اللجوء إلى الله أمان من الوسواس
لحب الإنسان لذاته واهتمامه بحمايتها والدفاع عنها، فإنه عند الشعور بخطر يبحث عن ملجأ ينجيه منه. ومن الأخطار التي يواجهها الإنسان وهذا من عجيب خلقته تلك الأخطار التي من داخل نفسه، وهي حالات تحصل في نفسه تخيفه وتؤذيه فيبحث عن مأمن وملجأ يحميه منها مع أنها في داخله. ومن تلك الحالات المخيفة التي تحدث داخل نفس الإنسان حالة الوسوسة، وهي حالة نفسية مزعجة يطلق عليه علماء النفس مصطلح: (العصاب القهري) أو (الاضطراب الوسواسي الجبري).
فما هو السبيل لمقاومة هذه الحالة المزعجة، وإلى من يلجأ الإنسان؟
في آيات سورة الناس المباركة يأمر الله سبحانه وتعالى نبيه المصطفى وجميع الناس بأن من أراد اللجوء إلى جهة تحميه من حالة الوسوسة فعليه أن يلجأ إلى الله تعالى: ﴿قل أعوذ برب الناس﴾.
العوذ يعني اللجوء والقصد، وإنما توجه الأمر لرسول الله وهو أكمل خلق الله عز وجل، ليشعرنا بأن أي إنسان في أي مقام كان فهو في حاجة للجوء إلى الله تعالى، ربِّ الناس ملك الناس الذي يخضع له جميع الخلق بالعبادة والطاعة إله الناس. فمن ماذا يلجأ الناس الى القوة الربانية؟ من شر الوسواس الخناس.
الوسواس: كما يعبر عنه في اللغة هو الصوت الخفي، وهو يطلق على حديث النفس، كالخواطر والأفكار التي تعتمل في النفس.
الخناس: من الخنس أي الاختفاء، كما في قوله تعالى: فلا أقسم بالخنس أي النجوم التي تختفي بعد أن تظهر للناس في الليل. والواضح أن حالة (الوسواس) هو ظهورها فترة في نفس الإنسان واختفاؤها عنه أوقات أخرى، فهي ليست حالة ثابتة في أغلب حالاتها ولهذا عبر عنها عز وجل الوسواس الخناس.
هذه الحالة المرضية التي تعني في معناها الأعم الأفكار المزعجة وغير السوية، تأتي من جهات غير واضحة، ومن أناس يعيشون حول الإنسان من الجنة والناس.
حالة الوسوسة هذه التي تحدث داخل نفس الإنسان وعمقه لا يمكن التخلص منها إلا باللجوء إلى الخالق عز وجل فهو موجِد الإنسان والعالم بخفاياه:
والاستعاذة لا تعني التلفظ بقول أعوذ بالله فقط، وإنما هي حالة فكرية ونفسية وسلوكية، وعلى الإنسان أن يتجه بكل ذلك إلى الله تعالى مؤتمرًا بأوامره، منتهيًا عن نواهيه حتى يتغلب على هذه الحالة.