تقديم لكتاب (مسيرة العطاء) لتأبين المرحوم أحمد عبدالنبي الحلال
بسم الله الرحمن الرحيم
يطمح أبناء كل مجتمع أن يكون المجتمع الذي ينتمون إليه قوياً قادراً على التعبير عن ذاته والدفاع عن حقوقه ومصالحه، لكن قوة المجتمع لا تتحقق بالتمنيات والأحلام، ولا من خلال الصراخ والتشكي وإعلان التذمر، وإنما تبنى قوة المجتمعات عن طريق بروز الكفاءات والقدرات في أوساط أبنائها، وبقيام المؤسسات الاجتماعية التي تُعنى بشؤون التنمية، وترعى التكافل الاجتماعي، وتعزّز مكانة المجتمع في محيطه العام.
ويحتاج بناء المؤسسات الاجتماعية الأهلية إلى أجواء مساعدة وبيئة حاضنة، تتوفر فيها التسهيلات النظامية القانونية، وتنتشر بين أبنائها ثقافة العمل الجمعي التطوعي لخلق تجاوب وتفاعل في الوسط الاجتماعي.
ومع أن مجتمعنا قد قطع شوطًا على هذا الصعيد، وأصبحت لدينا صروح اجتماعية نفخر بها، حيث تذلّلت بعض العقبات القانونية الرسمية وإن لم نصل بعد إلى قانون يشرّع النشاط المدني الأهلي، وحيث تبذل جهود مشكورة لنشر الوعي الاجتماعي، إلا أن العاملين في هذا المجال لا يزالون يواجهون الكثير من العوائق والعقبات، ويعانون من أن التفاعل والتجاوب الاجتماعي لا يرقى إلى مستوى الطموح.
إن ذلك يجعلنا ننظر بإكبار وإعظام لجيل الرواد الأوائل في مجال العمل الخيري وبناء المؤسسات الاجتماعية، لقد بادروا قبل أكثر من نصف قرن من الزمن للتصدي لهذه المهمة العظيمة، حيث لم تكن الظروف مساعدة، ولا الأجواء مشجعة، لكنهم كانوا جيل التأسيس الذي شق الطريق ببذل الجهود والتضحيات الكبيرة، من أجل نقل المجتمع إلى هذه المرحلة المتقدمة من التكافل والاهتمام بالتنمية عبر العمل المؤسسي المنظم.
وكان فقيدنا الراحل الحاج أحمد بن عبدالنبي الحلال رحمه الله في طليعة هذا الجيل الريادي، حيث انضم إلى جمعية سيهات للخدمات الاجتماعية في السنوات الأولى لتأسيسها، وقبل ذلك التحق بنادي الخليج الرياضي ـ نادي النسر سابقاً ـ ودامت مسيرة عمله الاجتماعي حوالي أربعة عقود من الزمن، حيث تدرج في جمعية سيهات من عضو إلى أمين سر إلى نائب رئيس ثم رئيسًا للجمعية لمدة ثمان سنوات.
طوال حياته وفي مسيرة عمله الاجتماعي، كان يتحلى بالجدية وسعة الصدر، وتتصف شخصيته بالهدوء والوقار، وقد تعرّفت عليه رحمه الله، أثناء رئاسته للجمعية فرأيت فيه أنموذجًا للإخلاص والتفاني في خدمة مجتمعه، والحرص على الانجاز وحماية مكاسب الجمعية كما زرته بعد ذلك أثناء مرضه فوجدته مطمئن النفس صابراً على البلاء متطلعًا لعفو الله وحسن ثوابه.
أسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة وأن يجزل له العطاء في الآخرة كما أعطى لعباد الله في حياته، وأرجو أن تكون سيرته ملهمة لأبناء مجتمعه ليتسابقوا ويتنافسوا في عمل الخير والتطوع لخدمة المصلحة العامة، استجابة لأمر الله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾، ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
فبالعطاء والتصدي للشأن العام، وببناء المؤسسات الاجتماعية نصنع قوة مجتمعنا، ونضمن مستقبلاً افضل لأبنائنا.
وفق الله الجميع للخير والصلاح.
حسن موسى الصفار
27 ذو القعدة 1433
13 أكتوبر2012م