في استقباله للدكتور الشبيلي
الشيخ الصفار: مطالبون جميعاً بتعزيز الوحدة الوطنية ورفض التمييز والتحريض على الكراهية
قال سماحة الشيخ حسن الصفار «أننا جميعاً مطالبون بتعزيز الوحدة الوطنية، ورفض التمييز، والتحريض على الكراهية» وذلك «ليشعر جميع المواطنين بانتمائهم لوطن واحد، متساوين في الحقوق والواجبات».
جاء ذلك خلال استقبال سماحته للدكتور عبدالرحمن الشبيلي وضيوف منتدى الثلاثاء الثقافي في مكتبه بالقطيف مساء الثلاثاء 28/ 11/ 1435هـ الموافق 23/ 9/ 2014م.
ودعا الشيخ الصفار لمحاسبة من يبث الفرقة في أوساط المواطنين، ومن يمارس التمييز بينهم على أساس مناطقي، أو قبلي، أو مذهبي.
وقال: ينبغي أن يشعر الجميع أنهم سواسية في الحقوق والواجبات، وهذا يحمّلنا جميعًا، وخاصة النخبة الواعية مسؤولية توجيه الرأي العام برفض التمييز، والتواصل مع مصادر القرار لتعزيز هذه الحالة.
وأضاف: علينا أن نعمل جميعًا من أجل سيادة القانون، وسيادة النظام الذي يشعر الجميع أنهم يعيشون في ظل قانون واحد، ونظام واحد، يحفظ للجميع حقوقهم، ويلزمهم بواجباتهم.
وأوضح سماحته أن مجتمعاتنا «عانت من ألوان من ثقافات التحريض التي تبث الكراهية والعنصرية بين الناس، بعنوان ديني، أو قبلي، أو قومي، وذلك بخلاف ما أراده الله لنا كمسلمين، نبشّر بالتسامح والسلم والانفتاح، وما دعت له القيادة السياسية في الوطن».
وحذر من الذين يفرقون بين الناس، ويميزون بينهم، ويبثون ثقافة الكراهية، مؤكدًا أن هؤلاء «يهيئون الأرضية لتجزئة الأوطان، وللاضطرابات، ونحن نرى ما حدث في البلدان الأخرى، فهذه الاضطرابات لم تحدث فيها فجأة، إنما كانت ثمرة لمثل هذه الألوان من الثقافات».
وأبان سماحته أن «لقيمة المواطنة حضورها وأهميتها في نفس كل واعٍ في كل وقت، واليوم تصبح أكثر حضوراً، وأكثر تجلياً، ونحن نرى التحديات التي تحيط بأوطاننا، وأمتنا الإسلامية».
وتابع: أوطاننا تتعرض لأعاصير، وهزات، واضطرابات، مما يوجب علينا أن نكون أكثر وعيًا، وأكثر يقظة للحفاظ على وحدتنا، وعلى هذه المكاسب العظيمة التي أنعم الله بها علينا.
وعن الشخصية المحتفى بها في منتدى الثلاثاء قال سماحته: نتحدث عن شخصية ونموذج جسَّدَ حالة التعايش، حيث عاش الأديب الشاعر خالد الفرج في أكثر من بلد، وتعايش مع الناس، وقَبِلَ التعايش والتنوع الثقافي.
وأضاف: جاء الراحل الفرج إلى القطيف وتعايش مع أهلها حتى أصبح كأحدهم، وينبغي أن يُبرز هذا النموذج أمام أبناءنا وشبابنا حتى يكون قدوة لنا جميعًا في التسامح والتعايش، وفي تعزيز القيم الإنسانية النبيلة.
وفي سياق موازٍٍ رحّب سماحة الشيخ الصفار بالمشاركين من دارة الملك عبدالعزيز واصفًا إياها: بالصرح المعرفي الذي يفخر به كل مواطن، وكل عاشق للمعرفة والأدب.
كما رحب بالأستاذ معن الجاسر ومن معه من رجال مؤسسة العلامة حمد الجاسر «صاحب الفضل الكبير على كل بقاع هذا الوطن ومكوناته بما حفظ من تاريخ وثقافة هذه البلاد، وأعطى وأثرى ببحوثه التاريخية والأدبية في مجلته الرائدة (العرب)، وسائر مؤلفاته القيمة».
ورحّب بمن حضر من أساتذة جامعة الملك سعود «هذا الصرح العلمي الذي تخرج من أروقته عدد كبير من أكاديميي هذه المحافظة».
كلمة الشبيلي
من جهته قال عضو مجلس الشورى السابق الدكتور عبدالرحمن الشبيلي: لست بأقرئكم ولا بأعلمكم ولا بأفضلكم ولا بأكبركم ولكنني جغرافيًا في هذا المجلس أقربكم إلى فضيلة الشيخ حسن الصفار.
وأضاف: في الواقع ليس بمقدوري أن أدخل في منافسة مع ما تفضّل به بلاغةً ومعنىً وأن الحديث يطول عندما يكون عن اليوم الوطني، ويطول أيضًا عندما يكون عن القطيف، ويطول أيضًا عندما نتحدث عن المناسبة التي جمعتنا هذه الليلة.
وتابع: لم يكن ما شاهدناه في هذه الليلة مفاجأة لنا، لأننا نعلم أن القطيف ساحل الذهب الأبيض خلافًا لما أطلقه الراحل محمد سعيد المسلم عندما اسماها ساحل الذهب الأسود، فالواقع أن القطيف بثرائها المعرفي، وثراها الفكري، وثرائها الثقافي، تعدّ فعلًا ساحل الذهب الأبيض.
وختم بقوله: باسم هؤلاء الإخوة الذين جاؤوا مسرورين ومتسابقين لكي يشهدوا هذه المناسبة الليلة، وليزوروا هذه البقعة العزيزة من وطننا الغالي، في هذا اليوم المجيد، أودّ باسمهم جميعًا أن أشكركم على حفاوة الاستقبال وباسم كل فرد من زملائي أتقدم لكم بالامتنان والتقدير.
كما ألقى الشاعر إبراهيم التركي قصيدة استحث فيها الأمة للنهوض بعد السبات، ولتواكب الأمم المتقدمة وتقتفي أثر الحضارات، وتعيد بناء مجدها الضائع.
يشار إلى أن الضيوف الأعزاء قدموا من الرياض للمشاركة في الندوة التي أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز تحت عنوان: «خالد الفرج: الشاعر والوطن»، وذلك في قصر الغانم للمناسبات بمدينة القطيف وحاضر فيها كل من الدكتور عبد الرحمن الشبيلي والأديب السيد عدنان العوامي.
وتضم المجموعة كلاً من:
الأديب إبرهيم عبدالله التركي، الأستاذ عبدالله أبو ملحة ـ عضو مجلس الشورى، الأستاذ أحمد اليحيى ـ سفير سابق ومستشار، د. حمد الدخيّل ـ أستاذ الأدب في جامعة الإمام محمد بن سعود، د. عايض الردّادي ـ عضو مجلس الشورى، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف، الأستاذ عبدالله الحقيل ـ أمين سابق لدارة الملك، عبدالعزيز، الأستاذ حمد الصغيّر ـ رئيس بلدية الأحساء سابقاً، الأستاذ عبدالله الحمّاد ـ رجل أعمال، د إبراهيم العيسى ـ عضو شوري سابق، د. أسعد عبده ـ عضو مجلس الشورى، أستاذ في جامعة الملك سعود، د. محمد الهدلق ـ بروفيسور الأدب العربي في جامعة الملك سعود، د. عبدالعزيز المانع ـ بروفيسور الأدب جامعة الملك سعود، د. عبداللطيف الحميدان ـ أستاذ التاريخ جامعة الملك سعود، الأستاذ معن حمد الجاسر ـ رئيس مؤسسة حمد الجاسر الخيرية، د. عبدالعزيز الهلابي ـ بروفيسور التاريخ جامعة الملك سعود، د. عبدالرحمن الشبيلي، الأستاذ إبراهيم المهنّا ـ دارة الملك عبدالعزيز، الباحث والمؤرخ الاستاذ فايز بن موسى البدراني الحربي .
نص كلمة سماحة الشيخ الصفار:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين.
أرحب باسمي شخصيًا، وباسم أهالي القطيف بالإخوة الاعزاء.
أرحب بكم وأشكركم جميعا على تجشمكم العناء، وتلبيتكم دعوة منتدى الثلاثاء بالقطيف، وزيارتكم محافظة القطيف، فأهلا وسهلا بكم جميعا.
الحمد لله أنّ تشريفكم صادف هذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوب الجميع اليوم الوطني، هذه المناسبة التي تذكرنا بوحدتنا وبقيمة محبة الوطن، وانتمائنا لهذا الوطن الواحد.
وإذا كان لقيمة المواطنة حضورها وأهميتها في نفس كل واع في كل وقت، فإنها تصبح اكثر حضوراً، وأكثر تجلياً في هذا الزمن، ونحن نرى التحديات التي تحيط بأوطاننا، وامتنا الاسلامية.
أوطاننا تتعرض لأعاصير، وهزات، واضطرابات، مما يوجب علينا ان نكون اكثر وعيا، وأكثر يقظة للحفاظ على وحدتنا، وعلى هذه المكاسب العظيمة التي انعم الله بها علينا.
أيها إلاخوة: هذا الوطن بفضل الله، ثم بفضل جهود الملك المؤسس، تكوّن والتأمت أجزاؤه التي كانت متفرقة لا تجمعها سلطة حكيمة رشيدة، أما الآن فبحمد الله، نحن نعيش في هذا الوطن الرحيب، ونحيا في ظل هذه المكاسب الكبيرة، مما يوجب علينا أن نشكر هذه النعمة، وشكر النعمة كما علمنا الدين لا يكون بالألفاظ فقط، ولا بالكلام وبتعبير اللسان فحسب، ولكن كما قال الله تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾، فالشكر يكون بالعمل وبالسلوك.
إننا مطالبون جميعا بان نعزز هذه الوحدة الوطنية، وأن نعزز التماسك الوطني، وأن نعمل جميعا من أجل أن يشعر جميع المواطنين أنهم ينتمون إلى وطن واحد، وعلى قلب رجل واحد، يعيشون متساوين في الحقوق والواجبات، لا مجال لمن يبث الفرقة في اوساطهم، ولا مجال لمن يمارس التمييز بينهم على اساس مناطقي، أو قبلي، أو مذهبي.
ينبغي أن يشعر الجميع أنهم سواسية في الحقوق والواجبات، وهذا يحمّلنا جميعا، وخاصة النخبة الواعية التي بيدها توجيه الرأي العام، وتصل إلى مصادر القرار بإمكانها ان تعزز هذه الحالة، علينا أن نعمل جميعا من أجل سيادة القانون، وسيادة النظام الذي يشعر الجميع انهم يعيشون في ظل قانون واحد، ونظام واحد، يحفظ للجميع حقوقهم، ويلزمهم بواجباتهم.
لقد عانت مجتمعاتنا وشعوبنا من الوان من ثقافات التحريض التي تبث الكراهية والعنصرية بين الناس، بعنوان ديني، أو قبلي، أو قومي، وذلك بخلاف ما اراده الله لنا كمسلمين، نبشر بالتسامح والسلم والانفتاح، إن شعار المسلم أينما ذهب هو السلام، حينما يلتقي مع احد يبدأه «السلام عليكم»، وشعار المسلم هو الدعوة إلى الامور المشتركة حتى مع مخالفيه في الدين، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾.
الذين يفرقون بين الناس، ويميزون بينهم، ويبثون ثقافة الكراهية، هؤلاء يهيئون الارضية لتجزئة الأوطان، وللاضطرابات، ونحن نرى ما حدث في البلدان الاخرى، فهذه الاضطرابات لم تحدث فيها فجأة بين عشية وضحاها، إنما كانت ثمرة ونتيجة لمثل هذه الألوان من الثقافات، وبحمد الله تعالى قيادة الوطن السياسية تؤكد على الوحدة، وتدعو إلى الحوار، وتؤكد على الانفتاح، فعلى النخبة الواعية ان تسير في هذا الاتجاه، وهذه المناسبة العزيز يجب ان نستفيد منها لتأكيد هذه القيم.
ما اروع هذا اللقاء، وما اجمل هذه الزيارة في مثل هذا الزمن المبارك الجميل، خاصة والندوة ـ التي سنحظى الليلة بحضورها ـ تتحدث عن شخصية ونموذج جسَّدَ حالة التعايش، حيث عاش الاديب الشاعر خالد الفرج في اكثر من بلد، وتعايش مع الناس، وقبل التعايش والتنوع الثقافي.
جاء الراحل الفرج إلى القطيف وتعايش مع اهلها حتى أصبح كأحدهم، كما نقرأ في سيرته، وكما تحدث عنه مقال الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في الشرق الاوسط قبل يومين، وكان مقالا جميلا ثريا بالمعلومات، هذا النموذج ينبغي ان يُبرز أمام ابناءنا وشبابنا حتى يكون قدوة لنا جميعا في التسامح والتعايش، وفي تعزيز القيم الانسانية النبيلة.
اكرر الترحيب بكم جميعاً، وكل واحد منكم له قيمته الوطنية والعلمية والادبية، وجدير أن يحتفى به في مناسبة خاصة، وتشريفكم لنا الليلة هو فضل منكم وبركة وخير في هذا المساء الجميل.
شكراً للأخ الدكتور عبدالرحمن الشبيلي الذي أتحفنا باصطحاب هذه النخبة والكوكبة الواعية من الشخصيات الأدبية وفيهم من دارة الملك عبدالعزيز هذا الصرح المعرفي الذي يفخر به كل مواطن وكل عاشق للمعرفة والأدب.
كذلك ارحب بالأستاذ معنا لجاسر ومن معه من رجال مؤسسة العلامة حمد الجاسر صاحب الفضل الكبير على كل بقاع هذا الوطن ومكوناته بما حفظ من تاريخ وثقافة هذه البلاد وأعطى وأثرى ببحوثه التاريخية والأدبية في مجلته الرائدة(العرب) وسائر مؤلفاته القيمة.
كما يسعدنا حضور بعض أساتذة جامعة الملك سعود هذا الصرح العلمي الذي تخرج من أروقته عدد كبير من أكاديميي هذه المحافظة.
فأهلا ومرحباً بالجميع شرفتمونا وأسعدتمونا بزيارتكم هذه الليلة.