ويُشيد بالمهرجانات الترفيهية داعياً للتفاعل معها رسمياً واجتماعياً
الشيخ الصفار يدعو المصلحين ألا يتخلوا عن مبادئهم رغبة في التفاف الناس حولهم
بمناسبة ذكرى عيد الغدير الأغر استحضر فضيلة الشيخ حسن الصفّار الالتزام المبدئي لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، مقدّماً لذلك تساؤلاً يطرح نفسه وهو: لماذا لم تلتفّ الأمة حول الإمام علي ؟ وفي إجابته أكّد أن الأمة رغم معرفتها بمكانة وموقعية الإمام علي من رسول الله ، ورغم سماعهم للأحاديث المستفيضة عنه في حقّ أمير المؤمنين ، ورغم ما يرونه بين ناظريهم من شجاعته وكفاءته العلمية والأخلاقية، إلا أنّ التوجّه الذي ساد الأمة جعل الظروف الموضوعية الخارجية غير مساعدة للإمام ، وذلك لأن الإمام صاحب مبدأ وقيم، ورغم أن البعض أشاروا عليه بأن يسلك النهج المصلحي إلا أنه أبى، وكان يقول: «أتأمُرونّي أن أطلب النصر بالجور؟»[1] .
وأشار الشيخ الصفار إلى أن الواقع الذي عاشه أمير المؤمنين كان أعظم محنةٍ وأشدّ بلاءً، وقد كان يُردد كثيراً: «مازلت مظلوماً منذ قُبض رسول الله »[2] . مضيفاً: إن الإمام علي ، وحسب المعايير المنطقية، لم يكن يتوقّع أن الأمة تتعامل معه بهذه الطريقة المؤلمة، وقد قال : «فلمّا مضى -يعني رسول الله - تنازع المسلمون الأمر من بعده، فو الله ما كان يُلقى في روعي، ولا يخطر ببالي, أن العرب تُزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته، ولا أنّهم مُنحّوه عني من بعده»[3] . وقال : «فأمسكت يدي، حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمّدٍ ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيّامٍ قلائل»[4] .
وأوضح الشيخ الصفار أن موضوع الخلافة أمرٌ قد انتهى كتاريخ، فلا داعي للنزاع حول هذا الأمر. إلا أن ما يترتّب عليه من معتقدات وقناعات ينبغي أن تكون موضع احترامٍ متبادل، فمن حقّ كل جهةٍ أن تؤمن بما تراه صحيحاً، كما أن من حقّها أن تُعبّر عن رأيها في ذلك، ولا مجال هنا لمصادرة هذا الحق. مضيفاً: وكما أن من حق الآخرين أن يُربوا أبناءهم على ما يعتقدون به، فمن حقّ غيرهم أيضاً ذلك. وفيما يتعلّق بالمناهج التعليمية أكّد أنه يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار التنوع المذهبي والعقدي، فإمّا أن تكون مناهج التعليم الدينية مقتصرةً على المشتركات أو أن يكون التعليم الديني في المفترقات العقدية والفقهية بما يتوافق ومذهب كل جهة.
وأكّد أن الطريق المناسب لتداول موضوع الخلافة ينبغي أن يكون في دائرة الحوار العلمي الرصين فحسب، وهذا ما أكّد عليه الأئمة وعلماء الأمة، مشيراً إلى رأي السيد السيستاني في هذا الأمر والذي جاء ضمن بيانه بتاريخ 14 محرم 1428هـ، وجاء فيه: «التجنّب عن إثارة الخلافات المذهبية، تلك الخلافات التي مضى عليها قرون متطاولة، ولا يبدو سبيلٌ إلى حلّها بما يكون مُرضياً ومقبولاً لدى الجميع، فلا ينبغي إذن إثارة الجدل حولها خارج إطار البحث العلمي الرصين».
وختم الشيخ الصفّار هذا السياق بدعوة كلّ المصلحين والمبدئيين بأن لا يتخلّوا عن مبادئهم رغبةً في التفاف الناس حولهم، وعليهم أن يستلهموا من سيرة الإمام علي درساً في الالتزام المبدئي، وهو القائل: «لا يزيدني كثرة الناس حولي عزّة، ولا تفرقهم عني وحشة»[5] .
وفي سياقٍ آخر من خطبة الجمعة 20 ذو الحجة 1431هـ أشاد الشيخ الصفّار بالمهرجانات التراثية والترفيهية في المجتمع، مؤكداً الدور الهام الذي تُحققه هذه المهرجانات على مختلف الأصعدة، فهي من ناحية تُساعد على إبراز الكفاءات والطاقات، كما أنها تُعزز حالات العمل الجمعي. ومن ناحية أخرى فهي قناة لتصريف الطاقات الفائضة لدى الناس وبالخصوص الشباب. مشيراً إلى أن المجتمع بدأ يتّجه بهذا الإتّجاه لعقد المهرجانات التراثية والاجتماعية والترفيهية المختلفة، ملفتاً إلى بعض تلك المهرجانات: "واحتنا فرحتنا" على ضفاف كورنيش القطيف، و"الدوخلة" على ضفاف ساحل سنابس، و"الوفاء" في سيهات ومهرجان دارين للتراث. ودعا إلى أهمية التفاعل الإيجابي مع هذه المهرجانات رسمياً واجتماعياً بما يُعزز الدور الكبير الذي تُحققه.
واختتم الشيخ الصفّار هذا السياق بالتأكيد على أن مختلف المجتمعات تهتم بتوفير مجالات للترفيه والترويح عن النفس خاصّة للشباب، لأنها لاحظت الأثر الكبير الذي تتركه في نفوس الشباب مما يحد من الجرائم والعنف في المجتمع وبذلك يسود الأمن، وعلى العكس من ذلك فإن الكبت له مضاعفات خطيرة على هذا الجانب، ومنها: زيادة الأمراض النفسية، وتزايد حالات الإجرام والعنف. ومن هنا وجب على المجتمع أن يعي هذا الجانب، وأن يبذل الجميع قصارى جهودهم فيما يُحقق الأمن الاجتماعي والأمان النفسي.