لا للتمييز ونعم لوحدة الوطن والقيادة

 

لم يكن العنف للمطالبة بالحقوق والمساواة هو الحل، وأجزم أن الحل الأجدى هو استخدام جميع الطرق الحضارية والسلمية، واستخدام وسائل وطرق وآليات المطالبة المدنية الحديثة التي تعتمد على تحكيم العقل

نتفق ونختلف بالرأي وبالأسلوب والطريقة، إلا أن هدفنا واحد، ولم يكن اختلافنا في الماضي والحاضر على الأهداف الرئيسة والمبادئ الأساسية لبناء كيان دولة تجمع أبناء هذا الوطن تحت قيادة موحدة، اتفقنا عليها منذ التأسيس، فالمصلحة العامة كانت تؤكد وتحتم علينا جميعاً أن نكون تحت لواء واحد، متساوين في الحقوق والواجبات، نتعايش سوياً دون تمييز أو تفريق بين بعضنا البعض، أو بين قيادتنا وأفراد شعبها، والتميز مرفوض بجميع أنواعه، المذهبية والعنصرية والقبلية والحضرية والعرقية والاقتصادية والسياسية، وتنص جميع المواثيق الدولية وأنظمة حقوق الإنسان ونظام العمل الدولي على محاربة التمييز ومعالجة بعض أنواع التمييز غير المقصود، ولم يكن العنف للمطالبة بالحقوق والمساواة هو الحل، وأجزم أن الحل الأجدى هو استخدام جميع الطرق الحضارية والسلمية، واستخدام وسائل وطرق وآليات المطالبة المدنية الحديثة التي تعتمد على تحكيم العقل والنظرة المستقبلية لوطننا الغالي وأبنائه المخلصين.

ومن هذا المنطلق، استشعرت أهمية الحوار الاجتماعي بين أفراد المجتمع السعودي تمشياً مع توجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في الحوار الوطني، الذي جمع بين جميع الأطياف في المجتمع السعودي لمناقشة معظم المواضيع التي تهم الوطن، والتي تتعدد فيها الآراء، وتمشياً مع قرار الملك عبدالله بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب ومقره العاصمة الرياض، ومع جميع هذه التوجهات الحضارية تبنيت مبادرة اجتماعية مع بعض من الزملاء والزميلات من المفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات بهدف إقامة حوار اجتماعي غير موجه من أي مؤسسة أو تنظيم داخلي أو خارجي، يهدف هذا الحوار الاجتماعي المحايد إلى التحاور مع النظراء من أبناء الوطن في مختلف أنحائه، وعلى المستوى الشخصي للتعرف على وجهات النظر في بعض المواضيع المتعلقة بهم والتي تكون محور نقاش.

وكان من أحد هذه الحوارات الاجتماعية الحوار المتميز الذي عُقد الأسبوع الماضي في مدينة القطيف، إحدى المناطق العزيزة على وطننا، المنطقة التي انضمت إلى كيان الدولة السعودية عند تأسيسها انضماماً طوعياً سلمياً، وباختيار أهلها، اقتناعاً منهم بالملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وبأهدافه ومصداقيته وحرصه على ترسية مبادئ العدالة والمساواة ومنع التميز بكل أنواعه.

ذهبنا إلى القطيف بدوافع وطنية، ولم تكن رحلتنا بتوجيه من أحد أو جهة رسمية، كما كانت زيارتنا دون دعوة من مثقفي القطيف، وإنما بتنسيق مع صديقي المثقف في القطيف الدكتور محمد المسعود أحد زملائي في جلسات الحوار الوطني عن الإصلاح، وبدأنا زيارتنا بتلبية الدعوة للعشاء في منزل أحد رجالات القطيف الشيخ حسن الصفار صاحب الخلق الرفيع وكرم الضيافة والحفاوة بضيوف القطيف، وأتاح لي زملائي التحدث لضيوف الحفل، وقد كانوا أعدادا كبيرة من المثقفين وأساتذة الجامعات من أبناء القطيف.

تحدثت معهم مؤكداً على ضرورة التزامنا بالمبادئ الأساسية من وحدة الدين والوطن والقيادة، مؤكداً على محاربة التميز، وملتزماً بالعمل على ضمان حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في العيش بكرامة والحق في التعليم والحق في العمل والتدرج فيه، وذلك من خلال ضمان فرص العمل العادلة لأبناء السنة والشيعة وضمان حقهم في العلاج وفي التنمية الشاملة.

بدأ الحوار بكلمة ألقاها الشيخ حسن الصفار، وكانت كلمة ترحيبية أكد فيها على ترحيب أبناء القطيف بمجموعة المثقفين وأساتذة الجامعات الضيوف، وأكد سماحة الشيخ حسن التزام القطيف وأهلها بالمبادئ الأساسية، وحدة الدين ووحدة الوطن ووحدة القيادة ونبذ الفتنة، وأكد انتماءهم لوطنهم ولقيادتهم، مؤكداً أنها ثوابت لا يمكن الخروج عنها، وطالب بمحاربة التمييز بكل أنواعه.

انتهى الحوار وتناولنا العشاء، ثم توجهنا لحوار محدود بين المثقفين والمفكرين وأساتذة الجامعات استمر إلى ما بعد منتصف الليل بمنزل المثقف الدكتور محمد المسعود، شارك فيه بعض من المفكرات والمثقفات من سيدات القطيف، فكان بحق حواراً متميزاً وفعالاً أساسه المساواة والعدالة واحترام الرأي الآخر، ملتزمين بالنقاش البرلماني الذي أكد فيه جميع الحضور التزامهم بالمبادئ الأساسية والانتماء الأول والأخير للوطن، المملكة العربية السعودية، ولقيادته من الأسرة الحاكمة أبناء الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.

وللحق والحقيقة، وأشهد الله عليها، أننا لم نلمس إطلاقاً سراً أو علانية أي شعور بروح الانفصال عن الكيان والانتماء لأي نظام سياسي ولأية دولة غير الدولة والحكومة السعودية.

قضايا عديدة تحتاج إلى معالجة وتحتاج مراقبة ومتابعة دقيقة في التنفيذ.

لأن الفئة العاقلة منهم حريصة كل الحرص على وطنها وشعبها، رافضة الخروج إلى الشارع للتعبير عن مطالبها أو اللجوء إلى أية دولة أو هيئة دولية.

انتهى الاجتماع مؤكدين لهم بأننا سنضع أيدينا معهم لمحاربة التمييز، وسنعمل على التواصل الاجتماعي، وسنقدم المطالب الأساسية لأبناء الشيعة في خطاب مشترك يجمع بعضا من أبناء الشيعة والسنة. مؤكداً بأني وزملائي حريصون كل الحرص على دورنا الاجتماعي في الالتزام بأن نكون صادقين في طرحنا لقيادتنا الغالية. وإنني أجزم بأن الحوار الاجتماعي المباشر غير الموجه سوف يصل إلى أفضل النتائج.