خلال كلمة في افتتاح المؤتمر التاسع لمنتدى الزهراء الثقافي
الشيخ الصفار: الاهتمام الأخلاقي في مجتمعنا ضعيف مقابل الاهتمام بالشعائر والعبادات الدينية
قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن التدين التقليدي الموروث في مجتمعاتنا يركّز على جانبين من الدين، جانب المعتقدات، وجانب العبادات والشعائر الدينية، في مقابل ضعف الاهتمام في جانب الأخلاق والسلوك الاجتماعي.
مضيفاً أن بعض المتدينين يفخر بإيمانه العقدي، ويعتز بانتمائه لهذا الدين وهذا المذهب، ولا يقبل الانتقاص من شيء من متبنياته الدينية، كما يحرص على أداء عباداته من صلاة وصوم وحج، بدقة قد تصل إلى حد الهوس والوسواس، ويهتم بالمشاركة في الشعائر والطقوس المذهبية متحدياً الضغوط والعقبات.
لكن هذا المتدين نفسه قد لا تراه حريصاً على تنمية ذاته وتطوير مهاراته وكفاءاته، ولا يبدي الجدية في تحمل مسؤولياته، ولا يهتم بالإتقان في عمله ووظيفته.
كلام الشيخ الصفار جاء خلال الكلمة التي ألقاها مساء يوم الجمعة الماضي 30 ربيع الأول 1435هـ في افتتاح أعمال المؤتمر التاسع الذي عقده منتدى الزهراء الثقافي النسائي في مدينة سيهات تحت عنوان «أخلاق الله..الميثاق المفقود».
وبيّن سماحته في كلمته التي جاءت تحت عنوان «الأخلاق من خلال فهم الدين» أن الدين هو عبارة عن رؤية للحياة وقيم وشرائع أنزلها الله تعالى لهداية عباده وإصلاحهم وإسعادهم. مشيراً إلى أن التدين هو الالتزام بالدين عبر الإيمان برؤيته، وتبني قيمه، وتطبيق شرائعه.
لافتاً إلى أن فهم الدين وتنفيذ تعاليمه قد تلحقه بعض الشوائب والانحرافات في مختلف الأجيال والمجتمعات، فتكون هناك صورة سائدة للدين، وشكل متداول لممارسته، من وحي الظروف والبيئة الاجتماعية للمنتمين إلى الدين.
مضيفاً أن هذا يوجب على أبناء كل جيل أن يعيدوا فحص وقراءة ما تلقوه من أسلافهم من الدين، عبر الانفتاح المباشر على المنابع والمصادر الدينية الأصيلة، ودراسة مستجدات حياتهم وتطورات عصرهم الذي يعيشون فيه.
وأشار سماحته إلى أن الاسترسال مع الموروث الديني فهماً وممارسة لا يصح اعتماداً على الثقة بالأسلاف، لعدم إحراز عصمتهم من الخطأ، ولأن تقدم الزمن، وتطور الحياة، واختلاف الظروف، قد يفرض تغييراً في الفكر، أو اختلافاً في البرامج وأنماط السلوك.
ومضى يقول: «لهذا كانت ممارسة الاجتهاد في فهم الدين واستنباط أحكامه، فريضة قائمة على أبناء كل عصر ومجتمع، يجب أن يتصدى لها من تتحقق بهم الكفاية اللازمة، ويكونون بمستوى الحاجة والمطلوب».
ولفت الشيخ الصفار إلى أن المعتقدات بجانب العبادات الدينية تستهدف تعزيز القيم الأخلاقية في نفس الإنسان، لتنعكس على سلوكه وممارساته، ولهذا ينبغي لنا أن نسرّ ونفخر بالإقبال على هذه البرامج العبادية والشعائرية، لأنها جزء لا يتجزأ من الدين، والإقبال عليها مكسب للحالة الدينية.
مضيفاً أن الإشكال يكمن في تجاهل الثقافة التقليدية لأهمية القضايا الأخلاقية والسلوكية، وضعف التركيز على دورها في بناء شخصية الإنسان المتدين، وعدم تداول ما ورد من النصوص في فضلها وثواب وأجر التحلي بها.
وختم الشيخ الصفار كلمته بالقول أننا نجد كثيراً من النصوص الدينية التي ترجّح بعض السلوكيات الأخلاقية على كثير من الممارسات العبادية، وتتحدث عن ثواب وأجر كبير عند الله سبحانه وتعالى لذوي الأخلاق الفاضلة والمواقف النبيلة.