الشيخ الصفار مؤبنا آية الله العمري: لقد عاش من أجل الله
صدر للشيخ صالح الجدعان كتابا بعنوان: آية الله الشيخ محمد علي العمري سيرة وعطاء، وقد تضمن سيرة ذاتية للراحل "قدس سره" وملامح من سماته وأخلاقه، كما تضمن كلمات وبيانات العلماء في حقه، وقصائد شعر رثي بها الفقيد رحمه الله.
وقد تضمن الكتاب في الصفحة 88 كلمة لسماحة الشيخ حسن الصفار، هذا نصها:
إنه لموقف أليم أن نقف في هذا المكان المبارك لكي نؤبن هذا العالم الجليل الذي كان شمعة هذا المكان ونور هذا المكان بل نور البلاد بكاملها تعودت في السنوات الماضية حينما أقوم بزيارة المدينة المنورة بزيارة رسول الله وبضعته الطاهرة الصديقة الزهراء وأئمة البقيع صلوات الله وسلامه عليهم أن أكون هنا بخدمة الشيخ ولزيارته وطالما كان يشرفني بأن يكلفني بالحديث من على هذا المنبر وتعودت أن اخطب هنا والشيخ موجود يصغي للخطاب.
وينير المجلس بحضوره ووجوده ولكننا اليوم نلتفت ونرى مجلسه شاغراً فارغاً ونرى محرابه فارغاً هذا شي يؤلم قلوبنا جميعاً ففراقه يحزننا لكننا تربينا في مدرسة القرآن الكريم الذي أمرنا بأمر الله تعالي: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
نحن تربينا في مدرسة أهل البيت (صلوات الله عليهم) المدرسة التي تربي على الصمود والثبات وعلى تحمل الشدائد والآلام مهما جلت ومهما عظمت، ولذلك نحن نفوّض أمرنا إلى الله تعالى ونطلب الأجر والثواب من الله تعالى وأن يلهمنا الصبر والسلوان وأن يتغمد الفقيد الراحل بواسع الرحمة والمغفرة وأن يحسن لنا جميعاً الخلف في نجله الكريم وفي العلماء الأفاضل في هذه البلاد المباركة المقدسة بل إن سلوتنا هو هذا الجيل الذي رباه الفقيد الراحل هذا الجيل الذي أراه أمامي الآن من المؤمنين من الشباب الصالحين هم ثمرة من أهم الثمار التي غرسها وزرعها ونماها الفقيد الراحل بسيرته وسلوكه فهنيئاً له ما أقدم عليه إن شاء الله من أجر ومكانة عظيمه عند الله.
إنه الآن في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع الأنبياء والأئمة الصالحين كأني به يخاطبنا بروحه في مثل هذا المحفل يا أبنائي لا تبكوا عليّ بل أحفظوا الأمانة.
الشيخ الراحل عاش طوال حياته من أجل الله ومن أجل الدين. هذه الأمانة الآن في أعناقنا جميعاً اسأل الله أن يوفقكم ويوفقنا لتحمل هذه الأمانة والمسئولية.
وقد أراد الله تعالي أن تكون وفاة هذا العبد الصالح عزاً للدين والمجتمع كما كانت حياته عزاً وكلكم رأيتم كيف كان تشييعه المهيب وكيف أن الناس تقاطروا من كل مكان، ومن لم يحضروا تشيع جسده فقد شيعوه بقلوبهم وعواطفهم وأحاسيسهم.
لقد زرع الله محبته في النفوس والقلوب، والود في النفوس مطمع ومكسب للإنسان المؤمن يتمنى أن تكون له المحبة في قلوب الناس، الرسول الأعظم يقول: خير الناس من أحب الناس وأحبوه وشر الناس من أبغض الناس وأبغضوه الإنسان المؤمن قلبه يكون عامراً بالمحبة، ولذلك تكون محبته في قلوب الآخرين هناك أسباب من أجل أن يحصل الإنسان على هذه المكان في القلوب:
السبب الأول: الاتصال بالله تعالي فإن الإنسان إذا أخلص لله تعالى فإن الله يزرع محبته في قلوب الناس واحترامه في نفوسهم فالأنبياء والأئمة والأولياء حتى الذين يظهرون لهم العداء نراهم يكنون لهم الإعجاب في أعماق نفوسهم وينبهرون بهم.
الأمر الثاني: التعامل الحسن مع الناس فقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها والفقيد الراحل كان يجسد الإحسان للناس بأخلاقه وسلوكه وعطفه.
الأمر الثالث: التعامل بالحب مع الناس وكان الفقيد يعامل الجميع بحب حتى من اختلف معه في الرأي أو أساء إليه كان يقابل الإساءة بالإحسان ما كان يحقد على أحد، وهذا خلق المؤمن. والفقيد كسب محبة الناس لأنه أحبهم ولهذا كان هذا التشييع المهيب. أذكركم بما قلته في بداية حديثي علينا أن نحفظ الأمانة وهي تتحقق بأمور:
الأول:- الثبات والاستقامة على مبادئكم وعلى ولائكم حتى تورثوا ذلك لأبنائكم.
الثاني:- وحدتكم وتعاونكم بمحبة. لتحمّل المسئولية الكبيرة ومليء الفراغ الذي تركه.
أسال الله تعالى أن يوفقكم لأداء الأمانة والمحبة فيما بينكم والوفاء لهذا الفقيد الراحل الكبير.