم حتى تكون جذورًا في أرضنا المباركة، وشكرًا.
أولًا: اشكر سماحة الشيخ الصفار على هذه الدعوة الكريمة، وكذلك أشكر الشيخ سعد على التلبية الطيبة لهذه الدعوة، وهذا ينم عن محاسن الأخلاق، وهي الرسالة العظمى التي أتى بها الحبيب المصطفى: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وأسأل المولى سبحانه وتعالى أن يجعل في حسن هذا الاجتماع أن يجمعنا بالحبيب المصطفى فإنها غاية وأنبل مقاصد الإنسان.
حقيقة أنا ما كنت مهيئًا مداخلة، وكنت حريصًا على الاستماع والاستفادة من مشائخنا الأفاضل، وما هو عتب، ولكن تذكير بسيط، أن بعض المداخلات التي حصلت من إخواننا وهم معذورون، من شيء ينم في داخلهم من التأثر والتظلم أو غيرها، ولكني أنا أخشى أنها على المدى تسبب عند بعض مشائخ أهل السنة شيئًا من الابتعاد، لأنه عندما يحصل التواصل وكأن الشيخ سعد الآن هو مسؤول رسمي كبير، صرنا نبث قضايا وهمومًا معينة، صدقوني يا إخواني الصورة أبلغ من البيانات، والتجمل والتواصل والتلاقي أبلغ بكثير من الخطابات، لماذا؟ لأن العامي يملأ عينه ما يراه من هذا التلاقي اللطيف الذي يحصل بين أهل العلم، والعلم رحم بين أهله، ربما الكثير من العامة تأتيه بالخطاب قد لا يهم شيئًا ولكن ينظر إلى الصورة، يفهم بها ما لا يفهمه من الخطابات، تبدأ تدريجًا اللقاءات بين دعاتنا ثم تتحول إلى لقاءات بين الأمة.
الحكام تسابقوا لشعورهم بأهمية القضية على مستوى العالم، لذا التقى أصناف الحكام بمختلف أطيافهم، وتجمعوا بعضهم مع بعض، العلماء كذلك، يقال: صنفان إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس، هما العلماء والأمراء، فهذا التلاقي والتواصل إذا خرج بعد ذلك من هذه الدائرة إلى دوائر أكبر وأكبر، مع اختلاف الشعور فأنا أختلف مع الذي أمامي، لكن يبقى الاحترام والإطار العظيم وهو الإسلام الذي عندما سئل الإمام الشافعي: ما تقول في الشيعة إذ أراد البعض أن يستثيره، فقال: كيف أفعل بلا إله إلا اللّه؟ إذًا فهناك قواسم جميلة مشتركة، والأمر بيد اللّه سبحانه وتعالى.
إخوتي، الذي أتوقعه أن الكثير من البيانات لم تثمر لأنه ربما نحن أهل السنة عملنا هذا البيان لا لأتباعنا من السنة بل عملناه للشيعة، والبعض من علماء سادتنا من الشيعة يعملون البيان لا لأتباعهم من عامتهم وإنما لإيصال رسالة إلى السنة، فهنا مسألة النيات أصبحت فيها شيء من الاضطراب ومهما اجتهدنا في الأعمال فإن خلاص الأمة في التأمل في كلام الحبيب المصطفى يقول: (إنما الأعمال بالنيات) فالنية التي يخرج بها ذاك البيان لها الأثر الأكبر في العمل، لذلك يقول الإمام الجعيد رحمه اللّه: (من فتح لنفسه باب نية صالحة فتح اللّه له سبعين بابًا من أبواب التوفيق) فإذا حصل شيء من النيات القوية عند الإنسان، وأنا هنا لا أدخل في النيات، لكن إذا كنت تريد أن تعرف قوة النية فانظر إلى أثر البيان، فإذا وجدت أن البيان له الأثر الكبير فأعرف أن النيات كانت صادقة، وإن لم تجد له الأثر الكبير تعرف أن كل واحد يأتي برسالة يوصلها للآخر، لكن عندنا نحن مشكلة أهل السنة، فإذا أتينا هنا حتى إذا رجعنا نقول نحن بينا وقلنا وأوضحنا وأوصلنا الرسالة وقلنا للجماعة لا تتكلموا في الصحابة، وهذا الشعور أيضًا يحتاج إلى أن يخرج منه الإنسان، لأنه لا تستطيع جلسة ولا جلستين ولا أكثر أن تغير شيئًا له امتداد أكثر من ألف ومائتي عام، وهذا ليس تثبيطًا أيها الأخوة، ولكن لكي لا تكون جلساتنا فقط توصيل رسائل، وبعد ذلك شعور بأني أديت المهمة التي عليّ، معذرة إلى ربهم ولعلهم يرجعون، بل تكون اللقاءات أكثر إثمارًا وأكثر فائدة، بحسن التواصل وحسن التعامل مع بعضنا بعضًا هو أكبر مغيّر، تأملوا في التاريخ كله، فأكثر ما غيّر من الفكر، وأكثر ما غير من القوة، حسن الخلق، فحسن الأخلاق هي التي غيرت أندونيسيا، وهي التي غيرت أدغال أفريقيا، وهي التي تغير الإنسان نفسه، أعرف كذا شخص تسنن بسبب أنه تواجد بين مجموعة الناس من السنة في الحجاز أو في القصيم أو في غيرها وبحسن الخلق تغير، وأعرف كذلك عوائل هنا في القطيف كانت عوائل سنة وأصبحت عوائل شيعة بحسن المعاملة التي وجدتها من الأفراد، فأكثر ما يغيّر وعلى مدى التاريخ هو هذا الأمر.
أحب أن أدخل في ما يمكن أن نفعله، الكلام العام والكلام الجميل قد لا يوصلنا إلى شيء، نريد أن نكون منطقيين أكثر، وعمليين أكثر، في جلسة البارحة واحد سألني: ما هو رأيك في أردوغان؟ فأثنيت عليه كثيرًا، فقال لي: لكن أظنه صوفي والعالم الإسلامي قد لا يستطيع أن يتعامل مع الصوفية، وإذا حكمونا الصوفية، فقلت له: أنت مرذول وتعيس خلي يجيك صوفي أو غير صوفي ليكن لن تخسر شيئًا، نحن لا نتكلم عن هذا صوفي أو هذا فلان، هذا كلام لا يجوز ولا يحتسب، في الدولة الإسلامية، كل تاريخنا سنجد المسلم والكافر والبوذي ولما جاءت المذاهب الخارجي والشيعي كل هذه الطوائف كانت موجودة، وكانت يتعامل بعضهم مع البعض الآخر، كان يجمعهم كما قال الشيخ قضية المواطنة، قضية في غاية الأهمية، لا نفرق بين دين هذا المرء أو ذاك ولا مذهبه هذه القضية في غاية الأهمية إذا أردنا أن نفكر بشكل عملي القضية الأخرى من المواطنة أن لا يسيء البعض لبعضنا الآخر، وهذه هي القضية الثانية، لا يصح أن نسمع من السنة أن يسئ للشيعة، الشيعة كفار وتقية وكلام كثير لا أول له ولا آخر، وربما البيانات وأنا لست مع هذه البيانات، لأن الذي لا يحكم عقله أساسًا ويريد فعلًا أن يصل إلى حقيقة، لو جاب الشيعة ألف بيان لقلنا هذه تقية، وقلنا أن هذا الكلام غير صحيح، وبالتالي ليست القضية قضية بيانات، خلونا نخرج بواقع عملي نعيشه ونتحرك فيه، قضية البيان جاءت بشكل عفوي وبشكل طبيعي، الشيخ حسن وغير الشيخ حسن ألقى محاضرة وسئل عن سؤال فليبين إجابة السؤال وأنا إذا تكلمت وسئلت أجيب، لكن أنا ما أكتب البيانات نحن كذا ونحن كذا، القضية ليس الشيعة متهمين أساسًا حتى يبرئوا ساحتهم، صحيح أن هناك كلامًا قراءه السنة عن الشيعة، هناك قنوات فضائية سنية تسيء بشكل كبير جدًا، القضية هنا متبادلة، مجرد الكلام لن يخرجنا من الإشكالية، ولا نريد وليس من المصلحة، وليس هذا هدفًا أن يبقى الناس على رأي واحد، وأنا أعتقد أنه خطأ أن نطالب الناس على أن يبقوا رأيًا واحدًا، وأعتقد أن المجتمع سيبدأ في التدني والسوء إذا أصبحنا على رأي واحد، ويستحيل أن يبقى الناس على رأي واحد، فلتبق الآراء، وليبق هناك مجال للآراء، ومجال للاختلاف، ومجال للنقاشات، لكن في إطار الاختلاف لا أقول لا يفسد للود قضية، ليس هناك ما يفسد للود قضية، لكن في الحد الأدنى أن لا يسيء بعضنا إلى البعض الآخر لا سرًّا ولا علنًا، إذا استطعنا أن نخرج بهذه الحقيقة وهذه الايجابية من واقع حياتنا، في مجلسي لا أسيء إلى الشيعة، أحاضر في أقصى الدنيا لا أسيء إليهم، ولا أحد يسيء إليَّ، إذا تحدثوا في حسينياتهم ومجالسهم لا أحب أن أسمع شيئًا يسيء إليَّ، كما قال الشيخ وكما استمعنا جميعًا.
أنا أعتقد أن هذا هو الواقع العملي الذي سيجعلنا نصل إلى شيء عملي أيضًا بدلًا من الكلام العام الذي لا يوصلنا إلى شيء. والسلام عليكم ورحمة اللّه.
ممن حضر اللقاء: الدكتور مسفر القحطاني أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور محمد بن علي الهرفي الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الشيخ فيصل الكاف، الأستاذ أحمد الكاف، الأستاذ سطام الخالدي، الشيخ فوزي آل سيف، السيد طاهر الشميمي، الشيخ عادل أبو خمسين، الدكتور صادق الجبران، الدكتور عبد اللّه الحليمي عضو المجلس البلدي في الأحساء، الشيخ حسن عبد الهادي أبو خمسين، المهندس عيسى المزعل عضو المجلس البلدي في القطيف، الشيخ فيصل العوامي، الشيخ حسن الخويلدي، الأستاذ محمد محفوظ، الشيخ محمد عبد العال، الشيخ محمد بن موسى الصفار، الأستاذ فؤاد نصر اللّه، الشيخ محمد الجيراني، المهندس السيد زكي السيد حسن العوامي، الأستاذ مطر النجيدي، الأستاذ علي البحراني، الأستاذ أمين العقيلي، الأستاذ عبد العلي آل سيف، السيد محمد الدعلوج، الأستاذ حسن الشهري مدير مكتب جريدة الرياض في الدمام، الأستاذ منير النمر مراسل جريدة الرياض، الأستاذ جعفر الصفار مراسل جريدة اليوم، الأستاذ محمد الغانم، الشيخ جعفر البناوي، الشيخ صالح البراهيم، الشيخ صادق الرواغة، الشيخ عباس الموسى، الأستاذ جلال الهارون، الأستاذ فتحي البنعلي، الشيخ محمد المدلوح والأستاذ محمد الشيوخ.