في مشاركته بالملتقى الثقافي للتعريف بدائرة المعارف الحسينية
الشيخ الصفار: القراءة الموضوعية للمذاهب تعزز نهج التقارب والتعايش
أكد الشيخ حسن الصفار أن لا خيار للشعوب الإسلامية إلا التعايش فيما بين مكوناتها المذهبية، وأن البديل هو نفق الفتنة والاحتراب، الذي يهدر طاقات الشعوب، وينافي مقاصد الدين وأهدافه السامية، ويعطي الفرصة لنفوذ وهيمنة الأجانب الطامعين.
وقال الشيخ الصفار في مشاركته في الملتقى الثقافي للتعريف بدائرة المعارف الحسينية الذي انعقد في دولة الكويت برعاية رسمية مساء الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435هـ الموافق 5 مارس 2014م (إن من أسباب القطيعة والتنافر بين اتباع المذاهب الإسلامية من السنة والشيعة النظرة المشوّهة لدى كل طرف عن الآخر، بسبب اعتماد مصادر غير مباشرة ولا موضوعية، تروج للآراء الشاذة بين المذاهب، وتنقل عن التراث المذهبي اسوأ ما فيه فتؤجج النفوس وتخلق أرضية الفتن الطائفية).
وأشاد بالمجلدات التي خصصها المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي في دائرة المعارف الحسينية عن التشريع الإسلامي، وعرض فيها للمذاهب الإسلامية السبعة (الإمامي ـ الزيدي ـ الأباضي ـ المالكي ـ الشافعي ـ الحنفي ـ الحنبلي)، بموضوعية تاريخية وعلمية، كما عرض لتاريخ ودور كل الحواضر العلمية الدينية السنية والشيعية، وعند تناوله لما ورد عن الإمام الحسين من نصوص فقهية، قام الشيخ الكرباسي ببحث فقهي مقارن لكل مسألة على رأي جميع المذاهب السبعة، إضافة إلى بحثه الموسع عن مصادر التشريع الاسلامي حسب المدارس الفقهية الاسلامية، وتظهر دراسة الشيخ الكرباسي مدى التقارب في الأصول والمنابع الإسلامية التي تستقي جميعها من كتاب الله وسنة رسوله ، لكنها تختلف في بعض المباني الأصولية ومناهج الاجتهاد والبحث.
كما تظهر الدراسة تعدد الآراء الفقهية داخل كل مذهب.
وأشاد الشيخ الصفار بالجهد الموسوعي الكبير الذي يقوم به الشيخ الكرباسي في (دائرة المعارف الحسينية) قائلاً: >كلما اطلعت على باب جديد من أبواب هذه الموسوعة المعرفية الفريدة من نوعها (دائرة المعارف الحسينية) ازداد دهشة وإكباراً للجهد العلمي المميز الذي يقوم به مؤلفها سماحة العلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي فهو جهد عظيم لا يمكن أن ينتج إلا عن مؤسسة ضخمة هائلة الإمكانات وفريق عمل كبير يضم مختلف التخصصات العلمية والفنية.
لكن الله تعالى قد حبى الشيخ الكرباسي همة عالية وإرادة قوية وطاقة جبارة وأفاض عليه من لطفه وفضله ذكاءً وقاداً وذهنية منفتحة ومستوى علمياً راسخاً، فقام بأعباء هذا الطموح الكبير وأنجز هذا المشروع الريادي المبارك، بمساعدة عدد محدود من الباحثين المخلصين.
واعتقد أن هذا المشروع الحضاري مظهر من مظاهر العناية الإلهية بشخصية الإمام الحسين إلى جانب خصائصه الشريفة الأخرى.
يستحق هذا المشروع المعرفي الحضاري اهتماماً وحفاوة أكبر في ساحة الأمة والعلم، فهو استعراض رائع، وتنظيم دقيق لأهم أبحاث الفكر الإسلامي في أبعاد متعددة، وهو سجل توثيقي أمين لحراك وعطاءات نخب الأمة وجماهيرها، فيما يرتبط بالنهضة الحسينية الخالدة.
إن مساحة الحب والعشق لأبي عبدالله الحسين مساحة شاسعة مترامية الأطراف في الزمان والمكان، تزخر بألوان العطاء والفاعلية والبذل في سبيل إحياء ذكر أبي عبدالله الحسين وتعظيم مجد تضحيته من أجل حماية الدين والرسالة.
وحري بهذه الساحة التي تفيض بالولاء للحسين أن تهتم وتحتفي أكثر بهذا المشروع الحسيني الرسالي إلى جانب اهتمامها بسائر الشعائر الحسينية، كالمآتم والمواكب والزيارات.
وكم للإمام الحسين من أوقاف ضخمة لا تخلو منها بقعة من بقاع الإسلام وكم ينفق الموالون للحسين من جهود وثروات هائلة لإحياء ذكراه؟ وهو قليل في حق سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة، فلتوجه بعض تلك الجهود والعطاء لدعم مثل هذا المشروع الحسيني الرائد.
إن أحد أبواب دائرة المعارف الحسينية يتمحور حول تراث الامام الحسين وعطائه في مجال التشريع الإسلامي ويقع هذا الباب في عشرة أجزاء، صدر منها أربعة أجزاء في أكثر من ألفي صفحة.
وكنت مهتماً بالاطلاع على أجزاء هذا الباب، لأن خوض غمار هذا البحث يشكل تحدياً تخصصياً كبيراً، فهو يحتاج إلى قدرة على استخدام أدوات الاستدلال واستنباط المسائل الفقهية، وهي ممارسة يقوم بها الفقهاء المجتهدون المتفرغون في الحوزات العلمية فهل سينجح الشيخ الكرباسي في هذا التحدي، كما نجح في تناوله لأبحاث ترتبط بالسيرة والتاريخ والأدب والتراجم والثقافة والفكر وسائر ما تناول من أبحاث؟
ولكني بعدما اطلعت على المجلدات الأربعة المطبوعة اهنيء الشيخ الكرباسي على توفيق الله بالنجاح في خوض غمار هذا البحث الفقهي الاستدلالي.
وقد أقيم الملتقى تحت رعاية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمد العبدالله من قبل إدارة الوقف الجعفري في الأمانة العامة للأوقاف في الكويت وجمعية المستقبل الثقافية الاجتماعية، وافتتح الملتقى بالسلام الوطني لدولة الكويت، وحضره مسؤولون ونواب وسفراء ودبلوماسيون ورجال أعمال وعلماء دين وأكاديميون وأدباء، من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي ومن اليمن والمملكة المتحدة البريطانية.
وإلى جانب الشيخ الصفار شارك من المملكة العربية السعودية الدكتور الشيخ عبدالرحمن المحرج الذي ألقى كلمة جميلة مؤثرة أكدّ فيها: أن محبة الإمام الحسين دين يدين الله به كل مسلم وأن الحسين مائز بين الحق والباطل، مشيداً بدائرة المعارف الحسينية، مشدداً على حاجة الأمة للوحدة والتقارب والتعايش.
كما ألقى شاعر المملكة الموهوب الأستاذ جاسم الصحيح قصيدة رائعة بالمناسبة.
وتضمن الملتقى افتتاح معرض لدائرة المعارف الحسينية التي صدر منها 86 مجلداً من مجموع 900 مجلد يتوقع انجازها.