مشاركاً في ندوة جريدة الرياض "ندوة الثلاثاء"
الشيخ الصفار: ننتظر قانوناً يجرم التحريض وميثاقاً اعلاميا يعزز الوحدة
قال الشيخ حسن الصفار إن خير استثمار وتقدير للمواقف الوطنية بعد حادثة «الدالوة» يتمثل في إصدار قانون يجرّم التحريض على الكراهية والتنافر الطائفي، وأن تقرّ وسائل الإعلام ميثاق شرف لتعزيز الوحدة الوطنية.
جاء ذلك في مداخلة لسماحته في «ندوة الثلاثاء» التي أقامتها جريدة الرياض واستضافها الشيخ الصفار في مكتبه يوم الخميس 27/1/1435هـ الموافق 20/11/2014م، ونُشرت في الجريدة تحت عنوان: (حادثة «الدالوة» أعادت هيبة الصف الوطني المتماسك وحدة وتآلفاً بين كافة مكوناته الفكرية والمذهبية.. الوطن للجميع «السني» و«الشيعي» بلا تفرقة أو تجريح) يوم الثلاثاء 3 صفر 1436 هـ - 25 نوفمبر 2014م - العدد 16955 , صفحة رقم ( 41 )
ميثاق إعلامي لحماية الوحدة الوطنية
وفي التفاصيل قال الشيخ الصفار: ادعو جريدة الرياض بما تمثل من ثقل إعلامي متميز إلى الدعوة إلى تبني ميثاق إعلامي وطني في صحافتنا لحماية الوحدة الوطنية، بحظر لغة التنابز الطائفي، والإساءة إلى المذاهب القائمة في الأمة، والتشكيك في الولاء الوطني على خلفية الانتماء المذهبي، وكذلك مذهبة الصراعات السياسية الدائرة في الساحة العربية والإسلامية.
وأوضح أن سبب هذه الدعوة أن ما يجري من صراعات لها اسبابها ودوافعها السياسية، وقد يُستغل فيها الدين والمذهب، لكن قبول هذا الاستغلال وترويجه، ينشر الفتن ويحقق أغراض أعداء الأمة.
وأضاف: فحرية التعبير عن الرأي مكفولة، لكن الإساءة والتحريض على الكراهية، واتهام الناس في أديانهم وولائهم الوطني، أمر مرفوض، ويشكّل أرضية للتنافر والنزاع.
وأكد أن دور وسائل الإعلام في هذه المرحلة تحديداً في نشر ثقافة الوسطية والتسامح ومنع تسرب هذه الثقافة المتطرفة إليهم.
وأضاف إن بعض وسائل الإعلام مثلاً لا تزال تصف الشيعة بالرافضة، مشيراً إلى أن إحدى الصحف نشرت مقالاً تناولت فيه أحد رجالات القطيف الوطنيين وعلمائها البارزين ووصفته بالرافضي.
وتابع: أحدى الصحف المحلية أجرت معي حواراً وحذفت لقب (الشيخ) لعالم شيعي جاء ذكره في الحوار وهو قاضي شيعي سابق في الاحساء واكتفت بالاسم من دون لفظة (شيخ)، وفي ذلك انتقاص من مكانة الرجل العالم، كما تمت إزالة كلمات من الحوار ككلمة «شهداء الدالوة».
وأشاد في الوقت نفسه بقرار رئيس تحرير إحدى الصحف المحلية حينما أقال محررة؛ بسبب تغريدات طائفية أطلقتها في حسابها على تويتر، مبيناً: «لو أن كل مؤسسة إعلامية وقفت بصرامة تجاه أي تجاوزات طائفية أو قبلية تؤثّر في الوحدة الوطنية لتحسّن الوضع كثيراً، وتحديداً تجاه دعم مشروع ثقافة الوسطية والاعتدال».
تجريم التحريض على الكراهية
وأوضح أن الأجواء الوحدوية التي افرزتها حادثة الأحساء الأليمة، تكشف عن تقدم مستوى المجتمع الوطني، وأنه قادر على تجاوز آثار الشحن والتعبئة الطائفية التي تعجّ بها المنطقة، بسبب التحولات والتجاذبات السياسية.
وطالب باستثمار هذه الأجواء لإصدار التشريعات والقوانين اللازمة لحماية الوحدة الوطنية، بتجريم التحريض على الكراهية، والاثارات الطائفية وممارسة التمييز بين المواطنين على أساس انتماءاتهم المذهبية أو القبلية.
وأوضح أن بعض الشخصيات الوطنية دعت إلى ذلك من زمن ، وكذلك أعضاء في مجلس الشورى، وبعد فاجعة الدالوة تعالت أصوات المثقفين والغيورين على الوطن داعية إلى الإسراع في إصدار مثل هذا القانون، الذي سبقتنا إليه بعض دول المنطقة.
وأسِّف لوجود من ينتابه القلق من مثل هذا القانون، موضحاً أن ما حصل يشير إلى أخطار عظيمة تتهدد الوطن، وأن هذا القانون مطلب للرأي العام الوطني، فلا بد وأن تتخلى تلك الأوساط عن تحفظاتها، ترجيحاً للمصلحة الوطنية العليا.
رصد الخروقات للوحدة الوطنية
وأشار الى وجود مسافة – عادة- بين الشعار الوطني وتوجيهات القيادة السياسية وبين بعض ما يجري على أرض الواقع، بسبب ضعف أداء بعض الأجهزة الرسمية، أو تدخلات بعض النافذين، وينتج عن ذلك ما يعاني منه المواطن من خلل في الخدمات في المجالات المختلفة.
وتابع: هنا يمكن للإعلام أن يقوم بدور أساس في تسليط الضوء على هذا الخلل الذي يحصل, ليشكّل ضغطاً على الجهات التنفيذية لتقوم بواجبها, ولتصل معاناة المواطنين للمسوؤلين, وليعرف الناس أن التقصير مخالف لإرادة الدولة.
وطالب وسائل الإعلام بأن ترصد الخلل والمخالفات في تحقيق السياسة الوطنية الوحدوية، كما ترصد المخالفات في مجالات التعليم أو الصحة أو سائر المرافق؛ لأن الصمت عن ما يخرق وحدة الصف الوطني جريمة بحق الوطن وخيانة لتوجيهات القيادة السياسية التي تؤكد على الوحدة الوطنية.
فرص التعارف بين المكونات الوطنية
ودعا لإتاحة الفرصة للتعارف بين المواطنين، وقال: في وطن تتنوع فيه مذاهب المواطنين ينبغي أن تتاح الفرصة ليتعرفوا على بعضهم بعضا، مستنكراً التعتيم على الانتماءات المذهبية، وكأن ظهورها عيب، وكأن التنوع المذهبي خلل.
وأوضح أن هذا التعتيم يعطي مجالاً لانتشار الظنون السيئة والانطباعات الخاطئة عند كل شريحة عن الأخرى، وتتكون الصور النمطية السلبية، فإذا كان شركائي في الوطن سنة وشيعة، اسماعيلية وزيدية، صوفية وسلفية، فلماذا أُُحرم من التعرّف عليهم كما هم، وضمن واقعهم الاجتماعي، بعيداً عن النقولات والتقوّلات؟
وأبان الشيخ الصفار أن الهدف الأساس لإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أن يؤكد المواطنون على اختلاف انتماءاتهم الفكرية وحدة انتمائهم الوطني، مع القبول بالرأي الآخر، والحوار معه، والتعايش السلمي، في ظل قيادة واحدة ونظام وطني جامع. ولتعزيز الوسطية ومواجهة التطرف.
وتوقع من وسائل الإعلام المحلية أن لا تتجاهل مختلف مكونات المجتمع السعودي، فالتنوع الفكري المذهبي ثراء وجمال، كما هو التنوع في الطبيعة والحياة.
المجتمع الأهلي ومبادرات التواصل
وعن تعزيز الوحدة والتآلف الوطني قال سماحته أنه يقتضي تشجيع مبادرات التواصل الأهلية الاجتماعية، ويمكن لوسائل الاعلام أن تقوم بدور كبير على هذا الصعيد.
وتابع: هناك مبادرات رائعة لتواصل أبناء الوطن ضمن المنتديات الثقافية والأنشطة الاجتماعية، وتسليط الضوء عليها يشجع على المزيد منها، فالحوار والتواصل ليس مهمة حكومية فقط، حتى نعتمد فيه على أجهزة الدولة، بل هو سلوك وثقافة ينهض بها المجتمع.
شارك في الندوة كل من الشيخ حسن الصفار والدكتور توفيق السيف و الكاتب محمد محفوظ، والناشط الاجتماعي محمد الغانم ، والشيخ سطام الخالدي (ناشط اجتماعي وأحد شيوخ قبيلة بني خالد بمدينة عنك)، والشيخ جعفر آل ربح (باحث وإمام جماعة ببلدة العوامية)، وعبدالمحسن القحطاني ( عضو مجلس أعمال فرع غرفة القطيف، وعضو المجلس المحلي بمحافظة القطيف سابقا)، والشيخ محمد العمير، والكاتب فاضل العماني وعمدة دارين سامي العمير، والشيخ عبدالجليل الزاكي، والمهندس عبدالشهيد السني ( الأمين العام لجائزة الإنجاز بمحافظة القطيف وناشط اجتماعي وثقافي )، ومدير مدرسة الخليل بن أحمد عيسى حمدان .
الى جانب فريق من المكتب الاقليمي لجريدة الرياض ضم كلا من: المدير الإقليمي لجريدة «الرياض» في المنطقة الشرقية علي العمري، ومسؤول التحرير في مكتب المنطقة الشرقية سعيد السلطاني، ومدير مكتب محافظة القطيف منير النمر، وعوض المالكي، ومحمد الغامدي، ومرشد الخالدي، ومحمد سعد الغامدي، والمصور زكريا العليو.