سيهات: الشيخ الصفار يتحدث عن صنع البيئة الاخلاقية
قال سماحة الشيخ حسن الصفار أن إنسان هذا العصر ابتلي بأخطر الأمراض الأخلاقية بسبب تصاعد النزعة الذاتية، وتعمق التوجهات المادية المصلحية، وتغوّل الجهات المناوئة لأخلاق الفضيلة.
ورأى في مواجهة ذلك ضرورة التشديد على "الالتزام بالقيم، وإنشاء مؤسسات تهتم بتعزيز الحالة الاخلاقية ورعايتها، وصناعة رأي عام ضاغط ضد المخالفات الأخلاقية".
جاء ذلك خلال استضافة لجنة أنوار القرآن بسيهات لسماحته في محاضرة أقيمت في مسجد الإمام زين العابدين بتاريخ 25/6/1435هـ الموافق 25/4/2014م، بعنوان: «الاخلاق في القرآن الكريم»، حضرها جمع من المهتمين من الرجال والنساء.
وأبان أن الحديث عن الأخلاق في القرآن باب واسع، فرسالة الإسلام الذي يمثل القرآن دستورها "إتمام مكارم الأخلاق
وأوضح سماحته ان في القرآن برنامجًا متكاملا لإصلاح وتقويم تعامل الإنسان مع ربه ونفسه ومجتمعه والبيئة المحيطة به.
وأضاف: في القرآن حديث مفصل حول جوانب الأخلاق بالحديث للفرد ومطالبته بالالتزام بمكارم الأخلاق وبالاهتمام بصنع البيئة الأخلاقية فالفرد جزء من المجتمع، ونتاج لبيئته.
وعن حاجة البشرية لبرنامج أخلاقي قال سماحته: إذا كانت الأخلاق مهمة في كل عصر ولكل مجتمع لأنها تجلٍ لإنسانية الإنسان ومظهر لتطلعه للكمال وارتقاء بعلاقاته الاجتماعية. فإنها في هذا العصر اشد أهمية وإلحاحا.
وعن سبب أهميتها أوضح الشيخ الصفار بأن تحديات الالتزام الأخلاقي اتسعت وتضخمت، فهناك قوة النزعة الذاتية عند الإنسان، وعمق التوجهات المادية المصلحية.
وأضاف: نحن نلاحظ تغوّل الجهات المناوئة لأخلاق الفضيلة، فقد بلغت عدد المواقع الاباحية على شبكة الانترنت 4.2 مليون موقع بما يعادل 12% من عدد المواقع، يزورها 72 مليون زائر شهريا.
وقال الشيخ الصفار أن ظواهر انحسار الالتزام الأخلاقي أصبحت واضحة، فهناك الفساد واستشراؤه في إدارة الشأن العام، وضعف القيم العائلية وتفكك الأسرة، بالإضافة إلى تراجع التلاحم والتراحم الاجتماعي، وتفشي التحلل الأخلاقي وانتشار الرذائل وخاصة في جيل الشباب.
وأوضح سماحته أن في القرآن الكريم خطابًا عامًا يدعو للالتزام بقيم الأخلاق الفاضلة، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾، وهناك اهتمام بصنع البيئة المعززة للاخلاق.
وعن الاهتمام بصنع البيئة المعززة للأخلاق أوضح الشيخ الصفار ان ذلك بالتأكيد على دور العائلة، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
وقال سماحته اننا مطالبون بتنشئة الأبناء على الاخلاق السامية وإشراكهم في أعمال الخير، والصبر على تربيتهم ضمن برامج اخلاقية واعية.
واستشهد الشيخ الصفار بما ورد في قصة لقمان الحكيم التي ذكرها القرآن الكريم، فلقمان يتحدث مع ابنه بالأسلوب المؤثر في التوجيه والإرشاد.
وحث على وجود مؤسسات تهتم بتدريب الاباء والأمهات للتأهيل التربوي.
واعتبر وجود الفئات الداعية إلى الالتزام الاخلاقي سبيل من سبل صنع هذه البيئة، ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
واضاف: القيم الاخلاقية تتسع لتحيط بكل جوانب الحياة، وهذا يحتاج إلى مؤسسات تدعوا وتبشر بالقيم، وفئات تنتج افكارا وبرامج للالتزام بالقيم الاخلاقية في مختلف ابعادها وتفاصيلها.
وقال سماحته: الناس تعرف هذه القيم، وتحس بالحاجة لها، لكن هناك غفلة تحتاج إلى تذكير.
وطالب الدعاة بأن يكونوا واقعيين فلا يسأمون في مواصلة الدعوة، ففي عمل الانبياء مع اممهم رسالة للواعين بالصبر ومواصلة العمل.
وشدد على أهمية وجود رأي عام ضاغط، ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، و﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾.
وأضاف: ينبغي ان نصنع رأيا عاما باتجاه الالتزام بالقيم، فهو إلى جانب تحمل العائلة دورها في التربية، ووجود فئات ومؤسسات تعمل على نشر القيم الأخلاقية سينتج مجتمعاً قرآنياً في اخلاقه وسلوكياته.