الشيخ الصفار: المسجد مظهر للتآخي ومنار للوحدة في المجتمع الإسلامي
قال الشيخ حسن الصفار إن المسجد منطلق الحضارة الإسلامية ومنطلق التآخي والتآلف في المجتمع الإسلامي، وهو المكان الجامع لعباد الله، يجتمعون فيه ويتساوون فيه ويتعاونون من خلاله.
وتابع: أول عمل قام به رسول الله حينما هاجر إلى المدينة المنورة أسس المسجد ليكون المنطلق والمكان الجامع.
وأبان في كلمته بمناسبة افتتاح مسجد الرسالة بالقطيف يوم الجمعة ليلة السبت 18 ربيع الاول 1436هـ الموافق 10 يناير 2015م أن الفقهاء أكدوا على عمومية المساجد لأبناء الأمة.
وأوضح الشيخ الصفار أن المسجد يراد منه أساساً أن يكون إطاراً مادياً يجسد حالة الاستيعاب لأبناء الأمة.
وأضاف: قد تتنوع الآراء والأفكار في الأمة، وتختلف فيها المواقف لكن ذلك لا ينبغي أن يكون سبباً لتمزقها وتباعد أجزائها، فحق التنوع والتعدد والاختلاف في الرأي محفوظ وهو أمر طبيعي.
وأشار إلى أن ذلك لا ينبغي أن يفقد الأمة أجواء الوحدة والانسجام، فلكل أحد مبرره في اعتناق أي فكرة أو رأي.
وذكر أن بين الفقهاء نقاش فيما يرتبط بوقف المسجد، فهل يجوز التخصيص في وقف المسجد؟ فيكون مخصصاً لطائفة، أو لشريحة؟ معظم الفقهاء لا يقولون بذلك، فإن المسجد لله وما كان لله فهو لعباد الله.
وقال الشيخ الصفار: كل شيء يمكن تخصيصه، كأن توقف بيتاً على فئة من الناس، كوقف العلماء أو أهل البلد الفلاني، أو الشريحة الفلانية، إلا المسجد فلا يصح أن يكون وقفه مخصصاً لفئة دون أخرى.
ونقل عن السيد الخوئي قوله: «وأمّا وقف المسجد فهو عبارة عن تحرير الأرض لله وإزالة الملكية من أصلها فإن الأراضي وإن كانت كلها له سبحانه إلا أنّها تملك بإذنه ، فإذا أوقفها فقد حرّرها وأزال علاقة الملكية وأرجعها إلى مالكها الأصلي وجعلها بيتاً من بيوت الله، وأصبح هو أجنبياً عنها».
وتابع «فكيف يسوغ له التخصيص بطائفة دون اُخرى. مع أنّ الجميع بالنسبة إليه سبحانه على حدّ سواء، وكلهم خلقه وعبيده وقد اشترك الكل في الاستفادة من المسجد بنسبة واحدة وبمناط واحد».
وأبان أن الفقهاء نصوا على استحباب الصلاة في أي مسجد بغض النظر عمن بناه، ومن يكون في المسجد من أي طائفة أو مذهب. وكذلك هي أحكام المساجد تنطبق عليها جميعاً كحرمة تنجيسها أو دخول الجنب والحائض إليها دون فرق بين مسجد سنة وشيعة.
واستشهد بما ورد في كتاب وسائل الشيعة في أحكام المساجد «باب استحباب الصلاة في المسجد وإتيانه حتى مساجد العامة» وباب «عدم كراهة الصلاة في مساجد العامة أداءً ولا قضاء، فرضا ولا نفلا».
واستنكر سماحته واقع الأمة اليوم حيث انحرفت عن المنهجية والمفاهيم الأساسية في الدين، وهذا الانحراف انعكس على واقع الأمة في مختلف المجالات.
وتابع: حتى المجالات التي أرادها الدين أن تكون منارا للوحدة ومعلماً لها، أصبحت مجالا للخلاف والتفرقة مع أنها في الأساس كانت معالم للتوحد والتآلف.
وأشار إلى أن اختلاف المواقف سواء كانت نابعة من اختلاف فكري أو فقهي لا ينبغي أن يؤثر على الترابط والتواصل والانسجام في أجواء الأمة.
ونوه إلى ما نجده في حياة رسول الله وسيرة أهل البيت وكيف كانوا يؤكدون على هذه الحالة الاستيعابية.