الشيخ الصفار: الغدير استحضار لسيرة الإمام علي (ع) ومنهجه
أشار سماحة الشيخ حسن الصفار إلى أن المسلمين اليوم بحاجة ماسّة إلى استحضار التجربة العلوية في ممارسة الحكم والسلطة، وذلك للنهوض بمجتمعاتها ولتحقيق جانب كبير من الكرامة الإنسانية لمواطنيها، وبالخصوص ما تمتلكه هذه التجربة من خصائص حضارية عالية.
وقال سماحته: بالإضافة إلى التزام الإمام علي بقيمة ومبدأ العدالة الاجتماعية، كان يتحلى أسلوبه في الحكم والإدارة بمنهج العزّة في الدفاع عن الأمة ومصالحها.
وأبان ان "منهج الإمام علي في الحكم والسلطة هو المنهج الذي أكد عليه رسول الله في حديث شريف: (يسلك بكم الطريق المستقيم) فالمسألة لا تنحصر في شخص الإمام علي وإن كانت له خصوصيته ولكن منهجه هو المطلوب".
وأشار سماحته إلى أن الإمام علي لقربه وصحبته الملازمة لرسول الله كان أشدّ الصحابة والمسلمين التزامًا بمنهجه وسيرته، ولذلك تعدّ أيام حكمه وتوليه أمور المسلمين من أنصع اللحظات التاريخية التي مرّت على المسلمين، وذلك لما تقيّد به أمير المؤمنين من قيم وتعاليم الإسلام.
وأضاف: إن أهم القيم التي مارسها الإمام علي وهي من أهم ما جاءت به الديانات السماوية، وهي إقامة العدالة الاجتماعية، ذلك أن أهم ما تحتاجه البشرية طوال تاريخها هو العدل، وأهم خطر يداهمها هو الظلم والجور.
ودعا الشيخ الصفار في كلمة له بمناسبة ذكرى يوم الغدير الجمعة 18 ذو الحجة 1433هـ الأمة للأخذ بمرجعية علي وأهل البيت في تفسير الدين، وفي أخذ معالم الدين.
وقال أمام جمع من الحضور في الحسينية الحيدرية بسيهات أن الإمام علي وأهل البيت لم يكونوا مهتمين بموقع الخلافة والسلطة وعلينا ألا ننشغل بطرحه فقد أصبح أمرا تاريخيا مع إيماننا بأحقيتهم بهذا الموقع.
وأضاف: كانت الشمس في أوج حرارتها وقام رسول الله خطيبا في الناس، وقد "سأل الحاضرين: الست أولى بكم من أنفسكم؟ ثلاثا، وهم يجيبون بالتأكيد والاعتراف. قالوا: بلى. بعد ذلك يرفع يد علي بن أبي طالب أمام جميع المسلمين ويقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاده، واخذل من خذله، وانصر من نصره، وأدر الحق معه حيث دار".
وأشار إلى أن ما عرف بحديث الغدير لا يناقش أحد من المسلمين في صحته، حيث رواه عشرات الصحابة وجاء عن طريق عشرات الطرق والأسانيد وكلها بهذا النص أو قريب منه.
وعن سبب اختلاف المسلمين في فهم النص قال الشيخ الصفار: المسلمون من إخواننا أهل السنة مع اعترافهم بصحة الحديث وصدقه، إلا أنهم يفسرونه على أنه إعلان لمحبة علي بن أبي طالب وأن الولاء هنا بمعنى المحبة، ومولاة علي بمعنى محبة علي.
وأضاف: إما مدرسة أهل البيت فيفهمون من هذا الحديث أنه نص وتأكيد على مرجعية علي للأمة بعد رسول الله ، وأنه تأكيد على قيادة علي بن أبي طالب للأمة بعد رسول الله .
واستشهد سماحته بما رد في المصادر الشيعية عن أئمة اهل البيت من تأكيد لهذا الفهم، فعن أبي إسحاق قلت لعلي بن الحسين زين العابدين ع: ما معنى قول النبي ص من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: أخبرهم أنه الإمام بعده. وعن أبان بن تغلب يقول: سألت أبا جعفر أي الإمام الباقر ع عن قول النبي ص: من كنت مولاه فعلي مولاه فقال: أعلمهم أنه يقوم فيهم مقامه.
وتابع أننا لا يمكن أن نفهم من نص (من كنت مولاه) أنه حديث عن المحبة والنصرة. بل نفهم أنه بمثابة تتويج وإشهار وإعلان وإيضاح لنصوص كثيرة سبق أن قالها رسول الله لتأكيد إمامة علي ومرجعية علي للأمة بعد رسول الله ص.
اما عن كلام رسول الله كما في بعض النصوص (ولا أراكم فاعلين). (ولن تفعلوا ذلك)كما جاء في ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم (859) عن رسول الله : "أن تؤمروا عليا، ولا اراكم فاعلين، تجدوه هاديا مهديا، يأخذ بكم الطريق المستقيم"، وما اخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين حديث رقم (4435) عن حذيفة بن اليمان قالوا: "يا رسول الله: لو استخلفت علينا عليا، قال: انكم لا تفعلون وإن تفعلوا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم"، فقال سماحته: إن ذلك يعني أن وجود القيادة المؤهلة الصالحة شيء، والتفاف الأمة والمجتمع حول تلك القيادة المؤهلة شيء آخر.
وأضاف: ليس دائما أن الناس يلتفون حول الأصلح وحول القيادة المؤهلة. هناك ظروف وعوامل كالجهل والغيرة والحسد والعصبيات والمصالح ومراكز القوى قد تحول بين الناس وبين اكتشاف الأفضل، او تحول بين الناس وبين الالتفاف حول هذه القيادة الأكفأ.