الشيخ الصفّار يدعو إلى الاهتمام بتنمية العلاقات الاجتماعية
دعا فضيلة الشيخ حسن موسى الصفّار إلى مأسسة تنمية العلاقات الاجتماعية، مؤكداً أن مصطلح التنمية بات من المصطلحات الأساسية في المجتمعات المتحضّرة، أما المجتمعات التقليدية فما زالت رغم تقدم العصر تُسيّر أمورها وأوضاعها بشكل عفوي تلقائي، في حين أن تقدم المجتمع يحتاج إلى إعمال الفكر والتخطيط الجاد.
وأشار إلى أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية بدأت تواكب هذه الحالة المتقدّمة، إلا أن الرهان يبقى على مدى تطبيق الخطط، وتنفيذها على أرض الواقع، حيث أن معظمها يبقى حبراً على الورق.
ولتحقيق المستوى المتقدّم على مستوى العلاقات الاجتماعية أفرد الشيخ الصفّار عدداً من التوصيات التي من شأنها أن تؤسس لعهدٍ فاعلٍ ومتقدّم في هذا الجانب المهم والحسّاس.
وأكد أن من أهم الوسائل وجود مراكز أبحاث ودراسات، لرصد الظواهر الاجتماعية وتقييمها، وتحديد حجمها وفق مقاييس ومعايير علمية. مضيفاً: إن العلاقات الاجتماعية تمر بمرحلة حرجة في مجتمعنا، فالكثير من المشاكل الأسرية التي تظهر بين الحين والآخر تدق جرس الخطر، والسبيل الأنجع لقياس خطورتها هو تقديم الدراسات والأبحاث الميدانية حولها، إذ لا يكفي مجرّد التأثر ببعض الحالات وتعميمها على المجتمع كلّه.
وأشار إلى أن العلاقات الاجتماعية بين الفئات والتوجّهات الفكرية المتعددة هي الأخرى بحاجة إلى رصد ودراسة طبيعة هذه العلاقة وكيفية تعاطي الجهات المختلفة مع بعضها البعض.
ومن جهةٍ أخرى قال: إن وضع البرامج والخطط التي تعني بتنمية العلاقات الاجتماعية تأتي في المرتبة الثانية، إذ لا يكفي فقط تقديم الدراسات دون أن يكون هناك خطط وبرامج تتفاعل مع نتائج هذه الدراسات. مشيداً ببعض الأنشطة والبرامج التي بدأت نشاطها الفاعل في المجتمع.
وأضاف: إن ضخ الثقافة الدافعة من شأنها أن تخلق الاستعداد النفسي والعملي للتفاعل مع البرامج والخطط، وكذلك مع الدراسات والأبحاث الميدانية.
وأكد أن المجتمع بحاجة ماسّة إلى مبادرات إصلاح ذات البين، سواءً كانت المبادرات فردية أو مؤسسية، مع وضوح الفارق الشديد بين كون العمل مؤسسي أو فردي، مشجّعاً على العمل المؤسسي لأن ثماره بكل تأكيد تكون أكثر نفعاً للمجتمع.
وأكّد الشيخ الصفّار في أول جمعة من شهر رمضان المبارك لعام 1431هـ، أن أجواء الشهر الفضيل بطبيعتها الروحية، وقرب النفوس إلى الطاعة، تتيح الفرصة أكبر لتحقيق الواقع المؤسسي لتنمية العلاقات الاجتماعية، وعلى الإنسان أن يجعل من هذا الشهر مدرسة تدريبية لخلق السلوك الدافع لهذه الغاية الكبرى. مستشهداً بما ورد عن الرسول الأعظم وهو يهيؤ الناس للشهر الكريم، حيث يقول: ((أيّها الناس، من حسّن منكم في هذا الشهر خُلُقه كان له جوازاً على الصّراط يوم تزلّ فيه الأقدام، ومن خفّف في هذا الشهر عمّا ملَكت يمينُه خفّف الله عنه حسابه، ومن كفّ فيه شرّه، كفّ الله فيه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحِمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع رحِمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه)).
وختم الشيخ الصفار الخطبة بالتأكيد على أن مجتمع المؤمنين يجب أن يتميّز عن غيره سلوكيّاً، وليس عقديّاً وعبادياً فقط. مشيراً إلى أن لغة التخاطب في مجتمع المؤمنين هي من أبرز المظاهر السلوكية التي يُمكن من خلالها قياس مدى التزام المجتمع المؤمن بتعاليم دينه أم لا، فكلّما كانت لغة التخاطب مؤدّبة أشار ذلك إلى مدى الالتزام الديني في المجتمع المؤمن، والنصوص الدينية تزخر بالعديد من الآيات والأحاديث الداعية لذلك، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، وورد عن الرسول الأظم قوله: ((لا تساب وأنت صائم، فإن سبّك أحدٌ فقل: إني صائم، وإن كنت قائماً فاجلس)).
«الخطبة الأولى: تنمية العلاقات الاجتماعية»
«الخطبة الثانية: لغة التخاطب في مجتمع المؤمنين»