لماذا الشحن والتحريض على الكراهية

مكتب الشيخ حسن الصفار

قال الشيخ حسن الصفار إنه ينبغي النظر بايجابية وتقدير لمواقف الإدانة والشجب والاستنكار التي صدرت من كثير من علماء ومثقفي الشيعة وخاصة في وطننا الحبيب تجاه الإساءة لأم المؤمنين عائشة، حيث توالت بيانات وتصريحات العشرات من علماء الشيعة في القطيف والأحساء والدمام والخبر والمدينة المنورة، وكلها تتبرأ من ذلك الفعل المشين وممن قام به.

مما يؤكد ان الاتجاه العام في المجتمع الشيعي يتبنى الاعتدال ويرفض اثارات الخلاف، وتوجهات التشدد، والإساءة إلى الرموز الدينية والشخصيات الإسلامية المحترمة كصحابة الرسول وزوجاته الطاهرات.

ويجب البناء على ذلك في تعزيز الوحدة الإسلامية وتصليب الوحدة الوطنية، وتفويت الفرصة على الأعداء والحاقدين الذين أرادوا إشعال الفتنة وبث الضغائن والأحقاد.

لكن بعض الجهات بدل أن تأخذ هذا المنحى الايجابي، وتسعى لتطوير هذا التوجه إلى صنع أجواء جديدة تكرس الاحترام المتبادل، وتقوّي المناعة في الساحة الوطنية والإسلامية ضد محاولات الفتنة والاختراق.

بدل ذلك اتجهت هذه الجهات مع الأسف الشديد لاستغلال ما حدث في التحريض على الكراهية، ومواصلة الشحن الطائفي، وفرض مطالب على الشيعة بأن يقولوا كذا ويفعلوا كذا، وهو أسلوب استعلائي اتهامي، وكأن كل الشيعة وخاصة الشيعة السعوديون مسؤولون عن أي كلمة أو ممارسة يقوم بها متطرف شيعي في أي مكان من العالم؟

فهل يتحمل المسلمون مسؤولية أي عمل إرهابي ينسب لمسلم في العالم؟

أو هل يتحمل أهل السنة كلهم مسؤولية أي فتوى تكفيرية للشيعة أو أي عمل إرهابي يستهدفهم في كل مكان؟

وطالما صدرت إساءات للشيعة من دعاة داخل المملكة فلم يكلف أحد من هؤلاء الذين يطلبون من الشيعة ويطلبون، عناء الردّ على تلك الإساءات.

وإذا كان بعض الدعاة يرى التقريب بين المذاهب خرافة ووهماً، ويدعو إلى التعايش فقط، فان التحريض على الكراهية، وتأييد الشحن الطائفي الذي تقوم به بعض الفضائيات، قد يحوّل التعايش أيضاً إلى وهم وخرافة لا سمح الله، كما حصل في بلدان أخرى، لأن الشحن الطائفي يدفع نحو ما لا تحمد عقباه.

إن التقريب إذا كان يعني التنازل عن القناعات المذهبية فهو بالفعل وهم وخرافة، لانه ليس ممكناً ان تفرض على أحد أو تطلب من أحد التنازل عن شيء من قناعاته التي يؤمن ويعتقد بها.

وهذا ما لا نقصده من التقريب، وانما المقصود هو التعارف والتواصل والاحترام المتبادل بين أتباع المذاهب، وذلك هو ما يحقق التعايش.

أجدد دعوتي وندائي إلى اخوتي العلماء والدعاة بأن ننطلق مما أعلنته بيانات علماء الشيعة من رفض الإساءة لصحابة الرسول وزوجاته الطاهرات، لتأكيد رفض دعوات التكفير والتحريض الطائفي، تحقيقاً للاخوة الإسلامية، وحماية لوحدتنا الوطنية، وتعزيزاً للتعايش الإنساني.