الصفار في «حوار الحضارات»: يماني حمل الهم الوطني ونبذ الطائفية
اقام منتدى حوار الحضارات بمحافظة القطيف «يوم الخميس الماضي» حفل تأبين لفقيد الوطن والعلم والثقافة، وزير الاعلام الاسبق، الدكتور محمد عبده يماني، وذلك برعاية الزميل الإعلامي فؤاد نصرالله حضره جمع من المثقفين والأدباء والفعاليات الاجتماعية في المنطقة الشرقية.
وقد تطرق الحضور خلال الحفل الذي اداره الشاعر فريد النمر الى جوانب مضيئة في حياة الفقيد الراحل، تركزت على التدين وحب الرسول الاعظم واهل بيته الكرام، وحب الوطن، والاخلاص في الدعوة، وانفتاحه على الرأي الاخر.
تحدث الشيخ حسن الصفارعن الفقيد وقال لقد تعرفت على الفقيد من خلال كتبه وابرزها كتاب «علموا ابناءكم حب رسول الله» وكتاب «علموا ابناءكم حب اهل البيت»، وثم الالتقاء به شخصيا فوجدت فيه مثالا للرجل المحب لدينه ووطنه وحرصه على فهم الرأي الآخر.. وقد اتصف بحمله الهم الوطني والهم الانساني، بالتالي فهو من الرموز النادرة التي تتجاوز القبلية والطوائفية والمناطقية.
اما الجانب الاعلامي «وهو الابرز في حياة الفقيد كونه وزيرا سابقا للاعلام» فقد اكد الكاتب الصحفي محمد حمد الصويغ ان للمرحوم يماني نظرات صائبة وسديدة في مجالات الاعلام والسياسية والتربية وغيرها من القنوات، فهو كان يرى عندما اسندت له مهمات وزارة الاعلام انه لا يبعر عن اصدار قراراته عن نفسه، وانما يعبر عن سياسة الدولة، واكره ما يكره ان تصدر اتهامات للمملكة ولا ينبري للرد عليها بالحجج والبراهين الدامغة، ويورد الصويغ ان الدكتور يماني يرى ان الاعلام السعودي لا يزال يراوح مكانه، لأن الحدود التي يتحرك فيها ضيقة للغاية، وهذا لا يجوز في عصر الثروة المعلوماتية والاتصالية...
وكان الدكتور يماني ـ حسب الكاتب الصويغ ـ يصر على ان نجاح الاعلام له ارتباط وثيق بالحرية المسؤولة عن نقل افكارنا للآخرين، بمنتهى الشفافية والوضوح، فالعالم من حولنا متغير والانطلاقة العالمية اضحت سريعة وكبيرة لا سيما في مجال ثورة الاتصال التي حولت العالم كله الى قرية صغيرة، فالعالم لايسمع الصوت العربي لأن الاعلام العربي بصفة عامة قصر عن ابرز الصورة الحقيقية للأمة العربية.
ولفت الصويغ على ان الدكتور يماني وعندما كان على رأس وزارة الاعلام قد أكد على ان الرقابة على المصنفات اصبحت غير مجدية، في زمن الثروة الاتصالية، فالكتاب الذي يمنع من التداول بإمكان من يريده الحصول عليه عن طريق الشبكة العنكبوتية بضغطة زر، كما ان الاقمار الصناعية طرحت مئات الاختيارات امام المشاهدين.
ونسب الصويغ للفقيد الراحل رأيا خاصا به حول التعليم اذ يرى «يماني» ان نظام التعليم خاطئ لارتكازه على عملية قاصرة تقوم على التلقين والحشوؤ ولا تقوم على تعليم المهنة واحترامها، وقد نادى بأهمية تغيير نظام التعليم بالمملكة كما حدث في اليابان وغيرها من الدول التي كانت توصف بالنامية قبل تغيير انظمتها التعليمية العقيمة.
وعلى ذات النسق تحدث رئيس تحرير جريدة اليوم الأسبق والكاتب والصحفي خليل الفزيع عن الراحل حيث استعرض جملة من المواقف والذكريات معه ابان الفترة التي كان فيها الفزيع رئيسا لتحرير جريدة اليوم فقد وصفه بأنه اكثر وزراء الاعلام حفاوة بالصحفيين، ومساعدتهم وتقريبهم من ولاة الأمر، وتبنى قضاياهم لدى بعض الجهات الرسمية.
ويعترف الفزيع قائلا: " لولا جهوده ومساندته لي شخصيا لانتهى بي الأمر الى ترك العمل في الجريدة في وقت مبكر، فما لجأت إليه في أمر يتعلق ببعض الإشكاليات مع بعض الجهات الحكومية او غير الحكومية، الا ولقيت منه المساعدة، والحماسة لإنهاء ذلك الأمر بما يحقق المصلحة العامة، ويحفظ للصحفي كرامته المهنية، لست وحدي في ذلك بل جميع العاملين معي......".
وخلص الفزيع الى القول بأن الراحل الفقيد ورغم تخصصه في مجال الجيولوجيا الا انه عشق الكتابة ليصبح من ابرز الدعاة المنافحين عن الاسلام ورجله وابراز جوانب الخبر والمحبة في تعاليمه.
اما رئيس تحرير مجلة اليمامة الاسبوعية، وامين عام هيئة الصحفيين السعوديين د. عبدالله الجحلان فقد تحدث عن الفقيد ـ في كلمة القيت نيابة عنه ـ وقال عنه انه كان قريبا من الصحفيين والمثقفين، كما كان قريبا من الرياضيين، وهو ايضا محب للأدب والثقافة ومنتج لكثير من مناحيبها، كتب المقالة الناضجة، والقصة الجميلة، والقى المحاضرات النافعة.
اما الكاتب الصحفي احمد الشمر فقد وصف الراحل بأنه احد اعمدة الرمور الفكرية والثقافية في هذا الوطن، وحصاب مدرسة ونهج فكري متوازن ومعتدل في اتجاهاته الفكرية واهتماماته الوظيفية، فقد جمع بين هذين الامرين في آن واحد، فقد تولى يرحمه الله مهام وزارة الاعلام خلال فترة كانت فيه المملكة تستكمل فترة انجازاتها العصرية في مختلف المجالات.
وقال الشمر ان يماني استطاع خلال عمله بوزارة الاعلام ان ينهض بها من وضعها الروتيني المعتاد الى وزارة تعج بحراك ونشاط كبير في مختلف مجالات وميادين الاعلام من اذاعة وتلفاز وصحافة، فكان لهذه الجهود اسهامات واضحة وننائج مثمرة في مجال تطوير العمل الاعلامي في الداخل، وعلى مستوى السياسة الاعلامية في الخارج....
اما الكاتب والصحفي رضا لاري فقد اسهب في كلمة ــ القيت نيابة عنه ـ عن سيرة الفقيد الراحل وتنقله الوظيفي الى منصب وزارة الاعلام، ولفت الى انه قد سن سنة حسنة وهو البيان الذي يطلقه وزير الاعلام بعد اجتماع مجلس الوزراء يعرض فيه كل ما تم من نقاش وما صدر من قرارات ليطلع المواطن على ما يتم في اروقة المجلس. مشيرا الى ان حبه للثقافة والاعلام والناس لم يتوقف بوجوده في المنصب الحكومي بل استمر رجلا متواضعا محبا للخير.
خلال الحفل تم عرض مقاطع صوتيه للراحل وهو يتحدث عن نفسه وعن افكاره، ومبادئه واهمها محبة الرسول الاعظم وحرصه على الحوار مع كافة المختلفين معه.
وتم عرض مقاطع لعدد من الوزراء ابزرهم وزير الاعلام والثقافة د. عبدالعزيز بن محي الدين خوجة، ووزير العمل عادل فقيه، وعدد من رجال الدين وممن عاصر الراحل وجميعهم يؤكدون على الجوانب الانسانية والثقافية في حياة الراحل.. حتى ان احدهم لفت الى وفاته تمت في العاشر من ذي الحجة، وهو يوم الاثنين وقد كان صائما يرحمه الله.
وعن يماني الانسان، تحدث الدكتور سعد الناجم وقال: حينما نجتمع لتأبين راحل كريم كالدكتور الينماي انما نحن نقرأ من خلاله سيرنا الايجابية وغير المرئية من الآخرين، وذلك لكون ثقافتنا الممراسة لا تذكر في الغالب الانقياء الا بعد رحيلهم، أو اننا نقرأ سيرة مجتمع له ارهاصاته المتعددة والتي تقف حائلا احياب فننسى الايجابيات ونركز على سلبيات الانسان في حياته فلا نجرأ في الحديث عن ايجابياته الا بعد رحيله اما خوفا من التزلف له في حياته والعلاقاء منالناس حسب ظني بعيدون عن ذلك، ولربما حتى لانتفح سبلا للسطحيين ليوسومننا بصفا لا تمثلنا سلوكيا ولافكريا، لكنهم ربما يفعلون ذلك دون وعي او من باب الاصطفاف مع التيار السائد ليؤطروننا ويرتقوا على حسابنا، ه ولا شك ان يرحل عنا يبصرنا بشفافية من ضحوا وقاسوا واجتهدوا ومارسوا العطاء والنقاء والتواضع، ولو نظرنا إليهم اثناء حياتهم من خلال نظارات الاخرين سلبا وايجابا.
ويرى الناجم أننا وفي مجتمعنا السعودي بحاجة الى تدبر مستمر لأرض الجزيرة والأبداء من الحجاز عامة، ومكة المكرمة خاصة، وباختصار مولدي فقيدنا الكريم، مكة تبدأ منها دائرة اجتماعية تعبدية وطنية، كدائرة الماء تتسع شيئا فشيئا حتى تعم جميع ارجاء المملكة بل العالم.
ويضيف الناجم: "جميل جدا ان نكون هنا في القطيف «بالمنطقة الشرقية» لنقطف حبا لهذا الجرل ونقطف حبا لهذا الإخاء الذي جمعنا لكونه يمثل قيما ومثلا كلنا نؤمن وندين بها، لهذا ونشكر كل مسؤول كان له دوره الريادي في تقوية لحمة هذا الوطن بين ابنائه واستيعاب رؤاهم المتعددة وتطلعاتهم المتنامية وقواسهمهم المشتركة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة.
كما اشاد الحضور بمؤلفاته الكثيرة التي تتناول العديد من الجوانب لعل ابرزها حبه الكبير لرسول الله ودعوته لاحياء التراث الاسلامي، خصوصا في مكة المكرمة الا ان الباحث الفلكي سلمان الرمضان وفي كلمته في الحفل اشار الى يماني الفلكي فقال: " كتب الدكتور يماني مايزيد على 30 مصنفا في مجالات مختلفة، منها الفلك والفضاء فقد كتب "نظرات علمية حول غزو الفضاء" و"الاطباق الطائرة حقيقة ام خيال؟ " و"اقمار الفضاء غزو جديد"، و"اخيرا ودعا هالي" وكلها تنبيء عن معرفة واطلاع كبير على المصطلحات الفلكية الدقيقة، والتي يجهلها كثير من الناس.
فالراحل الفقيد: دكتور في الجيولوجيا، داعية اسلامي، ومصلح اجتماعي، اعلامي بارز، فلكي على اطلاع واسع.. إنه بحق فقيد العلم والوطن.