الشيخ الصفار يتحدث عن القلق من الآخر في أحدية المبارك بالرياض
بدعوة من الدكتور راشد المبارك راعي ندوة الأحدية في الرياض كان سماحة الشيخ حسن الصفار ضيف الندوة مساء الأحد 27 شوال 1427هـ الموافق 25 سبتمبر 2011م، تحت عنوان (القلق من الآخر).
حيث تحدث سماحته عن الموضوع في ثلاثة محاور.
دار المحور الأول عن أهمية سلامة العلاقات البينية في المجتمع، وأنها أساس نهضة المجتمع وتقدمه، وحفظ أمنه واستقراره، فالمجتمع الإسلامي الأول انطلق من أرضية المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وتنقية العلاقات بين الأوس والخزرج، وحين تجاوز المجتمع العربي حالة الخلاف والاحتراب أصبح مؤهلاً للنهضة والانطلاق، وحمل رسالة الإسلام يقول تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ﴾(آل عمران: الآية103)
والمجتمعات الأوربية حين تمردت على تخلفها كانت بداية مشوارها إقرار وثيقة حقوق الإنسان في الثورة الفرنسية، التي تعنى بتصحيح مسار العلاقات بين الناس على أساس مبادئ العدالة والحرية والمساواة.
وعلى الصعيد الديني فإن علاقة الإنسان بالآخرين قضية أساس في الشرائع والأديان، فالإنسان ليس حراً في شكل ونمط علاقاته مع الآخرين، حسب أهوائه ورغباته ومصالحه، إنما عليه أن يلتزم بالمبادئ العادلة، والأخلاق الكريمة في تعاطيه مع القريبين والبعيدين، ويشير قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً﴾(الفرقان: الآية20) إلى أن مجال علاقات الناس مع بعضهم ساحة اختبار وافتتان. ورد عن النبي : (أما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم الناس بعضهم بعضا).
وفي المحور الثاني تناول الشيخ الصفار حالة القلق والارتياب في العلاقات البينية، وأن مجتمعاتنا تعاني أزمة ثقة في العلاقة بين مكوناتها المتنوعة قومياً أو مذهبياً، حيث تتوجس كل طائفة الخوف والارتياب من الطائفة الأخرى، وخاصة على الصعيد المذهبي. هذا القلق الذي يؤسس لحالات من النزاع والصراع والذي انفجر في أكثر من منطقة من عالمنا العربي والإسلامي.
ولهذا القلق أسباب أهمها:
1. نداءات التاريخ والتأثر بأحداثه.
2. التراث الثقافي المذهبي الذي يغذي الكراهية ويدفع للمواقف السلبية المتبادلة.
3. خلل الواقع السياسي، حين لا تتحقق المواطنة ويسود العدل والمساواة بين المواطنين.
4. العامل السياسي الذي يستفيد من انشغال المجتمعات بصراعاتها على حساب التنمية السياسية والاقتصادية.
وختم الشيخ الصفار حديثه بالمحور الثالث عن استشراف الحلول والمعالجات. وأن السكوت عن حالة القلق المتبادل، قد يوقع المجتمع في خطر انفجار الصراعات، فلا بد من الاعتراف بوجود مشكلة في العلاقات البينية، والاهتمام بدراستها، ووضع الحلول والمعالجات قبل تفاقمها وانفجارها. ومن أهم عوامل احتواء هذه المشكلة ما يلي:
1. تحقيق المواطنة والمساواة.
2. نشر ثقافة التسامح والتعايش والشراكة الوطنية.
3. تجريم التحريض والتعبئة.
4. تكثيف التواصل والانفتاح والتداخل في المصالح، والاتجاه نحو المشاريع الوطنية العامة.
ثم فتح مدير الندوة الدكتور يحي أبو الخير مجال المداخلات حيث شارك في المداخلات أكثر من خمسة عشر متحدثاً، تناولوا جوانب مما ورد في المحاضرة وأثاروا تساؤلات أجاب عليها الشيخ الصفار، وكان حضور الندوة حاشداً ونوعياً.