الشيخ الصفار: نحن مطالبون بإصلاح دنيانا
طالب سماحة الشيخ حسن الصفار بأن يهتم الإنسان المسلم بإصلاح أمور دنياه كما يهتم بشئون آخرته، فإن الإسلام "يؤكد على ذلك، وهذا ما يريده الله للناس"، نافيا صحة أن يعيش المسلمون وضعاً سيئاً في حياتهم الدنيا من أجل الآخرة، مرجعا ذلك إلى وجود خلل سيحاسبون عليه.
وطالب أن يشعر الناس بأن الدين بالفعل يوفر لهم حياة أفضل، فالنصوص توضح أن إصلاح الدنيا مطلوب من الإنسان المؤمن، وتؤكد أن حياة المؤمنين هي الحياة الأكثر رغداً والأكثر رفاهية.
ونفى الشيخ الصفار في كلمته الاسبوعية ليلة الجمعة أن يكون هناك خلل في الوعد الإلهي: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾. مطالبا بالتحقق من شروط الوعد، ومسائلة أنفسنا: هل ينطبق علينا أنهم ﴿آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ أم لا؟.
وأضاف سماحته أن وعداً جازماً صدر من قبل الله سبحانه وتعالى للمؤمنين بان الذين يلتزمون بإيمانهم ويتقون الله سبحانه وتعالى في حياتهم سيعيشون حياة رغيدة ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى﴾، وهذا الكلام ليس عن أفراد إنما عن مجتمعات وشعوب، فإن المجتمعات التي تسير في خط الإيمان بالله تعالى والالتزام بالتقوى لا بد أن تعيش حياة مرفهة، ورغيدة.
وعن معنى قوله تعالى: ﴿آمَنُوا﴾ قال: يمكننا أن نفهم أن كلمة ﴿آمَنُوا﴾ تشير إلى الجانب العقدي، فالحالة العقدية لهذا المجتمع أن الإيمان تمكن في قلوبهم ونفوسهم، مستدركاً: أن الحالة العقدية الداخلية لا تجدي إذا لم تنعكس على سلوك الناس، لذلك قال تعالى: ﴿وَاتَّقَوْا﴾ والمقصود أن الحالة العقدية تنعكس على سلوكهم وحياتهم، موضحا أن الحديث عن التقوى على المستوى الجمعي، يعني أن تكون سلوكاً للمجتمع كله.
وأشار إلى أنه حينما يتحقق هذا الأمر ـ﴿آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ ـ يأتي الوعد الإلهي: ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وتساءل سماحته: ماذا يعني ﴿بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾؟ وأجاب: هناك رأيان في تفسير هذا المقطع، إما أنها (البركات التي تأتي بسبب الأمطار والسماء إشارة إلى ذلك، ومن الأرض يعني الخيرات الموجودة في باطن الأرض) وإما (أنها تشير إلى الحالة المعنوية والحالة المادية)، فبركات من السماء يعني السمو المعنوي، أي أن المجتمع يعيش سمواً في المجال المعرفي الروحي، أما البركات التي من الأرض فهي إشارة إلى الرخاء والرفاه المادي، وعلى كلا التفسيرين فإن الآية تفيد بأن حياة المجتمع الإيماني حياة رغيدة مرفهة.
ونوه أن المراقب ليس بحاجة إلى إثبات تخلف المجتمعات المسلمة؛ لأن هذا الأمر وجداني يدركه الجميع، فالمجتمعات الأخرى تعيش رفاهية أكبر، ورغداً في حياتها وعيشها، بينما المجتمعات المنتمية إلى الإسلام أقل ما يقال عنها أنها متخلفة.
ولتخلص المجتمعات المسلمة من التخلف الذي تعيشه اليوم قال الشيخ الصفار: ينبغي أن يهتم المسلمون بإصلاح ديناهم، فالمجتمع الإيماني بوعي يكون مندفعاً نحو العلم والمعرفة والفاعلية، والمجتمع الذي يحمل شعارات الإيمان لكن فاعليته في المعرفة قليلة نشك في صحة وكمال إيمانه وتدينه وان ادعى ذلك ورفع الشعارات.
وتابع: الإيمان يمنح الإنسان الطمأنينة وراحة النفس والضمير، فيكون استمتاعه بالدنيا أفضل، لا نستطيع أن نغفل أن المجتمعات المادية وان كانت تعيش رفاهاً ورغداً في العيش، لكنها تفتقد طمأنينة النفس في كثير من الحالات، لأنهم يعيشون فراغاً روحياً.
وقال سماحته: إن الإيمان يهذب السلوك فيكون المجتمع أكثر أمنا، وأكثر انسجاماً.