الشيخ الصفار: الإمام علي قبِلَ الآخرِ وتحاورَ معه
قال سماحة الشيخ حسن الصفار أن الإمام علي أسس منهجا متقدما في التعامل مع المختلف، واحترام الرأي الآخر، والتزم به في سيرته العطرة.
وأضاف أن الإمام لم يقمع المختلف معه فكريا وسياسيا، بل تحاور معه وسلط الضوء على فكرته ومكامن الخطأ فيها.
وأبان الشيخ الصفار ان المجتمعات تقع بين قمعين، "قمع السلطة السياسية التي تريد ان تسيطر وتتحكم في الأفكار كما تتحكم في الاجسام ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى﴾"، وسلطة التخلف الاجتماعي.
وأضاف بعض المجتمعات تمارس القمع على ابناءها باسم الدين تارة، وأخرى باسم الاعراف والتقاليد، وكل ذلك من اجل تكريس التخلف، وخوفا من التجديد.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها سماحته بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام علي في حسينية الناصر بسيهات مساء يوم الاثنين 12/7/1435هـ الموافق 11/5/2014م.
وقال سماحته ونحن نحتفي بذكرى ميلاد أميرالمؤمنين حق لنا ان نفرح، فولادته نعمة كبرى على جميع البشرية، وحق لنا ان نتغنى بفضائله ومناقبه لأنها تمثل اجمل اللوحات في تجسيد القيم.
واستدرك قائلا: لكن السرور والبهجة لا تكفي، وذكر المناقب والفضائل لا تغني، فنحن بحاجة إلى استحضار نهج علي وسيرته في مفاصل حياتنا اليومية.
وعن حاجتنا لعلي في هذا العصر قال سماحته: نحن محتاجون لما مثله علي من قيم حتى نستلهم منها الدروس والمعاني والرؤى العظيمة لإصلاح واقعنا والتخطيط لمستقبل افضل.
وأبان أن الامام علي قدم للبشرية اروع مدرسة في ضمان حرية التعبير عن الرأي، وتحدث عن حقوق المعارضة، وضمن للمختلفين معه أمنهم واقتصادهم وحرية تواجدهم الاجتماعي.
وأوضح ان حرية الرأي والفكر في سيرة علي ونهجه من المواضيع المهمة التي لم تأخذ حقها من الدراسة، والبحث، ففي هذه الزاوية تتجلى قيمة الانسان.
وعن تباين الآراء في هذا العصر قال سماحته ان الانسان كائن عاقل مفكر يتبنى افكارا في مختلف ابعاد الحياة، وإنسان هذا العصر اكثر معرفة وعلما وتبنيه للآراء وتكوينه للأفكار نابع من هذه الحالة المتقدمة.
وقال الشيخ الصفار ان قيمة الانسان تتجلى بالفكر، الذي يحتاج إلى فضاء واسع للتعبير عنه، وأن الارهاب الفكري وإلغاء الآخر وقمع الافكار ومصادرة الآراء هي اكبر مشكلة نواجهها اليوم.
وختم بالتذكير بأن الاعجاب بسيرة علي لا تكفي فنحن مطالبون بأن نأخذ منها دروسا للتسامح والتعايش مع الرأي الآخر، فإننا اليوم "نعيش ضيقا وتشددا حتى في بعض التفاصيل، نقاطع على اثرها بعضنا بعضا".
وتسأءل: كيف نريد من الآخرين ان يعترفوا بنا؟ وبحقنا في التعبير عن آرائنا ومعتقداتنا؟ ونطالبهم برفع التمييز عنا؟ ونحن لا نعطي الآخر في داخلنا هذا الحق؟
وتابع: يجب أن تكون صدورنا متسعة، وأفكارنا رحبة لا نضيق بالرأي الآخر، نقوي وحدتنا بالتسامح وذلك ما يريده منا علي وأهل البيت .