الشيخ الصفار يؤكد على النظام والآداب في اجتماعات الشعائر الدينية
أكّد فضيلة الشيخ حسن الصفّار على ضرورة الارتقاء بمستوى الأداء الجمعي للمناسك والشعائر الدينية, لتتوافق مع القيم والتعاليم الإسلامية العظيمة، ملفتاً النظر إلى البرامج الدينية ذات الطابع الاجتماعي التي يزخر بها الدين الإسلامي، وإلى النصوص التي تتحدث عن آداب تلك البرامج وتجعل مسألة النظام ومراعاة الآخرين على رأس الأولويات.
وأضاف: إن هذا الاهتمام الكبير الذي توليه التعاليم الإسلامية للنظام ومراعاة الآخرين، ينبغي أن يجعل الجمهور الإسلامي من أكثر المجتمعات البشرية انتظاماً ومراعاةً للآداب، ليكون المجتمع الإسلامي نموذجاً يُحتذى على هذا الصعيد، معرباً عن استيائه للواقع الذي يعيشه المسلمون في الكثير من ملتقياتهم الاجتماعية والدينية إذ يظهر عليها – في الغالب - طابع الفوضى والتزاحم، وإيذاء الآخرين. بينما تعيش المجتمعات الأخرى واقعاً أكثر تقدّماً ومراعاةً للنظام وحقوق الناس.
وأعرب عن أمله لأن تصل الملتقيات الاجتماعية والدينية للمستوى الذي يليق بالدين الإسلامي، بأن يندفع الناس بثقافتهم ووعيهم للنظام واحترام حقوق الآخرين، مشيراً إلى النصوص المتظافرة التي تؤكد على ضرورة تحقيق هذه الغاية السامية، وأنّ عدم تحققها يُشير إلى ضعف الالتزام بالتعاليم التي يُرشد إليها الدين الإسلامي.
ومن تلك النصوص الشريفة، ما ورد عن رسول الله في آداب صلاة الجمعة، حيث يقول : «ورجلٌ حضرها بإنصاتٍ وسكوت، ولم يتخطَّ رقبة مسلمٍ، ولم يؤذِ أحداً، فهي كفارةٌ إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾»، مضيفاً: إن النصوص الدينية تتحدث عن بعض تفاصيل مراعاة المشاعر وحفظ الاحترام بين المجتمعين لأداء صلاة الجمعة، مثل: كراهة أن يُفرّق الإنسان بين اثنين فيجلس بينهما، أو أن يأخذ مكان أحدٍ آخر، فقد جاء انه: «نهى رسول الله أن يُقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه، قيل: الجمعة؟ قال : الجمعة وغيرها». وورد عن الإمام الصادق قوله: «لا يضرّك أن تتأخر وراءك إذا وجدت ضيقاً في الصف، فتتأخر إلى الصفّ الذي خلفك. وإذا كنت في صفٍّ فأردت أن تتقدّم قدّامك فلا بأس أن تمشي إليه».
وفي السياق ذاته دعا إلى ضرورة أن يحرص المسلمون لتأدية نُسكهم وعبادتهم وفق الضوابط الشرعية، دون أدنى أذى للآخرين، مشيراً إلى بعض الممارسات السلبية التي يقوم بها البعض خلال تأدية مناسك الحج، أو في المراقد المقدّسة، مؤكداً على إيجابية الإهتمام والحرص على المواظبة في هذه البرامج العبادية، إلا أن ذلك ينبغي أن يكون بما يتوافق واحترام النظام ومراعاة الآخرين.
وفي سياقٍ آخر من خطبة الجمعة 13 ذو الحجة 1431هـ أكّد الشيخ الصفّار على حاجة المجتمع إلى التناصح فيما بين أفراده، بأن تسود ثقافة المناصحة من جهة، وثقافة الاعتذار عن الخطأ من جهةٍ أخرى. مشيراً إلى أن احتمالية الخطأ واردة من الإنسان، وهنا قد يلتفت الإنسان بذاته لخطئه، وفي هذه الحالة عليه أن يُبادر لتصحيح الخطأ، أما إذا غفل الإنسان عن أخطائه ولفت نظره إليها آخرون، فعليه أن يتقبّل النصيحة، ويعترف بخطئه، فذلك مؤشّر الإيمان الحقيقي والخُلق القويم، أما إذا كابر الإنسان وعظُم على نفسه الاعتراف بالخطأ فإنه قد أوقع نفسه في خطرٍ كبير، وينتظره موعدٌ مع الحقّ جلّ شأنه، يقول تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾. وأشار إلى أن التراجع عن الخطأ يبدو لأول وهلةٍ حالة ضعفٍ وهزيمة، إلا أنه يكشف عن ثقةٍ بالنفس، وشجاعةٍ في الموقف، يقول الإمام علي : «طوبى لمن أطاع ناصحاً يهديه، وتجنّب غاوياً يُرديه».