الشيخ الصفار يؤكّد حاجة الأمة لوعيٍ تتجاوز به الخلافات الداخلية
أكّد فضيلة الشيخ حسن الصفّار حاجة الأمّة الإسلامية لوعيٍ سليم يرتقي بها لمصاف الأمم المتقدّمة، مشيراً إلى تقدّم الواقع الذي تعيشه تلك المجتمعات على واقع الأمة الإسلامية، فهم يعيشون الإتحاد والتعاون فيما بينهم، بينما يعيش المسلمون النزاع والشقاق. وبينما تتّجه تلك الشعوب نحو التكتّلات والتحالفات كالاتّحاد الأوروبي وحلف الشمال الأطلسي والدول الصناعية السبع، وغيرها، فإن المسلمين يتّجهون في الكثير من مجتمعاتهم نحو الانفصال والنزاعات المدمرة، كما هو الحال في السودان واليمن والصومال وباكستان وغيرها...
وأضاف: إن الأمة التي يدعو دينها للوحدة ويُشرّع مناسكاً وشعائر وعبادات تُجسّد هذا المفهوم العظيم، والتي من أبرزها مناسك الحج، ينبغي أن تكون من أقوى الأمم تماسكاً واتّحاداً وتلاحماً وتضامناً فيما بينها، إلا أن الواقع الذي تعيشه الأمة يكشف عكس هذه الحقيقة، إذ أن أوضاع المسلمين في أكثر بلدانهم لا تَسُر. وأكد على أن غياب العدل في الدول الإسلامية، وغياب التنمية المتوازنة التي تشمل كل الأطراف، وتُشعر جميع الشرائح بكرامتها وحقوقها ومواطنتها، من أبرز الأسباب التي تجعل الأرض خصبةً للشقاق والنزاع والخصومة.
وأشار إلى حالة ضعف القدرة على التوافق بين الكتل السياسية والتي تجعل من بلاد المسلمين نموذجاً سلبياً للديموقراطية، لافتاً النظر إلى أن هذه الحالة لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب، فالعمل الأهلي والخيري يُعاني من ذات المشكلة، بل إن العمل الديني أيضاً يشكو هذه العلّة، ولذا نجد التصارع بين الشرائح الدينية على المستوى المذهبي والفئوي والفكري والشخصي.
وعن السبيل الذي يُمكّن الأمة من تجاوز هذه الحالة المرضية، أفْرَد الشيخ الصفّار عوامل عدة ينبغي أن تكون حاضرةً في الساحة الإسلامية، ومن أهمّها: الهمّ المشترك، وتنظيم وتقنين العلاقات، فالعواطف وحدها لا ترتقي بالأمّة، وإنما تقدّمت الأمم الأخرى حين وضعت لها تقنينات وتنظيمات. وأكّد حاجة الأمّة لوعيٍ سليمٍ لمعادلات الحياة، وذلك بأن تعي الشعوب أن مصالحها متداخلة وأن يعترف الجميع ببعضهم على صعيد الوطن والمجتمع، فتجاوز الآخرين أو إلغاؤهم من الأمور المستحيلة في الحياة.
واختتم الشيخ الصفّار خطبة الجمعة لليوم السادس من ذي الجحة 1431هـ بالدعوة إلى أخلاقيات التعاون، مؤكداً حاجة الأمة إلى ثقافةٍ تُحيي الأخلاقيات العظيمة في النفوس فذلك من أهم العوامل التي ترتقي بالأمة وعياً، مذكّراً بكلمةٍ بليغةٍ لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ واعظاً فيها ابنه الحسن المجتبى ، حيث يقول: «يا بُني اجعل لنفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، فاحبب لغيرك ما تُحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لها. ولا تظلم كما لا تُحب أن تُظلم، وأحسن كما تُحب أن يُحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك، ولا تقل ما لا تعلم، وإن قلّ ما تعلم، ولا تقل ما لا تُحب أن يُقال لك».