في مؤتمر السيدة زينب الرابع بالكويت
الشيخ الصفار: أهل البيت لم يقبلوا العنف والاحتراب داخل الأمة
تحدث الشيخ حسن الصفار في افتتاح فعاليات المؤتمر الرابع للسيدة زينب بالكويت عن معاناة أهل البيت من السلطة الأموية القمعية مشيراً إلى أنهم لم يعتمدوا في مواجهتها منحى العنف وإشهار السلاح، بل نشروا الوعي ومعارف الدين، وربوا أجيال الأمة على التمسك بالقيم والمبادئ، وكانوا خير قدوة وأسوة بأخلاقهم الرسالية العظيمة.
وكانت ورقة الشيخ الصفار في المؤتمر الذي أفتتح مساء الثلاثاء 3/5/1435هـ الموافق 4/3/2014م في حسينية الإمام الحسين تحت عنوان (الإسلام دين السلام) قال فيها:
إن السلام في الإسلام ليس مجرد شعار يرفع، أو فكرة نظرية تتداول، بل هو استراتيجية متكاملة الأبعاد، تنطلق من إيمان عقدي ورؤية كونية، وترتكز على منظومة قيم ومفاهيم، وتمتلك برنامجاً تشريعياً يستوعب كل مجالات الحياة.
سلمية الدعوة:
ورداً على ما يثار من شبهة انتشار الإسلام بالسيف والقوة أوضح الشيخ الصفار إقرار القرآن الكريم لحرية العقيدة بقوله تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾، وأن النبي بقي في مكة يتحمل الأذى وأصحابه ثلاثة عشر عاماً، ولم يسمح لهم بالرد بالعنف على المشركين، وإنما جاء الإذن بالجهاد في المدينة ضد العدوان، يقول تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.
سلمية الدولة:
ومن تجليات السلم والسلام في الإسلام حسب ورقة الشيخ الصفار تأكيده على أن يكون تعامل القيادة مع الأمة على أساس اللطف، والرحمة، واللين، والمشاركة، كما هي سيرة رسول الله حسب وصف القرآن الكريم: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾.
ونقل الشيخ الصفار من السيرة النبوية والخلافة الراشدة صوراً من منهجية استيعاب الدولة لمواطنيها وعدم استخدام لغة القمع والبطش تجاه المعارضين والمخالفين.
سلمية المعارضة:
وتحدث الشيخ الصفار عن أهمية وجود معارضة بناءة في المجتمع الإسلامي، تكتشف الثغرات ونقاط الضعف، وتدعو إلى التطور والإصلاح، وتقدم الحلول والبدائل، لكن لا يصح أن تتجه المعارضة للعنف والإرهاب وإثارة الاحتراب داخل الأمة. وهو المنحى الخطير الذي واجهه أمير المؤمنين علي في حروب الجمل وصفين والنهروان، والذي فتح على الأمة شرور الفتن ولا تزال الأمة تعاني من ذلك إلى عصرنا الحاضر.
وأدان سماحته حركات التطرف والإرهاب التي تعتمد نهج التكفير وممارسة العنف مما شوه صورة الإسلام في العالم وأحال الحياة في الكثير من بلاد المسلمين إلى جحيم لا يطاق.
واستشهد بسيرة أئمة أهل البيت والذين لم ينزلقوا لممارسة العنف وإشهار السلاح رغم ما أصابهم من تهميش وسلب لحقوقهم وقمع لهم ولشيعتهم، أما ثورة الإمام الحسين فهي حالة استثنائية فرضتها ظروف معينة، ولم يكن الحسين راغباً في الحرب والقتال، حيث رفض أن يبدأ القتال، وطلب السماح له بالعودة من حيث أتى، لكنهم أرادوا اجباره على البيعة ليزيد.
وقال: "الإمام زين العابدين مع كل ما عاناه في كربلاء من قتل أبيه وأهل بيته وأصحابه وسبي نساء آل البيت بتلك الصورة البشعة المهينة، إلا أنه لم يشارك في ثورة أهل المدينة سنة 63 هـ والتي عرفت بواقعة الحرة".
وأضاف "وهكذا لم يقبل الإمام جعفر الصادق المشاركة في ثورة العباسيين رغم الإلحاح عليه من أبي مسلم الخراساني وأمثاله".
وتمنى الشيخ الصفار في ختام حديثه أن تتجاوز الأمة هذه المرحلة الخطيرة بانفتاح الحكومات على شعوبها واستجابتها لتطلعاتهم، وبمحاصرة قوى التطرف والإرهاب.
وقد حضرت فعاليات المؤتمر شخصيات علمية وأكاديمية وحشود من المواطنين الكويتيين من الرجال والنساء.
كما غطت وسائل الاعلام برنامج المؤتمر.