صحيفة عكاظ تنشر حواراً صريحاً مع الشيخ الصفار

جريدة عكاظ
مَنْ يخون وطنه لا دين له

 


نشرت صحيفة عكاظ الأسبوعية حواراً صريحاً مع سماحة الشيخ حسن موسى الصفار، تناول العديد من القضايا، أهمها: التدخلات الخارجية، والحوار الوطني، والعلاقة بين أطياف المجتمع السعودي، وانتخابات المجالس البلدية. جاء ذلك في العدد 1195الصادر يوم الجمعة 10 شعبان 1425هـ (24 سبتمبر 2004م).

وفيما يلي نص الحوار:

المصدر : حوار: د. محمد الحربي - الدمام

أبناء وطن واحد .. هكذا يرى أبناء المملكة موقعهم على خارطة وطنهم في قلبه الكبير بمختلف اطيافهم الفكرية والاجتماعية والمذهبية.. وهكذا يراهم وطنهم رغم الحملات المغرضة التي يشنها بعض اصحاب الهوى والاغراض عن مزاعم تضييق المملكة على الحريات الدينية.. لا لشيء.. الا لهدف واحد هو الاساءة لسمعة المملكة.. وحول هذه القضية كان لنا وقفة مع الشيخ حسن بن موسى الصفار.. احد العلماء البارزين المشهود لهم بالانفتاح على فكر الآخر وله عدد من المؤلفات الهامة مثل التسامح وثقافة الاختلاف - التعددية والحرية في الاسلام- التنوع والتعايش- الوطن والمواطنة- الحقوق والواجبات وغيرها من المؤلفات الهامة.

مزاعم مغرضة


* كيف ترون الأهداف المعلنة للحملة التي تشنها بعض الدوائر الأمريكية متذرعة بمزاعم مغرضة ترددها عن تقييد للحريات الدينية في المملكة?

** للأمريكيين مشروع تحدثوا عنه تحت عنوان (الشرق الأوسط الكبير), ظاهره التركيز على نشر الديمقراطية, وتشجيع الاصلاحات السياسية في دول المنطقة, وهو امر يبدو جيداً لكن المشكلة تكمن في الاستهدافات الاخرى خلف هذا المشروع, والتي لا يخفي الامريكيون قصدهم لها, ومن اهمها: تثبيت الكيان الصهيوني على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني, وتحجيم الحالة الدينية الاسلامية وذلك بحجة مكافحة الارهاب, ولأن هناك ممانعة سعودية للمشروع الأمريكي كان من الطبيعي ان تتوالى الضغوط الامريكية على المملكة, والتقرير الاخير هو حلقة ضمن سلسلة لا يبدو انها ستتوقف من الضغوط. وإلا فإن واقع الحريات الدينية في المملكة لم يطرأ عليه تغيير سلبي, فلماذا الحديث عنه الآن بهذه القوة?

* إلى أي مدى ترون ان الحوار الوطني قد ساهم في سد الثغرات ونقاط الضعف في النسيج الاجتماعي السعودي, واشاعة اجواء تقبل الآخر?

** الحوار الوطني اعطى الضوء الاخضر, وفتح الطريق امام التواصل والتفاعل بين شرائح المجتمع السعودي وقرار القيادة السياسية بالدعوة الى الحوار الوطني اتاح فرصة لتلاقي الاطياف المختلفة, ولتأكيد الاعتراف بواقع التنوع, وان الجميع شركاء في هذا الوطن, واجزاء من هذه الأمة الواحدة.
لكني قلق من ان يتحول الحوار الوطني عن مساره الحقيقي ليصبح مجرد منتدى لاقامة اللقاءات الفكرية, وذلك امر مفيد لكن ما نتطلع اليه من الحوار الوطني اكبر وأهم.

* يحجم بعض المفكرين والمثقفين السعوديين بمختلف الأطياف عن المشاركة بآرائهم في العديد من المحافل والمنابر, فكيف يمكن ازالة الحاجز النفسي وتفعيل المشاركة?

** المفكرون والمثقفون الشيعة في المملكة يشاركون في ميادين العمل الاعلامي والثقافي الى جانب اندادهم من المواطنين, فمنهم من يكتب في الصحافة المحلية, ومنهم من له دور في الاذاعة والتلفزيون, ومنهم من يصدر الكتب والمؤلفات وبعض شعرائهم في طليعة ادباء الوطن, وسيشارك بعضهم في اللقاء الثقافي الذي تقيمه وزارة الثقافة والاعلام.
ونحن لا نريد ان تطرح الآراء المسيئة او المثيرة للتفرقة لا من قبل الشيعة ولا السنة.

مصارحة ومكاشفة


* ألا ترون أن المصارحة والمكاشفة هي افضل سبيل لازالة سوء الفهم بين كافة الاطياف في المملكة?

** بالتأكيد فإن المصارحة والمكاشفة امر مطلوب, وهذا انما يتحقق في ميدان الحوار, وعند تكافؤ فرص التعبير عن الرأي.
والمصارحة لا تعني تبادل الاتهامات والمهاترات كما يحدث في بعض الفضائيات التي تنكأ جراح الخلافات الطائفية, وانما تعني المكاشفة النقاش, والحوار الموضوعي لمعرفة رأي الطرف الآخر ومنطلقاته فيه, ولتحديد نقاط الخلاف المحدودة ضمن مساحات الاتفاق الواسعة.

* يرى البعض ان الحوار الوطني لم يتطرق حتى الآن بشكل مباشر للعلاقة بين اصحاب المذاهب في المملكة, فما هي مقترحاتكم في هذا الشأن?

** كان هناك مقاربات في الجلسات العامة لموضوع العلاقات المذهبية, وخاصة في اللقاءين الاول والثاني لكن الاهم في نظري ما دار في الجلسات الثنائية بين المشاركين من مختلف المذاهب والتوجهات.
وكذلك ما اعقب الحوار من تواصل, ومن اواخر مصاديقها زيارة فضيلة الدكتور الشيخ عوض القرني للقطيف مساء يوم الاحد 5 شعبان الجاري, حيث اجتمع مع نخبة من العلماء والمثقفين الشيعة والسنة من القطيف والاحساء ودار حوار صريح وجميل.

* شاركتم في وفد من المنطقة الشرقية التقى مع صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني.. فكيف ترون مرئيات سموه للوحدة الوطنية بين كافة المواطنين السعوديين بمختلف مذاهبهم?

** كان اللقاء مع سمو ولي العهد رائعاً, حيث قابل سموه الوفد بكل حفاوة, وتحدث سموه بشفافية ووضوح, مؤكداً على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
كما عبر عن تقديره لولاء واخلاص المواطنين الشيعة لبلدهم وحكومتهم, ورفض اي تشكيك في ذلك.
وتسلّم من الوفد رسالة موقعة من 450 شخصية من المواطنين الشيعة في المملكة تحت عنوان (شركاء في الوطن), تتضمن تأكيد المواطنين الشيعة على ولائهم الوطني وحرصهم على الوحدة الوطنية, وتطرح المشاكل التي يعانونها ويأملون من الدولة معالجتها.
وكان الوفد يضم 18 شخصاً وفي اللقاء بشرنا سموه بالعزم على عقد مؤتمر الحوار الوطني.

* ما هي مقترحاتكم لتعزيز انصهار كافة الاطياف الاجتماعية والمذهبية في المجتمع السعودي خاصة ان البعض يرون ان الولاء للمذهب قد يكون اقوى من الولاء للوطن?

** المواطنون في المملكة كلهم مسلمون والحمدلله وولاؤهم للدين اولاً وهو منطلق ولائهم للوطن, فمن يخون وطنه لا دين له, ومن يقصر في خدمة وطنه فذلك يكشف عن خلل في دينه, لأن حب الوطن من الايمان.
والمذهب هو طريق لفهم الدين, وليس شيئاً آخر.
وبالتالي فالولاء للمذهب يعني الولاء للدين, وكما ان المواطن السني ولاؤه للدين عن طريق مذهب, فكذلك المواطن الشيعي ولاؤه للدين عن طريق مذهبه.
المشاركة الشعبية

* الى اي مدى ترون ان انتخابات المجالس البلدية ستكون بداية للمشاركة الشعبية في التخطيط للخدمات المقدمة للمواطن, وما هي توقعات نجاحها?

** نأمل ان تكون الانتخابات للمجالس البلدية خطوة على طريق المشاركة الشعبية فهي هذه المرة جزئية, ونأمل في الانتخابات اللاحقة ان تكون كاملة بأن ينتخب كل اعضاء المجالس وليس النصف.
كما نتطلع لانتخابات اعضاء مجلس الشورى في المستقبل القريب ان شاء الله.
أما نجاح المجالس البلدية في تحسين الخدمات المقدمة للمواطن, فيعتمد على نوعية الاشخاص المنتخبين, وعلى تحملهم للمسؤولية, والامانة الملقاة على عاتقهم.