الشيخ حسن الصفار لـ القبس: هناك متطرفون في جميع المذاهب

مكتب الشيخ حسن الصفار

القطيف - جاسم عباس:

التقت «القبس» الشيخ حسن بن موسى الصفار من مؤسسي الحركة الإسلامية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، فكانت مناسبة لحوار صريح حول ظاهرة التطرف التي برزت في المدة الأخيرة، والعلاج المطلوب. وفيما يلي نص الحوار:

- بعد الانفتاح في الأفق العام، ما تصوراتكم عن العلاقات البينية في المجتمع السعودي؟

ـ الشيخ الصفار: لقد تجاوزت هذه العلاقات مرحلة القطيعة والتشنج، وبدأ السير على طريق التواصل والحوار، وقد دشن مؤتمر الحوار الوطني (انعقد أول لقاءاته بتاريخ 15/6/2003 في الرياض) هذه البداية وهذه الحقبة ستبقى انعكاساتها راسخة داخل مختلف الأوساط والأطياف، فهناك متطرفون في كل المذاهب، وهناك من لهم مصلحة في استمرار الصراع والخلاف، وثمة سوء فهم لبعض القضايا الدينية في التعامل مع الرأي الآخر، كل هذا يدفعنا لأن نكون واقعيين في توقعاتنا، فنحن في بداية الطريق، وأمامنا مشوار لا يخلو من المطبات والعراقيل، لكننا نراهن على همة الواعين المصلحين، وعلى اتساع رقعة الثقافة والوعي، وان تضاعف الدولة رعايتها لهذا التوجه الوحدوي.

- ما أهم نتائج اللقاءات الفكرية الثقافية بين المثقفين السعوديين؟

ـ الشيخ الصفار: كسر الحواجز النفسية بين المشاركين في الحوارات، وتطبيع العلاقات فيما بينهم، ففي الماضي لم تلتق هذه الرموز مع بعضها، وقد يكون اللقاء صعبا على بعضهم من الناحية النفسية أو بسبب الأجواء المحيطة بهم، لكن مظلة الحوار الوطني أتاحت الفرصة وذللت الصعوبات.

والنتيجة الثانية هي الإقرار بالتعدد الفكري والمذهبي على الصعيد الوطني. قبل ذلك كان الاتجاه السائد يتنكر لوجود الآخرين، ويحاول أبراز البلاد وكأنها ذات لون واحد وضمن تيار واحد.. فجاء الحوار الوطني ليؤكد الاعتراف بالتعددية المذهبية والفكرية من خلال مداولاته وتوصياته.
أما النتيجة الثالثة: فهي إتاحة المجال لنشر ثقافة التسامح والتأكيد على الوحدة الوطنية، واحترام حق الاختلاف في الرأي، وهذا ما كان متعذرا سابقا، لأن الرأي الآخر والطرف الآخر كانا يوصمان بالشرك والبدعة والضلال.


المجلس الجديد


- وانتم على أبواب انتخابات المجلس البلدي الجديد، هل تعتبرونها مرحلة جديدة من مراحل التطور في المملكة؟
ـ الشيخ الصفار: تكمن أهمية الانتخابات البلدية التي تجري في مناطق المملكة حاليا، في أنها تؤكد حق المشاركة الشعبية في إدارة شؤون البلاد، فمهما كان إخلاص القيادة، اي قيادة، ومهما كانت كفاءتها، فإنها لا يصح أن تتجاهل إرادة الناس، ورأي الشعب، كما أن الانتخابات البلدية تتيح الفرصة لنشر ثقافة الانتخاب والمشاركة الشعبية، وتؤسس للتقاليد والأخلاقيات، التي تستلزمها طبيعة هذا المسار، حتى يتعلم الناس كيف يختارون وكيف ينتخبون وكيف يتعاملون مع حالة التنافس بين المرشحين، وكيف يقومون البرامج الانتخابية.

انتخابات نيابية

- هل تتوقعون اقامة انتخابات نيابية في المستقبل المنظور؟
ـ الشيخ الصفار: تتطلع الشريحة الواعية من الشعب السعودي، بل وأغلبية الناس إلى الانتخابات النيابية، وأن يكون أعضاء مجلس الشورى بالانتخاب وليس بالتعيين، وهذا يعزز المشاركة الشعبية وتأهيل المجتمع للدفاع عن مصالحه ومواجهة التحديات.

التواصل بين المذاهب

- هل لديكم لقاءات مع علماء السنة في المملكة؟
ـ الشيخ الصفار: قمت بزيارة عدد من كبار علماء السنة، وبعد الحوار الوطني تكثفت اللقاءات والزيارات بين علماء الشيعة والسنة، وزارنا بعضهم في القطيـــف. وأصبح التواصل قائما بحمد الله وهـــذا ما كان يجب أن يحصل من زمن بعيـــد، ونأمل أن تتطور هذه اللقاءات لتصـــل إلى مستوى التعاـــون ووضع مــشاريع مشـــتركة في خــــدمة المصـــالح العليا للإسلام والوطـــن.

التفاؤل بمستقبل العراق

- كيف تنظرون إلى تطورات الوضع في العراق والرؤية المستقبلية؟
ـ الشيخ الصفار: اشعر بالتفاؤل لمستقبل الساحة العراق فقد أنقذه الله من نفق الحكم الدكتاتوري المظلم.
كنا نتمنى أن يكون السقوط على أيدي أبناء الشعب العراقي، لكن ذلك لم يحصل لأسباب معروفة رغم التضحيات الهائلة التي قدمها العراقيون، والآن وقد سقط النظام بتدخل أميركي - بريطاني، فقد أظهرت قيادات الشعب العراقي حكمة وتعقلا كبيرا في التعامل مع الظروف الصعبة، لتجنب الفتن ومنزلقات الاحتزاب الأهلي الاتني، والساحة تواجه الصعوبات بسبب تداعيات الاحتلال والتدخلات الاقليمية، وتياري العنف والإرهاب، وعلى أرضية التركة الثقيلة التي خلفها النظام البائد، لكننا نلمح أمل الغد الواعد والمشرق، وأن الإصرار على مرجعية الإرادة الشعبية، وصناديق الاقتراع، واحترام التعددية ووجود قيادات دينية واعية مخلصة كالإمام السيستاني، كل ذلك يشكل منبعاً ورافداً للأمل.

الإرهاب يخدم الأعداء .. وهو من أخطر التحديات

- التوافق الوطني السعودي أين مكانه في المعركة ضد الإرهاب؟
ـ الشيخ الصفار: لا شك أن الإرهاب يشكل الآن واحداً من أخطر التحديات على أمن الوطن واستقراره، لكن الوحدة الوطنية متماسكة بحمد الله أمام هذا الخطر، فالجميع يدرك أن الإرهاب يصب في خدمة الأعداء، وان كانت شعارات أصحابه تتحدث عن مواجهة الأعداء. وقد أساء هذا الإرهاب الذي يتمترس خلف عناوين ورايات دينية، أساء أعظم إساءة في التاريخ للإسلام وللأمة، وأعطى الفرصة للصهاينة ليركبوا الموجة الدولية ضد القضية الفلسطينية، وأربك علاقات الأمة مع سائر الأمم، وشوه صورة الإسلام، ونسأل الله أن يعين الأمة على مواجهة هذا التحدي الخطير الذي مزق الداخل واستعدى الخارج.