الشيخ الصفار: الإصلاح الاجتماعي مسؤولية الجميع وليس فئة محددة
أكد سماحة الشيخ حسن الصفار أن أحد أهم أسباب التخلف الذي تعانيه مجتمعاتنا ناتج عن سوء العلاقات في داخله، وأن العلاقات الغير سليمة داخل أي مجتمع تنعكس سلباً على واقعه.
وقال الشيخ الصفار "المجتمعات الحريصة على رقيها وتطورها وتحقيق طموحاتها يجب أن تبحث في تقوية شبكة العلاقات في داخلها".
جاء ذلك خلال محاضرة بعنوان "مفاهيم قرآنية في إصلاح المجتمع" ضمن البرنامج الصيفي الذي تقيمه الحوزة العلمية بالقطيف.
وأكد الصفار أن واقع الجزيرة العربية قبل الإسلام كان متخلفاً، بسبب سوء العلاقات فيما بينهم، وقد تحدث القرآن الكريم وأشار إلى أن سوء العلاقات الاجتماعية سبب في تشتت المجتمع، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم عن دور الشيطان في تخريب العلاقات من خلال قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾.
وأشار الشيخ الصفار إلى أن شبكة العلاقات حتى تكون سليمة داخل المجتمع بحاجة لعدة أمور منها: وجود قيم تحدد الحقوق والواجبات داخل المجتمع، بالإضافة إلى شيوع المحبة والألفة فيما بين أبناء المجتمع، وأهمية وجود اهتمام داخل المجتمع بتحسين العلاقات فيما بينهم.
وبين الشيخ الصفار أن القرآن الكريم تحدث عن أهمية الإصلاح في المجتمع من خلال عدة آيات، حيث قال عز وجل: ﴿أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ﴾ وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
وشدد الشيخ الصفار على أنه لا يجوز في المجتمعات الإيمانية أن نجلس ونتفرج على الخلافات، فهذا ضد مبدأ القرآن وينافي قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
مشيرا إلى أن البعض يحب أن يرمي مسؤولية الإصلاح للشأن العام على جهة واحدة فقط، أما علماء أو مراجع أو غيرهم، وهذا خطأ، فالإصلاح مهمة كل الناس، وواجبة على الجميع، وهذا ما يحمله الدين لكل إنسان في مسؤولية إصلاح مجتمعه من خلال قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ على أساس صفة موجودة وهي: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾.
وتابع القول "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو واجهة لمسألة الإصلاح في المجتمع. وأشار الشيخ الصفار إلى أن الله تعالى يطلب من المؤمنين أن يكون بينهم من يتصدون للإصلاح: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾.
وبين الشيخ الصفار إلى "أن الحراك في المجتمعات خصوصاً فيما يسمى بالربيع العربي، لم يكن لفئة معينة، بل عامة الناس هم من سبقوا النخب".
مشيرا إلى أن القيادات الدينية تتحمل مسؤولية أساس في التصدي للإصلاح في المجتمع، وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم: ﴿لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ.﴾
مؤكدا أن الإصلاح في المجتمعات هو حالة تكاملية، فهناك من يهتم بالجانب الديني، وهناك من يهتم بالجانب السياسي، وآخر بالجانب الاجتماعي، وتابع الشيخ الصفار "لكن البعض لا يتحمل وجود رأي آخر ووجهة نظر أخرى في المجتمع.
وأشار الشيخ الصفار إلى أن الإصلاح الاجتماعي يحتاج إلى ثلاثة أمور منها: "الرؤية"، وكيف نصلح مجتمعنا.
وإلى جانب الرؤية، أشار سماحته إلى أهمية "وجود ثقافة تدفع الناس نحو الإصلاح"، بالإضافة إلى "أهمية وجود مؤسسات خصوصاً في هذا العصر". والاستفادة من التجارب الأخرى، ومن وسائل المعرفة الموجودة.